وينسلاند في غزة يحث على استمرار الهدوء

بحث «المنحة القطرية» والدفع بمشاريع اقتصادية

تدوير الخشب المستعمل في رفح جنوب غزة من بقايا أبنية مهدمة (أ.ف.ب)
تدوير الخشب المستعمل في رفح جنوب غزة من بقايا أبنية مهدمة (أ.ف.ب)
TT

وينسلاند في غزة يحث على استمرار الهدوء

تدوير الخشب المستعمل في رفح جنوب غزة من بقايا أبنية مهدمة (أ.ف.ب)
تدوير الخشب المستعمل في رفح جنوب غزة من بقايا أبنية مهدمة (أ.ف.ب)

بحث المنسق الأممي الخاص لعملية السلام في الشرق الأوسط تور وينسلاند، التهدئة والوضع الانساني في قطاع غزة خلال لقائه مع مسؤولين في حركة حماس في قطاع غزة أمس الثلاثاء.
ووصل وينسلاند إلى غزة، عبر معبر «إيرز/بيت حانون» (شمال) في زيارة استمرت ساعات قليلة، وكان قد زارها في المرة الأخيرة، في 21 يونيو (حزيران) الماضي، والتقى رئيس حركة حماس في القطاع يحيى السنوار، في لقاء كان حادا.
وقال مصدر مطلع لـ«لشرق الأوسط»، إن وينسلاند بحث، أمس، مع مسؤولي حماس، تثبيت التهدئة والمنحة القطرية ودفع مشاريع اقتصادية. وطلب وينسلاند الحفاظ على الهدوء، من أجل إعطاء الفرصة لدفع جهود التهدئة واستمرار توزيع الأموال القطرية، وإنجاز صفقة تبادل وإطلاق عملية إعمار حقيقية في القطاع.
ولعبت الأمم المتحدة دورا رئيسيا في تثبيت التهدئة في غزة، وتشرف على توزيع مساعدات نقدية لآلاف الأسر الفقيرة في القطاع بعد مفاوضات استمرت شهورا. والأسبوع الماضي بدأت المنظمة الدولية توزيع الأموال بموجب برنامج تموله قطر ويستفيد منه حوالي 100 ألف غزي. ومنحت قطر قطاع، غزة، مئات الملايين من الدولارات منذ الحرب التي دارت في عام 2014 بين حماس وإسرائيل، ضمن اتفاق ساهم في الحفاظ على الهدوء. ودخلت الأمم المتحدة على خط الأموال القطرية بعد أن اشترطت إسرائيل ذلك، أو أن تكون السلطة الفلسطينية هي الجهة المشرفة على توزيع الأموال، لكن السلطة خشيت من ملاحقة دولية ورفضت الانخراط في توزيع الأموال بما يشمل منح موظفي حكومة حماس في القطاع رواتب. وبموجب خطة التمويل المعدلة التي تمت بالتنسيق بين قطر والأمم المتحدة وأيدتها إسرائيل، سيتم ضخ الأموال عبر أكثر من 700 نقطة توزيع في أنحاء قطاع غزة.
وتفقد المبعوث الأممي في زيارته أمس، العديد من المشاريع في القطاع. وتأمل حماس بدفع خطة إعادة الإعمار إلى الأمام مع استمرار الهدوء الحالي، لكن لا يتوقع أن توافق إسرائيل على ذلك قبل إتمام صفقة تبادل.
وكان وكيل وزارة الأشغال العامة والإسكان في قطاع غزة، ناجي سرحان، قد صرح بأن عملية إعادة إعمار قطاع غزة بدأت بشكل فعلي، وتم الطلب من المواطنين تقديم المخططات اللازمة للجهات المختصة، لإرسالها للمانحين، مشددا على أن الأولوية ستكون لإعمار المنازل والبيوت المدمرة، وإصلاح مفترقات الطرق. وذكر سرحان أن عدد الوحدات السكنية التي دمرت بشكل كامل خلال العدوان الأخير على غزة بلغت 1500 وحدة سكنية، إضافة لـ880 وحدة دمرت بشكل جزئي بليغ غير صالح للسكن، و650 ما بين جزئي وطفيف.
وقال إن غزة بحاجة لـ3 مليارات دولار، واحد منها لتعمير الأضرار التي خلفها العدوان الأخير على القطاع والحروب السابقة عليه، وملياران لإنعاش غزة من جديد وإعادتها للحياة.
ورفعت إسرائيل بعض القيود على إدخال مواد البناء لغزة، مؤخرا، لكنها طلبت التنسيق معها بشأن العديد من المواد الأخرى.



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم