موظفون يشتكون وشركات موردة للسلطة توقف تعاملاتها.. والمديونية ترتفع

إذا كان عليهم أن يتحملوا الحكومة فعليها أن تتحملهم أيضا

موظفون يشتكون وشركات موردة للسلطة توقف تعاملاتها.. والمديونية ترتفع
TT

موظفون يشتكون وشركات موردة للسلطة توقف تعاملاتها.. والمديونية ترتفع

موظفون يشتكون وشركات موردة للسلطة توقف تعاملاتها.. والمديونية ترتفع

يعاني حسين فارس (55 عاما) الموظف في السلطة الفلسطينية من متاعب تدبير أمور بيته اليومية، وقد بدأ حياة تقشف صعبة في محاولة للتكيف مع تلقيه 60 في المائة من راتبه فقط، هو الحد الأعلى الذي تدفعه الحكومة الفلسطينية لموظفيها منذ 3 أشهر، بسبب احتجاز إسرائيل أموال الضرائب الخاصة بالفلسطينيين. وقال فارس لـ«الشرق الأوسط»: «الأمور تزيد تعقيدا أسبوعا بعد أسبوع». وأضاف: «يمكنني أن أفهم أن هناك أزمة سياسية ومالية.. ويمكن أن يفهم ذلك صاحب السوبر ماركت في الشهر الأول، لكنه ليس مستعدا للتعاون في الشهر الثاني.. الفواتير تتراكم، تليفون، خدمات إنترنت فواتير مياه وجوالات، وثمة التزامات سابقة، هناك إيجار المنزل أيضا، وبعض القروض، وأقساط المدارس وخلاف ذلك». وأردف «مش قادرين نلاحق».
وتابع فارس قائلا: «إذا الحكومة مديونة للكل، كيف احنا». واختصر حكاية 175 ألف موظف فلسطيني يتلقون جزءا من رواتبهم منذ 3 أشهر، بعد أن احتجزت إسرائيل أموال الضرائب الخاصة بالفلسطينيين، وتقدر بأكثر من 100 مليون دولار شهريا، مما وضع السلطة في أزمة مالية لم تتمكن معها من دفع رواتب موظفيها.
وقالت أم عماد (59 عاما)، إنها بالكاد تتدبر شؤون حياة أسرتها مع تقاضيها مبلغا كاملا، فكيف مع جزء منه. وأضافت لـ«الشرق الأوسط»: «افترض أن على الحكومة أن تتحمل مسؤولياتها، لا يوجد أموال نعم، لكن لماذا لا تجبر البنوك على وقف خصم القروض مثلا؟ لماذا لا ترجئ دفع بعض الفواتير.. هل علينا أن نتحمل الحكومة وليس على أحد أن يتحملنا».
ويجد الموظفون أنفسهم مضطرين للتعامل مع هذا الواقع الصعب يوميا. ولا تملك الحكومة إجابات عن أسئلة من نوع: إلى متى تستمر الأزمة؟
وكانت الحكومة قد أقرت في الأسبوع الماضي موازنة طوارئ للعام الحالي، في ظل استمرار إسرائيل باحتجاز أموال الضرائب الفلسطينية، وأعلنت أنه «جراء غموض موارد السلطة الوطنية نتيجة القرار الإسرائيلي باستمرار حجز إيرادات المقاصة، التي تشكل 70 في المائة من الإيرادات، اضطرت الحكومة إلى هذا الإجراء».
وكانت الحكومة الفلسطينية أقرت العام الماضي موازنة بـ4.2 مليار دولار، ووصل العجز فيها إلى نحو 1.3 مليار دولار.
وتحتاج السلطة الفلسطينية شهريا إلى نحو 170 مليون دولار لدفع رواتب 175 ألف موظف مدني وعسكري، وإلى مبلغ مماثل لتسديد الخدمات الأخرى.
وتؤمن السلطة الرواتب من خلال المستحقات التي تحولها إسرائيل، وأيضا من خلال جمع ضرائب مباشرة من الفلسطينيين، كما تتلقى مساعدات أخرى أوروبية وأميركية وعربية لتسيير شؤونها الأخرى. وخلال السنة المالية الماضية، بلغ إجمالي قيمة فاتورة الرواتب نحو 1.92 مليار دولار، فيما بلغ إجمالي نفقات الحكومة الفلسطينية، خلال الفترة نفسها، نحو 3.7 مليار دولار، أي ما نسبته 54 في المائة من الميزانية.
