الحكومة اللبنانية لتدشين مهامها بتشكيل فريق العمل الاقتصادي

بهدف تسريع إعادة صوغ خطة التعافي والتفاوض مع «النقد الدولي»

TT

الحكومة اللبنانية لتدشين مهامها بتشكيل فريق العمل الاقتصادي

تعتزم الحكومة اللبنانية، في أولى جلساتها منتصف الأسبوع المقبل بعد نيل ثقة المجلس النيابي المتوقعة غداً (الاثنين)، تأكيد جديتها بسلوك خيار «معا للإنقاذ»، عبر المبادرة إلى تشكيل فريق العمل الاقتصادي الذي سيعكف على إعادة هيكلة خطة «التعافي» التي اعتمدتها الحكومة السابقة وحظيت بقبول مبدئي من قبل صندوق النقد الدولي، إنما عابها تعدد المقاربات بين أعضاء الفريق الواحد، وبما يشمل الأولويات واختلاف تقديرات الخسائر المحققة، لتخلص المفاوضات المباشرة إلى التجميد الرسمي عقب كارثة انفجار مرفأ بيروت واستقالة حكومة حسان دياب.
وفي معلومات سياسية أكدتها «الشرق الأوسط» مع مسؤولين معنيين في القطاع المالي، تنطلق التوجهات المحدثة التي يتولى رئيس الحكومة نجيب ميقاتي إدارتها مباشرة، من «ضرورة تغيير منهجية الصدام غير المبرر مع الشركاء المحليين الذي أرخى بظلاله السلبية على جولات المفاوضات قبيل تعثرها. وهذا ما يقتضي إشراك السلطة التشريعية ممثلة بلجنة المال النيابية بصوغ التعديلات المتوخاة على الخطة، وضم تقييماتها وملاحظاتها على الخطة السابقة، إلى أوراق العمل. كذلك مراعاة مشاركة البنك المركزي والجهاز المصرفي في المناقشات والخلاصات والتقديرات الواقعية للخسائر».
وعلم أن الاتجاه الرسمي يميل إلى تسمية نائب رئيس الحكومة سعادة الشامي - لا يحمل حقيبة وزارية - رئيساً للجنة وزارية مختصة ومنسقاً للفريق الاقتصادي والذي سيكلف لاحقاً التفاوض مع إدارة الصندوق، مع ترجيح تسمية الأعضاء من وزير المال يوسف خليل، ووزير الاقتصاد أمين سلام، ووزير الطاقة وليد فياض، ووزير الشؤون الاجتماعية هيكتور حجار، وحاكم مصرف لبنان رياض سلامة، مع إمكانية ضم أعضاء رديفين ومعنيين من وزراء ومسؤولين إضافيين من القطاعين العام والخاص عند الاقتضاء وبحسب موضوعات جدول أعمال الجلسات الذي سيتم وضعه وتنسيقه مع إدارة الصندوق.
ومع التزام الحكومة المعلن والمرتقب خلال دخوله حيز التنفيذ خلال أسابيع قليلة وبما لا يتعدى الشهر، باستئناف التفاوض مع صندوق النقد الدولي للوصول إلى اتفاق على خطة دعم من الصندوق تعتمد برنامجاً إنقاذياً قصيراً ومتوسط الأمد ينطلق من خطة التعافي بعد تحديثها ويتزامن مع المباشرة بتطبيق الإصلاحات في المجالات كافة والتي باتت معروفة ووفقاً للأولويات الملحة بما يحقق المصلحة العامة، ردت إدارة الصندوق التحية بالإفصاح عن حصول بعض الاتصالات الودية مع أعضاء في الحكومة وإبلاغهم بالاستعداد للانخراط والتأهب للتعاون في المفاوضات المشتركة.
وفي تقييم مسبق لهذه التوجهات، قدرت مؤسسة «موديز» للتصنيف الائتماني، أن تشكيل الحكومة يشكل خطوة أولى فقط نحو إيقاف الانهيار الاقتصادي وإعادة هيكلة الدين ونقل البلاد نحو نموذج نمو أكثر استدامة يركز على الإنتاج المحلي.
لكنها نوهت في أحدث تقرير لها، إلى أن وضع لبنان السيئ قد تفاقم نتيجة استنزاف احتياطياته بالعملة الأجنبية مع اشتراط صندوق النقد الدولي تنفيذ إصلاحات عدة قبل الإفراج عن أي مساعدات بحيث تتضمن هذه الإصلاحات تطوير أنظمة الحوكمة والبدء بالتدقيق في حسابات مصرف لبنان والمؤسسات التابعة للدولة وتصحيح المالية العامة عبر إعادة هيكلة الدين وإلغاء تعدد أسعار الصرف وتطبيق قيود رسمية على تحويل الرساميل.
وفي تقريره الخاص عن لبنان، لاحظ «بنك أوف أميركا» أن تشكيل الحكومة الذي طال انتظاره وأنهى 13 شهراً من الفراغ، سيؤمن بعض الاستقرار الاقتصادي ويتيح الفرصة للبدء بمحادثات مع الدائنين الدوليين. بيد أن وجود عوامل كالسجل التاريخي الضعيف وقرب الانتخابات النيابية والتأثير القوي للطبقة السياسية «قد يطيح فرص القيام بإصلاحات جوهرية». كما أن انهماك الحكومة بالتحضير للانتخابات المقبلة «قد يخفف من فرصة إنجاز اتفاق شامل مع صندوق النقد، غير أن هذه الوتيرة قد تتسارع بعد هذا الاستحقاق». مع التنويه بأن تعيين المدير التنفيذي السابق للعمليات المالية في مصرف لبنان كوزير مالية قد يساعد في توحيد وجهات النظر بين وزارة المالية والبنك المركزي حيال المفاوضات مع الصندوق.
وفي السياق عينه، ورغم أجواء التفاؤل التي رصدها معهد التمويل الدولي في أحدث تقرير له حول تشكيل الحكومة، فقد حذر بدوره من تبعات عدم اليقين حول إمكانية التوصل إلى اتفاق مع الصندوق لانتشال الاقتصاد من أزمته الحالية، مشيراً إلى أن الحكومة قد تفشل في تنفيذ الإصلاحات الاقتصادية والمالية الأساسية. ومؤكداً أن بنود إعادة الهيكلة المقترحة في الخطة السابقة للميزانيات العمومية للبنوك التجارية ومصرف لبنان، بما في ذلك توزيع الخسائر، بحاجة إلى إعادة نظر وتوصل إلى اتفاق بين الحكومة والبنك المركزي حول الأرقام قبل استئناف المفاوضات.



