انقلابيو اليمن يضاعفون الجبايات ويعتقلون تجاراً رفضوا التبرع

TT

انقلابيو اليمن يضاعفون الجبايات ويعتقلون تجاراً رفضوا التبرع

تواصل الميليشيات الحوثية منذ مطلع الشهر الحالي شن حملات استهداف وابتزاز واسعة طالت تجارا وملاك أسواق، بالتزامن مع توزيع طرود فارغة على سكان الأحياء في العاصمة صنعاء لإجبارهم على دفع مبالغ مالية دعما للمجهود الحربي وتمويل احتفالات الجماعة بذكرى انقلابها على الشرعية.
وفي هذا السياق، تحدثت مصادر محلية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن تنفيذ مسلحي الجماعة منذ مطلع سبتمبر(أيلول) الحالي، نزولا ميدانيا واسعا استهدفوا خلاله ملاك الأسواق والمحال التجارية في 10 مديريات في العاصمة لإجبارهم على تقديم الدعم المالي والعيني.
وشكا تجار تحدثوا لـ«الشرق الأوسط» من فرض الميليشيات خلال حملتها الجديدة المسعورة عليهم دفع مبالغ مالية تحت أسماء غير قانونية، وأوضحوا أن مسلحي الجماعة فرضوا على كل محل تجاري كبير ومتوسط وصغير في صنعاء دفع مبالغ تبدأ من 3 آلاف ريال، وتنتهي بـ80 ألف ريال، دعما لتسيير قوافل إلى جبهات القتال وإحياء فعاليات ذكرى الانقلاب (الدولار حوالي 600 ريال).
وفي حين ظهر العجز واضحا لدى معظم ملاك المحال في صنعاء عن الاستجابة لمطالب الانقلابيين، نظرا لحالة الركود الاقتصادي، كشفت المصادر نفسها، لـ«الشرق الأوسط»، عن اعتقال الميليشيات منذ انطلاق الحملة في صنعاء لأكثر من 137 تاجرا ومالك سوق وبائعا بعد رفضهم الانصياع لأوامر الجماعة بدفع مبالغ مالية.
وبحسب المصادر، التي فضلت عدم الكشف عن معلوماتها، فقد اشترطت الجماعة مقابل الإفراج عن المعتقلين بسجونها دفع ما عليهم من إتاوات مضافا إليها مبالغ أخرى «تأديبية». وعلى صعيد متصل، أفاد السكان في صنعاء بأن الجماعة أطلقت قبل ثلاثة أسابيع العنان لمسؤولي الأحياء الموالين لها للبطش بالسكان في العاصمة وإجبارهم على دفع تبرعات دعما لتسيير القوافل إلى الجبهات وتمويل الاحتفالات.
وأشار السكان إلى شروع الميليشيات قبل أيام بناء على تعليمات من قادتهم بتوزيع طرود فارغة على المنازل في أحياء العاصمة تحض السكان على ملئها بالتبرعات.
وتواصلا لتصاعد وتيرة الابتزاز بحق اليمنيين عبر فرض المزيد من الإتاوات، قال سكان لـ«الشرق الأوسط»، إن الجماعة طلبت منهم عقب تسليمهم الطرود الفارغة التبرع بنحو 3 دولارات على الأقل عن كل أسرة صغيرة.
وبينما تحدثت المصادر عن حالة رفض وسخط كبيرين في أوساط سكان العاصمة تجاه استهدافات الجماعة المتكررة بحقهم، وتغاضيها عن معاناتهم جراء الأوضاع المعيشية الصعبة بفعل انقلابها، تحدثت أيضا عن لجوء الميليشيات حيال ذلك إلى تهديد السكان غير المتفاعلين مع الحملة بحرمانهم لأشهر من الحصول على غاز الطهي المخصص لهم.
ولفتت المصادر إلى فرض الجماعة غرامات كبيرة على المواطنين الذين يقومون بتقطيع الطرود الفارغة أو إهمالها، كأحد أساليب الابتزاز التي تمارسها الميليشيات ضد المواطنين بمدن سيطرتها.
وبالانتقال إلى بعض المناطق تحت سيطرة الانقلابيين، وما تشهده حاليا من عمليات ابتزاز غير مسبوقة، كشفت مصادر محلية في محافظات إب وذمار وريف صنعاء والمحويت وحجة وريمة عن استمرار الميليشيات منذ مطلع الشهر الحالي في فرض إتاوات على المواطنين والتجار والمؤسسات الخاصة دعما للأنشطة والفعاليات المزمع إقامتها.
وأشارت المصادر إلى أن قادة الجماعة في محافظتي ذمار وإب طلبوا من المشرفين العامين والاجتماعيين في المديريات التابعة للمحافظتين تقديم مبلغ 3 ملايين ريال عن كل مديرية يتم جمعها من التجار والمواطنين ومن الإيرادات.
وأوضحت أن القيادي الحوثي المنتحل لصفة محافظ ذمار المدعو محمد البخيتي ومشرف الميليشيات بمحافظة إب المدعو يحيى اليوسفي فرضا مؤخرا خلال اجتماعين منفصلين على مشرفي ومديري المديريات التابعين لهم جمع المبالغ المالية المقررة.
وتحدثت المصادر، لـ«الشرق الأوسط»، عن تهديد القيادات الحوثية لمسؤولي المديريات من أتباعهم بأنه في حال لم يتم جمع تلك المبالغ فسوف سيتم إقالتهم وتعيين أشخاص آخرين يكنون الولاء والطاعة مكانهم.
ويأتي التعسف الحوثي بحق اليمنيين في وقت أفادت المصادر بأن الجماعة تواصل في محافظتي إب وذمار فرض مبالغ مالية على التجار وأصحاب المحلات الصغيرة تتفاوت بين 2000 ريال إلى خمسة الآف تحت مبرر «دعم المشاركة الشعبية» في ذكرى الانقلاب.


