المعارضة الجزائرية تقرر خوض غمار الانتخابات البلدية

رئيس وزراء الجزائر أيمن بن عبد الرحمان (أ.ف.ب)
رئيس وزراء الجزائر أيمن بن عبد الرحمان (أ.ف.ب)
TT

المعارضة الجزائرية تقرر خوض غمار الانتخابات البلدية

رئيس وزراء الجزائر أيمن بن عبد الرحمان (أ.ف.ب)
رئيس وزراء الجزائر أيمن بن عبد الرحمان (أ.ف.ب)

حسمت غالبية أحزاب المعارضة في الجزائر موقفها من الانتخابات البلدية، المقررة في 27 من نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل، وذلك بالمشاركة فيها، عكس موقف المقاطعة الذي اتخذته في الانتخابات البرلمانية، التي جرت في يونيو (حزيران) الماضي.
وأثار هذا التغير في المواقف ردود فعل غاضبة داخل أوساط مناضلي هذه الأحزاب لقناعتهم أن الاستحقاق المحلي المرتقب بعيد عن مطلب التغيير، الذي يريده الحراك الشعبي، الذي أطاح بالرئيس عبد العزيز بوتفليقة في الثاني من أبريل (نيسان) 2019.
وبينما يرتقب أن يعلن الحزب المعارض، «التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية»، عن موقفه من الانتخابات خلال اجتماع كوادره (الخميس)، أكدت «جبهة القوى الاشتراكية»، وهي أقدم أحزاب المعارضة، دخولها معترك الانتخابات. كما أعلن يساريو «حزب العمال» انخراطهم في الاستحقاق. وهذه الأحزاب الثلاثة تمثل العمود الفقري لـ«المعارضة اللائكية»، التي قاطعت الانتخابات التشريعية الماضية، بذريعة أن النظام «يقمع الحراك»، ويعتقل نشطاءه، وأنه يرفض الحوار مع الطبقة السياسية، كما يرفض التغيير حسب تصريح قادتها.
وقادت هذه الأحزاب حملة في الميدان لحشد التأييد لـ«موقف المقاطعة» خلال الانتخابات الماضية، مستفيدة من ديناميكية العزوف الانتخابي داخل المجتمع، التي بدأت في الاستحقاق الرئاسي الذي نظم نهاية 2019، واستمرت في استفتاء تعديل الدستور في نوفمبر 2020، وبعدها «التشريعيات»، وكانت نتيجة التصويت متدنية، حيث اقتربت من الصفر في منطقة القبائل.
يشار إلى أن حزبا معارضا واحدا فقط شارك في الانتخابات البرلمانية، هو «حركة مجتمع السلم»، الذي أعلن عن تقديم لوائح مرشحين في «المحليات» المقبلة. ودعا في بيان بهذا الخصوص إلى «إزالة العوائق البيروقراطية والقانونية، ومراعاة الصيغ العملية المناسبة والعادلة لإجراء انتخابات محلية، تضفي على المجالس المحلية المصداقية، وتؤهلها لأداء دورها في تحقيق التنمية المحلية، وإعادة الأمل للمواطن واسترجاع الثقة المفقودة».
وعبر مناضلون بـ«القوى الاشتراكية» في حساباتهم بمنصات التواصل الاجتماعي عن انزعاج من تغير موقف حزبهم. وكتب محند بشير شريف، قيادي بالحزب في تيزي وزو (شرق)، أن «نفس الظروف التي جرت فيها التشريعيات لازالت سائدة، وأهمها اعتقال النشاطين، وإغلاق وسائل الإعلام العمومية أمام المعارضة، والتضييق على الحريات، فمالداعي للمشاركة في استحقاق يحقق نفعا للنظام وليس لحزبنا ولا لمجتمعنا؟».
من جانبه، قال القيادي في الحزب وليد زعنابي بشأن هذا التذمر: «تختلف الانتخابات المحلية اختلافا جذريا عن التشريعية، لأنها تتصل بشكل مباشر بحياة المواطن، الذي هو بحاجة لمن يحل مشاكله اليومية، وعلى هذا الأساس لا يمكن أن نترك تسيير البلديات لأحزاب السلطة التي تراعي شؤون السلطة وليس المواطن». مبرزا أن الحزب «سيخوض معركة في الميدان لإقناع المواطنين بالتصويت».
ويرى مراقبون أن الانتخابات المقبلة ستختبر مدى مصداقية المعارضة في الأوساط الشعبية غير المتحمسة للمواعيد الانتخابية. فإذا أفرز الصندوق نسبة تصويت ضعيفة فسيكون ذلك، حسبهم، بمثابة رفض شعبي لأحزاب المعارضة ولمسعى السلطة، التي تبحث عن تجديد المؤسسات الموروثة عن فترة حكم بوتفليقة.
إلى ذلك، قضى الكاتب الصحافي والناشط البارز، فضيل بومالة، ليل الثلاثاء في الحجز تحت النظر، إثر اعتقاله بالعاصمة. وأكد المحامي والحقوقي مصطفى بوشاشي على حسابه بـ«فيسبوك» أن الشرطة اعتقلته في منتصف النهار بعد تفتيش منزله. مشيرا إلى أنه لا يعرف أسباب اعتقاله، وأنه سيوافي الإعلام بتطورات القضية
، في حال تمكن من زيارته وهو قيد الاحتجاز. ومؤكدا أن «آلة القمع والتضييق على المناضلين ازدادت حدتها هذه الأيام».
وقضى بومالة أسابيع في السجن العام الماضي، وبرأته المحكمة من تهمتي «إهانة هيئة نظامية»، و«المس بالوحدة الوطنية». وتعود التهمتان إلى نشاطه، وتصريحاته المعارضة للسلطة.
في سياق متصل، وضع قاضي التحقيق بمحكمة العاصمة ليل الثلاثاء، صحافي جريدة «ليبرتيه» محمد مولوج في الحبس الاحتياطي، بعد اتهامه بـ«الانتماء للتنظيم الانفصالي حركة استقلال القبائل»، المصنف منظمة إرهابية. وجرى اعتقال الصحافي مع سبعة ناشطين بمنطقة القبائل، أودعهم قاضي التحقيق الحبس على أساس نفس التهمة.



