السعودية مرشحة لريادة عالمية للاستفادة من تجارة الكربون

القطاع ينمو 23 % بقيمة 281 مليار دولار وسط حاجة لتقنين دولي

 المهندس فيصل الفضل، المراقب البيئي غير الحكومي لدى الأمم المتحدة
المهندس فيصل الفضل، المراقب البيئي غير الحكومي لدى الأمم المتحدة
TT

السعودية مرشحة لريادة عالمية للاستفادة من تجارة الكربون

 المهندس فيصل الفضل، المراقب البيئي غير الحكومي لدى الأمم المتحدة
المهندس فيصل الفضل، المراقب البيئي غير الحكومي لدى الأمم المتحدة

في ظل مطالبات دولية لخفض انبعاثات الكربون، أكد مختصون أن السعودية تتصدر التوقعات بنسبة نمو أعلى وبقيمة اقتصادية متصاعدة في التوجهات والسياسات المعززة للحيادة الكربوني وتتماهى مع مبادراتها الخضراء المحلية والعالمية، علاوة على تبنيها مفهوم الاقتصاد الكربوني الدائري، وإقراره عالمياً من خلال رئاسة مجموعة العشرين 2020، وسط ارتفاع جنوح الطلب على الصناديق والبنوك الاستثمارية عالمياً لتجارة الكربون.
وفي وقت تبدو فيه السعودية مرشحة للريادة للاستفادة من تجارة الكربون المتصاعدة، لفت عبد الله المليحي - مستثمر سعودي في الاقتصاد الأخضر - إلى أن سوق انبعاثات الكربون تثبت أنها مربحة للكثيرين، حيث تركز شركات تجارة الطاقة، لا سيما النفط والغاز اهتمامها على عمليات تداول الكربون، مع بدء الاقتصادات في جميع أنحاء العالم في وضع علامات الأسعار على الانبعاثات. غير أنه في أوروبا، بحسب المليحي، يمكن للشركات المسببة لانبعاثات الكربون شراء علاوات إضافية لبدلات الانبعاثات الخاصة بها، وكذلك بيع الفائض من المخصصات لشركات أخرى، ما يمهد الطريق لسوق تداول شهدت نمواً بنسبة 23 في المائة على أساس سنوي العام الماضي، ليصل إلى 281 مليار دولار. وقال المليحي لـ«الشرق الأوسط» إن البنوك مثل «إتش إس بي سي»، تدخل على الخط أيضاً، في حين تتطلع الصناديق والبنوك أيضاً إلى أنشطة تجارة الكربون، إذ تقوم «بوليناشن جروب» حالياً، بجمع الأموال مع شركة «إتش إس بي سي» العالمية لإدارة الأصول لصندوق الكربون، الذي سيتداول أرصدة الكربون. وزاد: «لكن عدم وجود إطار عمل عالمي يعني أن كثيراً من البنوك لا تزال مترددة في المشاركة».
من جانب آخر، شدد في حديث لـ«الشرق الأوسط» المهندس فيصل الفضل، المراقب البيئي غير الحكومي لدى الأمم المتحدة من المنتدى السعودي للأبنية الخضراء، على ضرورة تنظيم تجارة الكربون من قبل الحكومات أو المنظمات الدولية المسؤولة، بوضع سقف كمية غازات الدفيئة في وحدة ثاني أكسيد الكربون التي يمكن إطلاقها، بتزويد الشركات بكمية محددة من الكربون يمكن أن تنبعث منها سنوياً، أما في حالة تجاوزهم هذا الحد، فعليهم شراء أرصدة الكربون أو تعويضات الكربون، وإذا لم يتجاوزوا الحد الأقصى، فيمكنهم بيع أرصدة الكربون غير المستخدمة أو الشركات التي تحتاج إليها.
وتحقق السعودية، وفق الفضل، هدف اتفاقية باريس، للوصول إلى النطاق الآمن، كما لن يكون برأيه أي من الاستثمارات المهمة ممكناً للقطاع الخاص ما لم توجه أهدافها إلى السياسات الصحيحة، ما يعني خلق والاستفادة من حوافز للتغيير، مشيراً إلى أنه بعد إلغاء إعانات الوقود الأحفوري، وإدخال تسعير الكربون، وزيادة معايير كفاءة الطاقة، وتنفيذ مزادات للطاقة المتجددة الأقل تكلفة، سيحدث تغيير جذري في قيادات الشركات الكبرى.
ويرى الفضل أن تسعير الكربون هو إحدى السياسات التي ستلعب دوراً مهماً في المساهمة في تنفيذ اتفاقية باريس والتزامات الدول، حيث حققت قيم وأسعار الكربون المتداول منذ عام 2015، إشارة اقتصادية للشركات الملوثة للحد من أنشطتها الضارة التي ينبعث منها ثاني أكسيد الكربون وغازات الدفيئة الأخرى بهدف وقفها تماماً في نهاية عام 2050، بهذه الطريقة، يهدف تسعير الكربون إلى تحفيز تطوير تقنيات جديدة أكثر اخضراراً وكفاءة ومنخفضة الكربون.


