«ترقب حذر» في مخيم اليرموك لعودة النازحين «من دون قيد أو شرط»

بعد إعلان الأمين العام لـ«الشعبية ـ القيادة العامة» عقب لقائه الأسد

سكان مخيم اليرموك الفلسطيني قرب دمشق يتفحصون الدمار (رويترز)
سكان مخيم اليرموك الفلسطيني قرب دمشق يتفحصون الدمار (رويترز)
TT

«ترقب حذر» في مخيم اليرموك لعودة النازحين «من دون قيد أو شرط»

سكان مخيم اليرموك الفلسطيني قرب دمشق يتفحصون الدمار (رويترز)
سكان مخيم اليرموك الفلسطيني قرب دمشق يتفحصون الدمار (رويترز)

شهد مخيم اليرموك للاجئين الفلسطينيين جنوب دمشق في اليومين الماضيين تزايداً في حركة النازحين الداخلين إليه، بعد الكشف عن قرار للرئيس السوري بشار الأسد بتسهيل عودة الأهالي إليه، لكن بعضهم أبدى عدم تفاؤله بعودة قريبة، بسبب قرارات مشابهة صدرت سابقاً ولم تنفذ.
ونُقل الخميس الماضي عن الأمين العام لـ«الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين - القيادة العامة»، طلال ناجي، إن «الجهات المعنية تلقت قراراً يوم أمس (الأربعاء) من الرئيس الأسد بتسهيل عودة الأهالي لمخيم اليرموك بدءا من يوم 10 سبتمبر (أيلول)، دون قيد أو شرط».
وذكر ناجي الذي التقى الأسد الأسبوع الماضي، أن القرار وجه الجهات المختصة السورية وبالتعاون مع الأهالي لإزالة الركام والردم من البيوت، تمهيداً لدخول آليات محافظة دمشق لإزالة الركام وتنظيف الشوارع الفرعية والحارات الداخلية، واستكمال مد شبكات المياه والكهرباء والهاتف، استعداداً لعودة الأهالي واستقرارهم في المخيم.
وأوضح، أن الأسد وجه الأمانة العامة السورية للتنمية بتوفير البيئة المناسبة لفتح بعض المحلات التجارية (سمانة، بيع الخضراوات والفواكه... إلخ)، ومساعدة أصحاب المحلات مادياً للقيام بتخديم المخيم. وأشار إلى أن إزالة الركام ستتم بالتنسيق بين محافظة مدينة دمشق والفصائل الفلسطينية وسفارة دولة فلسطين.
ويتوافد بشكل يومي منذ يوم الجمعة الماضي وحتى أمس العشرات إلى المدخل الشمالي للمخيم من أجل الدخول إلى منازلهم لتنظيفها، وتحدث أحدهم لـ«الشرق الأوسط» عن تدقيق كبير في البطاقات الشخصية للراغبين بالدخول من قبل الحاجز الأمني في بداية «شارع الثلاثين»، وأشار إلى أنه تم تحديد الفترة الممتدة من 10 سبتمبر (أيلول) الحالي وحتى الخامس من أكتوبر (تشرين الأول) المقبل لإزالة الأنقاض من المنازل.
وظهرت ملاح الفرح على وجوه بعض المتوافدين والذين نزحوا من المخيم منذ أكثر من 8 سنوات، ويعانون من الارتفاع الجنوني لإيجار المنازل والأسعار. ووصف لاجئ فلسطيني لـ«الشرق الأوسط» القرار بـ«الجيد»، وقال: «نعيش على أمل العودة إلى بيوتنا. لقد تعبنا من الإيجارات الغالية ونقِ أصحاب الشقق لرفع (بدل) الإيجار».