مصر والكويت لتعميق التعاون وزيادة التنسيق الإقليمي

وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)
وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)
TT

مصر والكويت لتعميق التعاون وزيادة التنسيق الإقليمي

وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)
وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)

أكدت مصر خلال زيارة وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي للكويت، على دعم القاهرة الكامل للأمن الخليجي بوصفه جزءاً لا يتجزأ من الأمن القومي المصري، وسط لقاءات ومباحثات تناولت مجالات التعاون، لا سيما الأمني والعسكري لمواجهة التحديات الأمنية المختلفة.

تلك الزيارة، بحسب خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، تأتي تأكيداً على مساعي مصر والكويت لتعميق التعاون وزيادة التنسيق الإقليمي بوتيرة أكبر ونشاط أوسع، خصوصاً في ضوء علاقات البلدين التاريخية، وكذلك حجم الاستثمارات بين البلدين الكبيرة، مشددين على أهمية التنسيق بين بلدين مهمين في المنطقة.

واستهل عبد العاطي زيارته إلى الكويت بلقاء ولي العهد الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح، الأحد، مؤكداً «عمق العلاقات التاريخية والروابط الأخوية التي تجمع البلدين الشقيقين، وتوافر الإرادة السياسية لدى قيادتي البلدين من أجل تطوير العلاقات لآفاق أرحب»، مبدياً «الحرص على تعزيز التعاون والتنسيق مع دولة الكويت وزيادة وتيرته»، وفق بيان صحافي لـ«الخارجية المصرية».

وأبدى الوزير المصري «تطلُّع مصر لتعزيز التعاون الاقتصادي والتجاري والاستثماري بين البلدين، أخذاً في الحسبان ما اتخذته الحكومة المصرية من خطوات طموحة لجذب الاستثمارات، وتنفيذ خطة الإصلاح الاقتصادي»، مشدداً على «دعم مصر الكامل للأمن الخليجي، بوصفه جزءاً لا يتجزأ من الأمن القومي المصري».

وفي مايو (أيار) الماضي، قال سفير الكويت بالقاهرة، غانم صقر الغانم، في مقابلة مع «القاهرة الإخبارية» إن الاستثمارات الكويتية في مصر متشعبة بعدة مجالات، وتبلغ أكثر من 15 مليار دولار، بينها 10 مليارات دولار للقطاع الخاص.

كما اجتمع عبد العاطي مع الشيخ فهد يوسف سعود الصباح، رئيس الوزراء بالإنابة ووزير الداخلية ووزير الدفاع الكويتي، مؤكداً «الحرص على الارتقاء بعلاقات التعاون إلى آفاق أرحب، بما يحقق طموحات ومصالح الشعبين الشقيقين»، وفق بيان ثانٍ لـ«الخارجية المصرية».

