الجيش الفرنسي يقضي على زعيم «داعش» في منطقة الساحل

ماكرون: مستمرون في محاربة الإرهاب

وزيرة القوات المسلحة الفرنسية فلورنس بارلي ورئيس المديرية العامة للأمن الخارجي برنارد إيمي يعلنان في مؤتمر صحافي في باريس أمس تفاصيل العملية التي ادت الى مقتل زعيم « داعش في الصحراء الكبرى» (أ.ف.ب)
وزيرة القوات المسلحة الفرنسية فلورنس بارلي ورئيس المديرية العامة للأمن الخارجي برنارد إيمي يعلنان في مؤتمر صحافي في باريس أمس تفاصيل العملية التي ادت الى مقتل زعيم « داعش في الصحراء الكبرى» (أ.ف.ب)
TT

الجيش الفرنسي يقضي على زعيم «داعش» في منطقة الساحل

وزيرة القوات المسلحة الفرنسية فلورنس بارلي ورئيس المديرية العامة للأمن الخارجي برنارد إيمي يعلنان في مؤتمر صحافي في باريس أمس تفاصيل العملية التي ادت الى مقتل زعيم « داعش في الصحراء الكبرى» (أ.ف.ب)
وزيرة القوات المسلحة الفرنسية فلورنس بارلي ورئيس المديرية العامة للأمن الخارجي برنارد إيمي يعلنان في مؤتمر صحافي في باريس أمس تفاصيل العملية التي ادت الى مقتل زعيم « داعش في الصحراء الكبرى» (أ.ف.ب)

