أفغانستان ملتقى اهتمام «الجيران» في عهد قيادتها الجديدة

الحسابات والاتصالات مع «طالبان» بعد الرحيل الأميركي

أفغانستان ملتقى اهتمام «الجيران» في عهد قيادتها الجديدة
TT

أفغانستان ملتقى اهتمام «الجيران» في عهد قيادتها الجديدة

أفغانستان ملتقى اهتمام «الجيران» في عهد قيادتها الجديدة

يتمثل السؤال الأهم أمام حكومة «حركة طالبان» المشكلة حديثاً في العاصمة الأفغانية كابُل بكيفية السيطرة على العنف أو احتوائه داخل حدود أفغانستان والحؤول دون تسربه أو امتداده إلى الدول المجاورة. ويرى المراقبون والمحللون أن الإجابة على هذا السؤال ستحدد إلى حد بعيد مصير نظام «طالبان» الجديد الذي استعاد السيطرة على البلاد في أعقاب الاحتلال الأميركي... الذي جاء في أعقاب هجمات 11 سبتمبر (أيلول) 2001 على الولايات المتحدة.
حسب هؤلاء المراقبين ستؤثر سيطرة الحركة على العنف، وقدرتها على احتوائه، على الآراء في العواصم الإقليمية حول دعم أو معارضة الحكومة المؤلفة حديثاً. والواضح أنه في الوقت الراهن، تخشى كل دولة متاخمة لأفغانستان من امتداد العنف إلى أراضيها. كذلك، ملاحظٌ حالياً أن ثمة جماعات إرهابية مسلحة وانفصالية تستخدم أفغانستان كملاذ يصعب السيطرة عليه، وفي صميم جدول أعمالها الرئيسي نشر العنف في دولة أو أخرى متاخمة أو مجاورة.
لم يفلح تكرار قادة «حركة طالبان» الأفغانية الإعلان عن أنهم لن يسمحوا باستخدام الأراضي الأفغانية ضد أي دولة، في تهدئة مخاوف المجتمع الدولي. ومعلوم أنه مرة تلو أخرى، أكد زعماء العالم لـ«طالبان» أنهم سيصدرون الحكم عليهم من خلال أفعالهم لا أقوالهم. وبناءً عليه، فإن المواقف والسياسات الظاهرة المختلفة للدول الغربية من ناحية، والقوى الإقليمية مثل الصين وروسيا وإيران من ناحية أخرى، لا ينبغي أن تغري «طالبان» بالشعور بالرضا... أو الظن بأن ثمة قوى إقليمية ستدعمها من دون قيد أو شرط. وهذا الأمر على جانب من الأهمية، وبالأخص في ظل وجود مؤشرات - بالفعل - في مواقف القوى الإقليمية حتى الآن من شأنها أن تربك قيادة «طالبان» وتوقعها في فخ التوهم بأنها تحظى بدعم غير مشروط من جانب هذه القوى.

