الاتحاد الأفريقي يندد بمحاولة الانقلاب... والأمم المتحدة تحذر من محاولات تبديل الحكم

TT

الاتحاد الأفريقي يندد بمحاولة الانقلاب... والأمم المتحدة تحذر من محاولات تبديل الحكم

دانت الأمم المتحدة المحاولة الانقلابية الفاشلة في السودان، مؤكدة رفضها أي دعوات للقيام بانقلاب عسكري، أو تبديل الحكومة المدنية بحكم عسكري.
وقال رئيس بعثة الأمم المتحدة المتكاملة لدعم المرحلة الانتقالية في السودان، فولكر بيرتيس: «بصفتي ممثلاً خاصاً للأمين العام للأمم المتحدة، أدين بشكل قاطع محاولة الانقلاب العسكري التي جرت أمس في السودان. كما تدين الأمم المتحدة أي محاولة، سواء إن كانت انقلابية أو غير ذلك، تهدف لتقويض عملية الانتقال السياسي الديمقراطي، والطبيعة التعددية التي نصت عليها الوثيقة الدستورية الحاكمة في البلاد».
وشدد فولكر على ضرورة استمرار جميع أصحاب المصلحة في الالتزام بالعملية الانتقالية الشاملة، وتحقيق تطلعات الشعب السوداني نحو مستقبل سلمي ومستقر وديمقراطي، موضحاً أن الأمم المتحدة «تؤكد التزامها المستمر بتقديم المساعدة والمشورة والدعم للحكم المدني الشامل في السودان».
بدوره، دان الاتحاد الأفريقي «المحاولة الانقلابية الفاشلة التي تهدف لقلب نظام المرحلة الانتقالية في السودان، والتي ضحى من أجلها الشعب السوداني، وعمل من أجلها الاتحاد الأفريقي بكل قواه».
وندد رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي، موسى فكي محمد، بشدة بهذه المحاولة الفاشلة، وهنأ الشعب السوداني بإحباطها، قائلاً: «أحث بقوة على التمسك بالسلطات الشرعية للمرحلة الانتقالية، النابعة من إرادة كافة القوى الوطنية، مدنية كانت أو عسكرية»، مشدداً على الضرورة الملحة للتمسك بالاتفاق السياسي، والوثيقة الدستورية واتفاق سلام جوبا، وداعياً جميع الأطراف إلى المضي قدماً بإرادة قوية لإنجاح المرحلة الانتقالية، التي ستفضي إلى انتخابات ديمقراطية حرة وشفافة.
بدوره، وصف رئيس مجلس السيادة الانتقالي، عبد الفتاح البرهان، الذي يشغل أيضاً منصب القائد العام للقوات المسلحة، إحباط واحتواء المحاولة الانقلابية بدون إراقة دماء، بـ«الوقفة الصلبة والحكيمة التي جنبت البلاد والقوات المسلحة إراقة الدماء».
وقال البرهان الذي كان يخاطب ضباط سلاح المدرعات، بمنطقة الشجرة العسكرية جنوب الخرطوم، أمس، وبرفقته قائد قوات الدعم السريع، محمد حمدان دقلو «حميدتي»، إن القوات المسلحة «مصطفة وموحدة لحماية الفترة الانتقالية والتحول الديمقراطي، وكل وحدات القوات المسلحة متوحدة خلف هذا الهدف».
ودعا البرهان القوى السياسية للتوحد والتماسك، وفقاً للمبادرات المطروحة من أجل بناء السودان، وحماية أمنه واستقراره، باعتبارها مسؤولية مشتركة بين العسكريين والمدنيين، وخلفهم الشعب السوداني.
ووصف البرهان جنوده وضباطه بـ«رأس الرمح» في الحفاظ على وحدة السودان، وقال إن إحباط المحاولة الانقلابية «حال دون إحداث شرخ في وحدة الجيش، ما قد تنجم عنه حالة كارثية تؤثر على وحدة الجيش والقوات النظامية ووحدة البلاد، وتابع موضحاً: «نحن نقود البلاد استجابة للإرادة الشعبية لإقامة انتخابات حرة نزيهة يختار بموجبها الشعب من يحكمه».
وفي إشارة لانحياز القوات المسلحة للثورة والدعم السريع، قال البرهان: «كل قواتنا النظامية على قلب رجل واحد»، مشيراً إلى قائد قوات الدعم السريع «حميدتي» الذي كان يقف لجواره بالقول: «معي أخي محمد حمدان لكي لا يقولوا إن الجيش وحده، والدعم السريع وحده».
في سياق ذلك، اتهم «تحالف قوى الإجماع الوطني»، الكتلة المؤثرة في التحالف الحاكم، فلول النظام المعزول داخل القوات المسلحة بالتخطيط للمحاولة الانقلابية الفاشلة. ودعا في بيان إلى إجراء محاكمات فورية لرموز النظام المعزول المتواجدين في السجون، مشدداً على ضرورة إعادة هيكلة القوات المسلحة والقوات النظامية الأخرى، كما طالب بالإسراع في تنفيذ بند الترتيبات الأمنية، وإعادة هيبة الدولة والقانون، والتعامل بحسم مع التفلتات الأمنية.
ومن جهته، أكد الحزب الاتحادي الديمقراطي (الأصل)، بقيادة مولانا محمد عثمان الميرغني، رفضه تقويض النظام الديمقراطي، والوقوف بقوة ضد أي محاولات للاستيلاء على السلطة، وعودة الديكتاتورية للمسرح السياسي من جديد.



