بلينكن يحتفل بالذكرى السنوية الأولى لاتفاقات التطبيع

جاريد كوشنر يتوسط سفراء إسرائيل والإمارات والبحرين ومصر (الشرق الأوسط)
جاريد كوشنر يتوسط سفراء إسرائيل والإمارات والبحرين ومصر (الشرق الأوسط)
TT

بلينكن يحتفل بالذكرى السنوية الأولى لاتفاقات التطبيع

جاريد كوشنر يتوسط سفراء إسرائيل والإمارات والبحرين ومصر (الشرق الأوسط)
جاريد كوشنر يتوسط سفراء إسرائيل والإمارات والبحرين ومصر (الشرق الأوسط)

يستضيف وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، اجتماعاً عبر الفيديو، الجمعة المقبل، مع نظرائه من إسرائيل والإمارات والبحرين والمغرب، بمناسبة الذكرى السنوية الأولى لاتفاقات التطبيع بين الدول العربية وإسرائيل، حسب مسؤولين في الوزارة.
وسيكون هذا الحدث أرفع مستوى للتعبير عن دعم إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن، لما سُميت «اتفاقات أبراهام»، التي عُدت على نطاق واسع نجاحاً دبلوماسياً لإدارة الرئيس السابق دونالد ترمب. ودعم بايدن الاتفاقات منذ توليه منصبه في يناير (كانون الثاني)، وقال كبار مساعديه إنهم يعملون على حث دول عربية أخرى على تطبيع علاقاتها مع إسرائيل بعد عداء معها على مدى عقود.
ووقّع قادة إسرائيل والإمارات والبحرين على «اتفاقات أبراهام» في البيت الأبيض في سبتمبر (أيلول) من العام الماضي. وأعلنت إسرائيل والسودان في الشهر التالي، أنهما سيعملان على تطبيع العلاقات، وأقام المغرب علاقات دبلوماسية مع إسرائيل في ديسمبر (كانون الأول). وكان من نتائج تلك الاتفاقات إبرام عدد كبير من الصفقات التجارية والاستثمارية. وقال مسؤول بوزارة الخارجية الأميركية لـ(رويترز)، إن «الحدث سيناقش سبل زيادة تعميق العلاقات وبناء منطقة أكثر ازدهاراً».
ويقول معارضو مقاربة ترمب إنّ تطبيع العلاقات لا يشكّل بديلاً للتوصّل إلى اتفاقية سلام بين إسرائيل والفلسطينيين، لا سيما أنّ الإدارة السابقة كانت داعمة بشدة للدولة العبرية ولما تعدّه حقّها في ضمّ الأراضي.
في السياق، دعا جاريد كوشنر، مهندس مبادرات السلام في إدارة الرئيس السابق دونالد ترمب، إدارة الرئيس جو بايدن، إلى إحياء وتشجيع اتفاقات السلام التي أُبرمت بين إسرائيل وأربع دول عربية في العالم العربي. ودعا كوشنر، الثلاثاء الماضي، إلى تعزيز المنافع الاقتصادية والسياسية التي نجمت عنها. وقال في احتفال جمع عدداً من الجمهوريين وكبار الشخصيات بالكونغرس والمراكز البحثية، في واشنطن، إن الشرق الأوسط يشهد تحولاً كبيراً بفضل «اتفاقات أبراهام»، داعياً إلى التوسع وحثّ بقية الدول العربية إلى الانضمام إليها. محذراً من أنه إذا لم تتم رعايتها «فإننا نخاطر بتراجعها»، مشيداً «بالخطوات التي اتخذتها دولة الإمارات في تنفيذ الاتفاق».
من جانبه، ركز يوسف العتيبة سفير الإمارات العربية لدى الولايات المتحدة، على التقدم الذي أحرزته بلاده في مجال التطبيع، مشدداً على اهتمام الإمارات بدعم القضية الفلسطينية ومساندة الفلسطينيين، مؤكداً أنه «لولا اتفاقات أبراهام لسعت إسرائيل إلى ضم أجزاء من الضفة الغربية»، وقال إنه «لولا تلك الاتفاقات لانتهت فكرة حل الدولتين». في حين أكد الشيخ عبد الله بن راشد آل خليفة، سفير البحرين، أن بلاده ملتزمة بالاتفاق المبرم مع إسرائيل، وأن «تحقيق السلام والاستقرار هو حجر الزاوية في سياسة البحرين الداخلية والخارجية». وتحدث جلعاد أردان سفير إسرائيل لدى الولايات المتحدة، فقال إنه يأمل «أن يستخلص الفلسطينيون الدرس من هذه الاتفاقات، وأن يجلسوا إلى طاولة المفاوضات».
الندوة التي تزامنت مع الاحتفال بتأسيس «معهد اتفاقات أبراهام للسلام»، شارك فيها سفراء إسرائيل والإمارات والبحرين والمغرب ومصر، بالإضافة إلى المبعوث السوداني إلى واشنطن، وهي دولة عربية أخرى وعدت بالبدء في إضفاء الطابع الرسمي على العلاقات مع إسرائيل. وكانت إدارة بايدن ممثلةً في القائم بأعمال مساعد وزيرة الخارجية لشؤون الشرق الأدنى، يائيل لمبرت، كما شارك النائب الديمقراطي عن فلوريدا تيد دويتش. وقال المدير التنفيذي والمؤسس لمعهد أبراهام للسلام، روبرت جوينواي، الذي عمل مديراً لإدارة شؤون الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في مجلس الأمن القومي في إدارة ترمب، إن هدف المعهد هو توسيع العضوية باتجاه إبرام اتفاقات سلام مع إسرائيل وتوسيع التعاون الاقتصادي والتجاري.
يُذكر أن الرئيس جو بايدن التزم علناً بتوسيع هذه الاتفاقيات، لكنّ مسؤولي الإدارة امتنعوا عن استخدام مصطلح «اتفاقيات أبراهام» الذي صاغته إدارة ترمب، واكتفوا بالقول إن الاتفاقات خطوة إيجابية نحو تحقيق سلام دائم بين إسرائيل والفلسطينيين. وقال النائب الديمقراطي تيد دوتش إنه «يتعين على إدارة بايدن أن تتبنى اتفاقات أبراهام وتواصل البناء عليها».
علماً بأن دوتش كان ضمن وفد الكونغرس الذي زار إسرائيل في يوليو (تموز) الماضي، ومن المقربين لوزير الخارجية الإسرائيلي يائير لبيد، وقد قال إنه «من المهم أن تعمل الحكومة الجديدة على تحسين حياة الفلسطينيين».



