«كذبة كبيرة»... هوس «السوشيال ميديا» في حبكة سينمائية

المخرج نديم مهنا مع الممثلة ساندي فرح أثناء التصوير
المخرج نديم مهنا مع الممثلة ساندي فرح أثناء التصوير
TT

«كذبة كبيرة»... هوس «السوشيال ميديا» في حبكة سينمائية

المخرج نديم مهنا مع الممثلة ساندي فرح أثناء التصوير
المخرج نديم مهنا مع الممثلة ساندي فرح أثناء التصوير

من يراقب صفحات وسائل التواصل الاجتماعي وتطبيقاتها لا بد أن يلاحظ نسبة تعلق الناس بها وانكبابهم على استخدامها من دون توقف. فهناك حالة من الهوس والإدمان، بحيث خرجت عند شريحة من الناس عن حدودها الطبيعية. فهذه الوسائل من «إنستغرام» و«تويتر» و«تيك توك» و«فيسبوك» وغيرها، ولدت أسلوب عيش انقلبت فيه المقاييس. فما عادت العلاقات الاجتماعية البديهية معياراً لمجتمع يتأثر بهذه الوسائل. فهي قدمت السطحية والقشور على غيرها من القيم، فأدخلت الناس في نفق من الصعب الخروج منه في غالبية الأحيان.
يأتي فيلم «كذبة كبيرة» للمخرج نديم مهنا، الذي انتهى مؤخراً من تصويره، ليضع الأصبع على الجرح. فينقل واقعاً فيه الكثير من الجنون، بعدما استطاعت وسائل التواصل الاجتماعي اختراق حياة الناس والتبديل في سلوكهم.
عادة ما تحمل أعمال نديم مهنا من درامية وسينمائية، رسائل اجتماعية وإنسانية. وفي «كذبة كبيرة» كما يقول لـ«الشرق الأوسط»، الرسالة واضحة، وسيلمسها مشاهد الفيلم مباشرة. ويتابع: «الفكرة ولدت عندي خلال مراقبتي الحثيثة لسلوك البعض تجاه هذه الوسائل والتطبيقات الإلكترونية. استعنت بالكاتب والممثل فؤاد يمين لترجمتها ونقلها على الورق. كما اخترت نماذج مختلفة من ممثلين ناشطين على هذه الوسائل، ولديهم قاعدة شعبية لا يستهان بها. فهم بذلك كانت لديهم القدرة على استيعاب موضوع العمل. وبذلك انبثق الإطار العام الذي أرغب به لدوران كاميرتي كما تخيلته بالضبط. واضطررت مرات أن أخفف من حدة بعض القصص التي يتضمنها النص، كي تتلاءم مع مجتمعاتنا بشكل عام».
يشارك في هذا الفيلم الذي يتناول قصصاً مختلفة تحكي عن علاقة وطيدة تربط أصحابها بـ«السوشيال ميديا» هبة نور وفؤاد يمين ولورا خباز وساندي فرح ومجدي مشموشي، وأسعد رشدان وشربل زيادة وألكو داود وغيرهم. وكذلك يطل من خلاله المغني نجم «آراب أيدول» يعقوب شاهين، لأول مرة كممثل.
ويعلق مهنا: «لقد اخترت باقة من ممثلين لبنانيين وعرب، كي يكونوا بمثابة نماذج حقيقية وواقعية من عالمنا العربي. ولفتني شاهين بموهبته الغنائية وبشكله الخارجي الذي يتفاعل مع الكاميرا. أما هبة نور فهي من أبرز الممثلات اليوم في العالم العربي، فيما أجد في ساندي فرح التقاء الجمال والذكاء لتجسيد شخصيتها في الفيلم. فجميع الممثلين لديهم الخلفية الفنية المطلوبة. كما استعنت بأسماء جديدة تدخل عالم السينما لأول مرة مثل نازيلي كسابيان ودايان آبي علام. فلقد تعبت أذني وعيني من نفس الممثلين، والمشاهد بحاجة لوجوه جديدة».
ويصف نديم مهنا الفيلم بواحد من أمتع الأعمال السينمائية التي أخرجها وأنتجها. «كنا عندما نجتمع ونبدأ في التصوير، ننسى كل ما يجري حولنا من مشاكل، ونغوص في عالم آخر. فالأجواء كانت رائعة، والممثلون انخرطوا في العمل حتى آخر حدود، وعاشوا قصة الفيلم بواقعية». ويشير كاتب الفيلم وأحد أبطاله فؤاد يمين، إلى أن الموضوع الرئيس في فيلم «كذبة كبيرة» هو وسائل التواصل الاجتماعي وأثرها السلبي والإيجابي على الناس. وتترجم كاميرا المخرج نديم مهنا، قصصاً من الواقع تتعرض لمواقف ترتبط ارتباطاً مباشراً بالسوشيال ميديا. وعن دوره في الفيلم يقول، «أجسد شخصية لها علاقة بكواليس وسائل التواصل الاجتماعي. الدور لذيذ وخفيف الظل». أما الصعوبات التي واجهها في كتابته، فيختصرها بـ«كمية أفكار كبيرة وداتا واسعة طرحها، استعنا بها كي نستطيع ملامسة شرائح اجتماعية مختلفة. والصعوبة كانت تكمن في كيفية جمعها مع معلومات كثيرة في مدة قصيرة».
من ناحيتها، ترى الممثلة لورا خباز، أن مشاركتها في «كذبة كبيرة» تأتي بعد غياب عن السينما. وتضيف: «أعجبني موضوع الفيلم منذ قراءتي الأولى له. فجذبني وهو ما دفعني إلى المشاركة فيه من دون تردد، لا سيما أنه يحكي واقعاً نعيشه. فكل منا عندما يشاهده سيكتشف فيه قصة شخصية تشبهه أو يعرفها ومرت في حياته. وهو فيلم من نوع (البلاك كوميدي) الذي يحتاجه المشاهد اليوم للترفيه عن نفسه». حالياً تجري عملية المونتاج للفيلم المرتقب عرضه في الصالات اللبنانية والعربية في العام المقبل. ومن المتوقع أن يعرض أيضاً على منصات إلكترونية، وبالتالي على شاشات تلفزة لبنانية وعربية. ويعلق مخرج الفيلم نديم مهنا: «من حق جميع الناس مشاهدته، ولذلك عرضه لن يكون محصوراً بوسيلة وصولاً أيضاً لعرضه على شركات الطيران، إذ إنه من غير المقبول أن تظلم الأفلام السينمائية، وينحصر عرضها في مكان واحد».
ومن الممثلين المشاركين في الفيلم ساندي فرح، التي قالت لـ«الشرق الأوسط»، بأن هذه التجربة كانت جديدة عليها من جميع النواحي. «الشخصية التي ألعبها جميلة ومركبة كونها مهووسة بوسائل التواصل الاجتماعي. وقد وصلت علاقتها بها إلى حد دفعها لإهمال عائلتها. هناك رسالة مهمة نلمسها من خلال الفيلم، لم يسبق أن تم تناولها من قبل، وهو ما يميزه عن غيره من الأفلام».