لكن نازحاً آخر، لم يبد تفاؤلاً بعودة قريبة، وقال: «القرار ليس للعودة، هو فقط لإزالة الركام من المنازل، ومن يدخل في الصباح يجب عليه الخروج مساء. نريد عودة فعلية وسريعة»، وأضاف: «سبق وصرح (وزير الخارجية فيصل) المقداد بأن هناك قراراً من الدولة بإعادة الأهالي إلى منازلهم، ولم تتحقق هذه العودة، والمحافظة أعلنت قبل عامين عن قرار بذلك ولم يعد إلا عائلات قليلة»، وأضاف: «قد تعود الناس ولكن متى؟».
«أبو يامن» سوري الجنسية وهو الآخر نزح من المخيم، قال: «أغلب الشوارع مليئة بالردم، ولا يوجد مياه وكهرباء، كما لا يوجد آليات وورشات تعمل».
ومنذ نحو عامين تم فتح الشوارع الرئيسية في المخيم (شارع اليرموك الرئيسي وشارع الثلاثين وشارع فلسطين) على نفقة «منظمة التحرير الفلسطينية»، بينما جرى تنظيف عدد من الطرق الفرعية والجادات من قبل «فرق تطوعية أهلية»، على حين لا تزال بقية الطرق مغلقة بالردم والأنقاض.
ويقع المخيم على بعد أكثر من سبعة كيلومترات جنوب دمشق، وتبلغ مساحته نحو كيلومترين مربعين، وألحقته محافظة دمشق بها إدارياً خلال سنوات الحرب، بعدما كانت تديره منذ ستينات القرن الماضي «لجنة محلية» بشكل مستقل.
ووضعت محافظة دمشق، 3 شروط لعودة الأهالي إلى المخيم الذي استعادت الحكومة السيطرة عليه في مايو (أيار) 2018، بعد سيطرة المعارضة المسلحة ومن ثم تنظيمي «داعش» و«هيئة تحرير الشام» عليه منذ أواخر عام 2012. وهي: «أن يكون البناء سليماً»، و«إثبات المالك ملكية المنزل العائد إليه»، و«حصول المالكين على الموافقات اللازمة (الأمنية) للعودة إلى منازلهم».
ومع صدور القرار الجديد، من غير الواضح حتى الآن، إن كان شرط «حصول المالكين على الموافقات اللازمة (الأمنية) للعودة إلى منازلهم» لا يزال العمل فيه جارٍ أم توقف.
ويذكر أهالي من المخيم، أن أكثر من 4 آلاف عائلة تقدمت بطلبات للعودة، لكن مسؤولين في المحافظة ذكروا أنه تم منح الموافقة لـ500 طلب، لتحقيقها الشروط التي وضعتها المحافظة، مشيرين إلى وجود 400 عائلة أخرى عادت قبل 10 نوفمبر (تشرين الثاني) 2020.
وتسببت المعارك التي دارت في المخيم في حجم دمار يتجاوز نسبة 60 في المائة من الأبنية والمؤسسات والأسواق والبنى التحتية، بينما النسبة المتبقية تحتاج إلى ترميم يكلف مبالغ مالية باهظة.
وينتقد أهالي المخيم عدم جدية المحافظة في العمل، بينما تتواصل عمليات تعفيش وسرقة ما تبقى في المنازل.
وتم وضع اللبنات الأولى لإقامة «مخيم اليرموك» عام 1957 ومع توسع دمشق أصبح أكبر تجمع للاجئين الفلسطينيين في كل من سوريا ولبنان والأردن، ورمزاً لـ«حق العودة». كما غدا يُعرف بـ«عاصمة الشتات الفلسطيني» لأنه يضم 36 في المائة من اللاجئين الفلسطينيين في سوريا، البالغ عددهم قبل الحرب أكثر من 450 ألف لاجئ.
وفي بدايات القرن العشرين، تسارع التطور العمراني في المخيم، وجرى افتتاح كثير من الأسواق ووصل عدد سكانه إلى ما بين 500 و600 ألف نسمة، بينهم أكثر من 160 ألف لاجئ فلسطيني.



