نظرية منشأ «كوفيد ـ 19» تثير الجدل مجدداً

العثور على عينات مبكرة من الفيروس في إيطاليا

نظرية منشأ «كوفيد ـ 19» تثير الجدل مجدداً
TT

نظرية منشأ «كوفيد ـ 19» تثير الجدل مجدداً

نظرية منشأ «كوفيد ـ 19» تثير الجدل مجدداً

منذ المراحل الأولى لتفشي فيروس كورونا، انتشرت نظريات المؤامرة حول أصل المرض وحجمه، ما دفع القائمين على الحملات الدعائية بفكرة تقول إن «كوفيد – 19» صُنع وتسرب من منشأة عسكرية بمدينة فريدريك في ولاية ماريلاند على مسافة نحو 80 كيلومتراً إلى الشرق من العاصمة واشنطن. وكانت هذه المنشأة العسكرية في الأساس مركزاً لبرنامج السلاح البيولوجي، وتضم الآن مختبرات للطب الحيوي تُجرى فيها أبحاث تتعلق بالفيروسات. وتحمل هذه المنشأة تاريخاً معقداً مما أسهم في تعزيز الشكوك حولها في الصين.

نسخة إيطالية

لكن في 6 أغسطس (آب) 2021، أفادت نسخة أولية لدراسة نشرت في مجلة The Lancet»» تمت برئاسة إليزابيتا تانزي الأستاذة في قسم العلوم الطبية الحيوية للصحة في جامعة ميلانو بإيطاليا، بأنها هي وزملاؤها عثروا على اكتشاف ضخم محتمل، حينما كان الباحثون يدرسون العينات التي تم جمعها كجزء من مراقبة الحصبة والحصبة الألمانية في إيطاليا.
وأبلغ العلماء عن اكتشاف دليل على مادة وراثية لـفيروس «سارس كوف 2» في عينات من 11 شخصاً تم أخذها قبل الإعلان عن الوباء، حيث تعود الحالة الأولى إلى أواخر صيف 2019، وهذا يعني أن الفيروس كان ينتشر في إيطاليا قبل ذلك بكثير من يوم 8 ديسمبر (كانون الأول)، الذي يُعتقد أنه تاريخ لأول حالة معروفة في مدينة ووهان الصينية.
ومن المحتمل أن تغير هذه النتائج «قواعد اللعبة»، وقد تقلب فهمنا لكيفية ظهور جائحة «كوفيد - 19»، وكيفية انتشاره، وكيفية عمل الفيروس نفسه.
وهذه ليست أول دراسة تفترض أن «كوفيد - 19» كان ينتشر في إيطاليا قبل وقت طويل من الإبلاغ عنه في ووهان. وقد دفعت وسائل الإعلام الحكومية والسلطات في الصين بهذه الدراسات كدليل محتمل على أن الوباء ربما لم ينشأ في ووهان أبداً.

تحليل جيني

إلا أن الجدول الزمني الذي قدمه المؤلفون الإيطاليون أيضاً يثير أسئلة كبيرة عندما قاموا ببناء شجرة لطفرة للفيروس. وهذه الشجرة تشير إلى أن تفشي الفيروس في ووهان قد حدث قبل الانتقال إلى إيطاليا في أكتوبر (تشرين الأول) 2019، وهذا يعني أن الباحثين يجادلون بأن الفيروس جاء من ووهان إلى إيطاليا خلال صيف عام 2019، «وهو ما يتناسب مع أي أمر كنا نشاهده في ذلك الوقت»، كما يقول أندريو رامباوت عالم الأحياء التطورية الجزيئية في جامعة إدنبرة في المملكة المتحدة في بحثه المنشور في يوليو (تموز) 2021 في مجلة «Genome Biology» المختصة ببيولوجيا الجينوم.
وفي الوقت الذي ادعى تسنغ جوانغ كبير علماء الأوبئة سابقاً في المركز الصيني لمراقبة الأمراض والوقاية منها في مؤتمر أكاديمي في نوفمبر (تشرين الثاني) 2020، «أن ووهان كانت المكان الذي تم فيه اكتشاف الفيروس التاجي لأول مرة، لكنها لم تكن المكان الذي نشأ فيه»، أكد ليانغ وانيان رئيس فريق الجانب الصيني من فريق منظمة الصحة العالمية الذي يتتبع أصول الوباء، أن المرحلة التالية من التحقيق يجب إجراؤها في أجزاء أخرى من العالم، حيث تم تحديد انتقال الفيروس على أنه يحدث قبل اكتشافه في ووهان، وهو أشبه برواية أخرى دفعتها السلطات الصينية في وقت سابق مفادها أن الفيروس ربما تم إحضاره إلى الصين على أغذية مجمدة معلبة.
إلا أن جيسي بلوم عالم الوراثة التطورية الفيروسية في مركز «فريد هاتشينسون» لأبحاث السرطان في سياتل بولاية واشنطن الأميركية، يقول إن «هناك أدلة دامغة على أن جائحة (سارس كوف 2) نشأت في الصين، بالتأكيد تقريباً في ووهان»، إذ من الواضح أن محاولات وسائل الإعلام الصينية للقول بأن الوباء ربما نشأ في مكان آخر من العالم هي معلومات مضللة علمياً.