مقالات ذات صلة

تقرير أُممي يتّهم الحوثيين بالتنسيق مع إرهابيين وجني عشرات الملايين بالقرصنة

العالم العربي استعراض الجماعة الحوثية لقدراتها العسكرية في العاصمة صنعاء والتي تتضمن أسلحة نوعية (رويترز)

تقرير أُممي يتّهم الحوثيين بالتنسيق مع إرهابيين وجني عشرات الملايين بالقرصنة

تقرير جديد لفريق الخبراء الأُمميّين المعنيّ باليمن يكشف عن تعاون الحوثيين مع تنظيم «القاعدة»، و«حركة الشباب» الصومالية، وابتزاز وكالات الشحن الدولية.

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي توقعات بإقصاء من يرفضون المشاركة في فعاليات الجماعة الحوثية من وظائفهم (رويترز)

انقلابيو اليمن يستكملون «حوثنة» المؤسسات بهياكل إدارية جديدة

بدأت الجماعة الحوثية بإعداد آلية لدمج عدد من مؤسسات الدولة وتقليص الهيكل الإداري لها وتغيير مهامها في سبيل المزيد من السيطرة والنفوذ عليها وأدلجتها.

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي جانب من لقاء وزير التخطيط اليمني مع مسؤولي البنك الدولي على هامش زيارته لواشنطن (سبأ)

اليمن يقدم رؤية شاملة للبنك الدولي لإعادة هيكلة المشروعات التنموية

قدمت الحكومة اليمنية إلى البنك الدولي رؤية شاملة لإعادة هيكلة المشروعات، في مسعى لزيادة المخصصات المالية للبلاد.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد العليمي بمعية محافظ مأرب ورئيس هيئة الأركان في زيارة سابقة للخطوط الأمامية بمأرب (سبأ)

الجيش اليمني يحذر من محاولة حوثية للعودة للحرب وإجهاض جهود السلام

تتصاعد حدة التوترات في عدة جبهات يمنية في ظل استمرار جماعة الحوثي في تحشيد عناصرها وحفر الخنادق، خصوصاً بمحافظة الحديدة على ساحل البحر الأحمر.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
خاص المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الشرق الأوسط)

خاص مكتب غروندبرغ لـ«الشرق الأوسط»: نناقش مع صنعاء وعدن تجنب انهيار اقتصادي أعمق

قال المبعوث الأممي الخاص إلى اليمن إن مشاوراته ونقاشاته مستمرة مع مسؤولي «البنك المركزي» في صنعاء وعدن؛ لإيجاد حلول تقنية ومستدامة.

