الاستعانة بنموذج «قصر الحمراء» في عمليات ترميم «القاهرة التاريخية»

تعاون مصري - إسباني لحفظ الخشب الملون والفسيفساء

قصر الحمراء من الداخل (الشرق الأوسط)
قصر الحمراء من الداخل (الشرق الأوسط)
TT

الاستعانة بنموذج «قصر الحمراء» في عمليات ترميم «القاهرة التاريخية»

قصر الحمراء من الداخل (الشرق الأوسط)
قصر الحمراء من الداخل (الشرق الأوسط)

يسعى خبراء الترميم في مصر للاستفادة من التجربة الرائدة لعملية ترميم قصر الحمراء الأثري الإسباني، عبر ورش عمل مشتركة بمتحف الحضارة المصرية ومركز ثربانتيس الثقافي الإسباني بالقاهرة، لتبادل الخبرات بين الجانبين في مجال عمليات الترميم المعقدة.
وأكد كريستيان بيرجر، سفير الاتحاد الأوروبي في القاهرة، الذي افتتح الورشة أمس مع المستشار الثقافي لسفارة إسبانيا بالقاهرة مع مسؤولين مصريين أن «عملية إحياء القاهرة التاريخية، حازت اهتماماً كبيراً، ليس على المستوى المحلي في مصر فحسب، بل من جانب جميع أولئك المهتمين بالحفاظ على التراث الثقافي في العالم أجمع». مضيفاً أن «هذا المشروع يعد جزءاً من تعاون مهم بين الاتحاد الأوروبي ومصر في البحث والابتكار، وفي التراث الثقافي أيضاً، طويل الأجل».
ويشارك في الورشة خبراء ترميم من هيئة تراث قصر الحمراء وجنة العريف، والمركز الدولي لدراسات حفظ وترميم التراث الثقافي. وتعد هذه الورشة فرصة مهمة للمهنيين الأوروبيين والمصريين لمشاركة المعايير والتقنيات الخاصة بالحفاظ على الآثار وترميمها، وبصفة خاصة، تجارب ترميم قصر الحمراء، الذي يعد مرجعية في أوروبا لترميم الفن الإسلامي.
وخلال الورشة المفتوحة للجمهور يشرح الخبراء رؤيتهم في الترميم والحفاظ على الآثار فضلاً عن تقنيات ترميم الآثار من الفسيفساء المطعمة بالقيشاني. ويشارك من الجانب المصري خبراء مرموقين أمثال البروفيسور أسامة طلعت، مدير القطاع الإسلامي والقبطي بالوزارة، والبروفيسور حسن فكري. ويسلط الخبراء الضوء على العلاقة الوثيقة التي أثبتتها الدراسات الحديثة بين فنون العمارة بالقاهرة الفاطمية ونظيرتها الأندلسية في عصر بني نصر، الذين حكموا غرناطة وشيدوا قصر الحمراء وجنة العريف، بحسب المستشار الثقافي للسفارة الإسبانية، كانديدو كريس في كلمته أثناء الافتتاح.
وسوف ينتقل الخبراء من قاعات متحف الحضارة لإجراء زيارات ميدانية للمناطق الأثرية من أبرزها تكية الكلشني، وهو موقع معماري أثري صوفي يرجع للقرن السادس عشر الميلادي.
كما يستضيف مركز ثربانتيس الثقافي الإسباني بالقاهرة خبراء ترميم ورش الخشب الملون والفسيفساء والقيشاني، بهيئة تراث قصر الحمراء وجنة العريف بمدينة غرناطة الإسبانية، لتسليط الضوء على تجارب وأسرار وتقنيات ترميم والحفاظ على معالم قصر الحمراء وجنة العريف.
يذكر أن قصر الحمراء وجنة العريف، من أبرز آثار العمارة المدنية الإسلامية في إسبانيا التي لا تزال تحتفظ ببهائها ورونقها إلى الآن، كما يعد الحفاظ عليها مرجعية أوروبية في هذا المجال.
وخلال النقاشات يوضح الخبراء الإسبان الجهود التي بذلت خلال القرن العشرين لاستعادة هذا المعلم الأثري المهم، وتنظيم زيارته جماهيرياً مع الحفاظ على أصالة طابعه التاريخي وفق معايير دقيقة ومتعددة الرؤى.
وأعادت السلطات الإسبانية فتح قصر الحمراء الأثري في شهر يونيو (حزيران) من العام الماضي، بعد إغلاقه أمام السياح لمدة 3 أشهر بسبب أزمة تفشي فيروس «كورونا»، والقصر مجمع أبنية كانت تعود لحصن روماني أعيد بناؤه خلال إمارة غرناطة الإسلامية في منتصف القرن الثالث عشر، ويعد من أكثر المعالم الأثرية زيارة في إسبانيا، حيث يزوره نحو مليوني زائر سنوياً، وفق تقديرات رسمية إسبانية.



العُلا... إلى تعزيز التبادل الثقافي بين السعودية وفرنسا

جانب من المشاركين في عرض «مسارات» في العلا (الشرق الأوسط)
جانب من المشاركين في عرض «مسارات» في العلا (الشرق الأوسط)
TT

العُلا... إلى تعزيز التبادل الثقافي بين السعودية وفرنسا

جانب من المشاركين في عرض «مسارات» في العلا (الشرق الأوسط)
جانب من المشاركين في عرض «مسارات» في العلا (الشرق الأوسط)

وسط أجواء من العراقة التي تتمثّل بها جبال العلا ووديانها وصحرائها، شمال السعودية، احتفلت، الجمعة، «فيلا الحجر» و«أوبرا باريس الوطنية» باختتام أول برنامج ثقافي قبل الافتتاح في فيلا الحجر، بعرض قدّمته فرقة باليه الناشئين في أوبرا باريس الوطنية.

