تغيير مركز ألكسندر أرنولد إلى خط الوسط يعيد إنجلترا إلى الماضي الفاشل

امتلاك اللاعب صفات رائعة كظهير أيمن لا يعني بالضرورة أنه سيتألق في مكان آخر

ألكسندر أرنولد شارك في خط وسط إنجلترا أمام أندورا (أ.ب)
ألكسندر أرنولد شارك في خط وسط إنجلترا أمام أندورا (أ.ب)
TT

تغيير مركز ألكسندر أرنولد إلى خط الوسط يعيد إنجلترا إلى الماضي الفاشل

ألكسندر أرنولد شارك في خط وسط إنجلترا أمام أندورا (أ.ب)
ألكسندر أرنولد شارك في خط وسط إنجلترا أمام أندورا (أ.ب)

كثيرا ما يميل المنتخب الإنجليزي إلى التفكير في تغيير مركز أحد اللاعبين لسد الثغرة الموجودة في أحد المراكز الأخرى، على افتراض أن هذا اللاعب سيجيد اللعب في مركزه الجديد لأنه يمتلك قدرات وفنيات تؤهله لذلك، فعلى سبيل المثال، عندما واجه المدير الفني السابق للمنتخب الإنجليزي، سفين غوران إريكسون، نقصاً في لاعبي خط الوسط الذين يجيدون اللعب بالقدم اليسرى، كان أحد الحلول التي لجأ إليها هو الاعتماد على واين بريدج أمام آشلي كول في مباراة إنجلترا أمام مقدونيا في تصفيات كأس الأمم الأوروبية 2004.
لم تكن الفكرة سيئة جدا، خاصةً أن بريدج وكول كانا يلعبان في مركز الظهير الأيسر ويجيدان القيام بأدوارهما الهجومية، وكان من الجيد الدفع بهما معا في نفس التشكيلة. وكان من الممكن أن تنجح هذه الفكرة كثيرا لولا أن إنجلترا كانت تعتمد بشكل صارم على طريقة 4 - 4 - 2. وعلاوة على ذلك، وجدت أسكوتلندا طريقة ما للاعتماد على آندي روبرتسون وكيران تيرني في نفس التشكيلة، حيث يتم الدفع بروبرتسون في مركز الظهير الأيسر ويتقدم للأمام للقيام بواجباته الهجومية، في حين يلعب تيرني كقلب دفاع ناحية اليسار. ربما كان بإمكان إريكسون - بمزيد من الاهتمام والعناية – أن يجعل ثنائية بريدج وكول تنجح، لكن إنجلترا كانت لا تزال تلعب بشكل تقليدي ممل أمام مقدونيا، وانتهت المباراة بالتعادل بهدفين لكل فريق.
ورغم أن بريدج لعب بشكل جيد، إلا أن إريسكون سرعان ما تخلى عن هذه الفكرة، واستمرت معاناة المنتخب الإنجليزي في الناحية اليسرى، وهي نقطة الضعف التي كانت واضحة للغاية، لكن نقطة الضعف الأبرز كانت تتمثل في عدم قدرة المنتخب الإنجليزي على إيجاد لاعب قادر على التحكم في خط الوسط. لقد ظل المنتخب الإنجليزي يعاني طويلا من عدم وجود محور ارتكاز قوي قادر على التحكم في زمام الأمور. لقد كان هناك لغز كبير فيما يتعلق بالاعتماد على فرانك لامبارد وستيفن جيرارد، وفي نهائيات كأس الأمم الأوروبية 2016 قرر المدير الفني للمنتخب الإنجليزي آنذاك، روي هودجسون، تغيير مركز واين روني لكي يلعب في خط الوسط، بعدما كان قد فقد الكثير من خطورته كمهاجم.
وكانت الخطوة المنطقية تتمثل في تراجع روني للخلف، لعدة أسباب من بينها أنه يمرر الكرات بشكل جيد ويمكنه التسديد من مسافات بعيدة ويمكنه إرسال الكرات العرضية بشكل متقن، فضلا عن مهارته التي تمكنه من تجاوز المنافسين، بالإضافة إلى أنه لم يكن من الممكن استبعاده من التشكيلة الأساسية في ذلك الوقت، لكن اتضح أن هذا الأمر برمته كان خاطئا للغاية عندما خسرت إنجلترا بشكل مفاجئ أمام آيسلندا. ومن المثير للقلق أن نفس الأمر يحدث الآن مع الظهير الأيمن ترينت ألكسندر أرنولد، في ظل المطالبات بتغيير مركزه لكي يلعب في خط الوسط.
لقد شارك ألكسندر أرنولد بالفعل في هذا المركز الجديد أمام أندورا في تصفيات كأس العالم، وكان يتجول في خط الوسط بشكل غير مريح للغاية خلال الدقائق الـ45 الأولى من المباراة التي انتهت بفوز إنجلترا برباعية نظيفة. وكان يبدو أن اللاعب البالغ من العمر 22 عاماً لا يعرف أبدا المكان الذي من المفترض أن يكون فيه - على عكس جود بيلينغهام، الذي كان يتواجد دائماً في المكان المناسب – وكان كثيرا ما يميل إلى مركز الظهير الأيمن الذي كان يشغله ريس جيمس في تلك المباراة. وقال المدير الفني غاريث ساوثغيت: «لقد أردنا فقط أن نرى شيئاً ما، وكانت هذه المباراة بمثابة فرصة جيدة لتجربة ذلك».
