الأمم المتحدة تبحث غداً المناخ والجائحة والتوترات الدولية

حضور شخصي وافتراضي لأعمال «الجمعية العامة»

TT

الأمم المتحدة تبحث غداً المناخ والجائحة والتوترات الدولية

تفتتح صباح غد الثلاثاء الاجتماعات رفيعة المستوى للدورة السنوية الـ76 للجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك بحضور شخصي من عشرات الملوك والأمراء ورؤساء الدول والحكومات والمئات من المسؤولين الكبار من كل أنحاء العالم، لبحث عدد من القضايا الدولية تشمل المناخ وجائحة «كورونا» وأفغانستان والأزمة النووية مع إيران والنزاعات والتوترات الدولية، وآخرها الخلاف الكبير عبر الأطلسي بين واشنطن وباريس على خلفية التحالفات الجديدة في منطقة المحيطين الهندي والهادئ.
وتجيء هذه الدورة وسط مخاوف من إمكان تحول المناسبة إلى بؤرة لتفشي المتحور «دلتا» من فيروس «كورونا»، الذي سيحتل حيزاً من المناقشات. وكانت الدورة الـ75 للعام الماضي عقدت افتراضياً بسبب الظروف التي رافقت التفشي الواسع لفيروس «كورونا» وأرسل الزعماء أشرطة فيديو مسجلة عوض الحضور الشخصي. غير أن المناسبة هذه السنة ستكون خليطاً بين الحضور الشخصي لعدد محدود من ممثلي الدول الـ193 الأعضاء والمنظمات الدولية والإقليمية والمحلية المعنية.

بايدن وبولسونارو
ومن المقرر أن يحضر الرئيس الأميركي جو بايدن شخصياً غداً لإلقاء كلمة هي الأولى له كرئيس أمام الجمعية العامة. غير أن التقليد المتعارف عليه في هذا المنتدى الدولي الأرفع والأكبر عالمياً أن يسبقه إلى الكلام على المنبر ذاته الرئيس البرازيلي خايير بولسونارو الذي أكد أن سيحضر رغم أنه لم يتلق التلقيح ضد كورونا، علماً أنه أصيب سابقاً بالفيروس.
ووفقاً لائحة المشاركين، يتوقع حضور نحو 80 من زعماء الدول والحكومات الآخرين، مثل رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون، بالإضافة إلى عدد من زعماء العالم العربي، بينهم أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي والملك عبد الله الثاني بن الحسين والرؤساء التونسي قيس سعيد والصومالي محمد عبد الله محمد واللبناني ميشال عون والفلسطيني محمود عباس ورؤساء الوزراء الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد الصباح والسوداني عبد الله حمدوك والعراقي مصطفى الكاظمي. ومن المقرر أن يشارك الرئيس التركي رجب طيب إردوغان. وقرر الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي عدم الحضور بسبب المخاوف المتعلقة بـ«كورونا»، وفقاً لناطق باسمه.
وقرر الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون عدم السفر إلى نيويورك، لكنه سيلقي كلمة عبر الفيديو. ويتطلع المراقبون إلى سماعه بعد الخلاف الفرنسي - الأميركي. ولن يحضر الرئيس الصيني شي جينبينغ أو الرئيس الروسي فلاديمير بوتين هذا الاجتماع. وأكدت السفيرة الأميركية أن الرئيس بايدن سيبقى ليوم واحد فقط في نيويورك، من دون أن يتضح ما إذا كان سيعقد أي اجتماعات ثنائية أو متعددة الأطراف على هامش الاجتماعات الرفيعة المستوى.
وأعاد بايدن، الذي وعد بالاهتمام بالتحالفات الدولية، الولايات المتحدة إلى اتفاقية باريس للمناخ برعاية الأمم المتحدة، وعكس خطوة للخروج من منظمة الصحة العالمية، وتقود إدارته حملة للحصول على مقعد لبلاده في مجلس الأمم المتحدة لحقوق الإنسان بعد انسحاب واشنطن من هذا المنتدى في عهد الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب. وتضغط إدارة بايدن على الصين لتقديم التزامات بشأن انبعاثات غازات الاحتباس الحراري، وكشف المزيد من المعلومات حول أصل جائحة «كوفيد - 19» والتوقف عن تقويض الحكم الذاتي لهونغ كونغ ووقف «الإبادة الجماعية» ضد الأقليات المسلمة في منطقة شينجيانغ الصينية.

