محاولة لجعل العالم أقل حزناً

شيرين سامي في روايتها «الحجرات»

محاولة لجعل العالم أقل حزناً
TT

محاولة لجعل العالم أقل حزناً

محاولة لجعل العالم أقل حزناً

عن الحب وكيف ينطفئ فجأة مخلفاً نثاراً لا ينتهي من الذكريات، تدور رواية «الحجرات» للكاتبة شيرين سامي الصادرة أخيراً عن دار «الكرمة» للنشر بالقاهرة. ثيمة الخيبة في الحب تطالعنا عبر التنقيب في ذكريات «الحجرات» التي مرت بها تلك العلاقة، ومع تنقل السرد من حجرة إلى أخرى بلمحاته الواقعية والمجازية تجد البطلة التي «تحب ارتشاف الأشياء الجميلة» نفسها في مواجهة بانورامية مع تاريخها العائلي، بداية من سنوات طفولتها وصولاً لتجربتها التعيسة مع الزواج.
ودأبت البطلة على التعبير عن نفسها منذ طفولتها عبر الكتابة، في ممارسة مسكونة بكثير من الوحدة، فسطرت بعد انفصالها القاسي عن زوجها ملفاً كاملاً يُحيط بعلاقتها به، وقامت بتقسيم الحكاية إلى فصول أو «حجرات»، بداية من «مدخل البيت» وصولاً لحجرة «المعيشة»، و«الصالون»، و«النوم»، و«المطبخ» وغيرها، ليُهيمن على الرواية صوت البطلة كساردة رئيسية للأحداث التي تغلب عليها الدفقات الشعورية الجياشة كمفتاح رئيسي للتذكر دون حد أو قيد، فتبدو في ظلال تلك الذكريات «كالمُبحرة على متن شلال هادر».

- غرفة تخص المرء وحده
تختبئ روح فيرجينيا وولف وراء نبرة خذلان البطلة التي لم تجد داخل «حجرات» البيت ما يتسع للتعبير عن أحلامها، أو للتصريح بها، فكما ظلت وولف تنادي بحق المرأة في الكتابة في غرفة تخصها، تطمئن لها وتتسع للكتابة داخلها دونما تضييق، كانت بطلة الرواية تستدعي غربتها في منزل يكره فيه الزوج الكتابة والكتب، فكان يُطوحها في الهواء ويُلقيها أرضاً مع كل شجار «كان عندما يعود ويجد كتاباً بجواري، شيء في عينيه يتغير، ينطفئ، حرارة تذهب، كهرباء تنقطع، فبدأت أُخفي الكتاب الذي أقرأه سريعاً قبل عودته».
تلك الروح الأسيرة التي تبحث عن مكان يخصها داخل الحجرات، جعلت خيارات البطلة دائماً مهزومة، فتتخذ من خزانة الثياب مخبأ آمناً لكتبها، في رمزية تُذكرنا بأجواء تهريب الكتب أيام الحروب خوفاً من حرقها.
تطرح الكاتبة من خلال ارتباط بطلتها بالكتابة، تساؤلات حول جدوى الكتابة، تلك التي تمسكت بها البطلة (التي لم يُذكر اسمها) كصمام أمان وحيد يُضمد حاجتها الماسة للتفهم والتعبير، وحتى ابنها يسألها عن جدوى ما تكتبه دائماً: «لماذا تكتبين أصلاً؟» سؤال مُربك تود لو ترد عليه بعبارة «بورخيس» الشفيفة المحفورة في قلبها. فقد كان بروخيس يرد عندما يسأله أحدهم عن فائدة الأدب بقوله: «لا أحد يسأل عن فائدة تغريد الكناري، أو منظر غروب الشمس».
الكتابة لدى بطلة الرواية مُحاولة لجعل العالم أقل حزناً. لكنها مع ذلك، كما صاحبتها، أصبحت مُقيدة وأسيرة: «لم تنقذني القراءة واستعصت عليّ الكتابة»، ويصبح هذا الاستعصاء عرضاً من أعراض العلاقة السامة التي تربطها بزوجها، فيما يتحول السرد إلى حالة لهاث من حجرة لأخرى هرباً من أثر - ذلك السم.
يبرز التدوين في الرواية، وعبر 260 صفحة، ليس كمجرد ممارسة استشفائية من العنف النفسي والجسدي الذي مرت به البطلة، إنما كفعل كاشف أرادت به بث مشاعرها للمرة الأولى للملأ بعد سنوات من الكبت، وأرسلت ما كتبته إلى زوجها بعد عدة سنوات من انفصالهما، لتُهديه عبر الكتابة، التي طالما كرهها، تشريحاً كاملاً لما صار إليه قلبها داخل «الحجرات».