مقالات ذات صلة

إيلون ماسك ينتقد مقترح أستراليا بحظر منصات التواصل الاجتماعي على الأطفال

العالم إيلون ماسك خلال مؤتمر في فندق بيفرلي هيلتون في بيفرلي هيلز - كاليفورنيا بالولايات المتحدة 6 مايو 2024 (رويترز)

إيلون ماسك ينتقد مقترح أستراليا بحظر منصات التواصل الاجتماعي على الأطفال

انتقد الملياردير الأميركي إيلون ماسك، مالك منصة «إكس»، قانوناً مُقترَحاً في أستراليا لحجب وسائل التواصل الاجتماعي للأطفال دون 16 عاماً.

«الشرق الأوسط» (سيدني)
إعلام تمديد «ميتا» لقيود الإعلانات... هل يحُدّ من «المعلومات المضلّلة»؟

تمديد «ميتا» لقيود الإعلانات... هل يحُدّ من «المعلومات المضلّلة»؟

أثار إعلان شركة «ميتا» تمديد فترة تقييد الإعلانات المتعلقة بالقضايا الاجتماعية أو السياسية لما بعد انتخابات الرئاسة الأميركية، من دون أن تحدّد الشركة وقتاً ...

إيمان مبروك (القاهرة)
يوميات الشرق لوسائل التواصل دور محوري في تشكيل تجارب الشباب (جمعية علم النفس الأميركية)

«لايك» التواصل الاجتماعي يؤثر في مزاج الشباب

كشفت دراسة أن الشباب أكثر حساسية تجاه ردود الفعل على وسائل التواصل الاجتماعي، مثل الإعجابات (لايك)، مقارنةً بالبالغين... ماذا في التفاصيل؟

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
مذاقات الشيف دواش يرى أنه لا يحق للبلوغرز إعطاء آرائهم من دون خلفية علمية (انستغرام)

من يخول بلوغرز الطعام إدلاء ملاحظاتهم السلبية والإيجابية؟

فوضى عارمة تجتاح وسائل التواصل التي تعجّ بأشخاصٍ يدّعون المعرفة من دون أسس علمية، فيطلّون عبر الـ«تيك توك» و«إنستغرام» في منشورات إلكترونية ينتقدون أو ينصحون...

فيفيان حداد (بيروت)
مبنى لجنة التجارة الفيدرالية في واشنطن - 4 مارس 2012 (رويترز)

لجنة التجارة الفيدرالية الأميركية تتهم وسائل التواصل الاجتماعي العملاقة ﺑ«مراقبة المستخدمين»

أفادت لجنة التجارة الفيدرالية الأميركية بأن وسائل التواصل الاجتماعي العملاقة انخرطت في «عملية مراقبة واسعة النطاق» لكسب المال من المعلومات الشخصية للأشخاص.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

بارود «النار بالنار» موهبة صاعدة لفتت المشاهد

عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
TT

بارود «النار بالنار» موهبة صاعدة لفتت المشاهد

عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)

