محافظ السعودية في «أوبك»: هبوط أسعار النفط الحالي قد يعكس الاتجاه التنازلي للطلب على نفط «أوبك»

الدوسري: على المنتجين أصحاب التكلفة العالية أن ينتظروا دورهم

جانب من ورشة العمل المخصصة للعاملين في المجال الإعلامي بملتقى الإعلام البترولي الثاني لدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية الذي يعقد تحت رعاية خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز (واس)
جانب من ورشة العمل المخصصة للعاملين في المجال الإعلامي بملتقى الإعلام البترولي الثاني لدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية الذي يعقد تحت رعاية خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز (واس)
TT

محافظ السعودية في «أوبك»: هبوط أسعار النفط الحالي قد يعكس الاتجاه التنازلي للطلب على نفط «أوبك»

جانب من ورشة العمل المخصصة للعاملين في المجال الإعلامي بملتقى الإعلام البترولي الثاني لدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية الذي يعقد تحت رعاية خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز (واس)
جانب من ورشة العمل المخصصة للعاملين في المجال الإعلامي بملتقى الإعلام البترولي الثاني لدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية الذي يعقد تحت رعاية خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز (واس)

في أول تصريح رسمي له منذ أن تولى منصبه عام 2013، خرج محافظ المملكة العربية السعودية في منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) محمد الماضي ليوضح وجهة نظره حول أسئلة كثيرة دارت في مخيلة الإعلام مثل: هل بقي هناك دور تلعبه «أوبك» بعد أن تركت السوق يصحح نفسه بنفسه، وهل كان يجب أن تتمسك «أوبك» بحصتها في السوق على حساب أن تدع الأسعار تهبط؟
أما بالنسبة للسؤال الثاني، فإجابة الماضي عليه كانت واضحة أمس أمام الإعلاميين والمختصين الذين حضروا ورشة العمل التي سبقت فعاليات منتدى الإعلام البترولي الخليجي في الرياض؛ إذ قال الماضي: «دول (أوبك) هي صاحبة التكاليف الأقل في الإنتاج، فلماذا إذن تترك السوق للمنتجين أصحاب التكلفة العالية؟».
وقال الماضي الذي تم تعيينه في منصبه في أواخر عام 2013 بعد سنوات من النجاحات في قيادة أعمال «أرامكو السعودية» في الصين وكوريا: «ليس من العدل أن يتخلى أصحاب التكلفة المنخفضة عن حصتهم في السوق لصالح المنتجين أصحاب التكلفة العالية».
وأضاف: «يجب أن تكون الأولوية في الإنتاج لأصحاب التكلفة المنخفضة خاصة أنهم استثمروا مبالغ ضخمة جدا من أجل تطوير طاقاتهم الإنتاجية، أما أصحاب التكلفة العالية فيجب أن ينتظروا لدخول السوق».
ولكن من هم المنتجون أصحاب التكلفة العالية؟ يوضح الماضي ذلك بأن هذه الشريحة تشمل كثيرا من المنتجين مثل منتجي النفط الصخري في الولايات المتحدة والرمل الزيتي في كندا والمنتجين في المياه العميقة كالبرازيل.
وقال الماضي إنه لولا بقاء أسعار النفط مرتفعة منذ عام 2006 إلى 2013 لما تمكن كل هؤلاء المنتجين من الدخول في السوق بهذا الشكل الكبير، ولكن الماضي عاد ليستبعد أن تعود الأسعار إلى مستويات 100 دولار و120 دولارا وهي المستويات التي سمحت لمنتجي النفط الصخري وغيرهم بزيادة إنتاجهم.
وبسبب القرار الأخير الذي اتخذته «أوبك» والمملكة، ساد اتهام في السوق بأن السعودية تريد القضاء على النفط الصخري أو إخراجه من السوق، ولكن الماضي أوضح أن «هناك لبسا حول هذا الأمر عندما تقول (أوبك) أو السعودية إنها يجب أن تدافع عن حصتها أمام المنتجين أصحاب التكلفة العالية».
وأضاف الماضي: «لسنا ضد أي أحد ولا ضد إنتاج النفط الصخري الأميركي.. على العكس نحن نرحب به لأنه يحقق التوازن بالسوق في المدى الطويل، ولكنها مسألة أولويات؛ إذ ليس من العدل أن ينتج أصحاب التكلفة العالية قبل أصحاب التكلفة المنخفضة ويخرجوهم من السوق».

