أزمة شرق السودان تلقي بظلالها على إمدادات البترول

وزير الطاقة حذر من أن الإغلاق سيعرض البلاد لخسائر مالية وفنية كبيرة

مواطنون ينتظرون دورهم لملء سياراتهم بالوقود وسط العاصمة الخرطوم (أ.ف.ب)
مواطنون ينتظرون دورهم لملء سياراتهم بالوقود وسط العاصمة الخرطوم (أ.ف.ب)
TT

أزمة شرق السودان تلقي بظلالها على إمدادات البترول

مواطنون ينتظرون دورهم لملء سياراتهم بالوقود وسط العاصمة الخرطوم (أ.ف.ب)
مواطنون ينتظرون دورهم لملء سياراتهم بالوقود وسط العاصمة الخرطوم (أ.ف.ب)

أعلن وزير الطاقة والنفط السوداني، جادين عبيد، توقف العمل في خطوط الأنابيب الناقلة للمواد البترولية من شرق السودان، التي تغذي بقية ولايات البلاد، جراء إغلاقها من قبل أنصار زعيم قبلي يعارض اتفاقية السلام في الإقليم. وفي غضون ذلك عقد قادة الإدارات الأهلية والقوى الاجتماعية بالإقليم مؤتمراً أهلياً، شارك فيه الآلاف من أنصارهم بمدينة كسلا، معلنين دعمهم الكامل لعملية الانتقال في البلاد، ومسار السلام الذي يخص شرق السودان في اتفاقية جوبا.
ويعد الحشد الذي نظمته المكونات القبلية والأهلية، والقوى السياسية في مؤتمر «شمبوب»، الذي حضره عدد من النظار وقادة القبائل، أول رد فعل مناوئ للتصعيد الذي يقوده ناظر قبيلة الهدندوة، محمد الأمين ترك، بإغلاقه الموانئ وخطوط أنابيب النفط، وقطع الطرق الرئيسية بين الشرق والعاصمة، بهدف الضغط على الحكومة الانتقالية لإلغاء الاتفاقية.
وفي سياق ذلك، كشف مسؤول رفيع في الحكومة السودانية في تصريح مقتضب لـ«الشرق الأوسط» عن تكوين لجنة ستتوجه اليوم إلى شرق السودان لبحث الأزمة. وعلمت الصحيفة من مصادرها أن الحكومة عقدت أمس اجتماعاً بحثت فيه السلع الاستراتيجية وانسيابها، على خلفية إغلاق ميناء بورتسودان لأكثر من أسبوع.
فيما أعلن وزير الطاقة والنفط، في بيان أمس، توقف العمل بصورة كاملة في خط أنابيب نقل المواد البترولية من شرق البلاد إلى المصافي بالعاصمة، وهو ما أكده للصحيفة مستشار بالمجلس الأعلى لنظارات البجا والعموديات المستقلة، الذي يقود التصعيد في الشرق.
وحذر الوزير من أن الإغلاق سيعرض البلاد لخسائر مالية وفنية كبيرة، وسيتسبب في أزمة بالوقود، خاصة أن المخزون الحالي يلبي حاجة البلاد لمدة 10 أيام فقط. مشيراً إلى أن توقف عمليات تصدير بترول جنوب السودان لأكثر من 10 أيام «يعرض الخط الناقل للتجمد والتلف، وقد يخلف خسائر بملايين الدولارات، وبالتالي تفقد البلاد 300 مليون دولار من عائدات النقل السنوي، فيما تصل غرامات تأخير بواخر الشحن إلى 25 ألف دولار في اليوم الواحد».
من جانبه، قال مستشار المجلس الأعلى لنظارات البجا والعموديات المستقلة، أحمد موسى عمر، لـ«الشرق الأوسط» إن إغلاق الموانئ وخطوط أنابيب المواد البترولية والطرق الرئيسية، «سيستمر إلى حين الوصول لحل نهائي للأزمة»، مشيراً إلى أن اللجنة المختصة بإغلاق أنابيب البترول تعقد اجتماعات مستمرة لمراجعة تأثير ذلك على الحاجة الملحة لكل ولايات البلاد.
وأضاف موسى عمر أن من صلاحيات اللجنة «السماح بمرور المواد البترولية، وإذا قدرت أن الأضرار كبيرة ستنهي حالة الإغلاق من أجل خدمة المصالح العليا»، مبرزا أن الأزمة الحالية تسببت فيها الحكومة بسبب عدم التزامها بمقررات مؤتمر «سنكات»، وأن بعض الأطراف في الحكومة «أصبحت جزءاً من الصراع في الشرق».
كما كشف موسى عمر عن مبادرة يقودها عدد من رجال الأعمال لتسهيل سير حركة التجارة والسلع من الموانئ، حتى لا تتفاقم الأزمات المعيشية في البلاد. وقال إن الحوار بين الحكومة والمجلس الأعلى توقف عقب المحاولة الانقلابية الأخيرة، حيث كان من المقرر أن تزور لجنة مكلفة من الحكومة شرق السودان للتباحث حول الأزمة.
في سياق ذلك، أكد موسى عمر أن المجلس يرحب بأي حوار مع السلطة الانتقالية لحل الأزمة، نافياً أنهم اشترطوا التفاوض مع العسكريين فقط، وقال موضحاً: «نقبل الحوار مع أعضاء مجلس السيادة المدنيين والعسكريين».
من جهة أخرى، شددت مخرجات مؤتمر «شمبوب»، الذي نظمته عشرة كيانات مجتمعية وقبلية في مدينة كسلا، على أن تلتزم الحكومة الانتقالية باتفاق مسار شرق السودان في اتفاقية جوبا للسلام، من حيت توزيع السلطة والثروة.
وطالب المؤتمرون برفض مقررات مؤتمر «سنكات»، الذي عقد في أبريل (نيسان) الماضي، بين الحكومة والمجلس الأعلى بقيادة ترك، باعتباره يهدد السلم الاجتماعي في الإقليم.
ودعا المؤتمر أطراف الحكم بالفترة الانتقالية إلى المسارعة في طرح قضايا الإقليم للنقاش مع كل مكونات الإقليم، بهدف بحث أفق السلام الشامل، ومحاربة خطاب الكراهية بالإقليم. كما طالب المجتمعين الالتزام بالوثيقة الدستورية، وتطويرها حتى مرحلة المؤتمر الدستوري، وذلك بهدف صياغة دستور قومي، يراعي التنوع الثقافي والاثني في السودان، وهو يقتضي إعادة هيكلة الدولة اعتماداً على مبدأ الحكم الذاتي، الذي يتيح لأبناء أقاليم السودان أن يديروا أقاليمهم بحكم ذاتي.
وكان ناظر قبيلة الهدندوة، محمد الأمين ترك، الذي يقود التصعيد في شرق السودان، قد طالب بإلغاء مسار الشرق في اتفاقية جوبا للسلام، بزعم أنه لم تشارك فيه كل مكونات الإقليم. فيما أقرت الحكومة الانتقالية في تصريحات سابقة لوزير شؤون مجلس الوزراء، خال عمر يوسف، بأن قضية شرق السودان «سياسية، ولا فيها مجال للحلول الأمنية».