«فيلا الحجر» التي جاء إطلاقها خلال زيارة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، محافظة العُلا (شمال غربي السعودية)، في 4 من ديسمبر (كانون الأول) الحالي، تعدّ أول مؤسسة ثقافية سعودية - فرنسية تقام في السعودية، لتعزيز الدبلوماسية الثقافية على نطاق عالمي من خلال التعاون والإبداع المشترك، بما يسهم في تمكين المجتمعات ودعم الحوار الثقافي، وتعد أحدث مشروعات الشراكة الاستراتيجية بين «الهيئة الملكية لمحافظة العُلا»، و«الوكالة الفرنسية لتطوير العُلا».

وبمشاركة 9 راقصات و9 راقصين تراوح أعمارهم بين 17 و22 عاماً من خلفيات متنوعة، أدّى الراقصون الناشئون، تحت إشراف مصمم الرقصات الفرنسي نويه سولييه، عرضاً في الهواء الطلق، على الكثبان الرملية، ووفقاً للحضور، فقد نشأ حوار بين حركاتهم والطبيعة الفريدة للصخور والصحراء في العلا، لفت انتباه الجماهير.

تعزيز التبادل الثقافي بين الرياض وباريس

وأكد وجدان رضا وأرنو موراند، وهما القائمان على برنامج «فيلا الحجر» لما قبل الافتتاح الموسم 2023 - 2024 لـ«الشرق الأوسط» أنه «سعياً إلى تحقيق الأهداف الأساسية لبرنامج ما قبل الافتتاح لـ(فيلا الحجر)؛ جاء (مسارات) أول عرض إبداعي للرقص المعاصر تقترحه الفيلا». وحول إسهامات هذا العرض، اعتبرا أنه «سيسهم في تحديد ما يمكن أن تقدمه هذه المؤسسة الثقافية لتعزيز التبادل الثقافي بين السعودية وفرنسا، من خلال فهم العلاقة بأرض العلا التاريخية، وبجعلها ترتبط ارتباطاً وثيقاً بالأجواء الطبيعية للمنطقة وبالبيئة الحضرية».

من جهتها، شدّدت فريال فوديل الرئيسة التنفيذية لـ«فيلا الحجر»، لـ«الشرق الأوسط» على التزامهم «بتقديم عروض لفنون الأداء وتسليط الضوء على الطاقة الإبداعية للمواهب السعودية والفرنسية والدولية» مشيرةً إلى أن شراكة الفيلا مع أوبرا باريس الوطنية، من شأنها أن «تعزِّز وتشجّع التعاون والحوار الثقافي بين السعودية وفرنسا، وعلى نطاق أوسع بين العالم العربي وأوروبا، إلى جانب تشكيل فرصة فريدة لصنع إنجازات ثقافية تتميز بالخبرة في بيئة فريدة ولجمهور من كل الفئات».

«مسارات»

وبينما أعرب حضور للفعالية من الجانبين السعودي والفرنسي، عن إعجاب رافق العرض، واتّسم باستثنائية تتلاءم مع المكان بعمقه التاريخي وتشكيلاته الجيولوجية، أكّد مسؤولون في «فيلا الحجر» أن عرض «مسارات» جاء تحقيقاً للأهداف الأساسية لبرنامج «فيلا الحجر» لما قبل الافتتاح، حيث يعدّ أول عرض إبداعي للرقص المعاصر على الإطلاق تقترحه المؤسسة المستقبلية، وتوقّعوا أن يُسهم العرض في تحديد ما يمكن أن تسهم به هذه المؤسسة الثقافية لتعزيز التبادل الثقافي بين السعودية وفرنسا، من خلال فهم علاقتها بأرض العُلا التاريخية، وبجعلها ترتبط ارتباطاً وثيقاً بالأجواء الطبيعية للمنطقة وبالبيئة الحضرية.

وانتبه الحضور، إلى أنه احتراماً للمكان الغني بالتنوع البيولوجي وبتاريخه الممتد إلى آلاف السنين (العلا)، جاء العرض متحفّظاً وغير تدخلي، فلم تُستخدم فيه معدات موسيقية ولا أضواء، بل كان مجرد عرض مكتف بجوهره، في حين عدّ القائمون على العرض لـ«الشرق الأوسط» أنه حوارٌ مع البيئة الشاسعة التي تحتضنه وليس منافساً لها.

15 لوحاً زجاجياً يشكّلون عملاً فنياً معاصراً في العلا (الشرق الأوسط)

«النفس – لحظات طواها النسيان»

والخميس، انطلق مشروع «النفس – لحظات طواها النسيان» بعرض حي، ودُعي إليه المشاركون المحليون للتفاعل مع المنشأة من خلال التنفس والصوت؛ مما أدى إلى إنتاج نغمات رنانة ترددت في أرجاء الطبيعة المحيطة، ووفقاً للقائمين على المشروع، فإن ذلك يمزج العمل بين التراث، والروحانية، والتعبير الفني المعاصر، مستكشفاً مواضيع خاصة بمنطقة العلا، مثل العلاقة بين الجسد والطبيعة.

وكُشف النقاب عن موقع خاص بالمنشأة والأداء في العلا، حيث يُعدّ المشروع وفقاً لعدد من الحاضرين، عملاً فنياً معاصراً من إنتاج الفنانة السعودية الأميركية سارة إبراهيم والفنان الفرنسي أوغو شيافي.

يُعرض العمل في موقعين مميزين بالعلا، حيث تتكون المنشأة في وادي النعام من 15 لوحاً زجاجياً مذهلاً يخترق رمال الصحراء، بينما تعكس المنحوتات الزجاجية المصنوعة يدوياً جيولوجيا المنطقة في موقع «دار الطنطورة».