غضب في بغداد غداة مؤتمر بأربيل دعا إلى التطبيع مع إسرائيل

حكومة إقليم كردستان قالت إنه {لا يعبّر بأي شكل} عن موقفها

جانب من المؤتمر الذي عقد في أربيل مساء أول من أمس ودعا إلى التطبيع مع إسرائيل (أ.ف.ب)
جانب من المؤتمر الذي عقد في أربيل مساء أول من أمس ودعا إلى التطبيع مع إسرائيل (أ.ف.ب)
TT

غضب في بغداد غداة مؤتمر بأربيل دعا إلى التطبيع مع إسرائيل

جانب من المؤتمر الذي عقد في أربيل مساء أول من أمس ودعا إلى التطبيع مع إسرائيل (أ.ف.ب)
جانب من المؤتمر الذي عقد في أربيل مساء أول من أمس ودعا إلى التطبيع مع إسرائيل (أ.ف.ب)

رغم إعلان وزارة الداخلية في إقليم كردستان عن عدم علمها وموافقتها على عقد مؤتمر في أربيل ضم مئات الشخصيات العراقية السنية والشيعية دعا إلى التطبيع مع إسرائيل طبقاً لاتفاقات إبراهيم، فإن البيان الختامي للمؤتمر أثار ردود فعل غاضبة في بغداد.
وقال الخبير الأميركي من أصل يهودي عراقي ومؤسس «مركز اتصالات السلام» الذي نظم المؤتمر، جوزيف برودي، لوكالة الصحافة الفرنسية، إن نحو 300 شخص من السنة والشيعة، بينهم شيوخ عشائر ومثقفون وكتاب، من ست محافظات هي بغداد والموصل وصلاح الدين والأنبار وديالى وبابل، شاركوا في المؤتمر الذي أقيم تحت شعار «السلام والاسترداد».
وجاء في البيان الختامي للمؤتمر الذي قرأته سحر الطائي التي قدمت نفسها على أنها موظفة في وزارة الثقافة ببغداد، «نطالب بانضمامنا إلى اتفاقيات إبراهيم. وكما نصت الاتفاقيات على إقامة علاقات دبلوماسية بين الأطراف الموقعة ودولة وإسرائيل، فنحن أيضاً نطالب بعلاقات طبيعية مع إسرائيل وبسياسة جديدة تقوم على العلاقات المدنية مع شعبها بغية التطور والازدهار».
وكان بين المتحدثين العراقيين لواء سابق وأحد قادة «الصحوة»، وهي فصائل عشائرية قاتلت التنظيمات المتطرفة بدعم من واشنطن. كما تحدث خلال المؤتمر عبر الفيديو تشيمي بيريز الذي يرأس مؤسسة أسسها والده الرئيس الإسرائيلي الراحل شيمون بيريز.
وقال الشيخ ريسان الحلبوسي، شيخ عشيرة ألبومطر من الأنبار: «يكفينا عداء وفتناً وقتلاً. مفروض نفتح صفحة جديدة للتعاون والسلام والأمن لكي يعيش أبناؤنا وأحفادنا من بعدنا بسلام وأمان».
وفي بيان لها قالت وزارة داخلية إقليم كردستان إن المؤتمر «عقد دون علم وموافقة ومشاركة حكومة الإقليم، وهو لا يعبّر بأي شكل من الأشكال عن موقف حكومة إقليم كردستان».  وأضاف البيان: «سيتم اتخاذ الإجراءات اللازمة لمتابعة كيفية انعقاد هذا الاجتماع».   
لكن بياناً شديد اللهجة صدر عن مكتب رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي رفض بشدة مثل هذه المحاولات. وقال البيان إن «الحكومة العراقية تعرب عن رفضها القاطع للاجتماعات غير القانونية، التي عقدتها بعض الشخصيات العشائرية المقيمة في مدينة أربيل بإقليم كردستان، من خلال رفع شعار التطبيع مع إسرائيل».   
