السعودية تأمل أن تؤدي محادثاتها مع إيران إلى نتائج ملموسة لبناء الثقة

الملك سلمان: جوهر «رؤية 2030» تحقيق الازدهار وصناعة مستقبل أفضل

خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز خلال كلمته أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة (واس)
خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز خلال كلمته أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة (واس)
TT

السعودية تأمل أن تؤدي محادثاتها مع إيران إلى نتائج ملموسة لبناء الثقة

خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز خلال كلمته أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة (واس)
خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز خلال كلمته أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة (واس)

أعربت السعودية اليوم (الأربعاء)، عن أملها بأن تؤدي محادثاتها الأولية مع إيران إلى نتائج ملموسة لبناء الثقة، والتمهيد لإقامة علاقات تعاون مبنية على الالتزام بمبادئ وقرارات الشرعية الدولية واحترام السيادة، وعدم التدخل في الشؤون الداخلية ووقفها جميع أشكال الدعم للجماعات الإرهابية والميليشيات الطائفية.
جاء ذلك في كلمة ألقاها خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، عبر الاتصال المرئي، أمام أعمال الدورة الـ(76) للجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، حيث أكد أهمية جعل منطقة الشرق الأوسط خالية من جميع أسلحة الدمار الشامل، مشيراً إلى استمرار السعودية في التصدي للفكر المتطرف والإرهاب.
وقال الملك سلمان إن ما يواجه المجتمع الدولي اليوم من تحديات يتطلب تعزيز التعاون الدولي متعدد الأطراف، لافتاً إلى الدور الحيوي الذي قامت به السعودية في قيادة الاستجابة العالمية لجائحة (كورونا)، ودعمها الجهود العالمية للتصدي للوباء، مجدداً حرص المملكة على تعافي الاقتصاد العالمي، واستمرارها في الالتزام بدورها الإنساني والتنموي الكبير في مساعدة الدول الأكثر احتياجاً وتلك المتضررة من الكوارث الطبيعية والأزمات الإنسانية.
وأوضح أن مبادرة السعودية للسلام في اليمن كفيلة بإنهاء الصراع وحقن الدماء ووضع حد لمعاناة الشعب اليمني، فيما لا تزال ميليشيا الحوثي الإرهابية ترفض الحلول السلمية، وتراهن على الخيار العسكري، وتعتدي بشكل يومي على الأعيان المدنية، مشدداً على احتفاظ المملكة بحقها الشرعي في الدفاع عن نفسها في مواجهة ما تتعرض له من هجمات، ورفضها بشكل قاطع أي محاولات للتدخل في شؤونها الداخلية.
وأشار خادم الحرمين إلى أن جوهر «رؤية 2030» هو تحقيق الازدهار وصناعة مستقبل أفضل، مضيفاً: «قطعنا أشواطاً كبيرة، خلال السنوات الخمس منذ إطلاق هذه الرؤية الطموحة، في دعم الصناعات المحلية، وتطوير البنية التحتية، وتقنيات الاتصالات، وحلول الطاقة، والاستثمار في قطاعات عدة، بالإضافة إلى تمكين المرأة والشباب، وتحسين جودة الحياة للجميع».

وفيما يلي نَص الكلمة:
«بسم الله الرحمن الرحيم
أصحاب الجلالة والفخامة والسمو والمعالي
معالي رئيس الجمعية العامة للأمم المتحدة
معالي الأمين العام للأمم المتحدة
السيدات والسادة
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته:
نود في البداية تهنئة معالي السيد/ عبد الله شاهد، على انتخابه رئيساً للدورة السادسة والسبعين للجمعية العامة للأمم المتحدة، راجياً له التوفيق في أداء مهامه.
كما أتقدم بالشكر لمعالي السيد/ فولكان بوزكير، لجهوده المبذولة خلال رئاسته للدورة السابقة. وأبارك لمعالي الأمين العام للأمم المتحدة على إعادة تعيينه لولاية ثانية في منصبه، مشيداً بالعمل المميز الذي يقوم به لرفع كفاءة مؤسسات الأمم المتحدة، بما يحقق أهداف ميثاقها.