مواقف الجيران

في سياق متصل، بينما كان الأميركيون حاضرين على الأراضي الأفغانية، كانت هذه القوى الإقليمية سعيدة بدعم «حركة طالبان» المزعجة، بغية إبقاء الأميركيين في حالة تأهب. غير أن الأميركيين الآن رحلوا في الوقت الذي تشعر هذه القوى الإقليمية بالقلق إزاء الحركات المسلحة السنية المتشددة... وترى هذه القوى تهديدات صادرة عن جماعات متطرفة وأخرى إرهابية ما زالت مختبئة داخل أفغانستان. ومن جهتها، يساور إيران قلق بالغ إزاء صعود «داعش» في أفغانستان المتاخمة لحدودها الشرقية. ويرى مراقبون أن «تنظيم داعش» بآيديولوجيته الطائفية العنيفة وأجندته الإرهابية يمكن أن يشكل تهديداً للمجتمعات الشيعية داخل أفغانستان. كذلك تتخوف إيران من أن يتوغل «تنظيم داعش» والشراذم التابعة له في عمق الأراضي الإيرانية عبر الحدود الطويلة بين البلدين «الجارين». وحقاً، توجد بالفعل مؤشرات توحي بـ«اختراق» شراذم متطرفة سنية إقليم سيستان وبلوشستان الإيراني، حيث تضرب النزعات الانفصالية بجذور عميقة وقديمة.
وبالمثل، يخشى الروس من صعود «تنظيم داعش» في شمال أفغانستان، وتحديداً المناطق القريبة من حدود البلاد مع دول آسيا الوسطى، بما في ذلك تركمانستان وأوزبكستان وتاجيكستان - وكلها جمهوريات سوفياتية سابقة – لا سيما أن روسيا لا تزال تعتبر هذه الدول الثلاث ضمن نطاقها الأمني. وهنا، تجدر الإشارة إلى أنه تنشط في الجمهوريات الثلاث مجموعات سنية متطرفة تعمل داخل حدودها، وبعضها يستخدم أفغانستان كملاذ آمن وقاعدة خلفية. وبالفعل، أوضح الروس، من جانبهم، لشركائهم الإقليميين، بما في ذلك الجيش الباكستاني وأجهزة الاستخبارات، تصورهم للتهديد الناجم عن صعود «تنظيم داعش» داخل أفغانستان.
ثم إن القلق لا يقتصر الآن على الروس والإيرانيين، إذ يخشى الصينيون أيضاً من وجود عناصر انفصالية تنتمي إلى «حركة تركستان الشرقية» الانفصالية تستخدم أراضي أفغانستان كملاذ وقاعدة خلفية. وعندما زار وفد من «طالبان» العاصمة الصينية بكين، قبل فترة قصيرة، أعرب مسؤول في وزارة الخارجية الصينية صراحة عن مخاوفه بشأن هذه العناصر الانفصالية المعروفة لقادة «طالبان»، حسبما ذكرت وسائل الإعلام الحكومية الصينية.
أخيراً، تأتي باكستان، الظهير التاريخي لـ«طالبان». وهنا يساور الباكستانيين قلق مماثل إزاء صعود «تنظيم داعش» في شرق أفغانستان وصلاته بالجماعات الطائفية الباكستانية المتمركزة داخل الأراضي الأفغانية. والملاحظ أن معظم الهجمات الطائفية في كويتا (عاصمة إقليم بلوشستان الباكستاني) ومحيطها خلال عامي 2018 و2019 نفذها «تنظيم داعش» بمساعدة شركائه الباكستانيين، وفق تقارير الاستخبارات الباكستانية. والجلي للمراقبين أن مصدر إزعاج آخر لمسؤولي الأمن الباكستانيين، هو وجود قيادة وكوادر حركة «طالبان باكستان» داخل الأراضي الأفغانية. وحول هذه المسألة، يرى كثيرون أن ادعاء قوات الأمن الباكستانية «النجاح في كسر ظهر التشدد» يظل ادعاءً ينبغي التعامل معه بحذر شديد. فالآن، يمكن أن يؤدي إحكام «طالبان» قبضتها العسكرية والسياسية على كابُل والمدن الرئيسة الأخرى في أفغانستان إلى تشجيع حركة «طالبان باكستان» على العمل بحرية أكبر. ولكن مع هذا، فإن ما نراه في أروقة السلطة في إسلام آباد لحظات بهيجة، وليست متخوفة أو قلقة إزاء حقيقة أن «طالبان» استعادت السلطة وفرضت نفوذها بقوة السلاح.