أحياء منكوبة بلا مياه وكهرباء بسبب القصف الإسرائيلي في مدينة صور الساحلية

جانب من الدمار الذي طال المباني في مدينة صور الساحلية جنوب لبنان (رويترز)
جانب من الدمار الذي طال المباني في مدينة صور الساحلية جنوب لبنان (رويترز)
TT

أحياء منكوبة بلا مياه وكهرباء بسبب القصف الإسرائيلي في مدينة صور الساحلية

جانب من الدمار الذي طال المباني في مدينة صور الساحلية جنوب لبنان (رويترز)
جانب من الدمار الذي طال المباني في مدينة صور الساحلية جنوب لبنان (رويترز)

قرب ركام مبنى ما زال الدخان يتصاعد منه في مدينة صور، تحمل عائلة حقائب وتصعد على سلم مظلم إلى شقة خُلعت أبوابها ونوافذها، ولا يوجد فيها ماء ولا كهرباء، بعد أن استهدف القصف الإسرائيلي البنى التحتية والطرق، إضافة إلى الأبنية والمنازل.

في اليوم الثاني من سريان وقف إطلاق النار بين «حزب الله» وإسرائيل، كانت مئات العائلات صباح الخميس تتفقّد منازلها في أحياء استهدفتها الغارات الإسرائيلية، وحوّلتها إلى منطقة منكوبة.

لم تسلم سوى غرفة الجلوس في شقة عائلة نجدة. تقول ربّة المنزل دنيا نجدة (33 عاماً)، وهي أم لطفلين، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، بينما تقف على شرفتها المطلة على دمار واسع: «لم نتوقّع دماراً إلى هذا الحدّ. رأينا الصور لكن وجدنا الواقع مغايراً وصعباً».

وغطّى الزجاج أسرّة أطفالها وألعابهم، في حين تناثرت قطع من إطارات النوافذ الحديدية في كل مكان. وتضيف دنيا نجدة: «عندما وصلنا، وجدنا الدخان يتصاعد من المكان، وبالكاد استطعنا معاينة المنزل».

على الشرفة ذاتها، يقف والد زوجها سليمان نجدة (60 عاماً)، ويقول: «نشكو من انقطاع المياه والكهرباء... حتى المولدات الخاصة لا تعمل بعد انقطاع خطوط الشبكات».

ويقول الرجل، الذي يملك استراحة على شاطئ صور، الوجهة السياحية التي تجذب السكان والأجانب: «صور ولبنان لا يستحقان ما حصل... لكن الله سيعوضنا، وستعود المدينة أفضل مما كانت عليه».

وتعرّضت صور خلال الشهرين الماضيين لضربات عدّة؛ دمّرت أو ألحقت أضراراً بمئات الوحدات السكنية والبنى التحتية، وقطعت أوصال المدينة.

وأنذرت إسرائيل، خلال الأسابيع القليلة الماضية، مراراً سكان أحياء بأكملها بإخلائها، ما أثار الرعب وجعل المدينة تفرغ من قاطنيها، الذين كان عددهم يتجاوز 120 ألفاً.

