أميركا تدعو من طرابلس إلى الالتزام بموعد الانتخابات الليبية

«الجيش الوطني» ينفّذ ضربات جوية ضد «المعارضة التشادية»

الدبيبة يتوسط مستشار وزارة الخارجية الأميركية والمبعوث الأميركي الخاص إلى ليبيا (الحكومة الليبية)
الدبيبة يتوسط مستشار وزارة الخارجية الأميركية والمبعوث الأميركي الخاص إلى ليبيا (الحكومة الليبية)
TT

أميركا تدعو من طرابلس إلى الالتزام بموعد الانتخابات الليبية

الدبيبة يتوسط مستشار وزارة الخارجية الأميركية والمبعوث الأميركي الخاص إلى ليبيا (الحكومة الليبية)
الدبيبة يتوسط مستشار وزارة الخارجية الأميركية والمبعوث الأميركي الخاص إلى ليبيا (الحكومة الليبية)

أجرى وفد أميركي رفيع المستوى، أمس، محادثات مع مسؤولي السلطة الانتقالية الليبية في العاصمة طرابلس، انصبّت حول الالتزام بإجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية المقررة قبل نهاية العام الجاري.
وقال عبد الحميد الدبيبة، رئيس الحكومة الليبية، خلال اجتماعه مع الوفد الأميركي، الذي ضم ديريكاتش شوليت مستشار وزارة الخارجية، وريتشارد نورلاند السفير والمبعوث الخاص إلى ليبيا، وآخرين، إن حكومته تولي أهمية قصوى لإنجاح الاستحقاق الانتخابي في ديسمبر (كانون الأول) المقبل، وذلك من خلال تخصيص الموارد المالية اللازمة للمفوضية، وتوفير الأمن وبسط الاستقرار.
وأوضح الدبيبة أن الاجتماع تناول أيضاً آخر تطورات الوضع السياسي في ليبيا، والخطوات المتخَذة تجاه تنفيذ خريطة الطريق، والتحديات التي تواجه الاستحقاق الانتخابي، ونقل عن شوليت دعم بلاده للمسار السياسي، والتعاون مع الحكومة الليبية، وصولاً لإجراء الانتخابات في موعدها.
من جانبه، أدرج شوليت لقاءه مع الدبيبة في إطار «إعادة تأكيد دعم الولايات المتحدة لعمل الحكومة، قصد تحقيق الاستقرار في ليبيا، سياسياً واقتصادياً، ومن أجل التحضير للانتخابات المقبلة».
كما أعرب المسؤول الأميركي عن دعم بلاده لعمل المجلس الرئاسي، برئاسة محمد المنفي، نحو المصالحة الوطنية، مشيراً إلى أن موسى الكوني، وعبد الله اللافي، نائبي المنفي، أكدا خلال لقائه معهما أمس، التزامهما بإجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية كما هو مقرر، والسعي لإعادة توحيد مؤسسات ليبيا، ودمج جميع مناطق البلاد بشكل كامل.
وقال شوليت إنه أجرى مع خالد المشري، رئيس المجلس الأعلى للدولة، نقاشاً وصفه بـ«الموضوعي» حول أهمية إجراء الانتخابات المرتقبة، لافتاً إلى أنه أكد على الموقف الأميركي والدولي بأن الفاعلين الليبيين «بحاجة إلى وضع اللمسات الأخيرة على التشريعات الانتخابية، التي تأخذ بعين الاعتبار الاهتمامات المشروعة للشعب الليبي».
ورأى شوليت عقب اجتماعه في طرابلس مع عماد السائح، رئيس المفوضية الوطنية العليا للانتخابات، أنها «مستعدة لإجراء الانتخابات في موعدها من الناحية الفنية»، وقال إنه أشاد بالعمل المهم للسائح، الذي أطلعه على الاستعدادات الفعالة للانتخابات.
وتزامن ذلك مع تصريحات لنائب سفير الولايات المتحدة في الأمم المتحدة أمس، أعرب فيها عن أسف بلاده لعدم وجود إجماع في مجلس الأمن الدولي بشأن تجديد تفويض البعثة الأممية في ليبيا بعرقلة من روسيا.
بدوره، نقل محمد المنفي، رئيس المجلس الرئاسي، عن أمير قطر تميم بن حمد آل ثاني، الذي التقاه أمس بالدوحة في إطار زيارة رسمية تدوم يومين، إشادته بجهوده في توحيد المؤسسات، وإطلاق مشروع المصالحة الوطنية، وتأكيده دعم بلاده لاستقرار ليبيا، واستعدادها لدعم المسار السياسي.
من جهة أخرى، أعلنت شعبة الإعلام الحربي بـ«الجيش الوطني» أن سلاحه الجوي قام أمس، بطلعات استطلاعية واسعة، فوق منطقة العمليات العسكرية بالحدود الجنوبية، وذلك بعد ساعات من الاشتباكات التي جرت بمنطقة تربو في أقصى الجنوب الليبي.
وكانت «الشعبة» قد أعلنت مساء أول من أمس، تنفيذ مقاتلات سلاحه الجوي عدة ضربات جوية، استهدفت مواقع للمعارضة التشادية والجماعات الإرهابية، جنوب البلاد، كما شنت عمليات عسكرية برية لتمشيط هذه المواقع، وملاحقة الخلايا الإرهابية الفارة منها.
والتزمت السلطة الانتقالية في ليبيا، ممثلةً في المجلس الرئاسي وحكومة «الوحدة الوطنية»، الصمت حيال هذه التطورات العسكرية، ولم يصدر عنها أي تعليق رسمي بالخصوص.
في المقابل، قالت «جبهة الوفاق من أجل التغيير» في تشاد إن قوات «الجيش الوطني» الليبي، بدأت منذ يومين بمهاجمة أحد مواقعها الواقعة على الحدود الليبية.
وزعمت في بيان لها، أول من أمس، وجود خمسة ضباط فرنسيين مكلفين بإطلاق قذائف الهاون في صفوف المهاجمين هناك، وقالت إن الهدف من الهجوم اعتقال أو قتل مهدي علي، رئيس المجلس التنفيذي لقوات الجبهة، مشيرة إلى أنه ما زال يقود عمليات القتال، وادّعت مقتل 11 شخصاً وإصابة 10 آخرين من المهاجمين، وتدمير عدة آليات حربية ومركبة قتال مصفحة.



الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
TT

الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)

يتضاعف خطر انعدام الأمن الغذائي في اليمن بعد تفاقم الأزمة الاقتصادية، وانهيار سعر العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، بفعل الحرب الحوثية على الموارد الرئيسية للبلاد، وتوسيع دائرة الصراع إلى خارج الحدود، في حين تتزايد الدعوات إلى اللجوء للتنمية المستدامة، والبحث عن حلول من الداخل.

وبينما تتوالي التحذيرات من تعاظم احتياجات السكان إلى المساعدات الإنسانية خلال الأشهر المقبلة، تواجه الحكومة اليمنية تحديات صعبة في إدارة الأمن الغذائي، وتوفير الخدمات للسكان في مناطق سيطرتها، خصوصاً بعد تراجع المساعدات الإغاثية الدولية والأممية خلال الأشهر الماضية، ما زاد من التعقيدات التي تعاني منها بفعل توقف عدد من الموارد التي كانت تعتمد عليها في سد الكثير من الفجوات الغذائية والخدمية.

ورجحت شبكة الإنذار المبكر بالمجاعة حدوث ارتفاع في عدد المحتاجين إلى المساعدات الإنسانية في اليمن في ظل استمرار التدهور الاقتصادي في البلاد، حيث لا تزال العائلات تعاني من التأثيرات طويلة الأجل للصراع المطول، بما في ذلك الظروف الاقتصادية الكلية السيئة للغاية، بينما تستمر بيئة الأعمال في التآكل بسبب نقص العملة في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية، وانخفاض قيمة العملة والتضخم في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة.

وبحسب توقعات الأمن الغذائي خلال الستة أشهر المقبلة، فإنه وبفعل الظروف الاقتصادية السيئة، وانخفاض فرص كسب الدخل المحدودة، ستواجه ملايين العائلات، فجوات مستمرة في استهلاك الغذاء وحالة انعدام الأمن الغذائي الحاد واسعة النطاق على مستوى الأزمة (المرحلة الثالثة من التصنيف المرحلي) أو حالة الطوارئ (المرحلة الرابعة) في مناطق نفوذ الحكومة الشرعية.

انهيار العملة المحلية أسهم مع تراجع المساعدات الإغاثية في تراجع الأمن الغذائي باليمن (البنك الدولي)

يشدد الأكاديمي محمد قحطان، أستاذ الاقتصاد في جامعة تعز، على ضرورة وجود إرادة سياسية حازمة لمواجهة أسباب الانهيار الاقتصادي وتهاوي العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، منوهاً إلى أن عائدات صادرات النفط والغاز كانت تغطي 70 في المائة من الإنفاق العام في الموازنة العامة، وهو ما يؤكد أهميتها في تشغيل مؤسسات الدولة.

ويضيف قحطان في حديث خص به «الشرق الأوسط» أن وقف هذه الصادرات يضع الحكومة في حالة عجز عن الوفاء بالتزاماتها، بالتضافر مع أسباب أخرى منها الفساد والتسيب الوظيفي في أهم المؤسسات الحكومية، وعدم وصول إيرادات مؤسسات الدولة إلى البنك المركزي، والمضاربة بالعملات الأجنبية وتسريبها إلى الخارج، واستيراد مشتقات الوقود بدلاً من تكرير النفط داخلياً.

أدوات الإصلاح

طبقاً لخبراء اقتصاديين، تنذر الإخفاقات في إدارة الموارد السيادية ورفد خزينة الدولة بها، والفشل في إدارة أسعار صرف العملات الأجنبية، بآثار كارثية على سعر العملة المحلية، والتوجه إلى تمويل النفقات الحكومية من مصادر تضخمية مثل الإصدار النقدي.