السيد الرئيس،
المملكة العربية السعودية من الأعضاء المؤسسين لمنظمة الأمم المتحدة، وهي ملتزمة منذ توقيعها على ميثاق سان فرنسيسكو بمقاصدها ومبادئها، التي تهدف لحفظ الأمن والسلم الدوليين، وحل النزاعات سلمياً، واحترام السيادة والاستقلال، وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول. إن ما يواجه المجتمع الدولي اليوم من تحديات يتطلب تعزيز التعاون الدولي متعدد الأطراف. فقد أثبتت جائحة (كورونا) أن الطريق للتعافي المستدام يعتمد على تعاوننا جميعاً في إطار جماعي. وقد قامت المملكة العربية السعودية بدور حيوي في قيادة الاستجابة العالمية لهذه الجائحة من خلال رئاستها لمجموعة العشرين العام الماضي، ودعمت المملكة الجهود العالمية لمواجهة هذه الجائحة بمبلغ 500 مليون دولار أميركي، إضافة إلى تقديمها 300 مليون دولار لمساعدة جهود الدول في التصدي للجائحة.
ورغم الصعوبات الاقتصادية، فإن المملكة العربية السعودية مستمرة في الالتزام بدورها الإنساني والتنموي الكبير في مساعدة الدول الأكثر احتياجاً وتلك المتضررة من الكوارث الطبيعية والأزمات الإنسانية. وهي أكبر دولة مانحة للمساعدات الإنسانية والتنموية على المستويين العربي والإسلامي خلال عام 2021، ومن أكبر ثلاث دول مانحة على المستوى الدولي.
وتحرص المملكة على تعافي الاقتصاد العالمي، وهو ما يتجلى في الجهود الريادية التي بذلتها، بالتعاون مع شركائها في تحالف (أوبك بلس)، وفي إطار مجموعة العشرين، لمواجهة الآثار الحادة التي نجمت عن جائحة (كورونا)، وذلك لتعزيز استقرار أسواق البترول العالمية وتوازنها وإمداداتها، على نحو يحفظ مصالح المنتجين والمستهلكين.

السيد الرئيس،
تدرك المملكة أهمية تضافر الجهود في سبيل مواجهة التحدي المشترك الذي يمثله التغير المناخي وآثاره السلبية. ومن هذا المنطلق قدمت المملكة مبادرات نوعية تهم المنطقة والعالم، أبرزها مبادرات السعودية الخضراء والشرق الأوسط الأخضر، والاقتصاد الدائري للكربون، التي من شأنها تقديم مساهمة فاعلة ومؤثرة في تحقيق الأهداف الدولية في هذا المجال.
إن جوهر (رؤية 2030) التي تبنتها المملكة هو تحقيق الازدهار وصناعة مستقبل أفضل، ليكون اقتصادنا رائداً، ومجتمعنا متفاعلاً مع جميع العالم، ولقد قطعنا أشواطاً كبيرة، خلال السنوات الخمس منذ إطلاق هذه الرؤية الطموحة، في دعم الصناعات المحلية، وتطوير البنية التحتية، وتقنيات الاتصالات، وحلول الطاقة، والاستثمار في قطاعات عدة، بالإضافة إلى تمكين المرأة والشباب، وتحسين جودة الحياة للجميع.
ومن هذا المنطلق، فإن السياسة الخارجية للمملكة تولي أهمية قصوى لتوطيد الأمن والاستقرار، ودعم الحوار والحلول السلمية، وتوفير الظروف الداعمة للتنمية والمحققة لتطلعات الشعوب نحو غد أفضل، في منطقة الشرق الأوسط وفي العالم أجمع. ويتجلى ذلك في جهود المملكة لرعاية اتفاق بين أعضاء مجلس التعاون لدول الخليج العربية، ومساهمتنا الفاعلة في مجموعة أصدقاء السودان، ودعمنا للعراق في جهوده الرامية لاستعادة عافيته ومكانته. كما تدعم المملكة بقوة الجهود الرامية لحل سلمي ملزم لمشكلة سد النهضة بما يحفظ حقوق مصر والسودان المائية، والحلول السلمية برعاية الأمم المتحدة لأزمات ليبيا وسوريا، وجميع الجهود الرامية لتحقيق السلام والاستقرار في أفغانستان، وتطلعات الشعب الأفغاني وضمان حقوقه بجميع أطيافه.