وفي الوقت الذي أعلن فيه رئيس الوزراء الفلسطيني، رامي الحمد الله، أنه لا يوجد مؤشرات في الأفق لحل الأزمة المالية للسلطة الفلسطينية، وأشار إلى أن الأشهر المقبلة ستشهد أوضاعا مالية أكثر صعوبة، فإن الثمن المتوقع أن يتضاعف لن يدفعه الموظفون فقط، بل الحكومة نفسها التي ارتفعت مديونيتها بشكل لافت خلال الشهور الثلاثة.
وأظهرت بيانات الميزانية الفلسطينية خلال شهري يناير (كانون الثاني) وفبراير (شباط) الماضيين، الصادرة عن وزارة المالية، أن حجم الدين العام المستحق على الحكومة الفلسطينية، ارتفع بنحو 227 مليون شيقل، مقارنة مع أرقام نهاية العام الماضي 2014.
واستقر إجمالي الدين العام (من دون احتساب المتأخرات)، حتى نهاية فبراير الماضي، عند 8.873 مليار شيقل، بعد أن أنهى عام 2014، عند ديون بلغت 8.646 مليار شيقل، وهو رقم يشمل الديون المحلية والخارجية. (الدولار يساوي 4 شيقلات)
وبدأت شركات موردة للسلطة بوقف أو تخفيف تعاملاتها مع وزارة المالية. وقال طارق النتشة، صاحب سلسلة محطات «الهدى للمحروقات» في الضفة الغربية، إنه أوقف إمداد الأجهزة الأمنية في كل مدن الضفة بالوقود بسبب تراكم الديون المستحقة عليهم. وأضاف النتشة لـ«الشرق الأوسط»: «لقد استنفدنا كل الطرق وحتى تسهيلات البنوك».
وتعد شركات الهدى المزود الرئيس للأجهزة الأمنية بالمحروقات، إضافة إلى أنها مسؤولة عن نقل الوقود لصالح السلطة بين مدن الضفة، وتزود بعض الوزارات به.
وأكد النتشة أن المديونية على الحكومة بلغت 26 مليون شيقل، منها 10 ملايين على أجهزة الأمن منذ 5 أشهر، و11 مليونا بدل أجرة نقل لم تدفع منذ 14 شهرا، و5 ملايين استهلاك الوزارات.
وأردف: «أوقفنا مضطرين تزويد مركبات الأمن بالوقود».
وإضافة إلى محطات الهدى، فإن الحكومة مديونة لمحطات أخرى وشركات مقاولات كبيرة وشركات أدوية وشركات الكهرباء الإسرائيلية والفلسطينية. ولم يتوقف الأمر على ذلك، فمع استفحال الأزمة المالية لم تستطع الحكومة تسديد مستحقات قطاعات كانت خطا أحمر في السابق.
وكان رئيس هيئة شؤون الأسرى عيسى قراقع، أكد أن الأزمة المالية انعكست أيضا، على وضع الأسرى داخل سجون الاحتلال، إذ لم تدفع الحكومة بدل «كنتين» (مقصف) الأسرى، ويبلغ شهريا مليوني شيقل.
وحمّل قراقع حكومة الاحتلال المسؤولية عما اعتبره قرصنة مالية غير مشروعة، وسرقة لأموال الشعب الفلسطيني، من خلال احتجازها للأموال الفلسطينية.
وكانت السلطة بنت آمالا كبيرة على تغيير المشهد في إسرائيل قبل الانتخابات الأخيرة، لكن عودة بنيامين نتنياهو إلى الحكم، فتحت الباب على احتمالات متعددة. وهذا الأسبوع فقط، حذر صندوق النقد الدولي من أن الأزمة المالية التي تواجهها السلطة، بسبب وقف إسرائيل تحويل إيرادات المقاصة (الضرائب والجمارك)، تهدد وجود السلطة وقدرتها الاقتصادية على البقاء، متوقعا عجزا في 2015، نسبته 15 في المائة من الناتج المحلى الإجمالي، بارتفاع 3 في المائة تقريبا، مقارنة بالعجز في عام 2014.