الحوثيون يفرضون مقرراً دراسياً يُضفي القداسة على زعيمهم

شقيق زعيم الجماعة الحوثية يشرف على طباعة الكتب الدراسية (إعلام حوثي)
شقيق زعيم الجماعة الحوثية يشرف على طباعة الكتب الدراسية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يفرضون مقرراً دراسياً يُضفي القداسة على زعيمهم

شقيق زعيم الجماعة الحوثية يشرف على طباعة الكتب الدراسية (إعلام حوثي)
شقيق زعيم الجماعة الحوثية يشرف على طباعة الكتب الدراسية (إعلام حوثي)

ازدادت مساحة التدخلات الحوثية في صياغة المناهج الدراسية وحشوها بالمضامين الطائفية التي تُمجِّد قادة الجماعة وزعيمها عبد الملك الحوثي، مع حذف مقررات ودروس وإضافة نصوص وتعاليم خاصة بالجماعة. في حين كشف تقرير فريق الخبراء الأمميين الخاص باليمن عن مشاركة عناصر من «حزب الله» في مراجعة المناهج وإدارة المخيمات الصيفية.

في هذا السياق، كشف ناشطون يمنيون على مواقع التواصل الاجتماعي عن أعمال تحريف جديدة للمناهج، وإدراج المضامين الطائفية الخاصة بالجماعة ومشروعها، واستهداف رموز وطنية وشعبية بالإلغاء والحذف، ووضع عشرات النصوص التي تمتدح قادة الجماعة ومؤسسيها مكان نصوص أدبية وشعرية لعدد من كبار أدباء وشعراء اليمن.

إلى ذلك، ذكرت مصادر تربوية في العاصمة المختطفة صنعاء أن الجماعة الحوثية أقرّت خلال الأسابيع الأخيرة إضافة مادة جديد للطلاب تحت مسمى «الإرشاد التربوي»، وإدراجها ضمن مقررات التربية الإسلامية للمراحل الدراسية من الصف الرابع من التعليم الأساسي حتى الثانوية العامة، مع إرغام الطلاب على حضور حصصها يوم الاثنين من كل أسبوع.

التعديلات والإضافات الحوثية للمناهج الدراسية تعمل على تقديس شخصية مؤسس الجماعة (إكس)

وتتضمن مادة «الإرشاد التربوي» -وفق المصادر- دروساً طائفية مستمدة من مشروع الجماعة الحوثية، وكتابات مؤسسها حسين الحوثي التي تعرف بـ«الملازم»، إلى جانب خطابات زعيمها الحالي عبد الملك الحوثي.

وبيّنت المصادر أن دروس هذه المادة تعمل على تكريس صورة ذهنية خرافية لمؤسس الجماعة حسين الحوثي وزعيمها الحالي شقيقه عبد الملك، والترويج لحكايات تُضفي عليهما هالة من «القداسة»، وجرى اختيار عدد من الناشطين الحوثيين الدينيين لتقديمها للطلاب.