* الحصة السوقية لـ«أوبك»
ويوجد كثير من الإعلاميين والكتاب الذي يرون أن قرار «أوبك» الأخير معناه فقدان دخل كبير للمملكة، وهنا يرد الماضي قائلا: «نتفهم أن كل الدول بحاجة إلى مستويات دخل أعلى. نحن نريد ذلك، لكننا نريده لنا وللأجيال المقبلة»، ومن هنا كان يجب الحفاظ على الحصة السوقية.
وبالحديث عن الحصة السوقية، أوضح ناصر الدوسري الممثل الوطني للسعودية في «أوبك» ومستشار وزير البترول السعودي، أن حصة «أوبك» في الإنتاج العالمي ظلت كما هي منذ سنوات طويلة عند مستواها الحالي نفسه البالغ 30 مليون برميل، في الوقت الذي زاد فيه الإنتاج من خارج «أوبك» وهو ما أدى في النهاية إلى فقدان السوق لتوازنها.
ويقول الدوسري الذي يمثل المملكة في لجنة «أوبك» الاقتصادية منذ عام 2012: «كل الدراسات تظهر أن الطلب على نفط (أوبك) خلال السنوات الخمس إلى السبع المقبلة معرض للتراجع، ولكن من المحتمل أن يعكس هبوط أسعار النفط الحالي هذه الاتجاه ويستقر الطلب على نفط المنظمة أو يعود للارتفاع مجددا على المدى الطويل».
وفي كلمته التي ألقاها أمام الصحافيين، أوضح الدوسري أن الطلب على النفط في العالم سيستمر في النمو بنحو مليون برميل يوميا كل عام خلال الأعوام الخمسة العشر المقبلة ليرتفع من نحو 93 مليون برميل يوميا حاليا ليصل إلى 111 مليون برميل يوميا. والسبب في ارتفاع الطلب على النفط هو التحول الكبير لكثير من سكان العالم من الفقر إلى الطبقة المتوسطة وبذلك يزيد استهلاكهم للطاقة.
ونعود للإجابة عن التساؤل الأول الذي كان عن مدى أهمية «أوبك» اليوم في سوق لم تعد تسيطر فيه على ميزان العرض والطلب.
ونعود للماضي الذي أوضح أن دور «أوبك» في الحفاظ على الأسعار لم يعد مؤثرا كما كان في السابق نظرا لتغير العوامل في السوق، و«لكن انخفاض الأسعار لا يعني انتهاء دور (أوبك)، فدور المنظمة دائما يتغير ويأخذ أشكالا مختلفة».
وقال الماضي: «هل كانت (أوبك) قادرة على التحكم في الأسعار؟ الجواب هو أنه لو كان بمقدور (أوبك) التحكم في الأسعار، لكانت قد فعلت ذلك، لكن ليس من مصلحة (أوبك) التحكم في الأسعار». وأضاف: «من مصلحة (أوبك) تحقيق التوازن في السوق، وترك السعر تحدده السوق، والسوق نفسها خاضعة للعرض والطلب».

* نهاية النفط كسلاح
ونفى الماضي أن تكون المملكة تستهدف من خلال قرار «أوبك» الإضرار بأي منتج أو دولة لأهداف سياسية.
وقال: «لا يوجد أي بعد سياسي لما نقوم به في وزارة النفط.. رؤيتنا تجارية واقتصادية.. لا نقصد إلحاق الضرر بأي أحد، ورؤيتنا ببساطة تتمثل في التالي: المنتجون منخفضو التكاليف لهم أولوية الإنتاج، وعلى أصحاب التكاليف المرتفعة أن ينتظروا دورهم». وأضاف: «لقد تم استخدام سلاح النفط في السابق مرة واحدة، وهذا الأمر لن يتكرر، ولم يعد النفط سلاحا، حيث إنه من غير المنطق أن تقوم المملكة بمحاربة دول أخرى بسلاح هي تعتمد عليه لتوفير أغلب دخلها».