تأكيد عربي على دعم «عملية انتقالية جامعة» في سوريا

المشاركون في أعمال اجتماع أعضاء لجنة الاتصال الوزارية العربية بشأن سوريا (وزارة الخارجية الأردنية على إكس)
المشاركون في أعمال اجتماع أعضاء لجنة الاتصال الوزارية العربية بشأن سوريا (وزارة الخارجية الأردنية على إكس)
TT

تأكيد عربي على دعم «عملية انتقالية جامعة» في سوريا

المشاركون في أعمال اجتماع أعضاء لجنة الاتصال الوزارية العربية بشأن سوريا (وزارة الخارجية الأردنية على إكس)
المشاركون في أعمال اجتماع أعضاء لجنة الاتصال الوزارية العربية بشأن سوريا (وزارة الخارجية الأردنية على إكس)

أصدرت الدول العربية المجتمعة في مدينة في الأردن، اليوم السبت، بيانها الختامي الذي أكدت فيه دعمها لعملية انتقالية سلمية سياسية سورية - سورية جامعة، تتمثل فيها كل القوى السياسية والاجتماعية السورية.

وقال البيان بعد اجتماع أعضاء لجنة الاتصال الوزارية العربية بشأن سوريا التي تضم: الأردن، والسعودية، والعراق، ولبنان، ومصر، وأمين عام جامعة الدول العربية، وبحضور وزراء خارجية الإمارات، ومملكة البحرين، الرئيس الحالي للقمة العربية، ودولة قطر، وذلك ضمن اجتماعات العقبة حول سوريا: «أكد المجتمعون الوقوف إلى جانب الشعب السوري الشقيق، وتقديم كل العون والإسناد له في هذه المرحلة الدقيقة، واحترام إرادته وخياراته».

وأضاف: «ندعم عملية انتقالية سلمية سياسية سورية - سورية جامعة، تتمثل فيها كل القوى السياسية والاجتماعية السورية، وبمن فيها المرأة والشباب والمجتمع المدني بعدالة، وترعاها الأمم المتحدة والجامعة العربية، ووفق مبادئ قرار مجلس الأمن رقم 2254 وأهدافه وآلياته».

كما دعا البيان إلى «تشكيل هيئة حكم انتقالية جامعة بتوافق سوري، والبدء بتنفيذ الخطوات التي حددها القرار للانتقال من المرحلة الانتقالية إلى نظام سياسي جديد، يلبي طموحات الشعب السوري بكل مكوناته، عبر انتخابات حرة ونزيهة، تشرف عليها الأمم المتحدة، استناداً إلى دستور جديد يُقره السوريون، وضمن تواقيت محددة وفق الآليات التي اعتمدها القرار».

وأكد البيان على «دعم دور المبعوث الأممي إلى سوريا، والطلب من الأمين العام للأمم المتحدة تزويده بكل الإمكانات اللازمة، وبدء العمل على إنشاء بعثة أممية لمساعدة سوريا؛ لدعم العملية الانتقالية في سوريا ورعايتها، ومساعدة الشعب السوري الشقيق في إنجاز عملية سياسية يقودها السوريون وفق القرار 2254».

وشدد على أن «هذه المرحلة الدقيقة تستوجب حواراً وطنياً شاملاً، وتكاتف الشعب السوري بكل مكوناته وأطيافه وقواه السياسية والاجتماعية؛ لبناء سوريا الحرة الآمنة المستقرة الموحدة التي يستحقها الشعب السوري بعد سنوات طويلة من المعاناة والتضحيات».

إلى ذلك طالب البيان بـ«ضرورة الوقف الفوري لجميع العمليات العسكرية»، وأكد «ضرورة احترام حقوق الشعب السوري بكل مكوناته، ومن دون أي تمييز على أساس العرق أو المذهب أو الدين، وضمان العدالة والمساواة لجميع المواطنين».

ودعا إلى «ضرورة الحفاظ على مؤسسات الدولة السورية، وتعزيز قدرتها على القيام بأدوارها في خدمة الشعب السوري، وحماية سوريا من الانزلاق نحو الفوضى، والعمل الفوري على تمكين جهاز شرطي لحماية المواطنين وممتلكاتهم ومقدرات الدولة السورية».

وحث على «الالتزام بتعزيز جهود مكافحة الإرهاب والتعاون في محاربته، في ضوء أنه يشكل خطراً على سوريا وعلى أمن المنطقة والعالم، ويشكل دحره أولوية جامعة».

أيضاً، أكد البيان «التضامن المطلق مع الجمهورية العربية السورية الشقيقة في حماية وحدتها وسلامتها الإقليمية وسيادتها وأمنها واستقرارها وسلامة مواطنيها. وتوفير الدعم الإنساني الذي يحتاج إليه الشعب السوري، بما في ذلك من خلال التعاون مع منظمات الأمم المتحدة المعنية».

وتطرق إلى العمل على «تهيئة الظروف الأمنية والحياتية والسياسية للعودة الطوعية للاجئين السوريين إلى وطنهم، وتقديم كل العون اللازم لذلك، وبالتعاون مع منظمات الأمم المتحدة المعنية».

كذلك، أدان البيان توغل إسرائيل داخل المنطقة العازلة مع سوريا وسلسلة المواقع المجاورة لها في جبل الشيخ ومحافظتي القنيطرة وريف دمشق، ورفضه احتلالاً غاشماً وخرقاً للقانون الدولي ولاتفاق فك الاشتباك المبرم بين سوريا وإسرائيل في عام 1974، مطالباً بانسحاب القوات الإسرائيلية.

كما أدان الغارات الإسرائيلية على المناطق والمنشآت الأخرى في سوريا، وأكد أن هضبة الجولان أرض سورية عربية محتلة يجب إنهاء احتلالها، مطالباً مجلس الأمن باتخاذ الإجراءات اللازمة لوقف هذه الاختراقات.

وأوضح أن التعامل مع الواقع الجديد في سوريا سيرتكز على مدى انسجامه مع المبادئ والمرتكزات أعلاه، وبما يضمن تحقيق الهدف المشترك في تلبية حقوق الشعب السوري وتطلعاته.