تقرير أممي: تدهور الأراضي الزراعية سيفقد اليمن 90 مليار دولار

اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)
اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)
TT

تقرير أممي: تدهور الأراضي الزراعية سيفقد اليمن 90 مليار دولار

اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)
اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)

وضع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي سيناريو متشائماً لتأثير تدهور الأراضي الزراعية في اليمن إذا ما استمر الصراع الحالي، وقال إن البلد سيفقد نحو 90 مليار دولار خلال الـ16 عاماً المقبلة، لكنه وفي حال تحقيق السلام توقع العودة إلى ما كان قبل الحرب خلال مدة لا تزيد على عشرة أعوام.

وفي بيان وزعه مكتب البرنامج الأممي في اليمن، ذكر أن هذا البلد واحد من أكثر البلدان «عُرضة لتغير المناخ على وجه الأرض»، ولديه أعلى معدلات سوء التغذية في العالم بين النساء والأطفال. ولهذا فإنه، وفي حال استمر سيناريو تدهور الأراضي، سيفقد بحلول عام 2040 نحو 90 مليار دولار من الناتج المحلي الإجمالي التراكمي، وسيعاني 2.6 مليون شخص آخر من نقص التغذية.

اليمن من أكثر البلدان عرضة لتغير المناخ على وجه الأرض (إعلام محلي)

وتوقع التقرير الخاص بتأثير تدهور الأراضي الزراعية في اليمن أن تعود البلاد إلى مستويات ما قبل الصراع من التنمية البشرية في غضون عشر سنوات فقط، إذا ما تم إنهاء الصراع، وتحسين الحكم وتنفيذ تدابير التنمية البشرية المستهدفة.

وفي إطار هذا السيناريو، يذكر البرنامج الأممي أنه، بحلول عام 2060 سيتم انتشال 33 مليون شخص من براثن الفقر، ولن يعاني 16 مليون شخص من سوء التغذية، وسيتم إنتاج أكثر من 500 مليار دولار من الناتج الاقتصادي التراكمي الإضافي.