تحدي احتواء العنف

على أي حال، السؤال الأمني الأساسي الذي يواجه نظام «طالبان» هو ذلك الذي يدور حول ما إذا كان سيتمكن من السيطرة واحتواء كل مصادر العنف هذه داخل الحدود الأفغانية.
هل يملك النظام الجديد - القديم الإمكانيات التقنية لإدارة هذا الوضع الأمني المعقد للغاية؟ وهل قادته مقتنعون آيديولوجياً بضرورة منع المتشددين الإرهابيين والانفصاليين المختبئين داخل الأراضي الواقعة تحت سيطرتهم من زرع الفوضى في البلدان المجاورة؟ وبمعنى آخر، هل لدى قادة «طالبان» الإرادة السياسية لكبح جماح هذه الجماعات والشراذم؟
من الحقائق المعروفة أن «حركة طالبان» الأفغانية على خلاف مع «تنظيم داعش» - الذي يتألف في معظمه من أعضاء «طالبان» الراديكاليين الذين انشقوا عن التنظيم - الأم في الآونة الأخيرة، إلا أن فريق المراقبة التابع للأمم المتحدة لاحظ خلال الفترة الأخيرة في أحد تقاريره أن «حركة طالبان» الأفغانية ما زالت تحتفظ بصلات مع «القاعدة»، بل ولديهم صلات أيضاً مع حركة «طالبان باكستان». ثم إن الحركة كانت تستضيف ناشطين ومقاتلين انفصاليين من تركستان الصينية – أي إقليم سنكيانغ الذاتي الحكم في أقصى غرب الصين – إبان فترة حكمهم السابقة، ناهيك عن استضافتهم أيضا جماعات متطرفة سنية من جمهوريات آسيا الوسطى في الماضي.
ومن ثم، يُطرح هنا السؤال: إلى أي مدى يمكن لـ«طالبان» أن تذهب لمنع هذه الجماعات والشراذم من نشر العنف في الدول المجاورة؟ وإلى أي مدى ستتسامح دول الجوار مع وجود هذه الجماعات على الأراضي الأفغانية؟ وهل ستسمح هذه الدول المجاورة لـ«ـطالبان» بتعزيز قبضتها على السلطة... حتى لو فشلت في القيام على الفور بإجراءات للسيطرة على العنف واحتوائه داخل حدودها؟
هنا نعود إلى القول، إن الإجابة عن هذه التساؤلات ستحدد مصير نظام «طالبان». ولا بد من الوضع في الحساب حقيقة أنه لا يمكن للعناصر المحلية داخل المجتمع الأفغاني أن تقاوم وتفجر حرباً أهلية في أفغانستان إلا بمساعدة عسكرية من الدول المجاورة. وبالتالي، فإن التساؤل المحير الآن هو ما إذا كان أولئك الذين يديرون السياسة الخارجية لباكستان قد توقعوا وضعاً ستخفق معه «طالبان» في السيطرة بنجاح على الموقف واحتواء العنف داخل حدودها. في الواقع، تبدو هذه النتيجة المحتملة للوضع الحالي، لكن يبدو أن الضحكات المتهورة لمن هم في السلطة داخل مطار كابُل يشير إلى أن الباكستانيين ما زالوا يتمتعون باللحظة الراهنة، وسيستغرق الأمر وقتاً طويلاً قبل أن يبدأوا في الشعور بالقلق إزاء تطور الوضع.
حتى اللحظة، يبدو أن «طالبان» هي المستفيد الرئيسي من هذا الإجماع الإقليمي القادر على خلق بيئة مواتية لمنع اندلاع حرب أهلية أخرى في أفغانستان. والواضح أن هذه الاستجابة الإقليمية مواتية للغاية للحركة، خاصة أنه في الماضي، كانت الحروب الأهلية الأفغانية تؤجج واحدة بجهود أو تبعاً لمصالح الدول المتاخمة والمجاورة، وذلك عبر تقديم الأسلحة والتدريب والتمويل إلى هذا الجانب أو خصومه في الصراع الداخلي على السلطة في أفغانستان. وهذا بخلاف الصورة الحالية حيث يبدو الكل - علناً على الأقل - سعداء بصعود «طالبان» كقوة عسكرية مهيمنة في البلاد.
من ناحية أخرى يتناقض هذا الرضا بشكل ملحوظ مع افتقار «طالبان» للقدرات التنظيمية والإدارية والسياسية لإدارة شؤون الحكومة على أسس حديثة. وهنا، يرى خبراء باكستانيون أن أي محاولة للإبقاء على النزاعات المسلحة والتطرف في شكلهما الأصلي، مع إفساح المجال للاستثمار الأجنبي والتكنولوجيا الحديثة في المجتمع الأفغاني يمكن أن تؤتي بنتائج كارثية.
وحسب المراقبين، يكشف تاريخ الإرهاب والتشدد في أعقاب هجمات 11 سبتمبر بوضوح أن التكنولوجيا والتطرف الديني مزيج قاتل. واللافت أن عدداً كبيراً من الإرهابيين القتلة على مدار السنوات العشرين الماضية كانوا من المتخصصين في التكنولوجيا المتقدمة وتخرجوا في جامعات مشهود لها دولياً أو وطنياً. وفي المقابل، فإن تحول «طالبان» إلى قوة تقليدية قد يعزز قوة وجاذبية الجماعات المتطرفة الراديكالية التي تنشط في أفغانستان.

العلاقة بين إيران و«طالبان»
> بدأت إيران و«طالبان» التعاون عسكرياً خلال الفترة من 2014 حتى 2016 العام الذي شهد صعود «داعش» داخل أفغانستان. وبعد ظهور «تنظيم داعش في ولاية خراسان» داخل أفغانستان عام 2015، وجدت طهران مبرراً آخر للتعاون مع «طالبان»، إلا وهو احتواء أعضاء «داعش» الذين تعتبرهم طهران مصدر تهديد لحدودها.
بعد هذا التعاون، نقلت تقارير صحافية عن المتحدث باسم «طالبان»، ذبيح الله مجاهد، في يوليو (تموز) 2016، قوله إن «الجماعة تقيم علاقات جديدة مع طهران»، حسبما أفاد معهد الشرق الأوسط في العاصمة الأميركية واشنطن.
من جهته، نفذ «فيلق القدس» التابع للحرس الثوري الإيراني و«طالبان» عمليات مشتركة ضد «تنظيم داعش» في وسط أفغانستان عام 2016 وأواخر عام 2018 اعترفت إيران لأول مرة بأنها تستضيف مبعوثي «طالبان» لإجراء مباحثات ثنائية، لكن طهران شددت على أن الحكومة الأفغانية كانت على علم بالاجتماع، وأن الهدف من المباحثات «حل المشاكل الأمنية في أفغانستان».
ثم في أواخر يناير (كانون الثاني) 2021 توجه وفد رفيع من «طالبان»، بقيادة برادر إلى طهران، الأمر الذي جرى تداوله على نطاق واسع عبر وسائل إعلام إيرانية. ومع ذلك، يعتقد خبراء أن هذا التعاون جاء على أساس العداء المشترك لواشنطن وقواتها العسكرية في أفغانستان. ومع رحيل الأميركيين الآن، يتوقع أن يلحق الضعف بأساس هذا التعاون إلى حد كبير. ومن جهته، قال خبير باكستاني معلقاً: «سيحكم الإيرانيون والروس على (طالبان) الآن على أساس أدائهم في احتواء العنف داخل حدودهم».
وبالفعل، لهذا السبب، عُقد مؤتمر لرؤساء ثماني وكالات استخباراتية إقليمية في العاصمة الباكستانية إسلام آباد أخيراً، استضافه رئيس الاستخبارات الباكستانية الجنرال فايز حميد، وشارك فيه رؤساء الاستخبارات الروسية والصينية والإيرانية وعدد من دول آسيا الوسطى. واستعرض المشاركون خلال المؤتمر الوضع الأمني في أفغانستان ووافقوا على تبادل المعلومات الاستخباراتية مع حكومة «طالبان» حول أي تهديد أمني وشيك.