اليمن يطالب بتوسيع التدخلات الأممية الإنسانية في مأرب

نقص التمويل أدى إلى خفض المساعدات وحرمان الملايين منها (إعلام حكومي)
نقص التمويل أدى إلى خفض المساعدات وحرمان الملايين منها (إعلام حكومي)
TT

اليمن يطالب بتوسيع التدخلات الأممية الإنسانية في مأرب

نقص التمويل أدى إلى خفض المساعدات وحرمان الملايين منها (إعلام حكومي)
نقص التمويل أدى إلى خفض المساعدات وحرمان الملايين منها (إعلام حكومي)

طالبت السلطة المحلية في محافظة مأرب اليمنية (شرق صنعاء) صندوق الأمم المتحدة للسكان بتوسيع تدخلاته في المحافظة مع استمرار تدهور الوضع الاقتصادي والإنساني للنازحين، وقالت إن المساعدات المقدمة تغطي 30 في المائة فقط من الاحتياجات الأساسية للنازحين والمجتمع المضيف.

وبحسب ما أورده الإعلام الحكومي، استعرض وكيل محافظة مأرب عبد ربه مفتاح، خلال لقائه مدير برنامج الاستجابة الطارئة في صندوق الأمم المتحدة للسكان عدنان عبد السلام، تراجع تدخلات المنظمات الأممية والدولية ونقص التمويل الإنساني.

مسؤول يمني يستقبل في مأرب مسؤولاً أممياً (سبأ)

وطالب مفتاح الصندوق الأممي بتوسيع الاستجابة الطارئة ومضاعفة مستوى تدخلاته لتشمل مجالات التمكين الاقتصادي للمرأة، وبرامج صحة الأم والطفل، وبرامج الصحة النفسية، وغيرها من الاحتياجات الأخرى.

ومع إشادة المسؤول اليمني بالدور الإنساني للصندوق في مأرب خلال الفترة الماضية، وفي مقدمتها استجابته الطارئة لاحتياجات الأسر عقب النزوح، بالإضافة إلى دعم مشاريع المرأة ومشاريع تحسين سبل العيش للفئات الضعيفة والمتضررة، أكد أن هناك احتياجات وتحديات راهنة، وأن تدخلات المنظمات الدولية غالباً ما تصل متأخرة ولا ترقى إلى نسبة 30 في المائة من حجم الاحتياج القائم.

وحمّل وكيل محافظة مأرب هذا النقص المسؤولية عن توسع واستمرار الفجوات الإنسانية، وطالب بمضاعفة المنظمات من تدخلاتها لتفادي وقوع مجاعة محدقة، مع دخول غالبية النازحين والمجتمع المضيف تحت خط الفقر والعوز في ظل انعدام الدخل وانهيار سعر العملة والاقتصاد.