مقالات ذات صلة

«غوغل» تعزز تجربة زوار ومتابعي أولمبياد باريس عبر تقنيات وتحديثات خاصة

تكنولوجيا تقدم «غوغل» التحديثات في الوقت الفعلي والخرائط التفاعلية وخدمات البث ومساعدي الذكاء الاصطناعي لمتابعي الأولمبياد (غوغل)

«غوغل» تعزز تجربة زوار ومتابعي أولمبياد باريس عبر تقنيات وتحديثات خاصة

بمساعدة التكنولوجيا المتقدمة والمنصات الرقمية لـ«غوغل»، يمكن لمشجع أولمبياد باريس في جميع أنحاء العالم البقاء على اتصال واطلاع طوال المباريات.

نسيم رمضان (لندن)
تكنولوجيا «كراود سترايك» هي شركة تكنولوجيا أميركية عملاقة تقدر قيمتها بأكثر من 80 مليار دولار (شاترستوك)

«كراود سترايك»: 97 % من أجهزة استشعار «ويندوز» عادت للعمل

بعد أسبوع من الأزمة المعلوماتية العالمية التي تسببت بها، أعلنت «كراود سترايك» عودة 97 في المائة من أجهزة استشعار «ويندوز» للعمل.

نسيم رمضان (لندن)
تكنولوجيا من السهل على مجرمي الإنترنت اعتراض أو فك تشفير أو اختراق البيانات التي يتم نقلها عبر شبكات الـ«واي فاي» المجانية (شاترستوك)

25 % من شبكات الـ«واي فاي» المجانية في أولمبياد باريس غير آمنة

يلعب توافر نقاط الـ«واي فاي» المجانية دوراً مهماً، وخاصة أثناء الأحداث العامة الكبيرة، لكنها تطرح مخاطر التهديدات الإلكترونية.

نسيم رمضان (لندن)
خاص ينتظر أن يشهد أولمبياد باريس عشرة أضعاف الحوادث السيبرانية التي استهدفت أولمبياد طوكيو (شاترستوك)

خاص 4 مليارات حادث سيبراني متوقع في أولمبياد باريس

فريق «استخبارات التهديدات» والذكاء الاصطناعي في طليعة أسلحة أول مركز موحد للأمن السيبراني في تاريخ الأولمبياد.

نسيم رمضان (لندن)
تكنولوجيا يمكن أن يسهّل التعرف المبكر على المرضى الذين من المرجح أن يتقدموا بسرعة العلاج في الوقت المناسب والمراقبة الدقيقة (شاترستوك)

الذكاء الاصطناعي أكثر دقة بـ3 مرات في التنبؤ بتقدم مرض ألزهايمر

ابتكر باحثون بجامعة كمبردج نموذجاً للتعلم الآلي يمكنه التنبؤ بتطور مشاكل الذاكرة والتفكير الخفيفة إلى مرض ألزهايمر بدقة أكبر من الأدوات السريرية.

نسيم رمضان (لندن)

الجينات المرتبطة بالتوتر والإجهاد قد تساهم في الإصابة بسرطان البروستاتا

الجينات المرتبطة بالتوتر والإجهاد قد تساهم في الإصابة بسرطان البروستاتا
TT

الجينات المرتبطة بالتوتر والإجهاد قد تساهم في الإصابة بسرطان البروستاتا

الجينات المرتبطة بالتوتر والإجهاد قد تساهم في الإصابة بسرطان البروستاتا

وجدت دراسة حديثة أن العيش في الأحياء المحرومة يرتبط بزيادة نشاط الجينات المرتبطة بالتوتر، مما قد يساهم في ارتفاع معدلات سرطان البروستاتا العدواني لدى الرجال الأميركيين من أصل أفريقي.

عوامل بيئية مؤثرة

سلطت الدراسة الضوء على التأثير الكبير للعوامل البيئية والاجتماعية والاقتصادية على التعبير الجيني والنتائج الصحية، حيث يعاني الرجال الأميركيون من أصول أفريقية من ارتفاع معدلات الإصابة بسرطان البروستاتا. كما أنهم أكثر عرضة للوفاة بسبب هذا المرض بأكثر من الضعف، مقارنة بالرجال البيض في الولايات المتحدة، وغالباً ما يتم تشخيص إصابتهم بسرطان شرس في سن مبكرة. لكن الأسباب غير مفهومة جيداً

ونشرت الدراسة في مجلة JAMA Network Open في 12 يوليو(تموز) 2024، وأجرتها كلية الطب بجامعة ميريلاند وجامعة فرجينيا كومنولث في الولايات المتحدة برئاسة كبيرة المؤلفين الدكتورة كاثرين هيوز باري، الأستاذة المساعدة في قسم علم الأوبئة والصحة العامة وباحثة في علم وبائيات السرطان في مركز السرطان الشامل بجامعة ميريلاند.