انتظرت فرنسا شهرا كاملا قبل الإعلان رسميا عن القضاء على زعيم «القاعدة في الصحراء الكبرى»، عدنان أبو الوليد الصحراوي، الذي جعلته باريس ومعها بلدان الساحل الخمسة (موريتانيا، مالي، النيجر، بوركينا فاسو وتشاد) «العدو الإرهابي الأول» وذلك في القمة التي عقدت في مدينة بو {جنوب غرب فرنسا} بداية العام 2020. وسارع الرئيس إيمانويل ماكرون إلى زف الخبر ليلة أول من أمس عبر حسابه على «تويتر» بقوله إن ما حصل «يعد نجاحا رئيسيا في الحرب التي نخوضها ضد المجموعات الإرهابية في منطقة الساحل». وجاء في تغريدة ثانية له أن «الأمة (الفرنسية) تفكر هذا المساء في كل الأبطال الذين سقطوا في الساحل من أجل فرنسا في إطار عمليتي سيرفال وبرخان، كما نفكر بالعائلات المكلومة وبالجرحى فتضحياتهم لم تذهب سدى ونحن مع شركائنا الأوروبيين والأفارقة والأميركيين مستمرون في المعركة» (أي محاربة الإرهاب).
ومنذ 18 شهرا، انصبت جهود القوات الفرنسية المتواجدة في المنطقة في إطار ما يسمى «عملية برخان» على ملاحقة الصحراوي ومحاولة التعرف على اٰلأماكن التي يرتادها، علما أن تنظيم القاعدة في الصحراء الكبرى ركز أنشطته الإرهابية على ما يسمى منطقة «الحدود المثلثة» {بين مالي والنيجر وبوركينا فاسو} التي تشهد دوريا عمليات دامية تنفذها القاعدة إن ضد القوات المحلية أو ضد المدنيين في البلدان الثلاثة.
ليس عدنان أبو الوليد الصحراوي جديدا على عالم الإرهاب الذي ولجه منذ ما يزيد على عشر سنوات متنقلا ما بين تنظيماته المختلفة حتى الانفصال عن تنظيم «القاعدة» وأسس مجموعة بايعت داعش بينما كانت في عز قوتها، في العام 2015. وتفيد المعلومات المتوافرة في باريس أن مقتل الصحراوي كان معروفا منذ حوالي الشهر ولكن يرجح أن باريس حرصت على التكتم عليه حتى التأكد من هويته.
وقالت فلورانس بارلي، وزيرة الدفاع، في مقابلة مع الإذاعة الإخبارية «راديو فرانس أنترناسيونال» أمس إن «تحييد» الصحراوي (وهي تعني مقتله) تم بفضل عملية قامت بها القوات الفرنسية منتصف شهر أغسطس (آب). وكشف رئيس أركان القوات الفرنسية الجنرال تييري بوركارد أمس أن العملية العسكرية حصلت في المنطقة المسماة «ليبتاكو» في المثلث الحدودي وكانت عملية مشتركة فرنسية ــ أفريقية. وأضاف بوركارد أنه بعد ضربة جوية، أرسلت قوة كوماندوس من عشرين فردا، بغطاء جوي، ما بين 20 و22 أغسطس إلى المنطقة للتأكد من هوية الصحراوي مضيفا أن الأخير كان «أحد راكبي الدراجة التي استهدفت في ضربة الـ17 أغسطس». وبحسب بارلي فـ«إننا متأكدون اليوم من أنه الرجل رقم واحد لتنظيم داعش في الصحراء الكبرى». وأضافت بارلي أن ما حصل يعد «نجاحا كبيرا للجيش الفرنسي»، معتبرة أن من خلال ضرب «حلقة رئيسية (في التنظيم)، يمكن ضعضعته وإضعاف المجموعات الإرهابية». وبحسب الوزيرة الفرنسية، فإن الصحراوي «كان الزعيم الإرهابي الذي كنا نلاحقه باعتباره أنه كان الزعيم غير المنازع وكان متسلطا ولم يكن له منافس داخل التنظيم».
وفي تغريدة لها، اعتبرت بارلي أن مقتل الصحراوي يمكن النظر إليه على أنه «عملية حاسمة».
ويأتي الإعلان عن النجاح الأخير ليثبت باريس في خياراتها العسكرية التي أعلن عنها الرئيس الفرنسي هذا الصيف، والتي يفترض أن تركز على ملاحقة رؤوس المجموعات الإرهابية والسعي للتخلص منهم بدل الإستراتيجية السابقة التي ثبت فشلها والقائمة على تطهير منطقة ما من الإرهابيين والجهاديين والمرابطة فيها لتمكين القوات المحلية والإدارات المعنية من العودة إليها. ووفق التصور الجديد، فقد قررت باريس خفض عديد قواتها إلى النصف، ومن المنتظر أن تخلي قواعدها العسكرية شمال مالي في الأشهر القليلة القادمة. وبالتوازي، فإن باريس تراهن على تنامي القوة الأوروبية المسماة «تاكوبا» المشكلة من مجموعات كوماندوس مهمتها تدريب القوات المالية ومواكبتها في عملياتها الميدانية. ويبلغ عديد «تاكوبا» حاليا 600 فرد نصفهم من الفرنسيين، وتأمل باريس انضمام وحدات من بلدان أوروبية إضافية.
بيد أن هناك بعدا آخر ربما لعب دورا في الكشف عن مقتل الصحراوي ويتمثل في الجدل الذي أثارته الأخبار الخاصة بعزم الحكومة المالية العسكرية على التعاقد مع مجموعة كبيرة من أفراد «فاغنير» الروسية مقابل عشرة ملايين دولار في الشهر لتدريب القوات المالية وتوفير الحراسة للمسؤولين. وهذا الأمر أثار حفيظة باريس لأنه ينسف الموقع الاستثنائي الذي تحتله في مالي التي أنقذتها من سيطرة المجموعات الجهادية والإرهابية في العام 2013 وأقامت من أجلها عملية «برخان» بدءا من العام 2014 وما زالت موجودة فيها. وكوسيلة ضاغطة، هددت باريس بسحب قواتها إذا أقدمت الحكومة المالية على إبرام العقد مع فاغنير. كذلك يأتي الإعلان فيما تدور تساؤلات خاصة بما ستنوي فرنسا القيام به بعد الانسحاب الفوضوي للقوات الأميركية من أفغانستان. وحرصت باريس على تأكيد أن لا أوجه شبه بين الحالتين وأن فرنسا ستبقى في مالي وبلدان الساحل وهي فقط تخفض حضورها العسكري مقابل تقوية الحضور الأوروبي والاعتماد على القوة الأفريقية المشتركة.
بعد مقتل الصحراوي، تدور عدة أسئلة في باريس أولها يتناول هوية خليفته وثانيها حول طبيعة القوة الحقيقية للتنظيم وانتشاره وثالثها حول مستقبل القوة الفرنسية في المنطقة. والثابت أن النجاح الأخير يمكن أن يهدئ من روع المواطنين الفرنسيين الذين يتساءلون عن المدة الزمنية الإضافية التي سيدوم خلالها انتشار «برخان» رغم قرار ماكرون تقليص عديدها إلى النصف.


مقالات ذات صلة

الشرطة الفرنسية تبحث عن 8 سجناء من شمال أفريقيا فروا من مركز اعتقال

أوروبا عناصر من الشرطة الفرنسية في حالة استنفار بالعاصمة باريس (متداولة)

الشرطة الفرنسية تبحث عن 8 سجناء من شمال أفريقيا فروا من مركز اعتقال

بدأت الشرطة الفرنسية حملة تفتيش عن 8 سجناء من دول شمال أفريقيا فروا من مركز اعتقال في مدينة نيس جنوب فرنسا، ليل الاثنين.