وأضاف البيان أن «هذه الاجتماعات لا تمثل أهالي وسكان المدن العراقية العزيزة، التي تحاول هذه الشخصيات بيأس الحديث باسم سكانها، وأنها تمثل مواقف من شارك بها فقط، فضلاً عن كونها محاولة للتشويش على الوضع العام وإحياء النبرة الطائفية المقيتة». وأكد البيان أن «طرح مفهوم التطبيع مرفوض دستورياً وقانونياً وسياسياً في الدولة العراقية، وأن الحكومة عبرت بشكل واضح عن موقف العراق التاريخي الثابت الداعم للقضية الفلسطينية العادلة، والدفاع عن حقوق الشعب الفلسطيني، وفي مقدمتها حقه بدولة مستقلة عاصمتها القدس الشريف».
من جهتها، أعلنت الرئاسة العراقية رفضها لمخرجات مؤتمر أربيل. وقال بيان رئاسي إنه «في الوقت الذي تؤكد فيه رئاسة الجمهورية موقف العراق الثابت والداعم للقضية الفلسطينية وتنفيذ الحقوق المشروعة الكاملة للشعب الفلسطيني، فإنها تجدد رفض العراق القاطع لمسألة التطبيع مع إسرائيل»، ووصفت عقد المؤتمر بأنه «محاولة لتأجيج الوضع العام واستهداف السلم الأهلي».
كما أعلنت أحزاب وقوى وزعامات سياسية رفضها لهذا المؤتمر. وفي هذا السياق دعا زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر الحكومة الاتحادية إلى اعتقال الشخصيات التي دعت إلى التطبيع مع إسرائيل. وقال الصدر في بيان له أمس إن «على  أربيل منع هذه الاجتماعات»، مهدداً «بالعمل شرعياً وعقلياً ووطنياً لمنع تجمعات المطبعين».
وجاء الرفض الرسمي العراقي بعد ساعات من تصريحات لوزير الخارجية الإسرائيلي يائير لبيد قال فيها إن «يد إسرائيل ممدودة لتحقيق السلام مع كل من يرغب في ذلك»، واصفاً مؤتمر أربيل بـ«حدث يبعث على الأمل في أماكن لم نفكر بها من قبل». وأضاف: «بيننا وبين العراق تاريخ وجذور مشتركة في الجالية اليهودية وحيثما وصلوا إلينا، سنبذل قصارى جهدنا للعودة».
ويقول الدكتور فاضل البدراني أستاذ الإعلام في الجامعة العراقية لـ«الشرق الأوسط» إن «التطبيع خطوة جديدة على الواقع العراقي في وقت حرج يمر به العراق وهو يقترب من الانتخابات التشريعية، وكأنه لغم انفجر سيؤثر كثيراً على طبيعة التحالفات الحزبية بوجه الانتخابات التشريعية»، مبيناً أنه «من الواضح أن هذه قضية مبيتة مسبقاً، تم اختيار توقيتها المناسب بتنسيق بين جهات سياسية واجتماعية داخلية لها ارتباط وثيق بجهات خارجية أميركية إسرائيلية». وأوضح أن «أبرز مآلات مؤتمر التطبيع نسف تقاربات حصلت مؤخراً بين بعض القوى السياسية والمكونانية في العراق، ومن ذلك التقارب بين تحالف الصدريين والحزب الديمقراطي بزعامة مسعود بارزاني، وهو ذات المصير فيما يخص التقارب بين تحالفي نوري المالكي وبارزاني».
أما الخبير القانوني أمير الدعمي فيقول في حديثه لـ«الشرق الأوسط» إن «قانون العقوبات العراقي رقم 111 لسنة 1969 نص على عقوبة الإعدام لكل من حرض أو روج للصهيونية أو الماسونية أو انتسب لهما»، مؤكداً: «نحن ما زلنا في حالة عداء مع إسرائيل».
إلى ذلك، أكد الدكتور غالب الدعمي، أستاذ الإعلام في جامعة أهل البيت بالكوفة، في حديثه لـ«الشرق الأوسط» أن «هذا المؤتمر سوف يزيد الانقسام الشعبي على مستوى المكونات كما سيزيد الانقسام داخل المكون نفسه لكن السؤال هو هل سيؤثر على الاتفاقات بعد الانتخابات القادمة»، موضحاً أن «الاتفاقات لن تتأثر مطلقاً لأنها عبارة عن مصالح بين القوى والأحزاب، بل حتى لو أن أربيل أعلنت رسمياً التطبيع مع إسرائيل لما تأثرت بعض الكتل الشيعية والسنية بذلك».