توقف تصدير النفط يتسبب في عجز الحكومة اليمنية عن تلبية احتياجات السكان (البنك الدولي)

ويلفت الأكاديمي قحطان إلى أن استيراد مشتقات الوقود من الخارج لتغطية حاجة السوق اليمنية من دون مادة الأسفلت يكلف الدولة أكثر من 3.5 مليار دولار في السنة، بينما في حالة تكرير النفط المنتج محلياً سيتم توفير هذا المبلغ لدعم ميزان المدفوعات، وتوفير احتياجات البلاد من الأسفلت لتعبيد الطرقات عوض استيرادها، وأيضاً تحصيل إيرادات مقابل بيع الوقود داخلياً.

وسيتبع ذلك إمكانية إدارة البنك المركزي لتلك المبالغ لدعم العرض النقدي من العملات الأجنبية، ومواجهة الطلب بأريحية تامة دون ضغوط للطلب عليها، ولن يكون بحاجة إلى بيع دولارات لتغطية الرواتب، كما يحدث حالياً، وسيتمكن من سحب فائض السيولة النقدية، ما سيعيد للاقتصاد توازنه، وتتعافى العملة الوطنية مقابل العملات الأجنبية، وهو ما سيسهم في استعادة جزء من القدرة الشرائية المفقودة للسكان.

ودعا الحكومة إلى خفض نفقاتها الداخلية والخارجية ومواجهة الفساد في الأوعية الإيرادية لإحداث تحول سريع من حالة الركود التضخمي إلى حالة الانتعاش الاقتصادي، ومواجهة البيئة الطاردة للاستثمارات ورجال الأعمال اليمنيين، مع الأهمية القصوى لعودة كل منتسبي الدولة للاستقرار داخل البلاد، وأداء مهاهم من مواقعهم.

الحكومة اليمنية تطالب المجتمع الدولي بالضغط على الحوثيين لوقف حصار تصدير النفط (سبأ)

ويؤكد مصدر حكومي يمني لـ«الشرق الأوسط» أن الحكومة باتت تدرك الأخطاء التي تراكمت خلال السنوات الماضية، مثل تسرب الكثير من أموال المساعدات الدولية والودائع السعودية في البنك المركزي إلى قنوات لإنتاج حلول مؤقتة، بدلاً من استثمارها في مشاريع للتنمية المستدامة، إلا أن معالجة تلك الأخطاء لم تعد سهلة حالياً.

الحل بالتنمية المستدامة

وفقاً للمصدر الذي فضل التحفظ على بياناته، لعدم امتلاكه صلاحية الحديث لوسائل الإعلام، فإن النقاشات الحكومية الحالية تبحث في كيفية الحصول على مساعدات خارجية جديدة لتحقيق تنمية مستدامة، بالشراكة وتحت إشراف الجهات الممولة، لضمان نجاح تلك المشروعات.

إلا أنه اعترف بصعوبة حدوث ذلك، وهو ما يدفع الحكومة إلى المطالبة بإلحاح للضغط من أجل تمكينها من الموارد الرئيسية، ومنها تصدير النفط.

واعترف المصدر أيضاً بصعوبة موافقة المجتمع الدولي على الضغط على الجماعة الحوثية لوقف حصارها المفروض على تصدير النفط، نظراً لتعنتها وشروطها صعبة التنفيذ من جهة، وإمكانية تصعيدها العسكري لفرض تلك الشروط في وقت يتوقع فيه حدوث تقدم في مشاورات السلام، من جهة ثانية.

تحذيرات من مآلات قاتمة لتداعيات الصراع الذي افتعلته الجماعة الحوثية في المياه المحيطة باليمن على الاقتصاد (أ.ف.ب)

وقدمت الحكومة اليمنية، أواخر الشهر الماضي، رؤية شاملة إلى البنك الدولي لإعادة هيكلة المشروعات القائمة لتتوافق مع الاحتياجات الراهنة، مطالبةً في الوقت ذاته بزيادة المخصصات المالية المخصصة للبلاد في الدورة الجديدة.

وكان البنك الدولي توقع في تقرير له هذا الشهر، انكماش إجمالي الناتج المحلي بنسبة واحد في المائة هذا العام، بعد انخفاضه بنسبة 2 في المائة العام الماضي، بما يؤدي إلى المزيد من التدهور في نصيب الفرد من إجمالي الناتج الحقيقي.

ويعاني أكثر من 60 في المائة من السكان من ضعف قدرتهم على الحصول على الغذاء الكافي، وفقاً للبنك الدولي، بسبب استمرار الحصار الذي فرضته الجماعة الحوثية على صادرات النفط، ما أدى إلى انخفاض الإيرادات المالية للحكومة بنسبة 42 في المائة خلال النصف الأول من العام الحالي، وترتب على ذلك عجزها عن تقديم الخدمات الأساسية للسكان.

وأبدى البنك قلقه من مآلات قاتمة لتداعيات الصراع الذي افتعلته الجماعة الحوثية في المياه المحيطة باليمن على الاقتصاد، وتفاقم الأزمات الاجتماعية والإنسانية.