- التخفف من المُتعلقات
تبرز ثيمة الاستغناء في الرواية كوسيلة للتخفف والنجاة، فتقوم البطلة باختيار بعض مُتعلقاتها وهي تغادر البيت تمهيداً للانفصال: «استغنيت عن المتبقي من كل شيء، كنت أشعر بأنني في حالة غرق، ألقي بمتعلقاتي الغالية، لأرتفع في الماء وأنجو».
وتبدأ رسالتها الطويلة من تلك اللقطة وهي تقف أمام الباب في حالة فزع، واصفة نفسها بأنها «كالفارين من الحروب». تختار ماذا ستأخذ وماذا ستترك، ثم ما يلبث أن يتدفق سردها بتقنية «الفلاش باك»، وهي تتأمل حجرات البيت واحدة تلو الأخرى. تمر بـ«الصالون» الذي تجوب عيناها في تفاصيله النمطية الزائفة التي تُحيط بالمراسم العائلية، ووسط التحف الأنيقة ورسوم روميو وجولييت التي تُزين الأرائك.

- حجرات خارجية
يتمدد السرد خارج حجرات البيت، ملامساً مسارات وردهات كانت شاهدة على فصول من تلك العلاقة، تتمثل في السياق الاجتماعي الحاضن لعائلة الزوج، وغربتها وشعورها الدائم بأنها لا مرئية في أوساطه، وحاجتها الماسة للاختباء خشية أن «يظهر الساتر الهائل بينها وبين زوجها أمام الناس».
وفي «حجرة القيادة» أو السيارة، كما أطلقت عليها البطلة، تختلط أغنيات الراديو بالندوب التي تحملها معها إلى البيت «مع الحقائب البلاستيكية الممتلئة وملفات العمل واللابتوب. إنها تحمل المسؤولية في يديها كجمرة ملتهبة لا تملك إسقاطها».
وقبل الوصول إلى «عتبة الخروج» تفتح الرواية باباً آخر على «حجرات الغرباء» الذين طرقت البطلة أبوابهم للنجدة، ودائماً ما كانت تسبق هؤلاء الغرباء صورهم الذهنية التي كانت تزيد من توترها، ومنهم الطبيب النفسي التي تعترف أن فكرتها عنه كلها استقتها من الأفلام: «امرأة شاردة، تدخن بتوتر أمام الطبيب، تخفي الأمر لأنها تعلم كارثية أن يعرف الناس أنها تزور طبيباً نفسياً، ولا تريد أن تثير شفقة الغرباء أو حسرة المقربين»، وكذلك «حجرة المحامي» التي «تعج بملفات لا تنتمي لعالم البطلة الحالمة»... لكنها مع ذلك، وخارج هذا السياق، تظل تبحث عن لحظة أمان يمكن أن تتقبلها بكثير من الخوف... والأمل.



