السودان: التحالف الحاكم يتهم المكون العسكري بـ«تهديد الانتقال»

مجلس الأمن يجدد دعمه لحكومة حمدوك

عودة الحياة إلى طبيعتها تدريجياً وسط شوارع الخرطوم بعد 4 أيام من إحباط المحاولة الانقلابية (أ.ف.ب)
عودة الحياة إلى طبيعتها تدريجياً وسط شوارع الخرطوم بعد 4 أيام من إحباط المحاولة الانقلابية (أ.ف.ب)
TT

السودان: التحالف الحاكم يتهم المكون العسكري بـ«تهديد الانتقال»

عودة الحياة إلى طبيعتها تدريجياً وسط شوارع الخرطوم بعد 4 أيام من إحباط المحاولة الانقلابية (أ.ف.ب)
عودة الحياة إلى طبيعتها تدريجياً وسط شوارع الخرطوم بعد 4 أيام من إحباط المحاولة الانقلابية (أ.ف.ب)

اعتبر التحالف الحاكم في السودان تصريحات رئيس مجلس السيادة الانتقالي، عبد الفتاح البرهان، ونائبه محمد حمدان دقلو «حميدتي»، تهديداً مباشراً لعملية الانتقال الديمقراطي في البلاد. وفي غضون ذلك أعرب مجلس الأمن الدولي عن إدانته بأشد العبارات المحاولة الانقلابية الفاشلة، التي كانت تستهدف تعطيل الانتقال في السودان بالقوة.
وأكد التحالف الحاكم في بيان، أمس، أنه سيتصدى بقوة لأي محاولات لتقويض المرحلة الانتقالية في البلاد، وإحداث شرخ بين القوى الثورية، رداً على الهجوم العنيف الذي شنه العسكريون على الحكومة المدنية. وعد تحالف «قوى التغيير» تلك التصريحات «نكوصاً عن التحول الديمقراطي وضد أجندة التغيير». مشيرا إلى أن حديث البرهان وحميدتي «حفل بمغالطات واتهامات لا أساس لها من الصحة ضد قوى الحرية والتغيير».
ودان التحالف المحاولة الانقلابية التي وصفها بالبائسة، مؤكدا أن ثورة ديسمبر (كانون الأول) 2019 خطت مساراً للانتقال «لامجال لإجهاضه أو اختطافه من قبل أي قوة كانت». وقال إن إجهاض المحاولة الانقلابية «تم بيقظة أبناء الشعب السوداني الوطنيين في القوات المسلحة، والتي لن تسمح بأي انقلاب بالتسلط على إرادتها».
ودعت «قوى التغيير» إلى الإسراع بإصلاح الأجهزة العسكرية والأمنية، وتصفيتها من فلول النظام المعزول، وتنفيذ ملف الترتيبات الأمنية في اتفاقية سلام جوبا.
وطالب بإشراك أجهزة الدولة المدنية في التحقيقات، التي تجريها الأجهزة العسكرية في المحاولة الانقلابية الفاشلة، وتقديم من خطط لها ونفذها إلى محاكمة عادلة وعلنية، وكشف نتائج التحقيق للرأي العام في البلاد.
وأحبطت الحكومة السودانية الثلاثاء الماضي محاولة انقلابية، واعتقلت 21 من كبار الضباط وضباط الصف وجنود، يجري التحري معهم. واتهم رئيس الوزراء جهات داخل وخارج القوات المسلحة، وفلول النظام المعزول بتدبير المحاولة الانقلابية الفاشلة.
إلى ذلك، جددت الدول الأعضاء بمجلس الأمن دعمها الكامل للحكومة الانتقالية، بقيادة رئيس الوزراء عبد الله حمدوك، ومساعيه لإنجاح المرحلة الانتقالية بتحقيق تطلعات الشعب السوداني، وطالبت جميع الأطراف بالمشاركة البناءة في المبادرة، التي طرحها رئيس الوزراء لتحصين الانتقال في البلاد ما دفع وزير شؤون مجلس الوزراء خالد عمر يوسف إلى الرد على تلك الاتهامات، بالتأكيد على أن المدنيين في السلطة «جاهزون للمواجهة إذا كان المكون العسكري لا يرغب في الشراكة».
في سياق ذلك، أكد رئيس بعثة الأمم المتحدة في السودان، فولكر بيرتس، خلال لقائه رئيس وزراء السودان أول من أمس، أن المجتمع الدولي والأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي، «يرفضون تبديل الحكم المدني بالسودان إلى حكم عسكري، وأي محاولة لتقويض المرحلة الانتقالية، والانتقال السلمي نحو الديمقراطية والسلام».
وطالب بيرتس كافة المشاركين في العملية السياسية والاجتماعية بالالتزام بخط الانتقال السلمي المنصوص عليه في الوثيقة الدستورية، وتطبيق الترتيبات الأمنية في دارفور، والانتقال السياسي بإنشاء وتأسيس المجلس التشريعي الانتقالي، والتحضير لانتخابات حرة بنهاية الفترة الانتقالية.
بدوره، وصف حزب المـؤتمر السـوداني، أحد الفصائل الرئيسية في التحالف الحاكم، حديث القادة العسكريين بأنه «مؤشر خطير، وادعاء لاحتكار الوصاية على البلاد والانفراد بالحق في قيادتها».
وقال الحزب في بيان إن إنجاح الفترة الانتقالية «مسؤولية تكاملية مشتركة» بين طرفي الوثيقة الدستورية (العسكريين - المدنيين)، مشيرا إلى أن تصريحات رئيس مجلس السيادة ونائبه، «ما هي إلا هروب من مسؤولياتهما تجاه الفترة الانتقالية».
وحمل البيان العسكريين مسؤولية التقصير في حسم الانفلات الأمني، والمحاولات الانقلابية المتكررة، بسبب عدم أداء مهامهم في حفظ الأمن، كما جاء في الوثيقة الدستورية، وهو الأمر الذي يستدعي تنفيذ الإصلاحات الضرورية في الأجهزة الأمنية والعسكرية.
وطالب حزب المؤتمر السوداني بإخضاع الشركات الاستثمارية التابعة للقوات المسلحة والأجهزة الأمنية لولاية وزارة المالية.
، وشجعت الجهات الفاعلة المدنية والعسكرية على الالتزام، والتعاون لتحقيق هدف الانتقال الشامل، المنصوص عليه في الوثيقة الدستورية واتفاقية جوبا للسلام.
كما أعرب أعضاء مجلس الأمن عن تضامنهم مع الشعب السوداني، واستعدادهم لدعم السودان خلال الفترة الانتقالية، مجددين تأكيدهم والتزامهم القوي بسيادة السودان واستقلاله، وسلامة أراضيه ووحدته الوطنية.