الصين وأفغانستان: الاستثمار أم الإرهاب؟
> تكره الطبيعة الفراغ، وينطبق القول ذاته على حال السياسة، فمع سقوط إمبراطورية، تقف أخرى في انتظار سد الفراغ. وبالمثل، في الوقت الذي يعكف الأميركيون على حزم حقائبهم للعودة إلى ديارهم، يبدو الصينيون متحمسين لملء الفراغ الناجم عن رحيلهم. وكما ورد في مقال رأي كتبه تشو بو، الخبير الصيني في الشؤون الاستراتيجية، ونشرته صحيفة «نيويورك تايمز» الأميركية قبل أيام قليلة رأى الكاتب أن الصين تدخل أفغانستان الآن وهي «ليست مسلحة بالقنابل، بل بمخططات البناء». وللعلم، كان تشو عقيداً بارزاً في «جيش التحرير الشعبي» الصيني من عام 2003 إلى عام 2020، كما أنه خبير في التفكير الاستراتيجي للجيش الصيني بشأن الأمن الدولي. وأوضح الخبير الصيني مفصلاً كلامه «في الواقع، لطالما اعتبرت أفغانستان مقبرة للغزاة... الإسكندر الأكبر، والإمبراطورية البريطانية، والاتحاد السوفياتي، والآن الولايات المتحدة. الآن تدخل الصين... ليست مسلحة بالقنابل، وإنما بمخططات البناء، وفرصة لإثبات أن اللعنة (لعنة التدخل الخارجي) يمكن كسرها».
تشو يعتبر أن كلاً من أفغانستان والصين، على الترتيب، تملكان أكثر ما يحتاجه كل منهما. ومع الانسحاب الأميركي، يمكن لبكين أن تقدم أكثر ما تحتاجه كابُل: الحياد السياسي والاستثمار الاقتصادي. وفي المقابل، تملك أفغانستان أهم الجوائز التي يمكن للصين اغتنامها وهي: فرص في البنية التحتية وبناء الصناعة، وهذان مجالان تتمتع الصين فيهما بقدرات لا نظير لها، إضافة لإمكانية الوصول إلى احتياطيات معدنية غير مستغلة تقدر قيمتها بتريليون دولار، بما في ذلك معادن صناعية حيوية، مثل الليثيوم والحديد والنحاس والكوبالت. ومع أن بعض النقاد دفعوا بأن الاستثمار الصيني ليس أولوية استراتيجية داخل أفغانستان الأقل أمناً، فإنني أعتقد خلاف ذلك.
وتابع تشو قراءته معرباً عن اعتقاده بأن «الشركات الصينية تتمتع بسمعة طيبة في الاستثمار بالبلدان الأقل استقراراً، طالما أنها تستطيع جني الثمار». مشيراً إلى نجاحها في ذلك بالفعل داخل العديد من الدول الأفريقية. وهنا تجدر الإشارة هنا إلى أن الخطط الصينية لأفغانستان لا تنطوي على أي نوع من الوجود العسكري، لكن هناك لإدخال أفغانستان في مجال نفوذها من خلال إضافة طرق جديدة في مبادرة «الحزام والطريق».
هذا يعني تدفق استثمارات صينية ضخمة على أفغانستان تحت قيادة «طالبان»، والواضح أن الاقتصاد الصيني متعطش للموارد الطبيعية من أجل توفير مواد خام لصناعته. وإذا أخذنا بما كتبه تشو، فإن هناك تريليون دولار من المخزونات المعدنية غير المستغلة في أفغانستان، يمكن للمرء أن يتخيل مستوى الاستثمار الذي ستكون الصين على استعداد لتقديمه من أجل استغلال هذه الموارد المعدنية غير المستغلة التي تحتاجها بشدة من أجل نموها الصناعي.
في ظل هذه الخلفية، يبدو أن الإجماع السياسي الإقليمي حول الانتصارات العسكرية لـ«طالبان» منطقي. وعلى ما يظهر، ينظر اللاعبون الإقليميون إلى «طالبان» الآن باعتبارها حصناً في مواجهة الخطر الإقليمي المتصور المتمثل في صعود الجماعات السنية المتطرفة - مثل «داعش» - في أفغانستان. والجدير بالذكر هنا أن وجود «داعش» في أفغانستان تنامى بين عامي 2014 و2016 ووصل الأمر إلى حد تقديم كل من روسيا وإيران بأسلحة حديثة لـ«حركة طالبان» كي تشن عمليات ضد التنظيم المتطرف داخل مناطق سيطرتها.
أما الصينيون - كما سبقت الإشارة - فيشعرون بالقلق خصوصاً إزاء وجود مسلحين ينتمون إلى «حركة تركستان الشرقية» في الأراضي الأفغانية القريبة من ممر واخان الذي يربط أفغانستان والصين. ووفقاً لما ذكره تشو، فإنه عندما زار الملا عبد الغني برادر (نائب رئيس حكومة «طالبان» الجديدة) بكين «قال وزير الخارجية الصيني وانغ يي... إنه يأمل في أن تقطع (طالبان) تماماً علاقتها مع مجموعة تركستان الشرقية لأنها تشكل تهديداً مباشرا للأمن الوطني للصين وسلامة أراضيها».