مقالات ذات صلة

الميزانية السعودية 2025... نمو مستدام مدعوم بالإصلاحات الاقتصادية

الاقتصاد ولي العهد مترئساً جلسة مجلس الوزراء المخصصة لإقرار ميزانية عام 2025 (واس) play-circle 00:51

الميزانية السعودية 2025... نمو مستدام مدعوم بالإصلاحات الاقتصادية

جاء إعلان السعودية عن ميزانية العام المالي 2025 التي أقرّها مجلس الوزراء السعودي ليظهر مدى توسع الاقتصاد السعودي.

مساعد الزياني (الرياض) عبير حمدي (الرياض)
الاقتصاد ولي العهد يوقِّع على الميزانية العامة للعام المالي 2025 (واس) play-circle 00:51

محمد بن سلمان: ميزانية 2025 تؤكد العزم على تعزيز قوة ومتانة ومرونة اقتصاد السعودية

قال ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، إن ميزانية 2025 تؤكد العزم على تعزيز قوة ومتانة ومرونة اقتصاد المملكة.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد وزير الاستثمار متحدثاً إلى الحضور خلال «المبادرة العالمية لمرونة سلسلة التوريد» (الشرق الأوسط)

السعودية توسّع صفقاتها للمشاركة في سلاسل التوريد العالمية

تتجه السعودية إلى زيادة الوصول للمواد الأساسية، وتوفير التصنيع المحلي، وتعزيز الاستدامة، والمشاركة في سلاسل التوريد العالمية.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
خاص الأمير سعود ووزير الصناعة خلال حفل الهيئة (إمارة منطقة مكة المكرمة)

خاص وزير الصناعة السعودي: هيئة المساحة ستلعب دوراً محورياً في السنوات الـ25 المقبلة في التعدين

تلعب هيئة المساحة الجيولوجية في السعودية دوراً حيوياً في الكشف عن مخزونات الأرض من الفلزات، التي تشمل الذهب والزنك والنحاس.

سعيد الأبيض (جدة)
الاقتصاد جانب من العاصمة السعودية الرياض (واس)

صفقات «جسري» السعودية تتخطى 9.3 مليار دولار

أعلنت السعودية توقيع 9 صفقات استثمارية بقيمة تزيد على 35 مليار ريال (9.3 مليار دولار)، ضمن «المبادرة الوطنية لسلاسل الإمداد العالمية (جسري)».

«الشرق الأوسط» (الرياض)

محمد بن سلمان: ميزانية 2025 تؤكد العزم على تعزيز قوة ومتانة ومرونة اقتصاد السعودية

TT

محمد بن سلمان: ميزانية 2025 تؤكد العزم على تعزيز قوة ومتانة ومرونة اقتصاد السعودية

ولي العهد يوقِّع على الميزانية العامة للعام المالي 2025 (واس)
ولي العهد يوقِّع على الميزانية العامة للعام المالي 2025 (واس)

قال الأمير محمد بن سلمان، ولي العهد السعودي رئيس مجلس الوزراء، إن ميزانية 2025 تؤكد العزم على تعزيز قوة ومتانة ومرونة اقتصاد المملكة، وهو ينمو بوتيرة متسارعة ويوجد فرصاً غير مسبوقة، من خلال المحافظة على مستويات مستدامة من الدَّيْن العام واحتياطيات حكومية معتبرة، إضافةً إلى سياسة إنفاق مرنة تمكّنها من مواجهة التحديات والتقلبات في الاقتصاد العالمي.

وشدد ولي العهد، عقب إقرار مجلس الوزراء ميزانية العام المالي لعام 2025، على أن الإصلاحات المالية التي نفّذتها المملكة انعكست إيجابياً على تصنيفاتها الائتمانية؛ نتيجة تبني الحكومة سياسات مالية تسهم في المحافظة على الاستدامة المالية وكفاءة التخطيط المالي.

وأشار محمد بن سلمان إلى أن ميزانية العام المالي 2025 تؤكد استهداف حكومة المملكة الاستمرار في عملية تنفيذ الإصلاحات التنظيمية والهيكلية وتطوير السياسات الهادفة إلى الارتقاء بمستوى المعيشة وتمكين القطاع الخاص وبيئة الأعمال، والعمل على إعداد خطة سنوية للاقتراض وفق استراتيجية الدّيْن متوسطة المدى التي تهدف إلى الحفاظ على استدامة الدّيْن وتنويع مصادر التمويل بين محلية وخارجية والوصول إلى أسواق الدين العالمية.

ونوه بالدور المحوري للمملكة في دعم الاستقرار الاقتصادي والمالي إقليمياً وعالمياً، انطلاقاً من متانة اقتصادها القادر على تجاوز التحديات.