تحذير من الجوع

من خلال هذا التحليل الجديد، يرى البرنامج الأممي أن تغير المناخ، والأراضي، والأمن الغذائي، والسلام كلها مرتبطة. وحذّر من ترك هذه الأمور، وقال إن تدهور الأراضي الزائد بسبب الصراع في اليمن سيؤثر سلباً على الزراعة وسبل العيش، مما يؤدي إلى الجوع الجماعي، وتقويض جهود التعافي.

وقالت زينة علي أحمد، الممثلة المقيمة لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي في اليمن، إنه يجب العمل لاستعادة إمكانات اليمن الزراعية، ومعالجة عجز التنمية البشرية.

تقلبات الطقس تؤثر على الإنسان والنباتات والثروة الحيوانية في اليمن (إعلام محلي)

بدورها، ذكرت منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (فاو) أن النصف الثاني من شهر ديسمبر (كانون الأول) الحالي يُنذر بظروف جافة في اليمن مع هطول أمطار ضئيلة في المناطق الساحلية على طول البحر الأحمر وخليج عدن، كما ستتقلب درجات الحرارة، مع ليالٍ باردة مع احتمالية الصقيع في المرتفعات، في حين ستشهد المناطق المنخفضة والساحلية أياماً أكثر دفئاً وليالي أكثر برودة.

ونبهت المنظمة إلى أن أنماط الطقس هذه قد تؤدي إلى تفاقم ندرة المياه، وتضع ضغوطاً إضافية على المحاصيل والمراعي، وتشكل تحديات لسبل العيش الزراعية، وطالبت الأرصاد الجوية الزراعية بضرورة إصدار التحذيرات في الوقت المناسب للتخفيف من المخاطر المرتبطة بالصقيع.

ووفق نشرة الإنذار المبكر والأرصاد الجوية الزراعية التابعة للمنظمة، فإن استمرار الظروف الجافة قد يؤدي إلى تفاقم ندرة المياه، وزيادة خطر فترات الجفاف المطولة في المناطق التي تعتمد على الزراعة.

ومن المتوقع أيضاً - بحسب النشرة - أن تتلقى المناطق الساحلية والمناطق الداخلية المنخفضة في المناطق الشرقية وجزر سقطرى القليل جداً من الأمطار خلال هذه الفترة.

تقلبات متنوعة

وبشأن تقلبات درجات الحرارة وخطر الصقيع، توقعت النشرة أن يشهد اليمن تقلبات متنوعة في درجات الحرارة بسبب تضاريسه المتنوعة، ففي المناطق المرتفعة، تكون درجات الحرارة أثناء النهار معتدلة، تتراوح بين 18 و24 درجة مئوية، بينما قد تنخفض درجات الحرارة ليلاً بشكل حاد إلى ما بين 0 و6 درجات مئوية.

وتوقعت النشرة الأممية حدوث الصقيع في مناطق معينة، خاصة في جبل النبي شعيب (صنعاء)، ومنطقة الأشمور (عمران)، وعنس، والحدا، ومدينة ذمار (شرق ووسط ذمار)، والمناطق الجبلية في وسط البيضاء. بالإضافة إلى ذلك، من المتوقع حدوث صقيع صحراوي في المناطق الصحراوية الوسطى، بما في ذلك محافظات الجوف وحضرموت وشبوة.

بالسلام يمكن لليمن أن يعود إلى ما كان عليه قبل الحرب (إعلام محلي)

ونبهت النشرة إلى أن هذه الظروف قد تؤثر على صحة الإنسان والنباتات والثروة الحيوانية، وسبل العيش المحلية في المرتفعات، وتوقعت أن تؤدي الظروف الجافة المستمرة في البلاد إلى استنزاف رطوبة التربة بشكل أكبر، مما يزيد من إجهاد الغطاء النباتي، ويقلل من توفر الأعلاف، خاصة في المناطق القاحلة وشبه القاحلة.

وذكرت أن إنتاجية محاصيل الحبوب أيضاً ستعاني في المناطق التي تعتمد على الرطوبة المتبقية من انخفاض الغلة بسبب قلة هطول الأمطار، وانخفاض درجات الحرارة، بالإضافة إلى ذلك، تتطلب المناطق الزراعية البيئية الساحلية التي تزرع محاصيل، مثل الطماطم والبصل، الري المنتظم بسبب معدلات التبخر العالية، وهطول الأمطار المحدودة.

وفيما يخص الثروة الحيوانية، حذّرت النشرة من تأثيرات سلبية لليالي الباردة في المرتفعات، ومحدودية المراعي في المناطق القاحلة، على صحة الثروة الحيوانية وإنتاجيتها، مما يستلزم التغذية التكميلية والتدخلات الصحية.