أميركا اللاتينية منقسمة إزاء التعايش مع ترمب «العائد»

الرئيس الأرجنتيني اليميني خافيير ميلي مع ترمب "حليفه الأكبر" في واشنطن خلال فبراير (شباط) الماضي (رويترز والرئاسة الأرجنتينية)
الرئيس الأرجنتيني اليميني خافيير ميلي مع ترمب "حليفه الأكبر" في واشنطن خلال فبراير (شباط) الماضي (رويترز والرئاسة الأرجنتينية)
TT

أميركا اللاتينية منقسمة إزاء التعايش مع ترمب «العائد»

الرئيس الأرجنتيني اليميني خافيير ميلي مع ترمب "حليفه الأكبر" في واشنطن خلال فبراير (شباط) الماضي (رويترز والرئاسة الأرجنتينية)
الرئيس الأرجنتيني اليميني خافيير ميلي مع ترمب "حليفه الأكبر" في واشنطن خلال فبراير (شباط) الماضي (رويترز والرئاسة الأرجنتينية)

من شائع القول، أن الانتخابات الرئاسية في الولايات المتحدة يجب أن تكون مفتوحة لمشاركة جميع سكان العالم، لما لنتائجها من تأثير سياسي واقتصادي وأمني على الصعيد الدولي الواسع. لكن مما لا شك فيه أن أميركا اللاتينية التي تعد «الحديقة الخلفية» لواشنطن، والتي طالما كان ليد الإدارات الأميركية الطولى وأجهزة استخباراتها الدور الحاسم في تحديد خياراتها السياسية والاقتصادية، هي الأشد تأثراً بوجهة الرياح التي تهبّ من البيت الأبيض. «الصوت اللاتيني» كان هذه المرة موضع منافسة محتدمة بين الجمهوريين والديمقراطيين خلال الحملة الانتخابية، وكان راجحاً في كفّة المرشح الفائز، كما دلّ على أهميته قرار الرئيس العائد دونالد ترمب اختيار منافسه في الانتخابات الأولية، السيناتور الكوبي الأصل ماركو روبيو، لمنصب وزير الخارجية في الإدارة الجديدة. إلا أن ردود الفعل في بلدان أميركا اللاتينية على فوز دونالد ترمب بولاية رئاسية ثانية، جاءت متفاوتة ومتأرجحة بين القلق الدفين في أوساط الأنظمة اليسارية والتقدمية، والابتهاج الظاهر بين الحكومات والأحزاب المحافظة واليمينية المتطرفة.

أول المحتفلين بفوز الرئيس دونالد ترمب والمُنتشين لعودته إلى البيت الأبيض كان الرئيس الأرجنتيني اليميني المتطرف خافيير مَيلي الذي سارع، بعد أسبوع من إعلان الفوز، لملاقاته في مقره بولاية فلوريدا حيث أعرب له عن «استعداد الأرجنتين الكامل لمساعدته على تنفيذ برنامجه».

أيضاَ، المعارضة البرازيلية التي يقودها الرئيس اليميني المتطرف السابق جايير بولسونارو - الذي يخضع حالياً للمحاكمة بتهمة التحريض على قلب نظام الحكم وهو ممنوع من السفر خارج البلاد - لم تكن أقل ابتهاجاً من الرئيس الأرجنتيني أو المعارضة الفنزويلية التي عادت لتعقد الآمال مجدّداً على رفع منسوب الضغط الأميركي على نظام نيكولاس مادورو اليساري في فنزويلا والدفع باتجاه تغيير المعادلة السياسية لصالحها.