تحالفات المحيطين الهندي والهادئ
وسيستضيف بايدن الجمعة قمة افتراضية لزعماء الرباعي المؤلف من أستراليا والهند واليابان والولايات المتحدة. وفي خطابه، يتوقع أن يركز بايدن على الجائحة وتغير المناخ. وسيضغط على الحكومات الأخرى - بما في ذلك الصين ونظام «طالبان» في أفغانستان - بشأن قضايا حقوق الإنسان.
وأعلنت وزارة الخارجية الأميركية أن الوزير أنطوني بلينكن سيمضي ثلاثة أيام في نيويورك، وسيشارك في العديد من الاجتماعات. ويترقب المتابعون اجتماعاً ثنائياً محتملاً مع نظيره الفرنسي جان إيف لودريان في ضوء الخلاف الكبير الذي دب بين واشنطن وباريس على إثر إعلان بايدن التحالف الأمني الجديد بين الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وأستراليا، وقرار الأخيرة الاستغناء عن صفقة غواصات قيمتها عشرات المليارات من الدولارات مع فرنسا. ويعقد لودريان مؤتمراً صحافياً اليوم في نيويورك.
ورداً على سؤال «الشرق الأوسط» حول التوتر الأخير بين الولايات المتحدة وفرنسا، قالت توماس غرينفيلد إن لديها «علاقة عمل وعلاقة شخصية وثيقة جداً» مع نظيرها الفرنسي نيكولا دو ريفيير، لافتة إلى أن كبار المسؤولين في إدارة بايدن «على اتصال» مع نظرائهم الفرنسيين لمناقشة الإعلان عن التحالف بين الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وأستراليا. وأكدت «أننا نتعاون بشكل وثيق مع فرنسا في شأن الأولويات المشتركة، في منطقة المحيطين الهندي والهادئ». ورأت أن «الأصدقاء الحميمين لديهم خلافات» لكن «سنواصل العمل مع زملائنا الفرنسيين في مجالات التعاون ومعالجة أي توترات في علاقتنا، ولا نرى أن تلك التوترات تغير طبيعة صداقتنا».

المناخ والصين
وذكرت توماس غرينفيلد أن بايدن وبلينكن والمبعوث الأميركي الخاص للمناخ جون كيري ومسؤولين آخرين سيشاركون في الاجتماعات، موضحة أن بايدن «سيتحدث عن أولوياتنا القصوى، وإنهاء الجائحة ومكافحة تغير المناخ»، بالإضافة إلى «الدفاع عن حقوق الإنسان والديمقراطية والنظام القائم على القواعد الدولية». واعتبرت أن هذه التحديات الثلاثة «عابرة للحدود». وقالت أيضاً إن تغير المناخ «يؤثر على كل شخص في كل دولة وفي كل قارة»، مشددة على الدور القيادي الذي تضطلع به الولايات المتحدة لما سمته «تنشيط التزاماتنا العالمية والبناء على قمة القادة حول المناخ لرفع الطموحات في مؤتمر الأطراف المعروف باسم «كوب 26» الذي ينعقد في مدينة غلاسكو الاسكوتلندية بعد أشهر. من المقرر أن يترأس الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش ورئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون اجتماعاً للمناخ يسبق اجتماع غلاسكو. ولا يتوقع أن يحضره بايدن.
وأشارت السفيرة الأميركية إلى أن التحدي الثالث لدى إدارة بايدن يتعلق بالديمقراطية وحقوق الإنسان والنظام القائم على القواعد الدولية التي «تتعرض للهجوم». وأفادت أن الرئيس بايدن سيعقد قمة الديمقراطية في ديسمبر (كانون الأول) المقبل بغية «وضع جدول أعمال إيجابي للتجديد الديمقراطي وتعزيز حقوق الإنسان ومكافحة الفساد». وقالت أيضاً: «ستركز الدبلوماسية الأسبوع المقبل أيضاً على معالجة التهديدات التي يتعرض لها السلام والأمن، من الصراعات والأزمات الناشطة في كل أنحاء العالم»، مشيرة إلى كل من أفغانستان وسوريا واليمن وميانمار، فضلاً عن إثيوبيا.

إيران وأفغانستان
ومن غير المرجح أن يخفف اجتماع الأمم المتحدة المأزق في شأن جهود إحياء الاتفاق النووي بين الولايات المتحدة وإيران. ويناقش الدبلوماسيون إمكان عقد اجتماع بين وزير الخارجية الإيراني أمير عبد اللهيان والأعضاء المتبقين في الاتفاق النووي لعام 2015: فرنسا وألمانيا والمملكة المتحدة وروسيا والصين. وأفاد مطلعون على المناقشات أن أكثر ما يمكن توقعه عملياً هو موافقة إيران على تحديد موعد لاستئناف المحادثات النووية في فيينا.
وتوقعت غرينفيلد أن تحصل مناقشات عديدة الأسبوع المقبل حول أفغانستان بغية إعادة «تأكيد التزامنا تجاه الشعب الأفغاني، وخاصةً تجاه النساء والفتيات». وحضت «طالبان» على «الاستماع إلى المجتمع الدولي لاتخاذ الإجراءات التي من شأنها أن تطمئن المجتمع الدولي وطمأنة الشعب الأفغاني».



هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
TT

هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)

تخضع «هيئة تحرير الشام»، التي قادت قوات المعارضة للإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد، لعقوبات من الأمم المتحدة منذ فترة طويلة، وهو ما وصفه المبعوث الخاص للمنظمة الدولية إلى سوريا غير بيدرسون، بأنه «عامل تعقيد لنا جميعاً».