تدهور معنويات المستهلكين في اليابان يُثير شكوكاً حول توقيت رفع الفائدة

متسوّقون في منطقة تجارية مزدحمة بوسط العاصمة اليابانية طوكيو (رويترز)
متسوّقون في منطقة تجارية مزدحمة بوسط العاصمة اليابانية طوكيو (رويترز)
TT

تدهور معنويات المستهلكين في اليابان يُثير شكوكاً حول توقيت رفع الفائدة

متسوّقون في منطقة تجارية مزدحمة بوسط العاصمة اليابانية طوكيو (رويترز)
متسوّقون في منطقة تجارية مزدحمة بوسط العاصمة اليابانية طوكيو (رويترز)

أظهر مسح حكومي، يوم الأربعاء، تدهور معنويات المستهلكين في اليابان خلال ديسمبر (كانون الأول) الماضي؛ مما يثير الشكوك حول وجهة نظر البنك المركزي بأن الإنفاق الأسري القوي سيدعم الاقتصاد ويبرر رفع أسعار الفائدة.

وتسبق النتائج اجتماع السياسة النقدية لبنك «اليابان» يومي 23 و24 يناير (كانون الثاني)؛ حيث يتوقع بعض المحللين زيادة محتملة في أسعار الفائدة من 0.25 في المائة الحالية.

وانخفض مؤشر يقيس معنويات المستهلكين إلى 36.2 نقطة في ديسمبر، بانخفاض 0.2 نقطة عن الشهر السابق، وفقاً للمسح الذي أجراه مكتب مجلس الوزراء.

وأظهرت بيانات منفصلة أن فجوة الناتج في اليابان التي تقيس الفرق بين الناتج الفعلي والمحتمل للاقتصاد، ظلّت سلبية في الفترة من يوليو (تموز) إلى سبتمبر (أيلول) للربع الثامن عشر على التوالي. وتعني فجوة الناتج السالبة أن الناتج الفعلي يعمل بأقل من الطاقة الكاملة للاقتصاد، ويُعدّ ذلك علامة على ضعف الطلب.

وتؤكد هذه النتائج ضعف الاقتصاد الياباني مع ارتفاع تكاليف المعيشة وعدم اليقين بشأن سياسات الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب التي تؤثر في الاستهلاك والصادرات.

ومع ذلك، أشارت بعض الشركات الكبرى إلى عزمها الاستمرار في تقديم زيادات كبيرة في الأجور. وقالت شركة «فاست ريتيلنغ»، مالكة العلامة التجارية للملابس «يونيكلو»، إنها سترفع أجور العاملين بدوام كامل في المقر الرئيسي وموظفي المبيعات بنسبة تصل إلى 11 في المائة، بدءاً من مارس (آذار) المقبل.

وقال رئيس متجر «لوسون» للتجزئة، سادانوبو تاكيماسو، للصحافيين، يوم الثلاثاء: «نود رفع الأجور بشكل مستقر ومستدام».

وأنهى بنك «اليابان» برنامج تحفيز ضخم في مارس، ورفع أسعار الفائدة قصيرة الأجل إلى 0.25 في المائة في يوليو، على أساس الرأي القائل إن اليابان على وشك تحقيق هدف التضخم بنسبة 2 في المائة بشكل مستدام.

وأشار محافظ بنك «اليابان»، كازو أويدا، إلى استعداده لمواصلة رفع أسعار الفائدة إذا استمرت اليابان في إحراز تقدم نحو الوصول إلى معدل تضخم بنسبة 2 في المائة بشكل دائم. وقال أيضاً إن البنك المركزي سوف يفحص البيانات حول ما إذا كان زخم الأجور سوف يتعزّز هذا العام، عند اتخاذ قرار بشأن موعد رفع أسعار الفائدة. ويصف بنك «اليابان» الاستهلاك حالياً بأنه «يتزايد بشكل معتدل بوصفه اتجاهاً»، ويتوقع أن يظل الاقتصاد الياباني على المسار الصحيح لتحقيق تعافٍ متواضع.