حذر في المكسيك

في المقابل، حاولت السلطات المكسيكية من جهتها إبداء موقف حذر على الرغم المخاوف التي تساورها من أن يفي الرئيس الأميركي العائد بالوعود التي قطعها خلال الحملة الانتخابية حول الهجرة والتجارة ومكافحة المخدرات، والتي تجعل من المكسيك أكثر بلدان المنطقة تعرّضاً لتداعيات السياسة الشعبوية المتشددة التي ستتبعها إدارته الثانية اعتباراً من العام المقبل. ومعلوم أن ترمب كان قد جعل من بناء «الجدار» على الحدود الفاصلة بين المكسيك والولايات المتحدة عنواناً لحملته الانتخابية الأولى وأحد ركائز حملته الثانية، إلى جانب خطابه العنصري المناهض للمهاجرين المكسيكيين الذين يشكلون الغالبية الساحقة من المهاجرين اللاتينيين إلى الولايات المتحدة. كذلك، كان ترمب قد هدد الرئيسة المكسيكية الاشتراكية الجديدة كلاوديا شاينباوم بفرض رسوم جمركية بنسبة 25 في المائة على السلع المستوردة من المكسيك ما لم تمنع تدفق المهاجرين من أميركا الوسطى إلى الولايات المتحدة عبر أراضي المكسيك.

الرئيسة شاينباوم قلّلت من شأن تهديدات ترمب، وقالت إن بلادها - كالعادة - «ستتمكن من تجاوز الأزمة»، لكن لا أحد يشك في أن الدولة المرشحة لأكبر قدر من الضرر جرّاء عودة ترمب إلى البيت الأبيض هي المكسيك، أولاً نظراً لكونها الشريك التجاري الأول للولايات المتحدة، وثانياً لأن العلاقات بين البلدين المتجاورين هي أشبه بزواج لا طلاق فيه.

من جهة ثانية، كان لافتاً أن سوق المال (البورصة) المكسيكية لم تتعرّض لأي اهتزازات تذكر بعد إعلان فوز ترمب، خلافاً لما حصل بعد فوزه بالولاية الأولى عام 2016. وهو ما يدلّ على التأقلم مع أسلوبه والتكيّف معه، وأيضاً على متانة «اتفاقية التجارة الحرة» بين المكسيك وكندا والولايات المتحدة كإطار يحكم المبادلات التجارية بين البلدان الثلاثة.

المشهد البرازيلي

في البرازيل، كما سبقت الإشارة، كان الرئيس السابق جايير بولسونارو بين أوائل المهنئين بفوز دونالد ترمب. إذ أعرب عن ابتهاجه لهذا «النصر الأسطوري الذي منّ به الله تعالى على الولايات المتحدة والعالم»، في حين اكتفت حكومة الرئيس الحالي اليساري الحالي لويس إيناسيو (لولا) بالطقوس الدبلوماسية المألوفة، بعدما كان «لولا» قد أعلن صراحة دعمه لمرشحة الحزب الديمقراطي نائبة الرئيس المودّعة كمالا هاريس.

أكثر من هذا، تابع إدواردو بولسونارو، نجل الرئيس السابق والعضو في مجلس النواب البرازيلي، عملية فرز نتائج الانتخابات الأميركية في منزل ترمب بفلوريدا، حيث صرّح بعد إعلان الفوز: «ها نحن اليوم نشهد على قيامة مقاتل حقيقي يجسد انتصار الإرادة الشعبية على فلول النخب التي تحتقر قيمنا ومعتقداتنا وتقاليدنا». وبالمناسبة، لا يزال بولسونارو «الأب» عازماً على الترشّح للانتخابات الرئاسية البرازيلية في عام 2026. على الرغم من صدور حكم قضائي مُبرم يجرّده من حقوقه السياسية حتى عام 2030 بتهمة سوء استخدام السلطة والتحريض على الانقلاب.

بالتوازي، كان «لولا» قد تعرّض للانتقاد بسبب تأييده الصريح لهاريس، الذي ضيّق كثيراً هامش المناورة أمامه بعد هزيمتها. لكنه علّق بعد تهنئته ترمب: «الديمقراطية هي صوت الشعب الذي يجب احترامه».

اليوم يعتقد أنصار بولسونارو أن المشهد السياسي الأميركي الجديد، والدور الوازن الذي يلعبه الملياردير إيلون ماسك داخل إدارة ترمب، قد يشكّلان ضغطاً على الكونغرس البرازيلي والمحكمة العليا لإصدار عفو عن الرئيس البرازيلي السابق يتيح له الترشح في انتخابات عام 2026 الرئاسية. أما على الصعيد الاقتصادي، فتخشى البرازيل، في حال قرّر ترمب رفع الرسوم الجمركية وفرض إجراءات حمائية، خفض صادراتها إلى الولايات المتحدة وتراجعاً في قيمة موادها الخام. كذلك، من شأن إغلاق السوق الأميركية أمام السلع الصينية أن يؤدي إلى خفض الطلب على المواد الخام التي تشكّل عماد المبادلات التجارية البرازيلية. أما على الصعيد البيئي، فقد حذرت وزيرة البيئة البرازيلية مارينا سيلفا من أن الأسرة الدولية ستكون مضطرة لمضاعفة جهودها للحد من تداعيات أزمة المناخ إذا قرر ترمب المضي في تنفيذ سياساته البيئية السلبية المعلنة.