تدخلات «حزب الله»

واتهم تقرير فريق الخبراء الأمميين الخاص باليمن، الصادر أخيراً، الجماعة الحوثية باعتماد تدابير لتقويض الحق في التعليم، تضمنت تغيير المناهج الدراسية، وفرض الفصل بين الجنسين، وتجميد رواتب المعلمين، وفرض ضرائب على إدارة التعليم لتمويل الأغراض العسكرية، مثل صناعة وتجهيز الطائرات المسيّرة، إلى جانب تدمير المدارس أو إلحاق الضرر بها أو احتلالها، واحتجاز المعلمين وخبراء التعليم تعسفياً.

تحفيز حوثي للطلاب على دعم المجهود الحربي (إكس)

وما كشفه التقرير أن مستشارين من «حزب الله» ساعدوا الجماعة في مراجعة المناهج الدراسية في المدارس الحكومية، وإدارة المخيمات الصيفية التي استخدمتها للترويج للكراهية والعنف والتمييز، بشكل يُهدد مستقبل المجتمع اليمني، ويُعرض السلام والأمن الدوليين للخطر.

وسبق لمركز بحثي يمني اتهام التغييرات الحوثية للمناهج ونظام التعليم بشكل عام، بالسعي لإعداد جيل جديد يُربَّى للقتال في حرب طائفية على أساس تصور الجماعة للتفوق الديني، وتصنيف مناهضي نفوذها على أنهم معارضون دينيون وليسوا معارضين سياسيين، وإنتاج هوية إقصائية بطبيعتها، ما يُعزز التشرذم الحالي لعقود تالية.

وطبقاً لدراسة أعدها المركز اليمني للسياسات، أجرى الحوثيون تغييرات كبيرة على المناهج الدراسية في مناطق سيطرتهم، شملت إلغاء دروس تحتفي بـ«ثورة 26 سبتمبر (أيلول)»، التي أطاحت بحكم الإمامة وأطلقت الحقبة الجمهورية في اليمن عام 1962، كما فرضت ترديداً لـ«الصرخة الخمينية» خلال التجمعات المدرسية الصباحية، وتغيير أسماء المدارس أو تحويلها إلى سجون ومنشآت لتدريب الأطفال المجندين.

مواجهة حكومية

في مواجهة ما تتعرض له المناهج التعليمية في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية من تحريف، تسعى الحكومة اليمنية إلى تبني سياسات لحماية الأجيال وتحصينهم.

اتهامات للحوثيين بإعداد الأطفال ذهنياً للقتال من خلال تحريف المناهج (أ.ف.ب)

ومنذ أيام، أكد مسؤول تربوي يمني عزم الحكومة على مواجهة ما وصفه بـ«الخرافات السلالية الإمامية العنصرية» التي تزرعها الجماعة الحوثية في المناهج، وتعزيز الهوية الوطنية، وتشذيب وتنقية المقررات الدراسية، وتزويدها بما يخدم الفكر المستنير، ويواكب تطلعات الأجيال المقبلة.

وفي خطابه أمام ملتقى تربوي نظمه مكتب التربية والتعليم في محافظة مأرب (شرق صنعاء) بالتعاون مع منظمة تنموية محلية، قال نائب وزير التربية والتعليم اليمني، علي العباب: «إن ميليشيات الحوثي، تعمل منذ احتلالها مؤسسات الدولة على التدمير الممنهج للقطاع التربوي لتجهيل الأجيال، وسلخهم عن هويتهم الوطنية، واستبدال الهوية الطائفية الفارسية بدلاً منها».

ووفقاً لوكالة «سبأ» الحكومية، حثّ العباب قيادات القطاع التربوي، على «مجابهة الفكر العنصري للمشروع الحوثي بالفكر المستنير، وغرس مبادئ وقيم الجمهورية، وتعزيز الوعي الوطني، وتأكيد أهداف ثورتي سبتمبر وأكتوبر (تشرين الأول) المجيدتين».

قادة حوثيون في مطابع الكتاب المدرسي في صنعاء (إعلام حوثي)

ومنذ أيام توفي الخبير التربوي اليمني محمد خماش، أثناء احتجازه في سجن جهاز الأمن والمخابرات التابع للجماعة الحوثية، بعد أكثر من 4 أشهر من اختطافه على خلفية عمله وزملاء آخرين له في برنامج ممول من «يونيسيف» لتحديث المناهج التعليمية.

ولحق خماش بزميليه صبري عبد الله الحكيمي وهشام الحكيمي اللذين توفيا في أوقات سابقة، في حين لا يزال بعض زملائهم محتجزين في سجون الجماعة التي تتهمهم بالتعاون مع الغرب لتدمير التعليم.

وكانت الجماعة الحوثية قد أجبرت قبل أكثر من شهرين عدداً من الموظفين المحليين في المنظمات الأممية والدولية المختطفين في سجونها على تسجيل اعترافات، بالتعاون مع الغرب، لاستهداف التعليم وإفراغه من محتواه.