عيسى جرابا: المؤسسات الثقافية عاجزة عن استيعاب الإبداع

الامير خالد الفيصل وإلى جانبه الشاعر عيسى الجرابا بعد أن ألبسه بردة «شاعر عكاظ» مساء الثلاثاء الماضي في حفل إطلاق مهرجان سوق عكاظ الذي يقام حاليا في الطائف
الامير خالد الفيصل وإلى جانبه الشاعر عيسى الجرابا بعد أن ألبسه بردة «شاعر عكاظ» مساء الثلاثاء الماضي في حفل إطلاق مهرجان سوق عكاظ الذي يقام حاليا في الطائف
TT

عيسى جرابا: المؤسسات الثقافية عاجزة عن استيعاب الإبداع

الامير خالد الفيصل وإلى جانبه الشاعر عيسى الجرابا بعد أن ألبسه بردة «شاعر عكاظ» مساء الثلاثاء الماضي في حفل إطلاق مهرجان سوق عكاظ الذي يقام حاليا في الطائف
الامير خالد الفيصل وإلى جانبه الشاعر عيسى الجرابا بعد أن ألبسه بردة «شاعر عكاظ» مساء الثلاثاء الماضي في حفل إطلاق مهرجان سوق عكاظ الذي يقام حاليا في الطائف