عبده خال كاتب رواية بوليسية... هل توقف نموه؟

 نوبوكوف
نوبوكوف
TT

عبده خال كاتب رواية بوليسية... هل توقف نموه؟

 نوبوكوف
نوبوكوف

كنت أتهيأ للكتابة حين باغتتني رغبة في تصفح محتوى صفحة «الثقافة» في جريدة أجنبية. فوقع بصري، لحظة انبساط محتواها أمامي، على عنوان مُرَكبٍ من جزأين؛ الجزء الأول «مُلائِمَةٌ للقراءةِ في ليالي الشتاء»، وعرفت من الجزء الثاني أن الملائِمَةَ للقراءة هي عدد من روايات الجريمة يقترح مُعِدُّوها الاستمتاع بقراءتها في عطلة «الكريسماس». تلك قائمة لا أتوقع أن تقترحها الصحافة الثقافية العربية. «يا للمصادفة الغريبة» قلت في داخلي، فالمقالة التي كنت أنوي كتابتها تتمحور حول رواية الجريمة، أو الرواية البوليسية؛ لا أُفرقُ هنا بين النوعين. وكان للمصادفة امتداد آخر، إذ فرغت، وقبل قراءة تلك القائمة، من قراءة روايتين، هما روايتا جريمة «فسوق» لعبده خال، و«اللص والكلاب» للروائي العربي الكبير نجيب محفوظ.

عبده خال

ثنائية الركض والزحف

ركضت عبر «فسوق» عبده خال لأنها كانت القراءة الثانية، أو الثالثة؛ ووجدت في تعليقاتي وشخبطاتي في هوامش صفحاتها ما يغني عن قراءتها زاحفاً. أما أثناء قراءة رواية محفوظ، وكانت القراءة الثانية، كنت القارئ المتأني والبطيء لأنني لم أستطع مقاومة الرغبة في تفحص التقنية السردية فيها، ورصد لعبة الضمائر التي لا بد أن محفوظ استمتع بها أثناء الكتابة، واستمتع باستباق تلاعبه بالقارئ المحتمل بانتقاله من ضمير إلى آخر على نحو قد يجعل القراءة بطيئةً، أومُشوِشَّةً لبعض القراء.

يبدأ الفصل الأول بصوت السارد العليم - المحدود - بضمير الغائب: «مرة أخرى يتنفس نسمة الحرية، ولكن الجو غبار خانق وحر لا يُطاق. وفي انتظاره وجد بدلته الزرقاء وحذاءه المطاط، وسواهما لم يجد في انتظاره أحداً» (5). وابتداءً من الكلمتين الأخيرتين من السطر الثامن، يتحول ضمير الغائب إلى ضمير المخاطب المثنى، إلى صوت سعيد مهران مُخاطباً زوجتة سابقاً وزوجها الغائبين: «نبوية عليش، كيف انقلب الاسمان اسماً واحداً؟ أنتما تعملان لهذا اليوم ألف حساب، وقديماً ظننتما أن باب السجن لن ينفتح، ولعلكما تترقبان في حذر» (5)، ثم إلى ضمير المتكلم «ولن أقع في الفخ، ولكني سأنقض في الوقت المناسب كالقدر» (5). وقبل نهاية الصفحة بسطرين، يتحول الخطاب إلى مونولوغ داخلي بضمير المُخاطب المفرد: «استعِن بكل ما أوتيت من دهاء، ولتكن ضربتك قوية كصبرك الطويل وراء الجدران» (5). وفي مكان آخر فيما بعد، يلتقي ضميرا المتكلم والمخاطب الجمع معاً في كلام سعيد مهران، وهو يتحدث إلى مستشارين متخيلين في محاكمة متخيلة: «لست كغيري ممن وقفوا قبلي في هذا القفص، إذ يجب أن يكون للثقافة عندكم اعتبار خاص، والواقع أنه لا فرق بيني وبينكم إلا أني داخل القفص وأنتم خارجه...» (100). من المستبعد ألا يتذكر البعض همبرت همبرت في رواية فلاديمير نابوكوف «لوليتا» وهو يخاطب المحلفين أثناء محاكمته. اللافت في الأمر أن سعيد وهمبرت «بطلان» مضادان «antiheroes»، ومُبَئِران، وساردان إشكاليان غير موثوقين في روايتي جريمة؛ سعيد مهران لص وقاتل، وهمبرت همبرت «بيدوفايل/pedophile/ المنجذب جنسياً للأطفال» وقاتل. مأزق أخلاقي يجد القارئ نفسه مُسْتَدْرَجاً إلى التورط فيه في حال تماهيه مع الشخصية جراء تقلص أو تلاشي المسافة الجمالية بينه وبينها.