مَيلي متحمّس ومرتاح

الرئيس الأرجنتيني خافيير مَيلي، من جانبه، احتفى بفوز ترمب على وسائل التواصل الاجتماعي، وتعهد بالتعاون مع إدارته لتنفيذ برنامجه الانتخابي، معوّلاً على استثمارات أميركية ضخمة في القطاعات الإنتاجية الأرجنتينية. وانضمّ أيضاً إلى «التهاني» من معسكر اليمين الأرجنتيني الرئيس الأسبق ماوريسيو ماكري، الذي يشارك حزبه المحافظ في حكومة مَيلي الائتلافية، والذي سبق أن كان شريكاً لترمب في صفقات عقارية في الولايات المتحدة.

يُذكر أن ترمب كان قد لعب دوراً حاسماً في منح صندوق النقد الدولي قرضاً للأرجنتين بقيمة 44 مليار دولار أميركي عام 2018 ما زالت عاجزة عن سداده. وفي حين يأمل مَيلي بأن تساعده الإدارة الأميركية الجديدة بالحصول على قرض جديد من صندوق النقد يحتاج إليه الاقتصاد الأرجنتيني بشدة للخروج من أزمته الخانقة، فإنه يعرف جيداً أن ترمب سيكون بجانبه في «الحرب الثقافية» التي أعلنها على اليسار الدولي وأجندته التقدمية.

فنزويلا وكوبا

في الدول الأميركية اللاتينية الأخرى، علّق إدموندو غونزاليس أوروتيا، مرشح المعارضة في الانتخابات الرئاسية الفنزويلية - المنفي حالياً في إسبانيا والذي تدلّ كل المؤشرات على فوزه - علَّق على فوز ترمب بوصفه هو أيضاً الفائز الذي اعترفت به دول عدة بينها الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، فقال: «هذه إرادة الشعب الأميركي وأهمية التناوب على الحكم».

أما زعيمة المعارضة ماريا كورينا ماتشادو، التي اضطرت للتنازل عن ترشيحها لصالح غونزاليس بعدما جرّدها القضاء من حقوقها السياسية - فقد هنأت ترمب بقولها: «نعرف أنك كنت عوناً لنا دائماً، والحكومة الديمقراطية التي اختارها الشعب الفنزويلي ستكون حليفاً موثوقاً لإدارتك».

من الجانب الآخر، اختارت الحكومة الفنزويلية اليسارية التزام الحذر في تعليقها الأول على فوز ترمب، وجاء في تهنئتها البروتوكولية: «نوجه التهنئة لشعب الولايات المتحدة على هذه الانتخابات. إن فنزويلا على استعداد دائماً لإقامة علاقات مع الإدارات الأميركية في إطار الحوار والرشد والاحترام». وأضاف البيان الذي صدر عن الرئاسة الفنزويلية مستحضراً خطابه المعهود: «إن الاعتراف بسيادة الشعوب وحقها في تقرير مصيرها هو الأساس لقيام عالم جديد يسوده التوازن بين الدول الحرة»، في إشارة إلى المفاوضات المتعثّرة منذ سنوات بين واشنطن وكاراكاس لإيجاد مخرج من الأزمة الفنزويلية التي تمرّ اليوم بأكثر مراحلها تعقيداً. وهنا تجدر الإشارة إلى أن ترمب كان قد فرض إبان ولايته الرئاسية الأولى ما يزيد عن مائة عقوبة على فنزويلا، وانتقد بشدة قرارات إدارة بايدن برفع بعضها. غير أنه ليس واضحاً بعد كيف ستكون مقاربته لهذا الملف، خاصة، أن فنزويلا يمكن أن تساعد على تلبية الاحتياجات الأميركية من الطاقة في ظروف دولية معاكسة بسبب الحرب في أوكرانيا والاضطرابات في الشرق الأوسط.

وبما يخصّ كوبا، تحمل ولاية ترمب الثانية في البيت الأبيض معها أيضاً «سحباً سوداء» فوق كوبا التي تتوقع تشديد العقوبات والمزيد منها. وكان ترمب قد حطّم جميع الأرقام القياسية في العقوبات التي فرضها على النظام الكوبي، وأدرجها على قائمة «الدول الراعية للإرهاب»، الأمر الذي يضفي صعوبات جمّة على علاقات الدولة الكوبية المالية مع الخارج. ويلفت أن الحكومة الكوبية - حتى كتابة هذه السطور - لم تعلّق بعد على فوز دونالد ترمب بولاية ثانية.