ذهبت جائزة «شاعر عكاظ»، في موسم عكاظ السابع، لشاب سعودي هو عيسى جرابا، الذي قلده الأمير خالد الفيصل مساء الثلاثاء بردة عكاظ. والجرابا متحدر من مدينة جازان، وكان زميله إياد الحكمي فاز العام الماضي بجائزة شباب عكاظ.
للجرابا ثلاثة دواوين شعرية مطبوعة حملت عناوين: (لا تقولي وداعا)، و(وطني والفجر الباسم)، و(يورق الخريف). وله ثلاث مخطوطات لم تر النور بعد.
التقينا عيسى الجرابا عشية تسلمه جائزة عكاظ وأجرينا معه الحوار التالي، الذي تحدث فيه عن دلالة فوزه بالجائزة، ودور المؤسسات الثقافية القائمة في دعم المبدعين، وهو دور يراه دون المطلوب:
* نلت عددا من الجوائز ولكن أين تجد موقع جائزة «سوق عكاظ» منها؟
- أول جائزة حصلت عليها وأنا طالب في جامعة «الإمام» وكانت الجائزة من قبل الرئاسة العامة لرعاية الشباب. قدمت قصيدة وقتها وفزت بالمركز الأول على مستوى السعودية، فكان هذا من العوامل الجميلة والمؤثرة في حياتي ولا أنساها. وبعدها توالت الجوائز من هنا ومن هناك، ومنها جائزة النادي الأدبي بالرياض العام الماضي التي كانت باسم «شاعر الوطن» في مناسبة اليوم الوطني. ولكن المحطة الأكبر والأكمل والأجمل هي محطة سوق عكاظ ولقب «شاعر عكاظ» بما يحمله من إرث تاريخي وأدبي مديد ولا شك أنها مطمح كل شاعر.
* قصيدة «زفرات سجين» قصيدة تمتلئ بالأسى، وكأنها بكاء على الحالة الإنسانية في المنطقة العربية، أو على حرية مفقودة.
- هناك سجن خارجي وآخر داخلي، ولكن في نظري أن أصعب السجون على النفس هي السجون الداخلية وأشدها وطأة على الإطلاق. السجون نحملها أحيانا في ذواتنا ونحن نمشي طلقاء أحرار.. نحن نحمل شجوننا وسجوننا ونحن نمشي في الأسواق ونأكل ونشرب، ونجول في هذه الأرض وفي العالم المترامي ونحن طلقاء وأحرار دون أن نكون خلف القضبان. ولذلك فإن هذه القصيدة ترمز إلى الغربة التي نعيشها باختصار، غربة المثقف أو المبدع داخل نفسه وخارجها سواء في موطنه أو بيئته أو عالمه العربي نظرا لعدم الاهتمام بالمبدعين في كل مجالات الحياة، فهناك كثير منهم كسرت مجاديفهم لأنهم لم يجدوا من يهتم بهم.
* جاء ديوانك الثاني بعنوان «لا تقولي وداعا».. لمن تقول وداعا؟
- أنا أقول لا تقولي وداعا لكل شيء جميل في حياتنا وليس يشترط فيها أن تكون فقط الأنثى وحدها هي الجميلة في حياتنا ولا يشترط في العنوان أن يكون غزليا حتى لو كانت القصيدة التي تحمل العنوان قصيدة غزلية. «لا تقولي وداعا» لا يشترط فيها أن تكون خطابا غزليا، فنحن نصرخ دائما بأعلى أصواتنا ونقول لا تقولي وداعا لكل لأشياء الجميلة.
* «وطني والفجر الباسم».. ديوان شعر ثالث تغني فيه عظمة الوطن والدفء والأهل والفجر الباسم، على عكس بكائياتك في قصائد أخرى..
- إن وطني مهبط الوحي، ولو اختزلنا كل الأضواء والأنوار لهذا الوطن في مهبط الوحي فقط لكفى، فمكة المكرمة والمدينة المنورة وما تحملهما من قدسية تجعل لهذا الوطن خصوصية ليس لدى السعوديين فقط بل لدى العالم أجمع كنقطة ارتكاز، كحقيقة تفرض نفسها.
* و«يورق الخريف».. ما حيثيات هذا الديوان؟
- ليست هناك من حيثيات تذكر وإنما لربما جاءت نصوص المجموعة في أغلبها في وقت متأخر يشعر فيه الإنسان أن خريف العمر وخريف الإحساس بدأ يمر سريعا وقد يذبل، وخريف الأشياء كذلك. كل هذا يجعل الإنسان يفكر مليا في تلك الحزمة من السنين التي خلفها وراءه، وماذا له وماذا عليه.. ولذلك نقول يورق الخريف ولكن هل هو يورق فعلا؟
* مخطوطتك «صهيل البقايا».. لم تر النور بعد ما السبب؟
- ليست مخطوطة «صهيل البقايا» فقط وإنما لدي ثلاث مخطوطات أو تزيد غير الدواوين الثلاثة المطبوعة، ولكن ليس هناك اهتمام بالإصدار الورقي في أمة لا تقرأ، حيث يتسابق الآن الكثيرون من الشعراء على الإصدارات المسموعة والمرئية والنشر عبر الشبكة العنكبوتية من خلال مواقع ومنتديات، والتي تحظى بنسبة عالية من القراء أكثر من الإصدارات الورقية، ومع مرور الزمن تكون المسألة أكثر تعقيدا وتحتاج لشيء من المعالجة التي تمكن الإصدار الورقي من أن يحتفظ بموقعه مع إيقاع الحياة السريع والتقدم التقني والتكنولوجي في مجال الاتصال والتواصل، خصوصا وأنها أصبحت مكلفة، ولذلك تلحظ أن الشعر العامي عندما نفذ لقلوب كثير من الناس لأنه من سمع من خلال الإصدارات المرئية والمسموعة فضلا عن قنوات أخرى أكثر شعبية.
* قرية «الخضراء» بجازان، حيث مولدك، تكتنز بكثير من عناصر البيئة والتراث.. إلى أي حد انعكس ذلك في قصيدتك؟
- كان في القرية كثير من عوامل الطبيعة الخلابة. وأكاد أقول ليس لها نصيب الآن بعد الاحتطاب الجائر. لقد تخلى البعض عن إنسانيته وأصبح عدوا لبيئته. كانت منطقة جازان تنعم بكل أجوائها وطبيعتها وريفيتها. لكن حينما بدأت «المدنية» تدخلها شيئا فشيئا سلبت منها ومنا الكثير ولم تبق سوى الذكريات التي نعيشها.
* ترجمت لك بعض الأعمال إلى لغات أخرى.. هل تحسست من خلالها طريقك للعالمية؟
- الترجمة ضرورية فكما وصل أدب غيرنا إلينا من خلال الترجمة، لا بد من إيصال أدبنا للآخر من خلال الترجمة أيضا، ولذلك يحصل التأثير والتأثر عبر هذه الترجمة ونقل العلوم الإنسانية ولغاتها.
* ما رأيك في السجال الدائر الآن في الساحة الثقافية حول ريادة الرواية أو الشعر؟
- هذا النوع من هذا الجدال بين الأدباء والمثقفين يظل جدالا عقيما، لا طائل منه. ما الذي يعنيه إذا تقدمت الرواية على الشعر أو العكس؟ إذا وضعنا في الحسبان أن كليهما جنس أدبي له شعبيته وكلاهما يؤدي رسالته. إذا عدنا إلى العصور القديمة.. ألم يكن الشعر يتقدم على النثر؟ والسبب واضح، لأن الشعر كان وقتها مطلوبا، ثم أتت فترة أخرى تقدم النثر فيها حينما أصبح مطلوبا. من هنا، لا يتقدم جنس على آخر من الأجناس الأدبية إلا بمقدار ما يضخ فيه من إبداع وبمقدار الحاجة إليه في الوقت المعين، فيتقدم أحدهما على الآخر وهكذا دواليك، وطبعا نحن نضع الرواية في عمق النثر لأن الشعر والنثر جنسان رئيسيان في الأدب ولا يتقدم أحدهما على الآخر إلا بقدر ما يتفوق أحدهما إبداعيا.
* وكيف تجد المشهد الثقافي بشكل عام؟
- المشهد الثقافي في ظل سهولة التواصل الاجتماعي الآن أصبح يبشر بخير، فهناك أصوات شعرية وروائية كثيرة، فضلا عن حقول كتابية أخرى. ومن شأن ذلك أن يحفز بيئة التنافس بين الأدباء والمثقفين. لكني ألاحظ، في الوقت نفسه، أن بعض شعراء السعودية ينطوون على أنفسهم، إذ لا توجد سبل تواصل جيدة، وربما كذلك في كل الدول الأخرى، مع أنه يوجد تواصل على كل المستويات المحلية والإقليمية والدولية على مستوى الأفراد والجماعات والكيانات.
* هل أنت راض عن حركة النقد بالنسبة للشعر الآن؟
- لحد ما. لكن المشكلة تكمن في كثرة الشعراء وشح النقاد أو عددهم قليل جدا بموازاة الشعراء. العملية الشعرية تحتاج معها إلى عملية نقدية، وتصحيحية لتصحيح مسار الشعر، فحينا يتدفق الشعر في عدم وجود ناقد تكون العملية قاصرة إبداعيا وتحتاج إلى مكمل. والشعراء من الشباب في حاجة ماسة لمن يأخذ بأيديهم ويهديهم سواء السبيل نحو تصحيح ومراجعة كتاباتهم بشكل تكتمل فيه العملية الإبداعية مع رصيفتها الفنية. ولكن للأسف لا يوجد نقاد حاذقون وهذا ما يفرز ما يسمى بالشللية القاتلة، لأنه هناك نقادا محصورين في منطقة ويكتبون عن شخصيات شعرية محددة.
* هل تعتقد أن المؤسسات الثقافية لا سيما الأندية الأدبية لا تزال هي الوعاء المناسب لاستيعاب الإبداع والمبدعين؟
- أقولها بملء فمي: لا، إذ إنه باستطاعة كل أديب روائي أو شاعر أن ينشر ما ينتج في أي وقت وعبر أكثر من قناة تواصل ويصنع معجبين من دون الحاجة إلى الالتزام بالحضور في المؤسسات الثقافية، وللأسف فإن الأخيرة دخلت في أحاديث وأقاويل وجدل بيزنطي وأخرتها المهاترات والمشكلات عن رسالتها المنوطة بها، ولكن سهولة الاتصال ووفرة قنواته أغنى الكثيرين من المبدعين عن الانتظار لما تقدمه لهم مثل هذه المؤسسات، وذلك بأن يجعلوا له مواقع أو نوافذ يطلون من خلالها على المتلقين وهم بالآلاف فيسمعونها وينشرونها ويتبادلونها عبر الـ«يوتيوب» أو الـ«فيس بوك» وغيره من قنوات التواصل الاجتماعي الأخرى.