«موسم أمطار غزيرة» و«انهيارات صخرية» يهددان حياة اليمنيين وأمنهم الغذائي

الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)
الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)
TT

«موسم أمطار غزيرة» و«انهيارات صخرية» يهددان حياة اليمنيين وأمنهم الغذائي

الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)
الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)

تشهد أجزاء واسعة من اليمن هطول أمطار غزيرة مع اقتراب فصل الشتاء وانخفاض درجة الحرارة، متسببة في انهيارات طينية وصخرية تهدد حياة السكان وتلحق الأضرار بالممتلكات والأراضي، في حين لم تتجاوز البلاد آثار فيضانات الصيف الماضي التي ترصد تقارير دولية آثارها الكارثية.

وتسببت الأمطار الأخيرة المستمرة لمدد طويلة، والمصحوبة بضباب كثيف وغيوم منخفضة، في انهيارات صخرية أغلقت عدداً من الطرق، في حين أوقع انهيار صخري، ناجم عن تأثيرات أمطار الصيف الماضي، ضحايا وتسبب في تدمير منازل بمنطقة ريفية شمال غربي البلاد.

وعطلت الانهيارات الصخرية في مديرية المقاطرة التابعة لمحافظة لحج (جنوبي غرب) استمرار العمل في تحسين وصيانة طريق هيجة العبد التي تربط محافظة تعز المجاورة بباقي محافظات البلاد، بعد أن أغلقت الجماعة الحوثية بقية الطرق المؤدية إليها منذ نحو 10 أعوام، وتسببت تلك الأمطار والانهيارات في إيقاف حركة المرور على الطريق الفرعية.

أمطار غزيرة بمحافظة لحج تلحق أضراراً بالطريق الوحيدة التي تخفف الحصار عن مدينة تعز (إكس)

ويواجه السائقون والمسافرون مخاطر شديدة بسبب هذه الأمطار، تضاف إلى مخاطر أخرى، مما أدى إلى صعوبة التنقل.

ودعت السلطات المحلية في المحافظة السائقين والمسافرين إلى توخي الحذر الشديد في الطرق الجبلية والمنحدرات المعرضة للانهيارات الطينية والصخرية والانجرافات، وتجنب المجازفة بعبور الوديان ومسارات السيول المغمورة بالمياه.

وكان انهيار صخري في مديرية الطويلة، التابعة لمحافظة المحويت (شمالي غرب)، أدى إلى مقتل 8 أشخاص، وإصابة 3 آخرين، بعد سقوط كتلة صخرية هائلة كانت مائلة بشدة فوق منزل بُني أسفلها.

وتزداد الانهيارات الصخرية في المناطق التي تتكون من الصخور الرسوبية الطبقية عندما يصل وضع الكتل الصخرية المائلة إلى درجة حرجة، وفق الباحث اليمني في الجيمورفولوجيا الحضرية (علم شكل الأرض)، أنس مانع، الذي يشير إلى أن جفاف التربة في الطبقات الطينية الغروية أسفل الكتل المنحدرة يؤدي إلى اختلال توازن الكتل الصخرية، وزيادة ميلانها.

ويوضح مانع لـ«الشرق الأوسط» أن الأمطار الغزيرة بعد مواسم الجفاف تؤدي إلى تشبع التربة الجافة، حيث تتضخم حبيباتها وتبدأ في زحزحة الكتل الصخرية، أو يغير الجفاف من تموضع الصخور، وتأتي الأمطار لتكمل ذلك التغيير.

انهيار صخري بمحافظة المحويت بسبب أمطار الصيف الماضي يودي بحياة 8 يمنيين (إكس)

وينبه الباحث اليمني إلى خطر يحدق بغالبية القرى اليمنية، ويقول إنها عرضة لخطر الانهيارات الصخرية بسبب الأمطار أو الزلازل، خصوصاً منها تلك الواقعة على خط الصدع العام الممتد من حمام علي في محافظة ذمار (100 كيلومتر جنوب صنعاء)، وحتى ساحل البحر الأحمر غرباً.

استمرار تأثير الفيضانات

تواصل الأمطار هطولها على أجزاء واسعة من البلاد رغم انتهاء فصل الصيف الذي يعدّ موسم الأمطار الرئيسي، وشهد هذا العام أمطاراً غير مسبوقة تسببت في فيضانات شديدة أدت إلى دمار المنازل والبنية التحتية ونزوح السكان.