لن يحصل بنقرة

خلال جولة في المدينة؛ حيث تعمل آليات على رفع الردم من الطرق الرئيسة، يحصي رئيس بلدية صور واتحاد بلدياتها، حسن دبوق لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «أكثر من 50 مبنى، مؤلفة من 3 إلى 12 طابقاً دُمّرت كلياً جراء الغارات الإسرائيلية»، غير تضرّر عشرات الأبنية في محيطها، بنسبة تصل إلى 60 في المائة. ويضيف: «يمكن القول إنه يكاد لم يبقَ أي منزل بمنأى عن الضرر».

وشهدت شوارع المدينة زحمة سير مع عودة المئات من السكان إلى أحيائهم، في حين أبقت المؤسسات والمحال التجارية والمطاعم أبوابها موصدة.

ويوضح دبوق: «يتفقّد السكان منازلهم خلال النهار، ثم يغادرون ليلاً بسبب انقطاع الماء عن أنحاء المدينة والكهرباء عن الأحياء التي تعرّضت لضربات إسرائيلية قاسية».

ويقول إن الأولوية اليوم «للإسراع في إعادة الخدمات إلى المدينة، وتأمين سُبل الحياة للمواطنين»، مقرّاً بأن ذلك «لن يحصل بنقرة، ويحتاج إلى تعاون» بين المؤسسات المعنية.

ويضيف: «من المهم أيضاً إزالة الردم لفتح الشوارع حتى يتمكّن الناس من العودة».

واستهدفت غارة إسرائيلية في 18 نوفمبر (تشرين الثاني) شركة مياه صور، ما أسفر عن تدميرها، ومقتل موظفيْن، وانقطاع المياه عن 30 ألف مشترك في المدينة ومحيطها، وفق ما قال رئيس مصلحة مياه صور وليد بركات.

ودمّرت الغارة مضخّات المياه وشبكة الأنابيب المتفرّعة منها، وفق ما شاهد مراسلو «وكالة الصحافة الفرنسية»، الخميس، في إطار جولة نظمها «حزب الله» للصحافيين في عدد من أحياء المدينة.

وتحتاج إعادة بنائها إلى فترة تتراوح بين 3 و6 أشهر، وفق بركات، الذي قال إن العمل جارٍ لتوفير خيار مؤقت يزوّد السكان العائدين بالمياه.

ويقول بركات: «لا صواريخ هنا، ولا منصات لإطلاقها، إنها منشأة عامة حيوية استهدفها العدوان الإسرائيلي».

قهر ومسكّنات

بحزن شديد، يعاين أنس مدللي (40 عاماً)، الخيّاط السوري المُقيم في صور منذ 10 سنوات، الأضرار التي لحقت بمنزله جراء استهداف مبنى مجاور قبل ساعة من بدء سريان وقف إطلاق النار. كانت أكوام من الركام تقفل مدخل المبنى الذي تقع فيه الشقة.

ويقول بأسى: «بكيت من القهر... منذ يوم أمس، وأنا أتناول المسكنات جراء الصدمة. أنظر إلى ألعاب أولادي والدمار وأبكي».

وغابت الزحمة، الخميس، عن سوق السمك في ميناء المدينة القديمة، الذي كان يعجّ بالزبائن قبل الحرب، بينما المراكب راسية في المكان منذ أكثر من شهرين، وينتظر الصيادون معجزة تعيدهم إلى البحر لتوفير قوتهم.

بين هؤلاء مهدي إسطنبولي (37 عاماً)، الذي يروي أنه ورفاقه لم يبحروا للصيد منذ أن حظر الجيش اللبناني في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) حركة القوارب في المنطقة البحرية جنوب لبنان.

ويقول: «لم يسمح الجيش لنا بعد بالخروج إلى البحر حفاظاً على سلامتنا» باعتبار المنطقة «حدودية» مع إسرائيل.

ويقول إسطنبولي: «نراقب الوضع... وننتظر»، مضيفاً: «نحن خرجنا من أزمة، لكن الناس سيعانون الآن من أزمات نفسية» بعد توقف الحرب.

ويقول أب لأربعة أطفال: «أحياناً وأنا أجلس عند البحر، أسمع صوت الموج وأجفل... يتهيّأ لي أن الطيران يقصف. نعاني من الصدمة».