وعلى الرغم من المؤشرات السلبية، قال محافظ بنك «اليابان» السابق، هاروهيكو كورودا، المعروف بإطلاق برنامج التحفيز الضخم الذي استمرّ عشر سنوات، إن من المرجح أن يواصل البنك المركزي رفع أسعار الفائدة في السنوات المقبلة مع وصول التضخم إلى المسار الصحيح للوصول إلى هدفه البالغ 2 في المائة بشكل مستدام.

وقال كورودا، في ورقة بحثية قُدمت إلى المجلة السنوية لمجلس النواب التي صدرت في 24 ديسمبر الماضي، إنه على الرغم من رفع أسعار الفائدة المتوقع، فإن اقتصاد اليابان سيحقّق نمواً يتجاوز 1 في المائة هذا العام وما بعده مع دعم الأجور الحقيقية المتزايدة للاستهلاك.

وأضاف كورودا: «يبدو أنه لا يوجد تغيير في الموقف الأساسي لبنك اليابان المتمثل في رفع أسعار الفائدة تدريجياً مع التركيز على التطورات الاقتصادية والأسعار... هذا لأن دورة الأجور والتضخم الإيجابية مستمرة، وهو ما من المرجح أن يُبقي التضخم مستداماً ومستقراً عند هدفه البالغ 2 في المائة».

وتابع كورودا أنه من غير المؤكد إلى أي مدى سيرفع بنك «اليابان» أسعار الفائدة في نهاية المطاف بسبب صعوبة تقدير المستوى الذي لا يبرّد ولا يسخّن الاقتصاد الياباني. وأشار إلى أن تكاليف الاقتراض المرتفعة لن تُلحق الضرر بالشركات على الأرجح؛ لأنها تحتفظ بوفرة من النقد، في حين ستجني الأسر «مكاسب كبيرة» من ارتفاع الفائدة المدفوعة لمدخراتها الضخمة. وقال إن أكبر ضغط قد يقع على عاتق الحكومة بسبب التكلفة المتزايدة لتمويل الدين العام الضخم في اليابان، مضيفاً أن رصيد السندات الحكومية -عند 1100 تريليون ين (6.96 تريليون دولار)- أصبح الآن ثلاثة أمثال حجمه في عام 2000.

واستطرد كورودا قائلاً إنه إذا ارتفعت عائدات السندات إلى متوسط المستوى البالغ 2.7 في المائة الذي بلغته آنذاك، فإن مدفوعات الفائدة السنوية ستصل إلى 30 تريليون ين، داعياً إلى ضرورة ترتيب البيت المالي الياباني.

وفي ميزانية السنة المالية المقبلة، تخطّط الحكومة لإنفاق 10 تريليونات ين في مدفوعات الفائدة. في عهد كورودا، أطلق بنك «اليابان» خطة ضخمة لشراء الأصول في عام 2013 التي جمعت لاحقاً بين أسعار الفائدة السلبية والسيطرة على عائد السندات، في محاولة لرفع التضخم إلى هدفه البالغ 2 في المائة.

وبينما أشاد المؤيدون بالخطوات اللازمة لإخراج اليابان من الركود الاقتصادي، يشير المنتقدون إلى آثار جانبية مختلفة، مثل الضربة التي لحقت بأرباح البنوك التجارية من انخفاض أسعار الفائدة لفترة طويلة والتشوّهات السوقية الناجمة عن عمليات شراء الأصول الضخمة.

ودافع كورودا عن السياسات، قائلاً إن الضرر الذي لحق بأرباح البنوك الإقليمية كان محدوداً. وأضاف أن تدهور وظيفة سوق السندات كان تكلفة ضرورية لإنعاش النمو بشكل كافٍ.