تحمل ولاية ترمب الثانية في البيت الأبيض

معها «سحباً سوداء» فوق كوبا

التي تتوقع تشديد العقوبات

الرئيس المكسيكية الاشتراكية كلاوديا شاينباوم (رويترز)

كولومبيا تثير موضوع غزة

كولومبيا أيضاً يسود فيها الترقّب الحذر لمعرفة الوجهة التي ستسير بها العلاقات بين ترمب والرئيس الكولومبي اليساري غوستافو بترو اللذين لا يجمع بينهما أي رابط شخصي أو عقائدي. بيد أن هذا لم يمنع بترو من توجيه رسالة تهنئة إلى الرئيس الأميركي العائد لعلها الأكثر صراحة في مضمونها السياسي والمواضيع التي ستتمحور حولها علاقات المعسكر التقدمي في أميركا اللاتينية مع الإدارة الأميركية اليمينية المتشددة الجديدة. وجاء في رسالة بترو: «إن السبيل الوحيد لإغلاق الحدود يمرّ عبر ازدهار بلدان الجنوب وإنهاء الحصار»، في إشارة واضحة إلى العقوبات الأميركية المفروضة على فنزويلا وكوبا. ثم تناولت الرسالة موضوع غزة، الذي يستأثر باهتمام كبير لدى الرئيس الكولومبي، وأوردت: «الخيار التقدمي في الولايات المتحدة لا يمكن أن يقبل بالإبادة التي تتعرّض لها غزة».

باقي اليمين يرحب

في المقابل، اكتفت رئيسة البيرو، دينا بولوارتي، التي منذ سنة لا تتمتع بتأييد سوى 8 في المائة من مواطنيها، بتوجيه رسالة تهنئة «للمرشح دونالد ترمب على فوزه في الانتخابات الديمقراطية التي أجريت في الولايات المتحدة»، بينما غرّد دانيال نوبوا، رئيس الإكوادور اليميني الذي تشهد بلاده أزمة سياسية وأمنية عميقة منذ أشهر، على حسابه مرحباً: «مستقبل زاهر ينتظر قارتنا بفوز دونالد ترمب».

وفي تشيلي - التي يحكمها اليسار - كان أول المهنئين خوسيه أنطونيو كاست، زعيم الحزب الجمهوري اليميني المتطرف الذي يطمح للفوز في الانتخابات الرئاسية العام المقبل. وفي المقلب الآخر، على الصعيد الرسمي بادر وزير الخارجية التشيلي ألبرتو فان كلافيرين إلى التهنئة المبكرة قائلاً: «نتيجة الانتخابات كانت واضحة وكاشفة على أكثر من صعيد. نقيم علاقة دولة مع الولايات المتحدة، والعلاقات هي بين الدول، ونطمح لأفضلها مع حكومة الرئيس ترمب الجديدة». أما الرئيس التشيلي اليساري غابريل بوريتش، الذي كان آخر المهنئين بين زعماء المنطقة، فجاء في رسالته: «تؤكد تشيلي التزامها توطيد العلاقات مع الولايات المتحدة من أجل تحقيق تنمية شاملة، واحترام حقوق الإنسان والعناية بالديمقراطية».

 

حقائق

واقع العلاقات والمخاوف في أميركا الوسطى

في أميركا الوسطى، وتحديداً السلفادور، وعلى الرغم من العلاقات الجيدة التي تربط رئيسها نجيب أبو كيلة (الفلسطيني الأصل) مع دونالد ترمب، كما تَبيّن خلال الولاية الأولى للرئيس الأميركي المنتخب، فإن ثمة مخاوف ملموسة من التهديدات التي أطلقها ترمب خلال حملته الانتخابية بطرد جماعي للمهاجرين غير الشرعيين. للعلم، فإن ملايين من مواطني السلفادور يعيشون في الولايات المتحدة بصورة غير شرعية، ويُشكِّلون مصدر الدعم الاقتصادي الأساسي لعائلاتهم في وطنهم الأم. وحقاً تعدّ تحويلات المهاجرين الواردة من الولايات المتحدة المحرّك الرئيسي لاقتصاد السلفادور، إذ بلغت في العام الماضي ما يزيد على 5 مليارات دولار.وراهناً، يسود الاعتقاد بين المراقبين الأميركيين اللاتينيين - على امتداد القارة - بأن دونالد ترمب، الذي استطاع خلال 8 سنوات أن يهدم المجتمع الأميركي ويعيد تشكيله على مزاجه وهواه، يشكّل اليوم - في أحسن الأحوال - مصدر قلق عميق بالنسبة لبلدان المنطقة. ويتوقع هؤلاء أن تكون التداعيات المحتملة لولايته مرهونةً بأمرين: الأول، مدى اعتماد هذه البلدان سياسياً واقتصادياً على الولايات المتحدة. والثاني، أين سيكون موقع أميركا اللاتينية بين أولويات السياسة عند الإدارة الجديدة في واشنطن.