سبعةُ أنماطٍ من المتعة الروائية

سبعةُ أنماطٍ من المتعة الروائية
TT

سبعةُ أنماطٍ من المتعة الروائية

سبعةُ أنماطٍ من المتعة الروائية

حين نشر الناقد البريطاني ويليام إمبسون William Empson كتابه المرجعي في النقد الأدبي سبعة أنماط من الغموض Seven Types of Ambiguity عام 1930، كان في الرابعة والعشرين من عمره؛ لكنّه مع ذلك وضع واحداً من أكثر الكتب تأثيراً في النقد الأدبي الحديث. لم يكن إمبسون يتعامل مع الغموض بوصفه عيباً في التعبير بل بعدّه قلب الشعر النابض. رأى أنّ اللغة حين تبلغ أقصى درجاتها الفنية لا توضّح بقدر ما تلمّح، ولا تفسّر بقدر ما تُثير، وأنّ الجمال يكمن في المسافة بين ما يُقال وما يمكن أن يُقال. من هنا جاءت فكرته الجريئة: يمكن تصنيفُ الغموض ذاته في سبعة أنماط، تتدرّج من البسيط إلى المركّب، ومن الغموض اللغوي إلى الغموض الوجودي. جعل إمبسون من الغموض (أو التعقيد بلغة الأدب التقنية) متعة جمالية في ذاته؛ فالقصيدة عنده ليست معادلة لغوية تقود إلى استجابة موحّدة لدى القرّاء بل كائن متعدد الطبقات، وكلُّ قراءة تكشف عن جانب من نسيج ذلك الكائن.

منذ أن قرأتُ كتاب إمبسون لم أُبْطِل التفكير بالكيفية التي نستلهم بها أفكاره وننقلها من الشعر إلى الرواية: اذا كان للغموض الشعري أنماطُهُ السبعة؛ فلماذا لا تكون للمتعة الروائية أيضاً أنماطُها؟ لماذا نظنُّ أنّ مُتعة القراءة حالةٌ واحدة موحّدة في وقتٍ تدلُّنا فيه خبرتُنا على أنّ هذه المتعة طيفٌ واسعٌ من تجارب التلقّي والانفعالات الشخصية؟