السيد الرئيس،
نؤكد على أن السلام هو الخيار الاستراتيجي لمنطقة الشرق الأوسط، عبر حل عادل ودائم للقضية الفلسطينية على أساس قرارات الشرعية الدولية ومبادرة السلام العربية، بما يكفل حق الشعب الفلسطيني في إقامة دولته المستقلة على حدود عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية.
إن مبادرة السلام في اليمن، التي قدمتها المملكة في مارس (آذار) الماضي، كفيلة بإنهاء الصراع وحقن الدماء ووضع حد لمعاناة الشعب اليمني الشقيق، وللأسف لا تزال ميليشيات الحوثي الإرهابية ترفض الحلول السلمية، وتراهن على الخيار العسكري للسيطرة على المزيد من الأراضي في اليمن، وتعتدي بشكل يومي على الأعيان المدنية داخل المملكة، وتهدد الملاحة الدولية وإمدادات الطاقة الدولية. وتستخدم ميليشيات الحوثي معاناة الشعب اليمني، وحاجته الملحة للمساعدة الإنسانية، والمخاطر الناتجة عن تهالك الناقلة صافر، أوراقاً للمساومة والابتزاز.

السيد الرئيس،
تلتزم المملكة دوماً بمبادئ وقرارات الشرعية الدولية، وتحترم السيادة الوطنية لجميع الدول، وتؤكد على عدم التدخل في شؤون الدول الداخلية. وتحتفظ المملكة بحقها الشرعي في الدفاع عن نفسها في مواجهة ما تتعرض له من هجمات بالصواريخ الباليستية والطائرات المسيّرة والقوارب المفخخة، وترفض بشكل قاطع أي محاولات للتدخل في شؤونها الداخلية.
إيران دولة جارة، ونأمل أن تؤدي محادثاتنا الأولية معها إلى نتائج ملموسة لبناء الثقة، والتمهيد لتحقيق تطلعات شعوبنا في إقامة علاقات تعاون مبنية على الالتزام بمبادئ وقرارات الشرعية الدولية، واحترام السيادة، وعدم التدخل في الشؤون الداخلية، ووقفها جميع أشكال الدعم للجماعات الإرهابية والميليشيات الطائفية التي لم تجلب إلا الحرب والدمار والمعاناة لجميع شعوب المنطقة.
وتؤكد المملكة على أهمية جعل منطقة الشرق الأوسط خالية من جميع أسلحة الدمار الشامل. ومن هذا المنطلق تدعم المملكة الجهود الدولية الهادفة لمنع إيران من تطوير سلاح نووي، وتعبر عن بالغ قلقها من الخطوات الإيرانية المناقضة لالتزاماتها والمتعارضة مع ما تعلنه إيران دوماً من أن برنامجها النووي سلمي.
تستمر المملكة في التصدي للفكر المتطرف القائم على الكراهية والإقصاء، ولممارسات الجماعات الإرهابية والميليشيات الطائفية التي تدمر الإنسان والأوطان. وتؤكد المملكة على أهمية وقوف المجتمع الدولي بحزم أمام كل من يدعم ويرعى ويمول ويؤوي الجماعات الإرهابية والميليشيات الطائفية أو يستخدمها وسيلة لنشر الفوضى والدمار وبسط الهيمنة والنفوذ.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته».


مقالات ذات صلة

المبعوث الأممي يرى «تحديات كثيرة» أمام تحقيق الاستقرار في سوريا

المشرق العربي أشخاص يلوحون بالأعلام السورية خلال مسيرة في السويداء بسوريا في 13 ديسمبر 2024، احتفالاً بانهيار حكم بشار الأسد (أ.ف.ب)

المبعوث الأممي يرى «تحديات كثيرة» أمام تحقيق الاستقرار في سوريا

نقلت متحدثة باسم المبعوث الخاص للأمم المتحدة لسوريا غير بيدرسن عنه قوله، اليوم (الجمعة)، إنه يرى تحديات كثيرة ماثلة أمام تحقيق الاستقرار في سوريا.