«الشرق الأوسط» (نيس )
شؤون إقليمية إردوغان يرغب في الترشح مجدداً لرئاسة تركيا (الرئاسة التركية)

محاولات ترشيح إردوغان لرئاسة تركيا مجدداً تفجر تساؤلات حول مستقبل حزبه

أشعلت تصريحات لكبير مستشاري الرئيس التركي رجب طيب إردوغان حول فتح الطريق لترشيحه للرئاسة لولاية جديدة جدلاً واسعاً.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
شؤون إقليمية ملصق مطلوب من وزارة الخارجية الأميركية لقائد قوة الرضوان السابق في «حزب الله» إبراهيم عقيل مع عرض مكافأة بقيمة 7 ملايين دولار لمن يدلي بمعلومات عنه (وزارة الخارجية الأميركية)

مسؤول أميركي: إسرائيل لن تحصل على مكافآت لقتلها مطلوبين على لوائح واشنطن

قال مسؤول أميركي إن إسرائيل غير مؤهلة لتلقي أموالٍ مكافأةً على المعلومات التي جمعتها ضد مطلوبين خصصت أميركا مكافأة مقابل معلومات عنهم.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
تحليل إخباري الرئيس الفرنسي ونظيره النيجيري في باريس قبل أيام (رويترز)

تحليل إخباري بعد قرار تشاد وتصريحات السنغال... هل يُغير الفرنسيون تحالفاتهم الأفريقية؟

طُرد الجنود الفرنسيون في السنوات الأخيرة من مالي ثم بوركينا فاسو والنيجر، وأخيراً من تشاد.

الشيخ محمد (نواكشوط )
العالم العربي الحكومة اليمنية تتهم الجماعة الحوثية بتنفيذ أجندة إيران لتهديد السلم المحلي والإقليمي (رويترز)

ترحيب يمني بتصنيف كندا الحوثيين «منظمة إرهابية»

رحبت الحكومة اليمنية بقرار الحكومة الكندية تصنيف الجماعة الحوثية المدعومة من إيران «منظمةً إرهابيةً»، داعية بقية دول العالم إلى اتخاذ خطوات مماثلة.

«الشرق الأوسط» (عدن)

التحالف الإسلامي العسكري لمحاربة الإرهاب يطلق برنامجه في دول الساحل

الأمين العام للتحالف الإسلامي العسكري لمحاربة الإرهاب اللواء الطيار الركن السعودي محمد بن سعيد المغيدي خلال إطلاق البرنامج اليوم بنواكشوط (الشرق الأوسط)
الأمين العام للتحالف الإسلامي العسكري لمحاربة الإرهاب اللواء الطيار الركن السعودي محمد بن سعيد المغيدي خلال إطلاق البرنامج اليوم بنواكشوط (الشرق الأوسط)
TT

التحالف الإسلامي العسكري لمحاربة الإرهاب يطلق برنامجه في دول الساحل

الأمين العام للتحالف الإسلامي العسكري لمحاربة الإرهاب اللواء الطيار الركن السعودي محمد بن سعيد المغيدي خلال إطلاق البرنامج اليوم بنواكشوط (الشرق الأوسط)
الأمين العام للتحالف الإسلامي العسكري لمحاربة الإرهاب اللواء الطيار الركن السعودي محمد بن سعيد المغيدي خلال إطلاق البرنامج اليوم بنواكشوط (الشرق الأوسط)

أطلق التحالف الإسلامي العسكري لمحاربة الإرهاب، الاثنين، برنامجه لمحاربة الإرهاب في دول الساحل الخمس، وهي موريتانيا ومالي والنيجر وبوركينا فاسو وتشاد، التي تعد منذ سنوات من أكثر مناطق العالم التي تشهدُ هجمات إرهابية تودي بحياة آلاف المدنيين.

البرنامجُ أُطلق في العاصمة الموريتانية نواكشوط، بحضور ممثلين لدول الساحل الأخرى، وتحت إشراف الأمين العام للتحالف الإسلامي العسكري لمحاربة الإرهاب، اللواء الطيار الركن السعودي محمد بن سعيد المغيدي.

ضباط من دول الساحل خلال نشاط للتحالف الإسلامي العسكري في الرياض (التحالف)

الضرورة الاستراتيجية

وأعلن الأمين العام للتحالف اللواء محمد بن سعيد المغيدي، خلال حفل إطلاق البرنامج الخاص بدول الساحل الأفريقي، أن «منطقة الساحل ليست مجرد جغرافيا مترامية الأطراف، بل هي شريان حيوي لاستقرار العالم بأسره».

وأكد في السياق ذاته، أن التزام التحالف الإسلامي العسكري لمحاربة الإرهاب بالوقوف إلى جانب دول الساحل ودعمها «هو ضرورة استراتيجية وليس خياراً»، موضحاً أن برنامج الدعم سيستمر لخمس سنوات وسيشملُ 4 محاور أساسية: تعزيز الجوانب الفكرية والإعلامية، ومكافحة تمويل الإرهاب، وتطوير القدرات العسكرية، وتحسين التنسيق الإقليمي بين دول الساحل.