ويعود السبب في ذلك إلى أن أندورا تعد منافسا سهلا لتجربة أي شيء أمامها، بالنظر إلى أنها تحتل المرتبة 156 في تصنيف الاتحاد الدولي لكرة القدم للمنتخبات. وبالتالي، لم يكن هناك وقت أفضل للتجربة، وكان ساوثغيت محقا في البحث عن خيارات بديلة لديكلان رايس وكالفين فيليبس وماسون ماونت في خط الوسط. وكما ظهر خلال المباراة التي خسرتها إنجلترا أمام إيطاليا في نهائي يورو 2020، يتعين على إنجلترا إضافة المزيد من البراعة والتوازن إلى خط الوسط قبل نهائيات كأس العالم العام المقبل.
لكن هذا لا يعني بالضرورة أن ألكسندر أرنولد هو الحل. صحيح أن الظهير الأيمن لليفربول يملك قدما يمنى رائعة، ويتحلى بذكاء تخطيطي هائل، ويمتلك قدرة على التمرير بشكل دقيق للغاية، وصحيح أيضاً أن اللاعبين الألمانيين فيليب لام وجوشوا كيميش تألقا بشكل لافت بعد تغيير مركزيهما من الظهير إلى خط الوسط، لكن المهارات التي تميز ألكسندر أرنولد كموهبة استثنائية هي المهارات التي يتطلبها اللعب في مركز الظهير الأيمن وليس أي مركز آخر. وبدون الكثير من التدريبات والخبرات، فإن القدرات الأساسية لألكسندر أرنولد لا تؤهله للعب بشكل جيد في خط الوسط.
ويمكن القول وبشكل حاسم إن ألكسندر أرنولد لا يبدو وكأنه الشخص الذي لديه استعداد لتغير مركزه داخل الملعب. إنه لا يلعب في خط الوسط مع ليفربول، وقد تحدث سابقاً عن رغبته في إعادة تعريف المهام التي يقوم بها اللاعب الذي يلعب في مركز الظهير. وهذا أمر مهم للغاية، فألكسندر أرنولد يحب اللعب في مركز الظهير الأيمن، وهو سعيد جدا بذلك وقد صنع اسمه وشهرته بسبب اللعب في هذا المركز، وقد بدا أكثر سعادة وراحة أمام أندورا بعد عودته إلى اللعب في مركز الظهير الأيمن في الشوط الثاني.
في الحقيقة، لم يكن الأمر مفاجئا، خاصةً أن ساوثغيت نفسه سبق وأن وصفه بأنه «صانع ألعاب من مركز الظهير الأيمن». لكن المشكلة تكمن في أن إنجلترا تمتلك عدداً كبيرا من اللاعبين الرائعين في مركز الظهير الأيمن، فإلى جانب ألكسندر أرنولد هناك ثلاثة من أفضل ظهراء الجنب في الناحية اليمنى في العالم، وهم كايل ووكر، وكيران تريبيير، وريس جيمس، وقد قدموا أداءً ممتازاً مع إنجلترا. ومؤخراً، وصف ألكسندر أرنولد نفسه المستويات التي يقدمها مع منتخب بلاده حتى الآن بأنها «متواضعة».
لقد كان ألكسندر أرنولد صادقا في هذه التصريحات بشكل مثير للإعجاب، فهو يدرك جيدا أنه لا يضمن مكانه في التشكيلة الأساسية للمنتخب الإنجليزي وأنه يتعين عليه تقديم مستويات أفضل إذا كان يريد ذلك. لقد استبعده ساوثغيت من قائمة المنتخب الإنجليزي في مارس (آذار) الماضي، وغاب عن نهائيات كأس الأمم الأوروبية بسبب الإصابة، ولم ينجح حتى الآن في تقديم نفس المستويات القوية التي يقدمها مع ليفربول على المستوى الدولي مع منتخب بلاده. وعلاوة على ذلك، يتعين عليه تحسين بعض الجوانب الدفاعية، وبعد الشعور بالارتباك ضد أندورا، ليس من الصعب استنتاج أن ساوثغيت لا يمكنه الاستمرار في ضم أربعة لاعبين في مركز الظهير الأيمن!
ورغم كل ما يقال عن المرونة التي يتحلى بها ظهراء الجنب في المنتخب الإنجليزي، فليس هناك فائدة من اختيار ألكسندر أرنولد إذا كان سيصبح الخيار الرابع في أفضل مركز يلعب به، خاصةً أن هذا سيعني حرمان المنتخب الإنجليزي من لاعب آخر في مركز آخر، وإضعاف قائمة المنتخب الإنجليزي. ومن غير المرجح أن يعتمد المنتخب الإنجليزي على ألكسندر أرنولد في خط الوسط ما لم يحدث ذلك في نادي ليفربول. وخلاصة القول، يجب أن تكون هناك إرادة قوية لإنجاح هذا الأمر، وإلا فإنه سيصبح جيدا من الناحية النظرية فقط!