«الشرق الأوسط» (جنيف)
المشرق العربي توافد النازحين السوريين إلى معبر المصنع لدخول لبنان (أ.ف.ب)

مليون نازح إضافي في سوريا منذ بدء هجوم الفصائل

أفادت الأمم المتحدة، الخميس، أن أكثر من مليون شخص، معظمهم نساء وأطفال، نزحوا في الآونة الأخيرة في سوريا منذ بدء هجوم الفصائل المسلحة.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
الخليج السفير عبد العزيز الواصل يلقي بياناً أمام الجمعية العامة (وفد السعودية لدى الأمم المتحدة بنيويورك)

السعودية تطالب بوقف النار في غزة ودعم «الأونروا»

طالَبت السعودية، الخميس، بإنهاء إطلاق النار في قطاع غزة، والترحيب بوقفه في لبنان، معبرةً عن إدانتها للاعتداءات الإسرائيلية على الأراضي السورية.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
المشرق العربي الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش (أ.ب)

غوتيريش قلق بشأن الضربات الإسرائيلية على سوريا ويدعو للتهدئة

أبدى الأمين العام للأمم المتحدة قلقه البالغ إزاء «الانتهاكات الواسعة النطاق مؤخراً لأراضي سوريا وسيادتها»، وأكد الحاجة الملحة إلى تهدئة العنف على كل الجبهات.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
المشرق العربي تظهر الصورة زنزانة في سجن صيدنايا الذي عُرف بأنه «مسلخ بشري» في عهد نظام الأسد بينما يبحث رجال الإنقاذ السوريون عن أقبية مخفية محتملة في المنشأة في دمشق في 9 ديسمبر 2024 (أ.ف.ب)

محققو الأمم المتحدة أعدوا قوائم بآلاف من مرتكبي جرائم خطيرة في سوريا

وضع محققون تابعون للأمم المتحدة قوائم سرية بأربعة آلاف من مرتكبي جرائم خطيرة في سوريا، آملين مع سقوط الرئيس بشار الأسد بضمان المحاسبة.

«الشرق الأوسط» (جنيف)

«كوب 16» في الرياض: 35 قراراً لمكافحة التصحر

صورة جماعية للمشاركين في مؤتمر «كوب 16» في اختتام أعماله (واس)
صورة جماعية للمشاركين في مؤتمر «كوب 16» في اختتام أعماله (واس)
TT

«كوب 16» في الرياض: 35 قراراً لمكافحة التصحر

صورة جماعية للمشاركين في مؤتمر «كوب 16» في اختتام أعماله (واس)
صورة جماعية للمشاركين في مؤتمر «كوب 16» في اختتام أعماله (واس)

اختتم مؤتمر الأطراف لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر (كوب 16) اجتماعاته في الرياض، أمس، بالموافقة على 35 قراراً حول مواضيع محورية تسهم في الحد من تدهور الأراضي ومكافحة الجفاف.

وحقَّقت الدول في «كوب 16» تقدماً ملحوظاً في وضع الأسس لإنشاء نظام عالمي لمكافحة الجفاف مستقبلاً. كما تم التعهد بتقديم أكثر من 12 مليار دولار.

وأكَّد رئيس الدورة الـ16 للمؤتمر، وزير البيئة والمياه والزراعة السعودي المهندس عبد الرحمن الفضلي، في كلمة ختامية، التزام المملكة مواصلةَ جهودها للمحافظة على النظم البيئية، وتعزيز التعاون الدولي لمكافحة التصحر وتدهور الأراضي، والتصدي للجفاف. وأعرب عن تطلُّع المملكة لأن تُسهمَ مخرجات هذه الدورة في إحداث نقلة نوعية تعزّز الجهود المبذولة في هذا الصدد.