زيادة النشاط الجيني المرتبط بالتوتر

وقامت الدراسة بتحليل أنسجة الورم لدى 218 رجلاً مصاباً بسرطان البروستاتا. وحددت 290 متغيراً جينياً مرتبطاً بالمرض بما في ذلك 115 متغيراً جديداً.

وقد ارتبطت خمسة جينات ذات تعبير أعلى في هذه الدراسة بالالتهاب، وهو أمر مرتبط بسرطان البروستاتا من بين حالات صحية أخرى. وتم ربط زيادة الالتهاب بزيادة فرصة الإصابة بسرطان البروستاتا أو زيادة احتمال تطور السرطان لدى الرجال المصابين بالمرض. ولوحظ نشاط أعلى للجينات المرتبطة بالتوتر لدى الأفراد من الأحياء المحرومة وهو أكثر شيوعاً بين الأميركيين من أصل أفريقي

وكان الجين ذو الرابط الأقوى هو HTR6 وهو جزء من مسار السيروتونين الذي يساعد على نقل الرسائل بين الدماغ وأجزاء أخرى من الجسم كما يساهم أيضاً في مسارات أخرى يُعتقد أنها تساعد في تنظيم الاستجابة المناعية للجسم. وقد تم ربط مجموعة الجينات HTR المختلفة بسرطان البروستاتا القاتل.

ويعتقد أن هذا المستقبل، أي HTR6، ينظم انتقال الخلايا العصبية في الدماغ. وهناك درجة عالية من الانجذاب لهذا المستقبل لدى العديد من مضادات الاكتئاب والأدوية المضادة للذهان.

تحليل 105 جينات

وقالت كاثرين باري إن هذه الدراسة الرصدية التي حللت 105 جينات مرتبطة بالإجهاد من أكثر من 200 رجل أميركي من أصل أفريقي ورجل أبيض مصابين بسرطان البروستاتا، هي من بين أولى الدراسات التي تشير إلى وجود صلة محتملة بين العوامل الاجتماعية والاقتصادية وتعبير الحامض النووي الريبي (RNA) في أورام البروستاتا. إذ إن هذا الحامض يأتي من الحامض النووي دي إن إيه (DNA) ويشارك في إنتاج البروتينات التي تساعد الخلية على أداء وظيفتها.

ومن بين 218 رجلاً مصاباً بسرطان البروستاتا الذين خضعوا لعملية استئصال البروستاتا الجذري لإزالتها كان 168 أي 77 في المائة عرقهم كأميركيين من أصل أفريقي بينما أفاد الـ50 مريضاً الباقين بأن عرقهم أبيض.

وقام الباحثون بتقييم الأحياء التي يعيش فيها المرضى وقت تشخيصهم بالاعتماد على مؤشرين يقيسان الحرمان في الأحياء مع الأخذ في الاعتبار الدخل والتعليم والتوظيف وجودة السكن كما نظروا في الفصل العنصري، وهو فصل الناس إلى مجموعات عرقية في الحياة اليومية، إذ يمكن أن يشمل الفصل المكاني للأعراق والاستخدام الإلزامي للمؤسسات المختلفة مثل المدارس والمستشفيات من قبل أشخاص من أعراق مختلفة والتي تم فيها حرمان بعض الأحياء بشكل منهجي من طلبات الرهن العقاري أو إعادة التمويل وغالباً ما يكون ذلك على أساس العرق.

الارتباط بمخاطر الالتهاب والسرطان

وحول ظهور خمسة جينات مرتبطة بالالتهاب ترتبط بزيادة خطر الإصابة بسرطان البروستاتا العدواني وارتباط الجين HTR6 بقوة بخطر الإصابة بسرطان البروستاتا، قالت كاثرين باري إن مستويات الحامض النووي الريبي (RNA) التي تنتجها الجينات يمكن أن تتغير استجابة للعوامل البيئية المختلفة وأضافت: «يمكن أن تتغير مستويات الحامض النووي الريبي (RNA) لدى الفرد استجابة للتوتر. ونحن وآخرون نفترض أن التأثيرات البيولوجية الناتجة مثل زيادة الالتهاب قد تساهم في زيادة خطر الإصابة بسرطان البروستاتا العدواني».

الفوارق العرقية

وتشير النتائج إلى تدخلات مستهدفة لمعالجة المسارات الوراثية المرتبطة بالتوتر في المجتمعات المحرومة مما قد يقلل من التفاوتات في السرطان كما أنها تسلط الضوء على أهمية تحسين الظروف المعيشية والعوامل الاجتماعية والاقتصادية لتعزيز النتائج الصحية للأقليات. وتدعو إلى إجراء دراسات أوسع لفهم التفاعل بين العوامل البيئية والتعبير الجيني وتوجيه الاستراتيجيات الرامية إلى التخفيف من الفوارق الصحية.

حقائق

115

متغيراً جينياً جديداً مرتبطاً بالمرض حددته الدراسة

حقائق

5

جينات ذات تعبير أعلى في هذه الدراسة ترتبط بالالتهاب وهو أمر مرتبط بدوره بسرطان البروستاتا

حقائق

105

جينات مرتبطة بالإجهاد حللتها الدراسة