لا بأس من مثال تطبيقي حقيقي. أفكّرُ كثيراً في روايات عديدة من أمثال رواية قوس قزح الجاذبية Gravity’s Rainbow التي كتبها الروائي الأميركي توماس بينتشون Thomas Pynchon. هذه الرواية تدور وقائعها في أواخر الحرب العالمية الثانية، وتستكشف موضوعات معقدة مثل جنون العظمة والفساد والتقنية، وتركّز على تصميم صواريخ V-2 الألمانية وتأثيرها. الرواية مشبعة بالغموض؛ لكنّه غموض إبداعي من درجة رفيعة يبدأ من عنوان الرواية ذاتها حيث إنّ مسار الصاروخ يشبه قوس قزح. هذه الرواية غير مترجمة إلى العربية، وكثيراً ما تساءلت: لماذا الإحجامُ عن ترجمتها؟ هل يستشعر المترجمون أنّها تفتقرُ إلى المتعة المفترضة في القراءة الروائية؟ سيكون تعسّفاً خطيراً أن نفترض متعة جمعية في هذه الرواية كما يحصل مثلاً مع روايات دوستويفسكي؛ لكن مع هذا سيجد قليلون ربما متعة عظيمة فيها. سيقودنا الحدسُ إلى أنّ تلك القلّة المخصوصة هي لقرّاء لهم شيء من معرفة بالرياضيات والفيزياء وتواريخ الحروب وتداخلات السلطة وضغوطها. لا يمكن في النهاية التصريحُ بمتعة شاملة مطلقة للعمل الروائي. هذا مدخل يوضّحُ التمايز الحتمي بين أنماط المتعة الروائية بين القرّاء.

*****

منطلقةً من كتاب إمبسون أعلاه، سأحاولُ الإشارة إلى سبعة أنماط من المتعة الروائية، لا بوصفها تصنيفاً نهائياً بل بوصفها خريطة أولى في جغرافيا اللذة السردية.

أولى المتع السردية هي متعة الانغماس. إنّها المتعة الأولى التي يتذوقها القارئ منذ طفولته، حين يفتح كتاباً ويجد نفسه فجأة في مكان آخر.

إنها متعة الغياب الطوعي عن الواقع: أن نذوب في العالم الروائي حتى ننسى أننا نقرأ. في هذه اللحظات لا نكون خارج النص بل داخله، نعيش مع شخصياته ونتنفس هواءه. نقرأ موبي ديك فنشعر برائحة البحر، أو آنا كارينينا فنرتجف أمام قطارها القادم. الانغماس هو نوع من الحلم الواعي، تجربة بين الخيال والوجود، فيها يتحوّل القارئ من متلقٍ إلى مشارك. إنها متعة لا تبحث عن المعنى بقدر ما تبحث عن الإقامة المؤقتة في عالم آخر، موازٍ، بحثاً عن ذلك النسيان الجميل الذي يُعيد إلينا براءة الخيال.

المتعة الثانية هي متعة التركيب. في هذا النمط، القارئ لا يستسلم للنص بل يتحدّاه. إنه القارئ الذي يتعامل مع الرواية كما يتعامل عالم الآثار مع نقش قديم: يحلّلُهُ، يربط بين أجزائه، يبحث عن رموزه ومفاتيحه. هنا تتحوّل اللذة إلى فعل فكري، إلى شغف ببنية السرد لا بوقائعه فقط. روايات مثل اسم الوردة لأومبرتو إيكو، أو قوس قزح الجاذبية لتوماس بينتشون تُجسّد هذا النمط: أعمال تُبنى كإنشاءات فكرية رفيعة يشارك القارئ في رسم خريطتها. المتعة هنا لا تأتي من الحكاية بل من الذكاء البنائي، ومِنْ شعور القارئ أنه شريك في صناعة المعنى، لا مستهلك له فحسب.

النمط الثالث من المتعة الروائية هو متعة الاعتراف. ليست كل الروايات مرآة للعالم؛ فبعضها مرآة للذات. حين نقرأ عملاً مثل الغريب لألبير كامو أو البحث عن الزمن المفقود لبروست، فإننا لا نبحث عن حكاية بقدر ما نبحث عن أنفسنا. الرواية هنا مساحة اعتراف مؤجلة، نرى فيها ما لا نجرؤ على قوله في الحياة اليومية. القارئ في هذا النمط يجد لذّته في التعرّف إلى ذاته عبر الآخر. كل سطر يذكّره بجراحه الصغيرة، وكلُّ شخصية تعيد إليه ظلّه المفقود. إنها المتعة التي تولد من الحميمية، ومن الإحساس بأن النصّ يعرفنا أكثر مما نعرف أنفسنا.

النمط الرابع هو متعة اللغة. في هذا النمط تتراجع الحكاية إلى الخلف وتتقدّم اللغة إلى المقدمة. هنا لا تتجسّدُ المتعة في (ماذا يحدث؟) بل في (كيف يُقال؟). الكاتب لا يسرد فقط بل يعزف بالكلمات. يحوّل الجمل إلى موسيقى. المتعة هنا جمالية خالصة، متعة الإصغاء إلى اللغة وهي تُعيدُ اكتشاف نفسها، وحيث تصبح القراءة نوعاً من الإصغاء اللذيذ لصوت داخلي يحدّثك من غير وسيط.