مقالات ذات صلة

نيستلروي مرشح لتدريب هامبورغ وليستر سيتي

رياضة عالمية رود فان نيستلروي (أ.ب)

نيستلروي مرشح لتدريب هامبورغ وليستر سيتي

ذكرت تقارير إعلامية، اليوم الاثنين، أن فريقيْ هامبورغ الألماني وليستر سيتي الإنجليزي يتنافسان على التعاقد مع المهاجم الهولندي السابق رود فان نيستلروي.

«الشرق الأوسط» (هامبورغ)
رياضة عالمية محمد صلاح (أ.ف.ب)

محمد صلاح يشعر بخيبة أمل بسبب عقده مع ليفربول

قال محمد صلاح إنه يشعر بخيبة أمل؛ لأن ليفربول لم يقدم له عقداً جديداً؛ مشيراً إلى أنه «ربما هو أقرب إلى الرحيل من البقاء» في النادي، بعد نهاية الموسم.

فاتن أبي فرج (بيروت)
رياضة عالمية كيران ماكينا مدرب إبسويتش (رويترز)

هدوء في إبسويتش تاون بعد انطلاقة مريرة بالبريميرليغ

ربما كان إبسويتش تاون يتساءل عن مدى صعوبة الأمور بعد فشله في الفوز خلال أول 10 مباريات بالدوري الإنجليزي الممتاز لكرة القدم هذا الموسم

«الشرق الأوسط» (إنجلترا)
رياضة عالمية بيب غوارديولا (د.ب.أ)

غوارديولا: سأبحث عن طريقة ليفوز السيتي

قال بيب غوارديولا مدرب مانشستر سيتي إنه يتحمل مسؤولية إعادة مسار موسم فريقه للطريق الصحيح بعد تلقيه الهزيمة الخامسة على التوالي يوم السبت الماضي.

«الشرق الأوسط» (لندن)
رياضة عالمية أكانجي وستونز وغوندوغان ثلاثي سيتي وشعور بالخذي من السقوط المدو أمام توتنهام برباعية (رويترز)

هزيمة خامسة وانهيار غير مسبوق... ما الذي يحدث في مانشستر سيتي؟

غوارديولا يعترف بأن فريقه في وضع لا يسمح له بالتفكير في اللقب... وإصلاح المسيرة الهدف الأهم ما الذي يحدث في مانشستر سيتي؟ هل هو نهاية لجيل فرض سيطرته على…


بعد مئويته الأولى... هالاند يتطلع إلى المزيد في مسيرته الحالمة مع مانشستر سيتي

هالاند يفتتح التسجيل في شباك تشيلسي (أ.ب)
هالاند يفتتح التسجيل في شباك تشيلسي (أ.ب)
TT

بعد مئويته الأولى... هالاند يتطلع إلى المزيد في مسيرته الحالمة مع مانشستر سيتي

هالاند يفتتح التسجيل في شباك تشيلسي (أ.ب)
هالاند يفتتح التسجيل في شباك تشيلسي (أ.ب)

وصل النجم النرويجي الدولي إيرلينغ هالاند إلى 100 مباراة في مسيرته مع فريق مانشستر سيتي، حيث احتفل بمباراته المئوية خلال فوز الفريق السماوي 2 - صفر على مضيفه تشيلسي، الأحد، في المرحلة الافتتاحية لبطولة الدوري الإنجليزي الممتاز لكرة القدم.

وكان المهاجم النرويجي بمثابة اكتشاف مذهل منذ وصوله إلى ملعب «الاتحاد» قادماً من بوروسيا دورتموند الألماني في صيف عام 2022، حيث حصل على الحذاء الذهبي للدوري الإنجليزي الممتاز كأفضل هداف بالبطولة العريقة في موسميه حتى الآن. واحتفل هالاند بمباراته الـ100 مع كتيبة المدرب الإسباني جوسيب غوارديولا على أفضل وجه، عقب تسجيله أول أهداف مانشستر سيتي في الموسم الجديد بالدوري الإنجليزي في شباك تشيلسي على ملعب «ستامفورد بريدج»، ليصل إلى 91 هدفاً مع فريقه حتى الآن بمختلف المسابقات. هذا يعني أنه في بداية موسمه الثالث مع سيتي، سجل 21 لاعباً فقط أهدافاً للنادي أكثر من اللاعب البالغ من العمر 24 عاماً، حسبما أفاد الموقع الإلكتروني الرسمي لمانشستر سيتي.