عبد الهادي حبتور (الرياض)

مصر وأميركا في عهد ترمب: لا عقبات ثنائية... وتباين حول «مفاهيم السلام»

صورة أرشيفية من لقاء بين الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي عام 2017 (رويترز)
صورة أرشيفية من لقاء بين الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي عام 2017 (رويترز)
TT

مصر وأميركا في عهد ترمب: لا عقبات ثنائية... وتباين حول «مفاهيم السلام»

صورة أرشيفية من لقاء بين الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي عام 2017 (رويترز)
صورة أرشيفية من لقاء بين الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي عام 2017 (رويترز)

جاء فوز دونالد ترمب بانتخابات الرئاسة الأميركية مُحمّلاً بتطلعات مصرية لتعزيز الشراكة الاستراتيجية بين الجانبين، والعمل معاً من أجل إحلال «سلام إقليمي»، وهو ما عبر عنه الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في منشور له عبر حسابه الرسمي على موقع «إكس» الأربعاء، هنأ خلاله الرئيس الأميركي المنتخب.

وقال السيسي: «نتطلع لأن نصل سوياً لإحلال السلام والحفاظ على السلم والاستقرار الإقليمي، وتعزيز علاقات الشراكة الاستراتيجية بين مصر والولايات المتحدة وشعبيهما الصديقين»، وأضاف: «البلدان لطالما قدما نموذجاً للتعاون ونجحا سوياً في تحقيق المصالح المشتركة»، مؤكداً تطلعه إلى مواصلة هذا النموذج في «هذه الظروف الدقيقة التي يمر بها العالم».

وأثارت أنباء فوز ترمب تفاعلاً على مواقع التواصل الاجتماعي، لتتصدر وسوم عدة الترند في مصر، مصحوبة بمنشورات لتهنئة للرئيس الأميركي المنتخب. وبينما عول سياسيون وإعلاميون مصريون على ترمب لوقف الحرب الدائرة في غزة منذ أكثر من عام، ووضع حد للتصعيد في المنطقة، أكدوا أن «مواقف الرئيس المنتخب غير التقليدية تجعل من الصعب التنبؤ بسياسة الإدارة الأميركية في السنوات الأربع المقبلة».

ولا يرى الإعلامي وعضو مجلس النواب المصري (البرلمان) مصطفى بكري «اختلافاً بين ترمب ومنافسته الخاسرة كامالا هاريس من القضية الفلسطينية»، لكنه أعرب في منشور له عبر «إكس» عن سعادته بفوز ترمب، وعده «هزيمة للمتواطئين في حرب الإبادة».

أما الإعلامي المصري أحمد موسى فعد فوز ترمب هزيمة لـ«الإخوان»، ومن وصفهم بـ«الراغبين في الخراب». وقال في منشور عبر «إكس» إن هاريس والرئيس الأميركي جو بايدن «كانوا شركاء في الحرب» التي تشنها إسرائيل على لبنان وغزة.

وعول موسى على ترمب في «وقف الحروب بالمنطقة وإحلال السلام وعودة الاستقرار». وكذلك أعرب الإعلامي المصري عمرو أديب عن أمله في أن «يتغير الوضع في المنطقة والعالم للأفضل بعد فوز ترمب».

مفاهيم السلام

رئيس المجلس المصري للشؤون الخارجية ووزير خارجية مصر الأسبق، السفير محمد العرابي، أكد أن «العلاقات بين مصر والولايات المتحدة لن تواجه عقبات أو مشكلات على المستوى الثنائي خلال عهد ترمب»، لكنه أشار إلى أن «مواقف الرئيس المنتخب من القضية الفلسطينية وأفكاره غير التقليدية بشأنها قد تكون أحد الملفات الشائكة بين القاهرة وواشنطن».

وأوضح العرابي لـ«الشرق الأوسط» أن «ترمب يتبنى مفاهيم عن السلام في الإقليم ربما تختلف عن الرؤية المصرية للحل»، مشيراً إلى أن «القضية الفلسطينية ستكون محل نقاش بين مصر والولايات المتحدة خلال الفترة المقبلة».