البداية المُزاحة بالاستطراد

هنا البداية الأولى، الأصلية، للمقالة، وقد أزاحها إلى هذا المكان الاستطراد السابق، ولا أخفي أنني مِلْتُ إلى الاسترسال فيه. البداية الأصلية: الروائي والأكاديمي موكوما وانغوغي ودعوته في «نهضة الرواية الأفريقية» إلى فتح التقليد الأدبي الأفريقي للقص الشعبي ومنه الرواية البوليسية؛ «جائزة القلم الذهبي» بكونها، في الأساس، مشروعاً يرفع القص الشعبي العربي من الهامش ويُنزله في المركز وبؤرة الاهتمام في المشهد الأدبي؛ ملف صحيفة «ليبراسيون» الفرنسية عن الرواية البوليسية في العالم وخُلُوِّه من أي ذكر لرواية بوليسية عربية واحدة، ثلاثة عوامل شكلت دافعاً على الكتابة عن الرواية البوليسية، وعن عبده خال، الذي أراه مشروع كاتب رواية بوليسية يعيش في كمون، أو لأقل، في حالة «توقف نمو» (ARRESTED DEVELOPMENT)، بغض النظر عمّا إذا كان يرى نفسه كذلك أم لا. الأمر مجرد رأي شخصي.

وانغوغي... الانحياز إلى الرواية البوليسية

بالإضافة إلى مناداته باعتبار الكتابات المبكرة - ما قبل جيل ماكيريري - جزءاً لا يتجزأ من «الخيال الأدبي والنقدي الأفريقي» (نهضة الرواية الأفريقية، 34)؛ دعا وانغوغي إلى فتح التقليد الأدبي الأفريقي للأدب المكتوب باللغات المحلية وللأدب الشعبي، مؤكداً على الرواية البوليسية بالذات، واصفاً مجيء أدباء ماكيريري بأنه مثل «تسونامي أدبي» طمر الكتابات المبكرة «تحت سيل من الروايات الواقعية» التي كتبوها بالإنجليزية. وكانت قوة وزخم حركتهم السبب في إخفاق النقد الأدبي في استرداد الحقبة الأدبية المبكرة. لقد أرسى أولئك الأدباء تسلسلاً هرمياً «يعلي شأن كل ما هو أدبي على الفنون الشعبية» (253)، بينما الفجوة بين الأدبي والشعبي، في رأيه، مجرد تباينات سطحية، لا تعني له ولجيله شيئاً ذا بال، فهم يقرأون «الأدب جنباً إلى جنب الأدب الشعبي» أو يقرأون «ما هو أدبي مع ما هو شعبي في آن معاً» (255). ويرى أن النقد الأدبي الأفريقي الملتزم بالخط الفكري الممتد من تشينوا أتشيبي إلى تشيماماندا أديتشي كاذب ومزيف، وأنه ومجايليه يتطلعون إلى نقدٍ أدبي يتيح لهم قراءة الأعمال الأدبية لشكسبير وأتشيبي ونغوغي وا ثيونغو، على سبيل المثال، إلى جانب الروايات الشعبية والبوليسية.

الرواية الشعبية من الهامش إلى المركز

لا اسم في الذاكرة الأدبية العربية لناقد أو روائي أو أكاديمي عربي دعا، مثل وانغوغي، إلى الالتفات نقداً أو بحثاً إلى الرواية الشعبية العربية، فالمشهد العربي عموماً يشيح باهتمامه واعترافه بها عنها، وإن ينظر إليها فبنظرة دونية، باعتبارها أدباً من الدرجة الثانية، أو ليست من الأدب على الإطلاق. وكان الوضع سيستمر لو لم يطرح المستشار تركي آل الشيخ مشروع «جائزة القلم الذهبي»، لينقلها من الهامش إلى المركز، مثيراً بذلك موجات من التصفيق والترحيب، مقابل «حلطماتِ» وهمهماتِ رفضٍ لم يجرؤ على رفع صوته في وجه المشروع. الوضع سيكون مختلفاً تماماً لو لم يكن «الرسمي» مصدرَ القرار والتنفيذ لمشروع «القلم الذهبي».