وزير الخارجية المصري يجتمع مع رئيس الوزراء بالإنابة ووزير الداخلية ووزير الدفاع الكويتي الشيخ فهد يوسف سعود الصباح (الخارجية المصرية)

فرص استثمارية

عرض الوزير المصري «الفرص الاستثمارية العديدة التي تذخر بها مصر في شتى القطاعات، والتي يمكن للشركات الكويتية الاستفادة منها، فضلاً عن الاتفاق على تبادل الوفود الاقتصادية، وتشجيع زيادة الاستثمارات الكويتية في مصر»، مبدياً «ترحيب مصر ببحث مجالات التعاون الأمني والعسكري لمواجهة التحديات الأمنية المختلفة».

كما بحث الوزير المصري في لقاء مع وزيرة المالية ووزيرة الدولة للشؤون الاقتصادية والاستثمار، نوره الفصام، الفرص الاستثمارية المتاحة في مصر بشتى القطاعات، وسط تأكيد على حرص الجانب المصري على تعزيز الاستثمارات الكويتية في مصر وإمكانية تعزيز نشاط الشركات المصرية لدعم عملية التنمية في الكويت.

ووفق خبير شؤون الخليج في «مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» بالقاهرة، الدكتور محمد عز العرب، فإن الزيارة تحمل أبعاداً عديدة، أبرزها الحرص المصري على تطوير العلاقات المصرية العربية، ومنها العلاقات مع الكويت لأسباب ترتبط بالتوافقات المشتركة بين البلدين والتعاون ليس على المستوى السياسي فحسب، بل على المستوى الأمني أيضاً.

التنسيق المشترك

البعد الثاني في الزيارة مرتبط بالاستثمارات الكويتية التي تستحوذ على مكانة متميزة وسط استثمارات خليجية في مصر، وفق عز العرب، الذي لفت إلى أن الزيارة تحمل بعداً ثالثاً هاماً مرتبطاً بالتنسيق المشترك في القضايا الإقليمية والدولية خاصة وهناك إدراك مشترك على أولوية خفض التصعيد والتعاون الثنائي بوصفه صمام أمان للمنطقة.

تحديات المنطقة

يرى الكاتب والمحلل السياسي الكويتي، طارق بروسلي، أن زيارة عبد العاطي «خطوة مهمة في إطار العلاقات التاريخية الوطيدة بين البلدين، وتعكس عمق التفاهم والاحترام المتبادل بين قيادتي البلدين والشعبين الشقيقين».

وتحمل الزيارة قدراً كبيراً من الأهمية، وفق المحلل السياسي الكويتي ورئيس «المنتدى الخليجي للأمن والسلام» فهد الشليمي، خصوصاً وهي تأتي قبيل أيام من القمة الخليجية بالكويت، مطلع الشهر المقبل، وما سيتلوها من ترأس الكويت مجلس التعاون الخليجي على مدار عام، فضلاً عن تحديات كبيرة تشهدها المنطقة، لا سيما في قطاع غزة وحربها المستمرة منذ أكتوبر (تشرين الأول) 2023.

وأفادت وكالة الأنباء الكويتية الرسمية، الأحد، بأن أمير البلاد الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح تلقى رسالة شفهية من الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي تتعلق بالعلاقات الأخوية المتميزة بين البلدين والشعبين الشقيقين وآخر المستجدات الإقليمية والدولية، خلال استقبال ولي العهد لوزير الخارجية المصري.

كما نوهت بأن عبد العاطي التقى رئيس الوزراء بالإنابة، و«جرى خلال اللقاء استعراض العلاقات الثنائية وسبل تعزيز التعاون بين البلدين إضافة إلى بحث آخر المستجدات على الساحتين الإقليمية والدولية».

تطوير العمل الدبلوماسي

وتهدف الزيارة، وفق بروسلي، إلى «تعميق التعاون في عدة مجالات والتنسيق المشترك في المواقف على الصعيدين الإقليمي والدولي، لا سيما في قضايا فلسطين وسوريا ولبنان واليمن»، مرجحاً أن تسهم المباحثات المصرية الكويتية في «زيادة فرص التعاون الاقتصادي والتجاري وتعزيز الاستثمارات وزيادة التنسيق الأمني ومواجهة التحديات الأمنية المشتركة».

ويعتقد بروسلي أن الزيارة «ستكون فرصة لبحث تطوير العمل الدبلوماسي، ودعم البرامج التعليمية المتبادلة بين البلدين والخروج بمذكرات تفاهم تكون سبباً في تحقيق التكامل الإقليمي، وتعزيز التعاون في ظل التحديات المشتركة بالمنطقة».

بينما يؤكد الشليمي أن الزيارة لها أهمية أيضاً على مستوى التعاون الاقتصادي والتجاري، خصوصاً على مستوى تعزيز الاستثمارات، إضافة إلى أهمية التنسيق بين وقت وآخر بين البلدين، في ظل حجم المصالح المشتركة الكبيرة التي تستدعي التعاون المستمر.