وعلى طول الطريق، حطم هالاند كثيراً من الأرقام القياسية للنادي والدوري الإنجليزي الممتاز، حيث وضع نفسه أحد أعظم الهدافين الذين شهدتهم هذه البطولة العريقة على الإطلاق. ونتيجة لذلك، توج هالاند بكثير من الألقاب خلال مشواره القصير مع سيتي، حيث حصل على جائزة لاعب الموسم في الدوري الإنجليزي الممتاز، ولاعب العام من رابطة كتاب كرة القدم، ولاعب العام من رابطة اللاعبين المحترفين، ووصيف الكرة الذهبية، وأفضل لاعب في جوائز «غلوب سوكر».

كان هالاند بمثابة اكتشاف مذهل منذ وصوله إلى مانشستر (أ.ف.ب)

وخلال موسمه الأول مع سيتي، أحرز هالاند 52 هدفاً في 53 مباراة في عام 2022 - 2023، وهو أكبر عدد من الأهداف سجله لاعب بالدوري الإنجليزي الممتاز خلال موسم واحد بجميع البطولات. ومع إحرازه 36 هدفاً، حطم هالاند الرقم القياسي المشترك للأسطورتين آلان شيرر وآندي كول، البالغ 34 هدفاً لكل منهما كأكبر عدد من الأهداف المسجلة في موسم واحد بالدوري الإنجليزي الممتاز. وفي طريقه لتحقيق هذا العدد من الأهداف في البطولة، سجل النجم النرويجي الشاب 6 ثلاثيات - مثل كل اللاعبين الآخرين في الدوري الإنجليزي الممتاز مجتمعين آنذاك. وخلال موسمه الأول مع الفريق، كان هالاند أيضاً أول لاعب في تاريخ الدوري الإنجليزي الممتاز يسجل «هاتريك» في 3 مباريات متتالية على ملعبه، وأول لاعب في تاريخ المسابقة أيضاً يسجل في كل من مبارياته الأربع الأولى خارج قواعده. وكان تسجيله 22 هدفاً على أرضه رقماً قياسياً لأكبر عدد من الأهداف المسجلة في ملعب «الاتحاد» خلال موسم واحد، كما أن أهدافه الـ12 ب دوري أبطال أوروبا هي أكبر عدد يحرزه لاعب في سيتي خلال موسم واحد من المسابقة.

أما في موسمه الثاني بالملاعب البريطانية (2023 - 2024)، فرغم غيابه نحو شهرين من الموسم بسبب الإصابة، فإن هالاند سجل 38 هدفاً في 45 مباراة، بمعدل هدف واحد كل 98.55 دقيقة بكل المنافسات، وفقاً لموقع مانشستر سيتي الإلكتروني الرسمي. واحتفظ هالاند بلقب هداف الدوري الإنجليزي للموسم الثاني على التوالي، عقب إحرازه 27 هدفاً في 31 مباراة... وفي نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، عندما سجل هدفاً في تعادل مانشستر سيتي 1 - 1 مع ليفربول، حطم هالاند رقماً قياسياً آخر في الدوري الإنجليزي الممتاز، بعدما أصبح أسرع لاعب في تاريخ المسابقة يسجل 50 هدفاً، بعد خوضه 48 مباراة فقط بالبطولة.

وتفوق هالاند على النجم المعتزل آندي كول، صاحب الرقم القياسي السابق، الذي احتاج لخوض 65 لقاء لتسجيل هذا العدد من الأهداف في البطولة. وفي وقت لاحق من ذلك الشهر، وخلال فوز سيتي على لايبزيغ، أصبح اللاعب البالغ من العمر 23 عاماً في ذلك الوقت أسرع وأصغر لاعب على الإطلاق يسجل 40 هدفاً في دوري أبطال أوروبا، حيث انتقل إلى قائمة أفضل 20 هدافاً على الإطلاق بالمسابقة.

كما سجل هالاند 5 أهداف في مباراة واحدة للمرة الثانية في مسيرته مع سيتي في موسم 2023 - 2024، وذلك خلال الفوز على لوتون تاون في كأس الاتحاد الإنجليزي. ومع انطلاق الموسم الجديد الآن، من يدري ما المستويات التي يمكن أن يصل إليها هالاند خلال الأشهر الـ12 المقبلة؟