وطبقاً لـ«الاتحاد الدولي لجمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر»، فإن اليمن شهد خلال هذا العام موسمين رئيسيين للأمطار، الأول في أبريل (نيسان) ومايو (أيار)، والثاني بدأ في يوليو (تموز) إلى نهاية سبتمبر (أيلول)، و«كانا مدمرَين، بسبب أنماط الطقس غير العادية والأمطار الغزيرة المستمرة في جميع أنحاء البلاد».

ووفقاً للتقييمات الأولية التي أجرتها «جمعية الهلال الأحمر اليمني»؛ فقد تأثر 655 ألفاً و11 شخصاً، ينتمون إلى 93 ألفاً و573 عائلة بالأمطار الغزيرة والفيضانات التي ضربت البلاد أخيراً، ما أسفر عن مقتل 240 شخصاً، وإصابة 635 آخرين، في 20 محافظة من أصل 22.

فيضانات الصيف الماضي ألحقت دماراً هائلاً بالبنية التحتية في عدد من محافظات اليمن (أ.ب)

وألحقت الأمطار أضراراً جسيمة بمواقع السكان والنازحين داخلياً ومنازلهم وملاجئهم المؤقتة والبنية التحتية، مما أثر على آلاف الأسر، وكثير منهم كانوا نازحين لسنوات، حيث أبلغت «المجموعة الوطنية للمأوى والمواد غير الغذائية» في اليمن، عن تضرر 34 ألفاً و709 من المآوي، بينها 12 ألفاً و837 تضررت جزئياً، و21 ألفاً و872 تضررت بالكامل.

ونقل التقرير عن «المنظمة الدولية للهجرة» أن الفيضانات ألحقت أضراراً بالبنية التحتية الحيوية، بما في ذلك تدمير الأنظمة الكهربائية، مما أدى إلى انقطاع التيار الكهربائي وتعطيل تقديم الرعاية الصحية، وتسبب في تدمير الملاجئ، وتلوث مصادر المياه، وخلق حالة طوارئ صحية، وفاقم التحديات التي يواجهها النازحون.

تهديد الأمن الغذائي

وتعدّ الأراضي الزراعية في محافظة الحديدة الأعلى تضرراً بـ77 ألفاً و362 هكتاراً، ثم محافظة حجة بـ20 ألفاً و717 هكتاراً، وهو ما يعادل نحو 12 و9 في المائة على التوالي من إجمالي الأراضي الزراعية، بينما تأثر نحو 279 ألف رأس من الأغنام والماعز، وفقاً لتقييم «منظمة الأغذية والزراعة (فاو)».

شتاء قاسٍ ينتظر النازحين اليمنيين مع نقص الموارد والمعونات وتأثيرات المناخ القاسية (غيتي)

وكانت الحديدة وحجة والجوف الأعلى تضرراً، وهي من المحافظات الأكبر إنتاجاً للماشية، خصوصاً في الجوف، التي يعتمد نحو 20 في المائة من عائلاتها على الماشية بوصفها مصدر دخل أساسياً.

وتوقع «الاتحاد» أن العائلات الأعلى تضرراً من الفيضانات في كل من المناطق الرعوية والزراعية الرعوية غير قادرة على تلبية احتياجاتها الغذائية الدنيا في غياب المساعدة، مما يؤدي إلى ازدياد مخاطر انعدام الأمن الغذائي خلال الأشهر المقبلة.

وتشمل الاحتياجات الحرجة والعاجلة في المناطق المتضررة من الفيضانات؛ المأوى الطارئ، والغذاء، والمواد غير الغذائية، والمياه، والصرف الصحي، والملابس، والحماية، والمساعدات النقدية متعددة الأغراض، والإمدادات الطبية لضمان استمرارية وظائف مرافق الرعاية الصحية.

ودعت «مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين» إلى التحرك العالمي، والعمل على تخفيف آثار تغير المناخ بالتزامن مع انعقاد «مؤتمر المناخ»، مقدرة أعداد المتضررين من الفيضانات في اليمن خلال العام الحالي بنحو 700 ألف.

وسبق للحكومة اليمنية الإعلان عن أن الفيضانات والسيول، التي شهدتها البلاد هذا العام، أثرت على 30 في المائة من الأراضي الزراعية.