خطاب عباس أمام الأمم المتحدة يكرس الخلافات الفلسطينية

«فتح» تراه «خطوة إلى الأمام»... و«حماس» تعتبره تكراراً لـ«مسار الفشل»

خطاب الرئيس عباس أمام الأمم المتحدة أعاد الخلافات بين «فتح» و«حماس» إلى الواجهة (أ.ب)
خطاب الرئيس عباس أمام الأمم المتحدة أعاد الخلافات بين «فتح» و«حماس» إلى الواجهة (أ.ب)
TT

خطاب عباس أمام الأمم المتحدة يكرس الخلافات الفلسطينية

خطاب الرئيس عباس أمام الأمم المتحدة أعاد الخلافات بين «فتح» و«حماس» إلى الواجهة (أ.ب)
خطاب الرئيس عباس أمام الأمم المتحدة أعاد الخلافات بين «فتح» و«حماس» إلى الواجهة (أ.ب)

فيما وصفت حركة «فتح» خطاب الرئيس الفلسطيني محمود عباس أمام الأمم المتحدة بأنه خطوة إلى الأمام نحو التحلل من الاتفاقات مع إسرائيل، نعتته حركة «حماس» بـ«الخطاب الاستجدائي»، معتبرة أنه «يعيد إنتاج مسار التيه والفشل»، في خلاف مستمر ومستعر بين الحركتين حول سياسات الرئيس الفلسطيني.
وقال نائب رئيس حركة «فتح»، محمود العالول، إن كلمة عباس أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة «حملت مضموناً مهماً، بغض النظر عن الموضوع الزمني. مضمون له علاقة بالتحلل من مواقف وطروحات المرحلة السابقة، أي التراجع بمعنى التقدم للأمام وليس العودة للخلف، والتحلل مما هو قائم باتجاه الذهاب نحو القرار 181 (لمجلس الأمن) الذي يعطي شعبنا 44 في المائة من الأرض، والذهاب نحو مسألة لها علاقة بخيار الدولة الواحدة».
وأضاف العالول: «حينما نتحدث عن ذلك بمعنى التحلل من التزامات المرحلة السابقة والذهاب إلى الأمام باتجاه مرحلة أخرى، يعني أن أمامنا خيارات أساسية وضاغطة نتمسك بها». وتابع: «حينما تحدث الرئيس عن سقف زمني لمدة عام، هذا لا يعني أننا نحن ننتظر هذا العام. ليس هكذا هي المسألة على الإطلاق. وإنما يعني أن مقاومتنا ستستمر وصمودنا سيستمر، وهذه مسألة هامة وأساسية. فربما سيكون عاماً مهماً وأساسياً في مواجهة الاحتلال، عاماً قادماً نذهب فيه باتجاه خيارات جديدة، لأننا في هذا العام نريد أن نعزز الصمود بالتزام الشراكة بين مؤسسات الدولة والمجتمع، والالتزام بحقوق الإنسان، والالتزام بالذهاب نحو الانتخابات».
وكان عباس أمهل السلطات الإسرائيلية مدة عام واحد للخروج من الأراضي الفلسطينية المحتلة في حدود 1967، مهدداً في كلمة مسجلة أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في دورتها الـ76، بأنه في حال عدم تحقيق ذلك سيتوجه لمحكمة العدل الدولية وسيسحب الاعتراف بإسرائيل.
وقال عباس إن الجانب الفلسطيني على استعداد للعمل خلال العام على ترسيم الحدود وإنهاء جميع قضايا الوضع النهائي تحت رعاية اللجنة الرباعية الدولية وفق قرارات الشرعية الدولية.
وعد الرئيس الفلسطيني أن قبول المجتمع الدولي ومساعدته في تطبيق المبادرة المستندة للشرعية الدولية قد ينقذ المنطقة من الذهاب إلى «المصير المجهول»، مؤكداً وجود فرصة للجميع من أجل العيش في أمن وسلام في حسن جوار، كل في دولته.
وحذر عباس من أن التأخير في تطبيق هذه الخطوات سيبقي المنطقة في حالة من التوتر وعدم الاستقرار الذي لا تحمد عقباه، متسائلاً: هل يحلم حكام إسرائيل ببقاء الاحتلال إلى الأبد؟
وبناء على مبادرة عباس، دعت حركة «فتح»، أمس، الحكومات الأوروبية إلى دور أكبر في السلام والاستقرار في المنطقة. واعتبرت الحركة، في بيان على لسان المتحدث باسمها في أوروبا جمال نزال، أن خطاب الرئيس الفلسطيني يفتح الباب أمام تعاون دولي للوصول إلى حل لطالما تبنته الدول الأوروبية مراراً وتكراراً، وحان وقت تطبيقه، وهو الاعتراف بالدولة الفلسطينية في إطار حل الدولتين.
وقال نزال «إن الحديث عن حدود 1967 هو تجسيد لواقعية فلسطينية، علماً أن الحقوق الفلسطينية كما عبر عنها خطاب الرئيس أوسع وأشمل من ذلك، وهذا يستدعي تحركاً تسنده أوروبا، لاستغلال الفرص التي جاءت على لسان الممثل الشرعي الوحيد لشعبنا (عباس)».
لكن حركة «حماس» لم تر الخطاب بهذا الشكل أبداً. وقال فوزي برهوم، الناطق باسم الحركة، إن خطاب عباس في الأمم المتحدة إعادة إنتاج لمسار «التيه والفشل». وأضاف أن «خطابه (عباس) تضمن اعترافاً واضحاً وصريحاً بعجزه وفشله في تحقيق أي إنجاز عبر مسار أوسلو الذي يتزعمه». وتابع: «لقد جاء الخطاب دون المستوى والتحديات الجسيمة التي تتعرض لها القضية الفلسطينية، واستمر في توصيف الواقع المرير والحالة الفلسطينية المزرية الصعبة التي أوصلنا إليها مشروع التسوية واتفاق أوسلو المشؤوم، واستند إلى الأسس ذاتها المكررة المرتكزة على إعادة طرح برنامجه الاستجدائي الذي يرى في التسوية والمفاوضات مع الاحتلال وحل الدولتين والدور الأميركي وسيلة لحل الصراع مع الاحتلال الإسرائيلي، والذي أثبت فشله على مدار أكثر من ربع قرن من الزمن».
ورأى برهوم أن حديث الرئيس الفلسطيني «عن أن مؤسسات الدولة قائمة على التعددية والديمقراطية واحترام حقوق الإنسان، تزوير وقلب للحقائق، فما تشهده ساحة الضفة الغربية من اعتقالات سياسية وتعذيب وتصفية للخصوم السياسيين أكبر دليل على النظام الشمولي الديكتاتوري المتسلط على شعبنا في الضفة الغربية».
وقال برهوم إن «الطريق الوحيد لتحقيق الوحدة ولم الشمل الفلسطيني وإصلاح المؤسسات السياسية يتمثل في ترسيخ الديمقراطية عبر إجراء انتخابات عامة شاملة ومتزامنة، وفي أجواء ومناخات تضمن النزاهة والشفافية واحترام النتائج، يشارك فيها كل أبناء شعبنا في الضفة وغزة والقدس».
وأوضح أن «هذا المسار الشامل يتطلب إرادة وقرارات فورية بدلاً من التهرب منها بإعطاء وعود ومهل زمنية جربناها سابقاً، وما هي إلا استمرار في سياسة الانتظار الفاشلة التي لا تجلب إلا المزيد من الكوارث الوطنية، وتمكن الاحتلال من فرض المزيد من الوقائع على الأرض».