نصف سكان اليمن يواجهون تهديدات زائدة بسبب تغير المناخ

الأمطار في اليمن تترك مخيمات النازحين بأوضاع سيئة (المجلس النرويجي للاجئين)
الأمطار في اليمن تترك مخيمات النازحين بأوضاع سيئة (المجلس النرويجي للاجئين)
TT

نصف سكان اليمن يواجهون تهديدات زائدة بسبب تغير المناخ

الأمطار في اليمن تترك مخيمات النازحين بأوضاع سيئة (المجلس النرويجي للاجئين)
الأمطار في اليمن تترك مخيمات النازحين بأوضاع سيئة (المجلس النرويجي للاجئين)

نبّه البنك الدولي إلى المخاطر الزائدة التي يواجهها اليمن نتيجة لتغير المناخ، في وقت يعاني فيه من نزاع طويل الأمد نتيجة انقلاب الحوثيين على السلطة الشرعية. وأكد أن سكاناً كثيرين يواجهون تهديدات نتيجة تغير المناخ، مثل الحرارة الشديدة، والجفاف، والفيضانات.

وذكر ستيفان غيمبيرت، المدير القطري للبنك الدولي في مصر واليمن وجيبوتي، أن «اليمن يواجه تقاطعاً غير مسبوق للأزمات: النزاع، وتغير المناخ، والفقر». وطالب باتخاذ إجراءات فورية وحاسمة «لتعزيز المرونة المناخية لأن ذلك مرتبط بحياة الملايين من اليمنيين». وقال إنه من خلال الاستثمار في الأمن المائي، والزراعة الذكية مناخياً، والطاقة المتجددة، يمكن لليمن أن يحمي رأس المال البشري، ويعزز المرونة، ويضع الأسس «لمسار نحو التعافي المستدام».

الجفاف والفيضانات والحرارة الشديدة تهدد ملايين اليمنيين (الأمم المتحدة)

وفي تقرير لمجموعة البنك الدولي الذي حمل عنوان «المناخ والتنمية لليمن»، أكد أن البلاد تواجه تهديدات بيئية حادة، مثل ارتفاع درجات الحرارة، والتغيرات المفاجئة في أنماط الأمطار، والزيادة في الأحداث الجوية المتطرفة، والتي تؤثر بشكل كبير على أمن المياه والغذاء، بالإضافة إلى التدهور الاقتصادي.

ووفق ما جاء في التقرير الحديث، فإن نصف اليمنيين يواجهون بالفعل تهديدات من تغير المناخ مثل الحرارة الشديدة، والجفاف، والفيضانات. ‏وتوقع أن ينخفض الناتج المحلي الإجمالي السنوي لليمن بنسبة 3.9 في المائة بحلول عام 2040 إذا استمرت السيناريوهات المناخية السلبية، مما يفاقم أزمة الفقر وانعدام الأمن الغذائي.