النمط الخامس هو متعة القلق. ليست كل المتع الروائية مقترنة بطمأنينة راسخة. أحياناً يهبنا الأدب لذة مقلقة كمن ينظر في مرآة تكشف له عما لا يريد أن يراه. روايات مثل 1984 لجورج أورويل أو الطاعون لكامو تمنحنا هذا النمط: متعة القلق المفضي إلى المواجهة، لا الهروب. القلق هنا ليس سلبياً بل لحظة وعي. إنه الارتجاف الجميل أمام الحقيقة، والمتعة التي تنبع من الخطر المعرفي حينما يفتح النص باباً نحو المجهول الأخلاقي أو السياسي أو الوجودي. إنها المتعة التي تُشبه المأساة الإغريقية: الألم الذي يطهّر؛ لأنّ القارئ يخرج منها أكثر معرفة وإن كان أقل راحة.

النمط السادس هو متعة الدهشة. كل قارئ يحمل في داخله توقاً إلى الدهشة، إلى تلك اللحظة التي تتجاوز فيها الرواية كل توقّع. الدهشة ليست مجرد مفاجأة في الحبكة بل توافقٌ خفيٌّ بين ما لم نتوقّعه وما يبدو، رغم ذلك، منطقياً إلى حد الجمال. حين نقرأ رواية المسخ لكافكا ونجد إنساناً يستيقظ ليجد نفسه حشرة، أو ندلف أجواء رواية مائة عام من العزلة لماركيز فنرى الواقع يمتزج بالسحر، ندرك أننا أمام متعة من نوع نادر: متعة أن يُعاد ترتيب العالم في وعينا. الدهشة هي لحظة تولد فيها لغةٌ جديدةٌ للحياة، تجعل القارئ يشعر أنه يرى العالم الذي طال عهده به بعيون جديدة.

النمط السابع هو متعة الغياب. هذه هي المتعة الوحيدة التي لا تحدث في أثناء القراءة بل بعدها. تتحقق هذه المتعة حين نغلق الكتاب، ونكتشف أن شيئاً منه ما زال يعمل فينا بصمت. إنها المتعة التي تنبع من النقص، من الإحساس بأنّ الرواية لم تُغلق العالم بل فتحته على احتمالاته. روايات كثيرة تعيش فينا بهذه الطريقة، وعندما نغادرها في المحطّة الأخيرة، فكلها تترك فينا شيئاً ناقصاً، فراغاً صغيراً يواصل التمدّد فينا ويترك بصمة شاخصة في ذاكرتنا. الغياب هو ذروة المتعة الناضجة: حين نكتشف أنّ القراءة ليست لحظة بل أثر طويل الأمد، وأنّ النص العظيم لا يُقرأ مرة واحدة بل يسكن الذاكرة كوشم لا فكاك من مفاعيله المستقبلية.

*****

ما أودُّ التأكيد عليه أن ليست المتعة الروائية واحدة؛ بل هي مُتعٌ عديدة تتخالف شكلاً وآلية مع تبدّل القارئ والزمن والمزاج. في العادة المتواترة يجد القارئ الشاب لذّته في الانغماس، والمفكّر يجدها في التركيب، والمكلومُ في الاعتراف، والعاشق للجمال في اللغة، والمتوتّر في القلق، والمغامرُ في الدهشة، والحكيم في الغياب. إنها ليست طبقات متنافسة بل مستويات متداخلة. قد نبدأ بالانغماس وننتهي بالغياب، أو نمرّ من بوّابة الدهشة إلى القلق ثم نعود إلى الاعتراف. الرواية الحقيقية لا تُشبِعُنا من الخارج؛ بل تُوقظ فينا القارئ من الداخل. وحين ندرك ذلك نفهم أنّ إمبسون كان محقاً: الجمال يكمن في التعدّد، في الغموض، في أن تكون التجربة الأدبية قابلة لأن تُقرأ بسبعة أنماط على الأقل.

إذا كان الغموض في الشعر هو تعدّد المعنى؛ فإنّ المتعة في الرواية هي تعدّد سبل التلقي. كلاهما دعوة غير مقيّدة للحرية؛ حرية الكاتب في أن يكتب، وحرية القارئ في أن يجد لذّته الخاصة، لا تلك التي أعدّها له المؤلف.

أعظمُ خواص الرواية الحقيقية هي أنها تمنحنا هذا الحق الجميل: أنْ يحبّها كلٌّ منّا بطريقته ووسائله ومقاربته الفكرية الخاصة.