كانت «هيئة تحرير الشام» تُعرف في السابق باسم «جبهة النصرة»، الجناح الرسمي لتنظيم «القاعدة» في سوريا، حتى قطعت العلاقات بالتنظيم في عام 2016. ومنذ مايو (أيار) 2014، أُدرجت الجماعة على قائمة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لعقوبات تنظيمي «القاعدة» و«داعش»، كما فُرض عليها تجميد عالمي للأصول وحظر أسلحة.

ويخضع عدد من أعضاء «هيئة تحرير الشام» أيضاً لعقوبات الأمم المتحدة مثل حظر السفر، وتجميد الأصول، وحظر الأسلحة، ومنهم زعيمها وقائد إدارة العمليات العسكرية أحمد الشرع، المكنى «أبو محمد الجولاني»، المدرج على القائمة منذ يوليو (تموز) 2013.

وقال دبلوماسيون إنه لا يوجد حالياً أي مناقشات عن رفع العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة على الجماعة. ولا تمنع العقوبات التواصل مع «هيئة تحرير الشام».

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟ (رويترز)

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

فرضت الأمم المتحدة عقوبات على «جبهة النصرة»، لأن الجماعة مرتبطة بتنظيم «القاعدة»، ولأنها كانت «تشارك في تمويل أو تخطيط أو تسهيل أو إعداد أو ارتكاب أعمال أو أنشطة» مع «القاعدة» أو دعماً لها وتستقطب أفراداً وتدعم أنشطة «القاعدة».

وجاء في قائمة العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة: «في يناير (كانون الثاني) 2017، أنشأت جبهة النصرة (هيئة تحرير الشام)، وسيلة لتعزيز موقعها في التمرد السوري وتعزيز أهدافها باعتبارها فرعاً لتنظيم (القاعدة) في سوريا»... ورغم وصف ظهور «هيئة تحرير الشام» بطرق مختلفة (على سبيل المثال كاندماج أو تغيير في الاسم)، فإن جبهة «النصرة» استمرت في الهيمنة والعمل من خلال «هيئة تحرير الشام» في السعي لتحقيق أهدافها.

وفُرضت عقوبات على الجولاني بسبب ارتباطه بتنظيم «القاعدة» وعمله معه.

كيف يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة؟

تستطيع أي دولة عضو في الأمم المتحدة في أي وقت تقديم طلب لرفع العقوبات عن كيان أو شخص إلى لجنة عقوبات تنظيمي «داعش» و«القاعدة» التابعة لمجلس الأمن الدولي المؤلف من 15 دولة.

وإذا جاء الطلب من دولة لم تقترح في البداية فرض عقوبات الأمم المتحدة، فإن اللجنة تتخذ القرار بالإجماع.

وإذا تقدمت الدولة التي اقترحت في البداية فرض العقوبات بطلب الشطب من القائمة، فسيمحى الاسم من القائمة بعد 60 يوماً، ما لم توافق اللجنة بالإجماع على بقاء التدابير.

لكن إذا لم يتم التوصل إلى إجماع، يستطيع أحد الأعضاء أن يطلب إحالة الطلب إلى مجلس الأمن للتصويت عليه في غضون 60 يوماً.

ولم تتضح بعد الدول التي اقترحت فرض عقوبات على جبهة «النصرة» والجولاني.

ويستطيع أيضاً الشخص أو الكيان الخاضع للعقوبات أن يطلب إزالة التدابير عن طريق الاتصال بأمين عام المظالم، وهو منصب أنشأه المجلس في عام 2009، ليقوم بمراجعة الطلب.

وإذا أوصى أمين عام المظالم بإبقاء اسم ما على القائمة، فسيظل مدرجاً على القائمة. وإذا أوصى أمين عام المظالم بإزالة اسم ما، فسترفع العقوبات بعد عملية قد تستغرق ما يصل إلى 9 أشهر، ما لم توافق اللجنة في وقت أسبق بالإجماع على اتخاذ إجراء أو الإحالة إلى المجلس لتصويت محتمل.

هل هناك استثناءات من العقوبات؟

يستطيع الأشخاص الخاضعون لعقوبات الأمم المتحدة التقدم بطلب للحصول على إعفاءات فيما يتعلق بالسفر، وهو ما تقرره اللجنة بالإجماع.

ويقول المجلس إن عقوباته «لا تستهدف إحداث عواقب إنسانية تضر بالسكان المدنيين».

وهناك استثناء إنساني للأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة يسمح «بتوفير أو معالجة أو دفع الأموال أو الأصول المالية الأخرى أو الموارد الاقتصادية، أو توفير السلع والخدمات اللازمة لضمان تقديم المساعدات الإنسانية في الوقت المناسب، أو لمساندة الأنشطة الأخرى التي تدعم الاحتياجات الإنسانية الأساسية».