رسائل السيسي لـ«طمأنة» المصريين تثير تفاعلاً «سوشيالياً»

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
TT

رسائل السيسي لـ«طمأنة» المصريين تثير تفاعلاً «سوشيالياً»

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)

حظيت رسائل «طمأنة» جديدة أطلقها الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، خلال احتفال الأقباط بـ«عيد الميلاد»، وأكد فيها «قوة الدولة وصلابتها»، في مواجهة أوضاع إقليمية متوترة، بتفاعل واسع على مواقع التواصل الاجتماعي.

وقال السيسي، خلال مشاركته في احتفال الأقباط بعيد الميلاد مساء الاثنين، إنه «يتابع كل الأمور... القلق ربما يكون مبرراً»، لكنه أشار إلى قلق مشابه في الأعوام الماضية قبل أن «تمر الأمور بسلام».

وأضاف السيسي: «ليس معنى هذا أننا كمصريين لا نأخذ بالأسباب لحماية بلدنا، وأول حماية فيها هي محبتنا لبعضنا، ومخزون المحبة ورصيدها بين المصريين يزيد يوماً بعد يوم وهو أمر يجب وضعه في الاعتبار».

السيسي يحيّي بعض الأقباط لدى وصوله إلى قداس عيد الميلاد (الرئاسة المصرية)

وللمرة الثانية خلال أقل من شهر، تحدث الرئيس المصري عن «نزاهته المالية» وعدم تورطه في «قتل أحد» منذ توليه المسؤولية، قائلاً إن «يده لم تتلوث بدم أحد، ولم يأخذ أموال أحد»، وتبعاً لذلك «فلا خوف على مصر»، على حد تعبيره.