تحديات متنوعة

في حال تم تطبيق سيناريوهات مناخية متفائلة في اليمن، تحدث تقرير البنك الدولي عن «فرص استراتيجية» يمكن أن تسهم في تعزيز المرونة، وتحسين الأمن الغذائي والمائي. وقال إن التوقعات أظهرت أن الاستثمارات في تخزين المياه وإدارة المياه الجوفية، مع استخدام تقنيات الزراعة التكيفية، قد تزيد الإنتاجية الزراعية بنسبة تصل إلى 13.5 في المائة بين عامي 2041 و2050.

وامتدت تحذيرات البنك الدولي إلى قطاع الصيد، الذي يُعد أحد المصادر الأساسية للعيش في اليمن، وتوقع أن تتسبب زيادة درجات حرارة البحر في خسائر تصل إلى 23 في المائة في قطاع الصيد بحلول منتصف القرن، مما يعمق الأزمة الاقتصادية، ويسهم في زيادة معاناة المجتمعات الساحلية.

التغيرات المناخية ستسهم في زيادة الفقر وانعدام الأمن الغذائي (إعلام محلي)

واستعرض البنك في تقريره التحديات الصحية الناجمة عن تغير المناخ، وقال إنه من المتوقع أن يكلف ذلك اليمن أكثر من 5 مليارات دولار بحلول عام 2050، وتتضمن هذه التكاليف الرعاية الصحية الزائدة نتيجة للأمراض المرتبطة بالطقس مثل الملاريا والكوليرا، وهو ما يضع ضغطاً إضافياً على النظام الصحي الذي يعاني بالفعل من ضعف شديد.

ولهذا، نبّه التقرير إلى أهمية دمج المرونة المناخية في تخطيط الصحة العامة، مع التركيز على الفئات الضعيفة، مثل النساء والأطفال. وفيما يتعلق بالبنية التحتية، أشار التقرير إلى أن المناطق الحضرية ستكون الأكثر تأثراً بازدياد الفيضانات المفاجئة، مع تحذير من أن التدابير غير الكافية لمواجهة هذه المخاطر ستؤدي إلى صدمات اقتصادية كبيرة تؤثر على المجتمعات الهشة.

وفيما يخص القطاع الخاص، أكد التقرير على أن دوره في معالجة التحديات التنموية العاجلة لا غنى عنه. وقال خواجة أفتاب أحمد، المدير الإقليمي للبنك الدولي لـ«الشرق الأوسط»، إن «القطاع الخاص له دور حيوي في مواجهة التحديات التنموية العاجلة في اليمن. من خلال آليات التمويل المبتكرة، يمكن تحفيز الاستثمارات اللازمة لبناء مستقبل أكثر خضرة ومرونة».

وتناول التقرير إمكانات اليمن «الكبيرة» في مجال الطاقة المتجددة، وقال إنها يمكن أن تكون ركيزة أساسية لاستجابته لتغير المناخ، لأن الاستثمار في الطاقة الشمسية وطاقة الرياح سيسهم في تقليل الاعتماد على الوقود الأحفوري، وتوفير بنية تحتية مرنة لدعم الخدمات الحيوية، مثل الصحة والمياه.

تنسيق دولي

أكد البنك الدولي على «أهمية التنسيق الدولي» لدعم اليمن في بناء مرونة مناخية مستدامة، مع ضرورة ضمان السلام المستدام كون ذلك شرطاً أساسياً لتوفير التمويل اللازم لتنفيذ هذه الاستراتيجيات.

ورأى أن اتخاذ قرارات مرنة، وتكييف الإجراءات المناخية مع الواقع السياسي في اليمن، من العوامل الحاسمة في مواجهة التحديات، وقال إن التركيز على «السلام والازدهار» يمكن أن يحقق فوائد اقتصادية واجتماعية أكبر في المستقبل.

وزير المياه والبيئة اليمني مشاركاً في فعاليات تغير المناخ (إعلام حكومي)

من جهته، أكد وزير المياه والبيئة توفيق الشرجبي في الجلسة الخاصة بمناقشة هذا التقرير، التي نظمها البنك الدولي على هامش مؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ، أهمية دمج العمل المناخي في استراتيجية التنمية، والتكيف مع تقلبات المناخ، ومناقشة العلاقة بين المناخ والنزاع والتنمية.

وأشار وزير المياه والبيئة اليمني إلى أن تقرير المناخ والتنمية يشكل مساهمة جيدة لليمن في مواجهة تغير المناخ، وسيعمل على تسهيل الوصول لعدد من التمويلات المناخية في ظل الهشاشة الهيكلية والتقنية التي تعيشها المؤسسات جراء الحرب.

وقال الشرجبي إن التقرير يتماشى بشكل كبير مع الأولويات العاجلة لليمن، خصوصاً في مجال الأمن المائي والغذائي، وتعزيز سبل العيش، وتشجيع نهج التكيف المناخي القائم على المناطق، لافتاً إلى أهمية دور الشركاء التنمويين لليمن في تقديم المساعدة التكنولوجية والتقنية، وبناء القدرات.