آليات العمل

استعرض مدير برنامج الاستجابة في صندوق الأمم المتحدة للسكان خلال لقائه الوكيل مفتاح آليات عمل البرنامج في حالات الاستجابة الطارئة والسريعة، إلى جانب خطة الأولويات والاحتياجات المرفوعة من القطاعات الوطنية للصندوق للعام المقبل.

وأكد المسؤول الأممي أن الوضع الإنساني الراهن للنازحين في المحافظة يستدعي حشد المزيد من الدعم والمساعدات لانتشال الأسر الأشد ضعفاً وتحسين ظروفهم.

النازحون في مأرب يعيشون في مخيمات تفتقر إلى أبسط مقومات الحياة (إعلام محلي)

وكانت الوحدة الحكومية المعنية بإدارة مخيمات النازحين قد ذكرت أن أكثر من 56 ألف أسرة بحاجة ملحة للغذاء، وأكدت أنها ناقشت مع برنامج الغذاء العالمي احتياجات النازحين وتعزيز الشراكة الإنسانية في مواجهة الفجوة الغذائية المتزايدة بالمحافظة، ومراجعة أسماء المستفيدين الذين تم إسقاط أسمائهم من قوائم البرنامج في دورته الأخيرة، وانتظام دورات توزيع الحصص للمستفيدين.

من جهته، أبدى مكتب برنامج الأغذية العالمي في مأرب تفهمه لطبيعة الضغوط والأعباء التي تتحملها السلطة المحلية جراء الأعداد المتزايدة للنازحين والطلب الكبير على الخدمات، وأكد أنه سيعمل على حشد المزيد من الداعمين والتمويلات الكافية، ما يساعد على انتظام توزيع الحصص الغذائية في حال توفرها.

خطط مستقبلية

بحث وكيل محافظة مأرب، عبد ربه مفتاح، في لقاء آخر، مع الرئيس الجديد لبعثة المنظمة الدولية للهجرة في اليمن، عبد الستار يوسف، الوضع الإنساني في المحافظة، وخطط المنظمة المستقبلية للتدخلات الإنسانية خصوصاً في مجال مشاريع التنمية المستدامة والتعافي المجتمعي والحاجة لتوسيع وزيادة حجم المساعدات والخدمات للنازحين واللاجئين والمجتمع المضيف، وتحسين أوضاع المخيمات وتوفير الخدمات الأساسية.

وكيل محافظة مأرب يستقبل رئيس منظمة الهجرة الدولية في اليمن (سبأ)

وطبقاً للإعلام الحكومي، قدّم الوكيل مفتاح شرحاً عن الوضع الإنساني المتردي بالمحافظة التي استقبلت أكثر من 62 في المائة من النازحين في اليمن، وزيادة انزلاقه إلى وضع أسوأ جراء تراجع المساعدات الإنسانية، والانهيار الاقتصادي، والمتغيرات المناخية، واستمرار النزوح إلى المحافظة.

ودعا الوكيل مفتاح، المجتمع الدولي وشركاء العمل الإنساني إلى تحمل مسؤولياتهم الأخلاقية في استمرار دعمهم وتدخلاتهم الإنسانية لمساندة السلطة المحلية في مأرب لمواجهة الأزمة الإنسانية.

وأكد المسؤول اليمني أن السلطة المحلية في مأرب ستظل تقدم جميع التسهيلات لإنجاح مشاريع وتدخلات جميع المنظمات الإنسانية، معرباً عن تطلعه لدور قوي وفاعل للمنظمة الدولية للهجرة، إلى جانب الشركاء الآخرين في العمل الإنساني في عملية حشد المزيد من الموارد.

حريق في مخيم

على صعيد آخر، التهم حريق في محافظة أبين (جنوب) نصف مساكن مخيم «مكلان»، وألحق بسكانه خسائر مادية جسيمة، وشرد العشرات منهم، وفق ما أفاد به مدير وحدة إدارة المخيمات في المحافظة ناصر المنصري، الذي بين أن الحريق نتج عن سقوط سلك كهربائي على المساكن المصنوعة من مواد قابلة للاشتعال، مثل القش والطرابيل البلاستيكية.

مخيم للنازحين في أبين احترق وأصبح نصف سكانه في العراء (إعلام محلي)

وبحسب المسؤول اليمني، فإن نصف سكان المخيم فقدوا مساكنهم وجميع ممتلكاتهم، بما فيها التموينات الغذائية، وأصبحوا يعيشون في العراء في ظل ظروف إنسانية قاسية. وحذر من تدهور الوضع الصحي مع زيادة انتشار الأوبئة وانعدام الخدمات الأساسية.

وطالب المسؤول السلطات والمنظمات الإنسانية المحلية والدولية بسرعة التدخل لتقديم الدعم اللازم للمتضررين، وفي المقدمة توفير مأوى طارئ ومساعدات غذائية عاجلة، إلى جانب المياه الصالحة للشرب، والأغطية، والأدوية.