ومنتصف ديسمبر (كانون الأول) الماضي، قال السيسي في لقاء مع إعلاميين، إن «يديه لم تتلطخا بالدم كما لم تأخذا مال أحد»، في إطار حديثه عن التغييرات التي تعيشها المنطقة، عقب رحيل نظام بشار الأسد.

واختتم السيسي كلمته بكاتدرائية «ميلاد المسيح» في العاصمة الجديدة، قائلاً إن «مصر دولة كبيرة»، مشيراً إلى أن «الأيام القادمة ستكون أفضل من الماضية».

العبارة الأخيرة، التي كررها الرئيس المصري ثلاثاً، التقطتها سريعاً صفحات التواصل الاجتماعي، وتصدر هاشتاغ (#مصر_دولة_كبيرة_أوي) «التريند» في مصر، كما تصدرت العبارة محركات البحث.

وقال الإعلامي المصري، أحمد موسى، إن مشهد الرئيس في كاتدرائية ميلاد المسيح «يُبكي أعداء الوطن» لكونه دلالة على وحدة المصريين، لافتاً إلى أن عبارة «مصر دولة كبيرة» رسالة إلى عدم مقارنتها بدول أخرى.

وأشار الإعلامي والمدون لؤي الخطيب، إلى أن «التريند رقم 1 في مصر هو عبارة (#مصر_دولة_كبيرة_أوي)»، لافتاً إلى أنها رسالة مهمة موجهة إلى من يتحدثون عن سقوط أو محاولة إسقاط مصر، مبيناً أن هؤلاء يحتاجون إلى التفكير مجدداً بعد حديث الرئيس، مؤكداً أن مصر ليست سهلة بقوة شعبها ووعيه.

برلمانيون مصريون توقفوا أيضاً أمام عبارة السيسي، وعلق عضو مجلس النواب، محمود بدر، عليها عبر منشور بحسابه على «إكس»، موضحاً أن ملخص كلام الرئيس يشير إلى أنه رغم الأوضاع الإقليمية المعقدة، ورغم كل محاولات التهديد، والقلق المبرر والمشروع، فإن مصر دولة كبيرة وتستطيع أن تحافظ علي أمنها القومي وعلى سلامة شعبها.

وثمّن عضو مجلس النواب مصطفى بكري، كلمات السيسي، خاصة التي دعا من خلالها المصريين إلى التكاتف والوحدة، لافتاً عبر حسابه على منصة «إكس»، إلى مشاركته في الاحتفال بعيد الميلاد الجديد بحضور السيسي.

وربط مصريون بين عبارة «مصر دولة كبيرة» وما ردده السيسي قبل سنوات لقادة «الإخوان» عندما أكد لهم أن «الجيش المصري حاجة كبيرة»، لافتين إلى أن كلماته تحمل التحذير نفسه، في ظل ظهور «دعوات إخوانية تحرض على إسقاط مصر

وفي مقابل الكثير من «التدوينات المؤيدة» ظهرت «تدوينات معارضة»، أشارت إلى ما عدته تعبيراً عن «أزمات وقلق» لدى السلطات المصرية إزاء الأوضاع الإقليمية المتأزمة، وهو ما عدّه ناجي الشهابي، رئيس حزب «الجيل» الديمقراطي، قلقاً مشروعاً بسبب ما تشهده المنطقة، مبيناً أن الرئيس «مدرك للقلق الذي يشعر به المصريون».

وأوضح الشهابي، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أنه «رغم أن كثيراً من الآراء المعارضة تعود إلى جماعة الإخوان وأنصارها، الذين انتعشت آمالهم بعد سقوط النظام السوري، فإن المصريين يمتلكون الوعي والفهم اللذين يمكنّانهم من التصدي لكل الشرور التي تهدد الوطن، ويستطيعون التغلب على التحديات التي تواجههم، ومن خلفهم يوجد الجيش المصري، الأقوى في المنطقة».

وتصنّف السلطات المصرية «الإخوان» «جماعة إرهابية» منذ عام 2013، حيث يقبع معظم قيادات «الإخوان»، وفي مقدمتهم المرشد العام محمد بديع، داخل السجون المصرية، بعد إدانتهم في قضايا عنف وقتل وقعت بمصر بعد رحيل «الإخوان» عن السلطة في العام نفسه، بينما يوجد آخرون هاربون في الخارج مطلوبون للقضاء المصري.

بينما عدّ العديد من الرواد أن كلمات الرئيس تطمئنهم وهي رسالة في الوقت نفسه إلى «المتآمرين» على مصر.