الصور النمطية المُتبادَلة بين «الأنا والآخر»

الصور النمطية المُتبادَلة بين «الأنا والآخر»
TT

الصور النمطية المُتبادَلة بين «الأنا والآخر»

الصور النمطية المُتبادَلة بين «الأنا والآخر»

يتناول كتاب «إدراك العالم... الصور النمطية المتبادلة بين الأنا والآخر» للدكتور زهير توفيق، التصورات المتبادلة بين العرب المسلمين والآخرين في العصور الحديثة والوسطى، لا سيما الشرق الفارسي والغرب الكنسي. وقد صدر الكتاب عن «الآن ناشرون وموزعون» بالأردن في 420 صفحة.

يقول المؤلف في المقدمة معرِّفاً بالكتاب: «يُمثِّل هذا الكتاب دراسة استقصائية تاريخية وتحليلية لجدل الأنا والآخر، من خلال رصد التصورات المُتبادَلة بين العرب المسلمين والآخرين في العصور الوسطى والحديثة، كون العرب المسلمين مثَّلوا ذاتاً لتعيين الآخر، وتخيُّله على المستوى الديني والإثني والسياسي؛ خاصةً الفرس والأسود واليهودي والمسيحي، بفرعيه اللاتيني والبيزنطي، هذا من جهة، ومن جهة أخرى كونهم موضوعاً للآخرين؛ أي صورتهم في المخيال الفارسي الشرقي (الشعوبية) والغربي الأوروبي؛ الرومي البيزنطي واللاتيني في القرون الوسطى، وتحولات تلك الصورة في أوروبا العصور الحديثة».

ويرى المؤلف في المقدمة أن نظرة كلا الطرفين للآخر هي ثابتة، فلم «يخرج لا الشرق العربي الإسلامي، ولا الآخر في الشرق والغرب قديماً وحديثاً، عن مُسلَّماته وطرائق تفكيره في فَهْمِ الآخر، فقد بقيت ثوابتُه الحضارية والدينية والإثنية سُلطةً مرجعيةً في فهم الذات والآخر، وتمييز الأنا عن الآخرين من فُرسٍ ويهود وبيزنطيين ولاتين، ومهما تغيَّرت الصورة وتحوَّلت لأسباب داخلية وخارجية، فإن الثابت البنيوي فيها هو الآخرية وعُمق الغيرية؛ أي تصعيد الخلاف والاختلاف، فالذات هي المركز الذي تدور حوله الأطراف، والأفضل والمعيار الأمثل، والآخر أو الآخرون مجرد أطراف، هوامش وبرابرة وكفاراً ومنحرفين، ولا يستحقون أكثر مما تمنحه لهم الذات المتعالية».

ويأتي المدخل التمهيدي للكتاب مستشهداً بالعلاقة بين الأنا والآخر (الشرق والغرب)، على اعتبار أن الشرق حين يُذكر يتبادر إلى الذهن الشرق المسلم على وجه الخصوص، والغرب يُراد به الغرب الأوروبي بالأساس قديماً وحديثاً.

يقول: «تفترض قراءتنا للموضوع استمرار الصور النمطية للعرب والمسلمين، وهي الصور التي تشكَّلت في العصور الوسطى، ودخلت معجم الغرب بشكل نهائي كما هو في الاستشراق السياسي والأنثروبولوجي الحديث (الواعي لذاته) الذي نشأ في نهاية القرن الثامن عشر مع حملة نابليون بونابرت على المشرق العربي سنة 1798م».

وعن وضوح رغائب الغرب من الشرق (المسلم)، يقول: «لم ولن يتلطّف الغرب مع الشرق إلا إذا تواطَأ معه على ذاته، وتماهى في خطاب الغرب ومسيرته ورطانته من خلال نُخبةٍ فكرية وسياسية وكيلة، نجح الغرب في خَلْقِها ورفعها إلى سدَّة السُّلطة، واستمدت مشروعيتها ومرجعية وجودها مِن دعمه المطلق على جميع المستويات، ومقابِل ذاك الدعم سوَّقت خطابه في ثقافتها العالمة والشعبية على حدٍّ سواء، وهذا دليل نجاح الغرب في اختراق الشرق الذي وصل إلى طاعة الوكلاء، وامتثالية التابعين».

ويفصِّل المؤلف القول حول أعلام الغرب البارزين الذين تبنوا أفكاراً تنويرية، ومنهم جيبون: «يبدو جيبون منسجماً مع التنوير، ويقدم رؤية مستقلة نقدية خاصة لأحكام الغرب المتحاملة والسلبية عن الإسلام حتى ذلك الوقت، ففي عرضه لأخلاق العرب ودياناتهم قبل الإسلام يقول: (غير أنه في الدولة العربية، وهي أكثر بساطة [من الرومان واليونان] فإن الأمة حرة لأن كل فرد من أبنائها يستنكف أن يُطأطئ الرأس في خضوع وذلة لإرادة سيد ما، ولقد حصَّن العربي نفسه بفضائل صارمة من الشجاعة والصبر والاعتدال، ودفعه حبه للاستقلال إلى ممارسة عادة ضبط النفس، وحفظته خشية العار من أن يذل بالخوف من الألم والخطر والموت، وإن رجاحة عقل العربي وضبط نفسه واضحان في مظهره الخارجي)».