في مقالته الموسومة بـ«جائزة القلم الذهبي وصناعة مشهد مختلف» المنشورة في مجلة «القافلة» (نوفمبر/ديسمبر 2024)، يكتب الأستاذ الدكتور حسن النعمي أن «جائزة القلم الذهبي»، «فريدة من نوعها في بناء جسور التلاقي بين الرواية والسينما» (31). ما أراه هو أن فرادة وتميز الجائزة ينبعان أساساً من التفاتها إلى المهمش، أو حتى غير المعترف به؛ القص الشعبي بطيف أنواعه. القص الشعبي هو الأساس والقواعد التي تبني عليها الجائزة «جسور التلاقي بين الرواية والسينما»، وما الرواية الأدبية «الواقعية» سوى مضاف إلى الجائزة على نحو استدراكي وعرضي.

وأتفق مع الدكتور النعمي في أن الجائزة ستصنع مشهداً مختلفاً، بيد أنه اختلاف من المحتمل أن يدفع، وعلى نحو لافت، بالقص الشعبي عموماً، والرواية البوليسية خاصة، إلى الواجهة، ما قد يؤدي إلى دخولها في مجال رادارت الصحافة والنقد. فتخرج الرواية البوليسية العربية من جب غيابها الملحوظ الذي ناقشته الصحافة العربية، وكُتِبَ عن أسبابه مراراً وتكراراً، قبل أن يتأكد - غيابها - عالمياً، أيضاً، من خلال ملف صحيفة «ليبراسيون» الفرنسية (جولة حول العالم عبر 80 رواية بوليسية). وكان عبده وازن (إندبندنت عربية) وباقر صاحب (جريدة «الصباح»)، ممن كتبوا عن هذا الغياب الذي وصفه وازن بالفادح.

غياب الرواية البوليسية في «المجلة العربية»

لم تسعفني ذاكرتي إلا برواية محلية واحدة (فسوق) عبده خال وأنا أفكر فيما أشارك به في ملف «المجلة العربية» عن غياب الرواية البوليسية العربية (نُشر الملف في 1/4/2011). «فسوق» رواية بوليسية بامتياز حتى وإن لم يصرح مؤلفها بأنها كذلك، لاحتوائها على عناصر الرواية البوليسية الثلاثة: الجريمة، نبش قبر جليلة محسن الوهيب وسرقة جثتها ومضاجعتها؛ «المجرم/السارق، داود الناعم/شفيق الميت»؛ التحقيق والقبض على المجرم. أو وفقاً لتنظير تزفيتان تودوروف في «تصنيف القص البوليسي»، يتألف المتن الحكائي في «فسوق»، كما في أي رواية بوليسية، من القصة الأولى، وهي سرقة جثة جليلة، والقصة الثانية، قصة التحقيق المنتهية بالتعرف على من سرق الجثة ليمارس معها «النكروفيليا». القصة الأولى، كما يُنَظِّر تودوروف، تحكي ما يحدث بالفعل، بينما تشرح الثانية، قصة التحقيق، «كيف عرف القارئ أو السارد» عنها. بالتحديد تنتمي «فسوق» إلى النوع المعروف باسم «police procedural»، القص البوليسي الذي تأخذ فيه إجراءات وأساليب عمل الشرطة موقعاً مركزياً في البنية والثيمات والحدث كما يوضح جون سكاغز في كتابه «قص الجريمة».

لم يخطر ببال عبده خال أنه سيصبح ذات يوم عضواً في لجنة تحكيمٍ روايات جريمة/بوليسية جزءٌ من مهمتها. ربما يحفزه هذا على السماح لكاتب «فسوق» في داخله بالنمو والتطور، ليكتب روايات بوليسية أخرى.

* ناقد وكاتب سعودي