وقال إن اختيار موريتانيا لإطلاق البرنامج «يعكس التزامها بمكافحة الإرهاب، ودورها الفاعل ضمن دول التحالف»، مثمناً جهودها المستمرة لتعزيز الأمن والاستقرار في المنطقة، على حد تعبيره.

ضباط من دول الساحل خلال نشاط للتحالف الإسلامي العسكري في الرياض (التحالف)

تحالف إسلامي

وبخصوص التحالف الإسلامي العسكري لمحاربة الإرهاب الذي يضم 42 دولة، قال اللواء المغيدي إنه أُطلق بمبادرة من المملكة العربية السعودية في ديسمبر (كانون الأول) من عام 2015. ووصفه بأنه «كان نقطة تحول جوهرية في مسيرة التعاون ضد الإرهاب والتطرف».

وأضاف أن التحالف «ليس مجرد فكرة عابرة، بل هو منظومة استراتيجية متكاملة تهدف إلى توحيد وصياغة رؤية مشتركة تتصدى للتطرف بجميع أشكاله وترسخ قيم الإسلام الداعية للوسطية والاعتدال».

وقال إن وزراء دفاع دول التحالف الإسلامي عقدوا اجتماعاً في الرياض في شهر فبراير (شباط) من هذا العام «أسفر عن توصيات مهمة، من أبرزها البدء في تنفيذ برنامج دول الساحل».

الخطر المحدق

من جانبه، قال وزير الدفاع الموريتاني حننه ولد سيدي إن «الإرهاب يشكل خطراً كبيراً على العالم، خاصة على دولنا ومجتمعاتنا الإسلامية»، وحذر من تداعياته الخطيرة بالنظر إلى «الأرواح البريئة التي فُقدت، والأضرار التي لحقت بالأنسجة الاجتماعية، والتهديدات التي طالت كيانات دول عريقة».

وأكد الوزير خلال إطلاق برنامج محاربة الإرهاب في دول الساحل، أن «منطقة الساحل تعاني يومياً من الآثار الهدامة للأنشطة الإرهابية، ما يستدعي تعزيز وتطوير الأساليب لمحاربتها»، مشيراً إلى أن «الإرهاب ظاهرة معقدة تتشابك فيها عوامل متعددة الأبعاد، تشمل الجوانب الاجتماعية والاقتصادية والأمنية والفكرية والثقافية».

وقال ولد سيدي إن «فاعلية محاربة الإرهاب تعتمد على شمولية التعامل مع هذه الأبعاد»، وأشار إلى أن موريتانيا تبنت «استراتيجيتها الأمنية على أسس الشمول والاندماج، مع التركيز على البُعد الفكري والثقافي بوصفه أهم محاورها؛ حيث يعتبر الإرهاب موقفاً فكرياً قبل أن يكون ممارسة ميدانية».

وخلص وزير الدفاع الموريتاني إلى أن «النصر المستدام على الجماعات الإرهابية يتطلب انتصاراً ثقافياً وفكرياً إلى جانب الانتصار العسكري»، بالإضافة إلى الإعلام الذي وصفه بأنه «من أقوى أدوات النصر الفكري والثقافي على الإرهاب، في عصر الثورة الرقمية وسرعة نقل المعلومات وانتشار وسائل التواصل الاجتماعي ومنصات الإعلام الإلكتروني».

المبادرة السعودية

تأسس التحالف الإسلامي العسكري لمحاربة الإرهاب، الذي يضم في عضويته 42 دولة، بمبادرة من المملكة العربية السعودية، وأعلن عنه الأمير محمد بن سلمان، ولي العهد رئيس مجلس الوزراء، في ديسمبر من عام 2015، بهدف توحيد جهود الدول الإسلامية الراغبة في محاربة الإرهاب.

وخلال اجتماع وزراء دفاع التحالف الإسلامي العسكري لمحاربة الإرهاب الذي عُقد في العاصمة السعودية الرياض في 3 فبراير الماضي، تحت عنوان «محاربة الإرهاب مسؤولية مشتركة»؛ جدّد الحاضرون تأكيدهم على تعزيز التعاون في مواجهة الإرهاب، وتنسيق الجهود المشتركة لدرء مخاطره.

تأتي هذه الفعاليات في إطار الجهود الإقليمية لمحاربة الإرهاب، وتعزيز القدرات المحليَّة لدول الساحل في مواجهة هذا الخطر، وتبادل الخبرات المشتركة، مع التركيز على نشر قيم التسامح والاعتدال وتعزيز الاستقرار.