منذ الحلقة الأولى لمسلسل «النار بالنار» لفت تيم عزيز المشاهد في دور (بارود). فهو عرف كيف يتقمص شخصية بائع اليانصيب (اللوتو) بكل أبعادها. فألّف لها قالباً خاصاً، بدأ مع قَصة شعره ولغة جسده وصولاً إلى أدائه المرفق بمصطلحات حفظها متابع العمل تلقائياً.
البعض قال إن دخول تيم عزيز معترك التمثيل هو نتيجة واسطة قوية تلقاها من مخرج العمل والده محمد عبد العزيز، إلا أن هذا الأخير رفض بداية مشاركة ابنه في العمل وحتى دخوله هذا المجال. ولكن المخرج المساعد له حسام النصر سلامة هو من يقف وراء ذلك بالفعل. ويقول تيم عزيز لـ«الشرق الأوسط»: «حتى أنا لم أحبذ الفكرة بداية. لم يخطر ببالي يوماً أن أصبح ممثلاً. توترت كثيراً في البداية وكان همي أن أثبت موهبتي. وفي اليوم الخامس من التصوير بدأت ألمس تطوري».
يحدثك باختصار ابن الـ15 سنة ويرد على السؤال بجواب أقصر منه. فهو يشعر أن الإبحار في الكلام قد يربكه ويدخله في مواقف هو بغنى عنها. على بروفايل حسابه الإلكتروني «واتساب» دوّن عبارة «اخسر الجميع واربح نفسك»، ويؤكد أن على كل شخص الاهتمام بما عنده، فلا يضيع وقته بما قد لا يعود ربحاً عليه معنوياً وفي علاقاته بالناس. لا ينكر أنه بداية، شعر بضعف في أدائه ولكن «مو مهم، لأني عرفت كيف أطور نفسي».
مما دفعه للقيام بهذه التجربة كما يذكر لـ«الشرق الأوسط» هو مشاركة نجوم في الدراما أمثال عابد فهد وكاريس بشار وجورج خباز. «كنت أعرفهم فقط عبر أعمالهم المعروضة على الشاشات. فغرّني الالتقاء بهم والتعاون معهم، وبقيت أفكر في الموضوع نحو أسبوع، وبعدها قلت نعم لأن الدور لم يكن سهلاً».
بنى تيم عزيز خطوط شخصيته (بارود) التي لعبها في «النار بالنار» بدقة، فتعرف إلى باعة اليناصيب بالشارع وراقب تصرفاتهم وطريقة لبسهم وأسلوب كلامهم الشوارعي. «بنيت الشخصية طبعاً وفق النص المكتوب ولونتها بمصطلحات كـ(خالو) و(حظي لوتو). حتى اخترت قصة الشعر، التي تناسب شخصيتي، ورسمتها على الورق وقلت للحلاق هكذا أريدها».
واثق من نفسه يقول تيم عزيز إنه يتمنى يوماً ما أن يصبح ممثلاً ونجماً بمستوى تيم حسن. ولكنه في الوقت نفسه لا يخفي إعجابه الكبير بالممثل المصري محمد رمضان. «لا أفوت مشاهدة أي عمل له فعنده أسلوبه الخاص بالتمثيل وبدأ في عمر صغير مثلي. لم أتابع عمله الرمضاني (جعفر العمدة)، ولكني من دون شك سأشاهد فيلمه السينمائي (هارلي)».
لم يتوقع تيم عزيز أن يحقق كل هذه الشهرة منذ إطلالته التمثيلية الأولى. «توقعت أن أطبع عين المشاهد في مكان ما، ولكن ليس إلى هذا الحد. فالناس باتت تناديني باسم بارود وتردد المصطلحات التي اخترعتها للمسلسل».