وأوضح أن الحكومة ملتزمة مواصلة دعم النمو الاقتصادي من خلال الإنفاق التحولي مع الحفاظ على الاستدامة المالية على المديين المتوسط والطويل، وتواصل الحكومة تعزيز دور القطاع الخاص وتمكينه ليصبح المحرك الرئيسي للنمو الاقتصادي من خلال توفير البيئة الاستثمارية المحفّزة، ودعم المنشآت الصغيرة والمتوسطة لتكوين قطاع عمل قوي وواعد يعزز قدرات الكوادر البشرية في المشاريع المختلفة، ويُمكّن الحكومة من مواصلة العمل على تعزيز نموها الاقتصادي بما يحقق للاقتصاد استدامةً مالية، واستمرارية المشاريع ذات العائدَين الاقتصادي والاجتماعي، بالإضافة إلى مواصلة العمل على تحقيق وتنفيذ البرامج والمبادرات المتعلقة بتطوير البنية التحتية، ورفع جودة الخدمات الأساسية المقدَّمة للمواطنين والمقيمين والزائرين.

وقال ولي العهد: «إن الاقتصاد السعودي جزء لا يتجزأ من الاقتصاد العالمي، ويتأثر بالتطورات العالمية كأي اقتصاد آخر؛ وهذا ما يدعونا إلى مواصلة العمل على مواجهة أي تحديات أو متغيرات عالمية عبر التخطيط المالي طويل المدى للاستمرار على وتيرتنا المتصاعدة نحو تحقيق وتنفيذ البرامج والمبادرات، مع الالتزام بكفاءة الإنفاق، والتنفيذ المتقن والشفاف لجميع البنود الواردة في الميزانية، وإتمام البرامج والمشاريع المخطط لها في برامج (رؤية السعودية 2030) والاستراتيجيات الوطنية والقطاعية».

وقال إن المؤشرات الإيجابية للاقتصاد السعودي تأتي امتداداً للإصلاحات المستمرة في المملكة في ظل "رؤية 2030"؛ إذ يقدر أن تسجل المملكة ثاني أسرع معدل نمو في الناتج المحلي الإجمالي بين الاقتصادات الكبرى خلال العام القادم عند 4.6 في المائة، مدفوعة باستمرار ارتفاع مساهمة الأنشطة غير النفطية والتي بلغت مستوى قياسياً جديداً لها خلال العام 2024 عند 52 في المائة، وانخفض معدل بطالة السعوديين إلى مستوى قياسي بلغ 7.1 في المائة حتى الربع الثاني وهو الأدنى تاريخياً، مقترباً من مستهدف 2030 عند 7 في المائة.

كما ارتفع معدل مشاركة المرأة السعودية في سوق العمل ليصل إلى 35.4 في المائة حتى الربع الثاني متجاوزاً مستهدف الرؤية البالغ 30 في المائة، وبلغ صافي تدفقات الاستثمار الأجنبي 21.2 مليار ريال (5.6 مليار دولار) خلال النصف الأول من العام الجاري، ويعكس ذلك اهتمام حكومة خادم الحرمين الشريفين بجميع فئات المجتمع.

ولفت ولي العهد إلى الدور المحوري لصندوق الاستثمارات العامة وصندوق التنمية الوطني والصناديق التنموية التابعة له في دعم الاستقرار الاقتصادي وتحقيق التنمية الشاملة، كما يمثل الصندوقان قوة فاعلة لتنويع الاقتصاد والاستثمار في المملكة بما يحقق مستهدفات رؤية المملكة 2030.

وأضاف: «إن المملكة تسير على نهجٍ واضح، وهدف حكومتها -بقيادة وتوجيهات خادم الحرمين الشريفين- في المقام الأول هو خدمة المواطنين والمقيمين، والمحافظة على مكتسباتنا التنموية، والاستمرار في أعمالنا الإنسانية في الداخل والخارج، التزاماً بتعاليم ديننا الحنيف، ومواصلة العمل بكل الموارد والطاقات لتحقيق أهدافنا، مستعينين بالله -عز وجل- ومتوكلين عليه، وواثقين بطاقات وقدرات أبناء وبنات هذه البلاد الذين تسابقوا على الابتكار والإنتاج والإسهام في تحقيق رؤيتنا للوصول إلى مجتمع حيوي واقتصاد مزدهر ووطن طموح».

كان مجلس الوزراء السعودي برئاسة ولي العهد قد أقرَّ ميزانية العام المالي 2025، التي تتوقع إيرادات بقيمة 1.184 تريليون ريال (315.7 مليار دولار)، ونفقات بقيمة 1.285 تريليون ريال (342.6 مليار دولار)، وعجزاً بقيمة 101 مليار ريال (26.9 مليار دولار) الذي يمثل انخفاضاً نسبته 14.4 في المائة عن العجز المتوقع لهذا العام.

وذكرت وكالة الأنباء السعودية أن ولي العهد وجّه الوزراء والمسؤولين، كلاً فيما يخصه، بالالتزام بتنفيذ ما تضمنته الميزانية من برامج واستراتيجيات ومشاريع تنموية واجتماعية ضمن رحلة «رؤية 2030».

وتتوافق الأرقام مع البيان التمهيدي لميزانية العام المقبل الذي كان وزارة المالية قد أصدرته في سبتمبر (أيلول) الماضي.