وتبنى ترمب خلال ولايته الأولى مشروعاً لإحلال «السلام» في الشرق الأوسط عُرف باسم «صفقة القرن»، والتي يرى مراقبون أنه قد يعمل على إحيائها خلال الفترة المقبلة.

وعدّ سفير مصر الأسبق في واشنطن عبد الرؤوف الريدي وصول ترمب للبيت الأبيض «فرصة لتنشيط التعاون بين مصر والولايات المتحدة لوقف الحرب في غزة، وربما إيجاد تصور لكيفية إدارة القطاع مستقبلاً».

وقال الريدي لـ«الشرق الأوسط» إن «ترمب يسعى لتحقيق إنجازات وهو شخص منفتح على الجميع ووجوده في البيت الأبيض سيحافظ على الشراكة الاستراتيجية بين القاهرة وواشنطن».

تصحيح العلاقات

من جانبه، رأى مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق السفير حسين هريدي أن فوز ترمب بمثابة «عودة للعلاقات الاستراتيجية القائمة على المصالح المشتركة بين القاهرة وواشنطن». وقال لـ«الشرق الأوسط»: إن «فوز ترمب هو تدعيم للعلاقة بين القيادة المصرية والبيت الأبيض»، مشيراً إلى أن الرئيس المصري لم يزر البيت الأبيض طوال أربع سنوات من حكم بايدن، واصفاً ذلك بأنه «وضع غريب في العلاقات الثنائية سيتم تصحيحه في ولاية ترمب».

وأضاف هريدي أن «فوز ترمب يسدل الستار على الحقبة الأوبامية في السياسة الأميركية، والتي بدأت بتولي الرئيس الأسبق باراك أوباما عام 2009 واستُكملت في ولاية جو بايدن الحالية»، وهي حقبة يرى هريدي أن واشنطن «انتهجت فيها سياسات كادت تؤدي إلى حرب عالمية ثالثة». ورجح أن تعمل إدارة ترمب على «وقف الحروب وحلحلة الصراعات في المنطقة».

وزار الرئيس المصري السيسي البيت الأبيض مرتين خلال فترة حكم ترمب عامي 2017 و2019. وقال ترمب، خلال استقباله السيسي عام 2019، إن «العلاقات بين القاهرة وواشنطن لم تكن يوماً جيدة أكثر مما هي عليه اليوم، وإن السيسي يقوم بعمل عظيم».

لكن السيسي لم يزر البيت الأبيض بعد ذلك، وإن التقى بايدن على هامش أحداث دولية، وكان أول لقاء جمعهما في يوليو (تموز) 2022 على هامش قمة جدة للأمن والتنمية، كما استقبل السيسي بايدن في شرم الشيخ نهاية نفس العام على هامش قمة المناخ «كوب 27».

بدوره، أكد أستاذ العلوم السياسية في جامعة قناة السويس الدكتور جمال سلامة أن «مصر تتعامل مع الإدارة الأميركية أياً كان من يسكن البيت الأبيض». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «العلاقات مع واشنطن لن تتأثر بفوز ترمب، وستبقى علاقات طبيعية متوازنة قائمة على المصالح المشتركة».

وعد مستخدمون لمواقع التواصل الاجتماعي فوز ترمب فرصة لحلحلة ملف «سد النهضة»، الذي لعبت فيه الولايات المتحدة دور الوسيط عام 2019.

وهنا أكد العرابي أنه «من السابق لأوانه معرفة الدور الذي ستلعبه إدارة ترمب في عدد من الملفات المهمة لمصر ومن بينها (سد النهضة)»، وقال: «ترمب دائماً لديه جديد، وطالما قدم أفكاراً غير تقليدية، ما يجعل التنبؤ بمواقفه أمراً صعباً».

بينما قال هريدي إن «قضية سد النهضة ستحل في إطار ثنائي مصري - إثيوبي»، دون تعويل كبير على دور لواشنطن في المسألة لا سيما أنها «لم تكمل مشوار الوساطة من قبل».