بالنسبة له التجربة كانت رائعة، ودفعته لاختيار تخصصه الجامعي المستقبلي في التمثيل والإخراج. «لقد غيرت حياتي وطبيعة تفكيري، صرت أعرف ماذا أريد وأركّز على هدف أضعه نصب عيني. هذه التجربة أغنتني ونظمت حياتي، كنت محتاراً وضائعاً أي اختصاص سأدرسه مستقبلاً».
يرى تيم في مشهد الولادة، الذي قام به مع شريكته في العمل فيكتوريا عون (رؤى) وكأنه يحصل في الواقع. «لقد نسيت كل ما يدور من حولي وعشت اللحظة كأنها حقيقية. تأثرت وبكيت فكانت من أصعب المشاهد التي أديتها. وقد قمنا به على مدى يومين فبعد نحو 14 مشهداً سابقاً مثلناه في الرابعة صباحاً صورنا المشهد هذا، في التاسعة من صباح اليوم التالي».
أما في المشهد الذي يقتل فيه عمران (عابد فهد) فترك أيضاً أثره عنده، ولكن هذه المرة من ناحية الملاحظات التي زوده بها فهد نفسه. «لقد ساعدني كثيراً في كيفية تلقف المشهد وتقديمه على أفضل ما يرام. وكذلك الأمر بالنسبة لكاريس بشار فهي طبعتني بحرفيتها. كانت تسهّل علي الموضوع وتقول لي (انظر إلى عيني). وفي المشهد الذي يلي مقتلها عندما أرمي الأوراق النقدية في الشارع كي يأخذها المارة تأثرت كثيراً، وكنت أشعر كأنها في مقام والدتي لاهتمامها بي لآخر حد»
ورغم الشهرة التي حصدها، فإن تيم يؤكد أن شيئاً لم يتبدل في حياته «ما زلت كما أنا وكما يعرفني الجميع، بعض أصدقائي اعتقد أني سأتغير في علاقتي بهم، لا أعرف لماذا؟ فالإنسان ومهما بلغ من نجاحات لن يتغير، إذا كان معدنه صلباً، ويملك الثبات الداخلي. فحالات الغرور قد تصيب الممثل هذا صحيح، ولكنها لن تحصل إلا في حال رغب فيها».
يشكر تيم والده المخرج محمد عبد العزيز لأنه وضع كل ثقته به، رغم أنه لم يكن راغباً في دخوله هذه التجربة. ويعلق: «استفدت كثيراً من ملاحظاته حتى أني لم ألجأ إلا نادراً لإعادة مشهد ما. لقد أحببت هذه المهنة ولم أجدها صعبة في حال عرفنا كيف نعيش الدور. والمطلوب أن نعطيها الجهد الكبير والبحث الجدّي، كي نحوّل ما كتب على الورق إلى حقيقة».
ويشير صاحب شخصية بارود إلى أنه لم ينتقد نفسه إلا في مشاهد قليلة شعر أنه بالغ في إبراز مشاعره. «كان ذلك في بداية المسلسل، ولكن الناس أثنت عليها وأعجبت بها. وبعدما عشت الدور حقيقة في سيارة (فولسفاكن) قديمة أبيع اليانصيب في الشارع، استمتعت بالدور أكثر فأكثر، وصار جزءاً مني».
تيم عزيز، الذي يمثل نبض الشباب في الدراما اليوم، يقول إن ما ينقصها هو تناول موضوعات تحاكي المراهقين بعمره. «قد نجدها في أفلام أجنبية، ولكنها تغيب تماماً عن أعمالنا الدرامية العربية».