رحيل محمد هاشم مؤسس دار «ميريت» بعد رحلة عطاء استثنائية

رحيل محمد هاشم مؤسس دار «ميريت» بعد رحلة عطاء استثنائية
TT

رحيل محمد هاشم مؤسس دار «ميريت» بعد رحلة عطاء استثنائية

رحيل محمد هاشم مؤسس دار «ميريت» بعد رحلة عطاء استثنائية

رحل في الساعات الأولى من صباح اليوم الجمعة الناشر المصري محمد هاشم، مؤسس ومدير دار «ميريت للنشر»، عن عمر يناهز 68 عاماً، بعد رحلة كبيرة مع صناعة الكتاب، فقد كان نموذجاً للناشر المثقف، صاحب الموقف الطليعي ثقافياً وسياسياً، وجعل من «ميريت» أحد أهم المنافذ الثقافية في القاهرة، وأحدث طفرة في صناعة النشر، وفتح من خلالها نافذة كبيرة للعديد من الأجيال ليروا إبداعاتهم منشورة بين دفتي كتاب، بعد أن كان النشر عقبةً كبيرةً تواجه كل مبدع مصري، ويضطر للوقوف سنواتٍ على أبواب دور النشر الحكومية.

أسس الراحل «دار ميريت» في منتصف التسعينيات من القرن الماضي، لتشكل هي و«دار شرقيات»، التي تأسست في الفترة نفسها تقريباً، رئة ثقافية أسهمت في احتضان جيل التسعينات في الرواية والشعر والنقد، وتقديمهم للحياة الثقافية والأدبية، ودشنت كثيراً من التجارب الطليعية التي لم تكن حصلت على الاعتراف الأدبي بعد، فكانت فضاءً للاحتفاء بكل إبداع جديد ومختلف، وظلت تمارس الدور نفسه في العقدين الأولين من الألفية الجديدة، فكثير من الأجيال الراهنة الذين أصبحوا نجوماً في الشعر والرواية والقصة، بدأوا مشوارهم الإبداعي من «ميريت» أو من «شرقيات».

لم تكن «ميريت» مجرد دار نشر، فقد تحول مقرها الأول الشهير في شارع قصر النيل بوسط العاصمة المصرية إلى منتدى ثقافي دائم، وكان له رواد من مشاهير الثقافة المصرية والعربية، فعندما كنت تدخل تجد الشاعر الراحل أحمد فؤاد نجم جالساً بأريحية وكأنه في بيته، وكان من ضمن رواد الدار أيضاً الروائيان الراحلان خيري شلبي و إبراهيم أصلان، والناقد محمد بدوي، والروائي الراحل حمدي أبو جليل، والشاعر الراحل أسامة الديناصوري، وغيرهم كثيرون من رموز الحركة الثقافية المصرية، وكان كل شاب يريد أن يبدأ مشواره الإبداعي لا بد له أن يمر يوماً على «ميريت»، ليتعرف على «مطبخ» الثقافة المصرية، ويتقرب من رموزها، يسمعهم، ويتعلم منهم، ويحصل على فرصة أن يسمعوه ويتعرفوا إلى إبداعه، فيُمنح صك الاعتراف.

فازت «ميريت» بجائزة نادي القلم الدولي «هيرمان كيستن» (kesten PEN الفرع الألماني)، وتمنحها وزارة «هسه» للعلوم والفنون، وقدرها 10.000 يورو، وتمنح لكتاب المقالات والروائيين فى جميع أنحاء العالم لمن يتصدون للاضطهاد والقمع ويدافعون عن الحق والحرية، كما تمنح للناشرين لتقديمهم الدعم والرعاية للكتاب المضطهدين في نشر فكرهم ويؤمنون بالحق فى الحرية والتعبير عن الرأي.

لم يتوقف دور محمد هاشم عند حدود العمل الثقافي وصناعة الكتاب، فقد كان ناشطاً سياسياً، حتى أصبح مقر الدار ربما أكثر صخباً وحيويةً من مقرات بعض الأحزاب السياسية. وأثناء ثورة 25 يناير، وبسبب قرب الدار من ميدان التحرير، مركز الحراك الثوري آنذاك، كانت ملاذاً لكثير من أبناء الثورة، خصوصاً من المثقفين، سواء لالتقاط الأنفاس، أو متابعة الأخبار، أو حتى المبيت في الدار التي فتحت أبوابها على مصاريعها. كما كان هاشم ناشطاً في ثورة 30 يونيو ضد جماعة الإخوان، وشارك في الوقفات الاحتجاجية والاعتصامات التي أقيمت ضدهم، بل إن لافتات كثير من الوقفات ضدهم كانت تخرج من مقر الدار.

عن الراحل يقول الروائي والقاص محمد محمد مستجاب: «رغم أنني لم أكن من (شلة دار ميريت) التي اشتهرت في بداية الألفية، حيث كان يحضرها والدي رحمه الله (الروائي الراحل محمد مستجاب)، فإن علاقتي بعمنا محمد هاشم كانت بعد رحيل والدي في 2005، خصوصاً في إرسال أعمالي لإبداء الرأي فيها، ثم طلبه عملًا لي ليصدر عن (ميريت) لكن هذا لم يتحقق. لكن (ميريت) التي تنقلت من شارع قصر النيل ثم شارع صبري أبو علم ثم باب اللوق ظلت ظهراً حامياً للثقافة المصرية، وليس لي على المستوى الشخصي، وقد خرجت منها عدة مظاهرات تحمي مكتسبات ثورة يناير».

يضيف مستجاب: «محمد هاشم كان يرعى كثيراً من المواهب، ويحزن عندما يجدها انحرفت عن مسارها، واتجهت لشيء آخر بعيداً عن الكتابة. وسيظل اسمه غالياً على جميع الكتاب المصريين والعرب، ومنبراً طالما أحببناه وتعاركنا واختلفنا معه، لكنه كان دائماً مثل آبائنا؛ يعلم أننا سنعود كي نجد في حضرته الابتسامة، وفي جيبه النقود التي تدفئ أيامنا، والكتب التي تشعل خيالنا بالإبداع. برحيل (أبو ميريت)، خسرنا صرحاً ثقافياً حقيقياً في زمن العبث الثقافي».

ويقول الروائي سامح الجباس: «قدم محمد هاشم للثقافة المصرية والعربية أهم الأسماء التي تملأ الساحة الأدبية المصرية الآن، كلهم كانوا مجرد كتاب شبان هواة خرجوا من عباءة (ميريت)، وانطلقوا بعدها نجوماً في ساحة الأدب، وأنا منهم. ففي عام 2005 حملت في يدي أول مخطوط لكتاب أرغب في نشره، وذهبت مباشرة إلى (ميريت)، أهم وأشهر دار نشر خاصة وقتها، واستقبلني صاحب الدار محمد هاشم بحفاوة كأنني كاتب معروف. وحتى نهاية 2010 كنت زائراً شهرياً للدار، ومنها قرأت لكل هذا الجيل من الكتاب، فقد كانت ملتقى الكتاب، فيها كنت تقابل أحمد فؤاد نجم وخيري شلبي وحمدي أبو جليل وعلاء الأسواني والسيد ياسين وغيرهم من الصحافيين والفنانين. وكانت أبوابها مفتوحة دائماً للشباب روائيين، وشعراء، ومطربين، وموسيقيين. وفيها ندوات يومية تقريباً».

ويكمل الجباس: «مرت السنوات، وتعرضت (ميريت) لهزات زلزالية حتى أوشكت الدار على التوقف. وانتقلت الدار من مكان إلى آخر في نطاق وسط البلد. وكنت حتى بداية هذا العام حريصاً على أن أزورها كلما انتقلت من مكان إلى آخر ولو مرة واحدة في العام، تقديراً لموقف هاشم معي في بداياتي، فقد نشرت في الدار عام 2006، ثم انتقلت للنشر بعدها في أكثر من دار نشر، لكني كنت أدين بالفضل والامتنان لهذا الرجل. فتح محمد هاشم الباب لعشرات الكتاب ونسي نفسه، نسي أنه نشر رواية وحيدة بعنوان (ملاعب مفتوحة)، وقلت له في آخر زيارة منذ شهور إنه يجب أن يعيد طباعتها. سيظل اسم محمد هاشم، وتجربة (دار ميريت)، وستظل أفضاله تحيط بالكثيرين، مهما تنكروا له، وقد حان دور اتحاد الناشرين لتكريم اسم هذا الرجل. الكلام والذكريات عن محمد هاشم ودار ميريت يحتاج إلى صفحات وصفحات من الحب والامتنان، والكثير من الحزن والأسف».

ويروي الشاعر سمير درويش، رئيس تحرير مجلة «ميريت» التي كانت تصدر عن الدار، تجربته مع الناشر الراحل، قائلاً: «كان رجلاً جريئاً كريماً، طيِّباً بشوشاً محبّاً للحياة والناس. ذهبت له بمشروعي لإصدار مجلة ثقافية تنويرية، فوافق دون قيد أو شرط، وطوال خمس سنوات لم يتدخل ولا مرة، رغم أنه كان يصدُّ عنَّا ويحمينا».

محمد هاشم في «ميريت»، مع حسني سليمان في «شرقيات»، صنعا طفرة كبيرة في عالم النشر الثقافي منذ منتصف التسعينيات، سارا الخطوة الأولى التي فتحت طريق التحديث حتى اليوم.