انقلابيو اليمن يفتعلون أزمة غاز الطهي في إب

يمنيون ينتظرون الحصول على حصتهم من الغاز المنزلي (رويترز)
يمنيون ينتظرون الحصول على حصتهم من الغاز المنزلي (رويترز)
TT

انقلابيو اليمن يفتعلون أزمة غاز الطهي في إب

يمنيون ينتظرون الحصول على حصتهم من الغاز المنزلي (رويترز)
يمنيون ينتظرون الحصول على حصتهم من الغاز المنزلي (رويترز)

يعاني أغلبية السكان في محافظة إب اليمنية منذ أسبوع من انعدام شبه كلي لغاز الطهي، وسط اتهامات لقيادات رفيعة في جماعة الحوثيين بالوقوف وراء اختفاء المادة الحيوية وبيعها في السوق السوداء بأسعار مضاعفة، حتى تتمكن من جني المزيد من الأموال لتمويل فعالياتها التي تُقام حالياً في أسبوع الذكرى السنوية لقتلاها.

وكشفت مصادر محلية في إب لـ«الشرق الأوسط» عن وجود أزمة في الغاز المنزلي وارتفاع أسعاره منذ أسبوع، وهي مشكلة باتت تؤرق ملايين السكان في المحافظة القابعة تحت سيطرة الجماعة الحوثية (192 كيلومتراً جنوب صنعاء).

يمنيان ينامان في طابور بصنعاء انتظاراً للحصول على أسطوانة غاز (فيسبوك)

وتؤكد المصادر أن الأزمة برزت في الأيام القليلة بشكل مفاجئ، مما يوحي بأنها مفتعلة من قبل جماعة الحوثيين بغية إنعاش السوق السوداء، مرجحة أن قادة حوثيين من خارج المحافظة يقفون وراء افتعال الأزمة.

وجاء انعدام المادة الحيوية متوازياً مع أوضاع معيشية صعبة يكابدها ملايين السكان في إب يرافقها غياب شبه كلي للخدمات، وانقطاع الرواتب، واتساع رقعة الفقر والجوع والبطالة التي دفعت السكان إلى حافة المجاعة.

واشتكى سكان في المحافظة لـ«الشرق الأوسط» من انعدام غاز الطهي وارتفاع أسعاره في السوق السوداء، حيث يتراوح سعر الأسطوانة الواحدة بين 12 و15 ألف ريال يمني، بعد أن كانت تُباع رسمياً بنحو 7 آلاف ريال (الدولار نحو 530 ريالاً بمناطق الحوثيين).

تكسب متعمد

يذكر أحمد.ن، وهو أحد سكان مديرية العدين غربي المحافظة، أنه عاجز منذ يومين عن توفير أسطوانة غاز واحدة لعائلته، ويرجع ذلك إلى تدهور ظروفه المادية جراء انقطاع الرواتب وقلة فرص العمل، وكذا سياسات التجويع الحوثية الممنهجة.

ويقول أحمد إنه طاف مُعظم مراكز ونقاط البيع بالمدينة وضواحيها بحثاً عن الغاز؛ لكنه وجدها مغلقة؛ حيث أبلغه أحد العاملين بعدم توفر المادة لأسباب لا يعلمها، لافتاً في حديثه لـ«الشرق الأوسط» إلى أن مُعظم سكان المحافظة باتوا اليوم على دراية تامة بأن الجماعة الحوثية هي الجهة التي تتكسب من وراء الأزمات المفتعلة من قبلها.

أسطوانات غاز فارغة في طريقها للتعبئة بصنعاء (إ.ب.أ)

ويتهم عصام -وهو يسكن في مديرية الظهار وسط مدينة إب- الجماعة الحوثية بالفشل في إجبار سكان المحافظة ومديرياتها على تقديم الأموال لمصلحة تمويل فعالياتها ذات الصبغة الطائفية. ويؤكد أن ذلك الفشل قاد الجماعة إلى حيلة أخرى لتوفير المال، تتمثل في إخفاء غاز الطهي وبيعه بأسعار مضاعفة.

وتتحدث المصادر في إب عن أن الجماعة الحوثية أوقفت عبر فرع شركة الغاز التابعة لها، عملية تعبئة المادة للوكلاء ونقاط البيع، بغية افتعال الأزمة.

وهاجمت المصادر قادة الجماعة وفرع شركة الغاز بسبب تجاهلهم المستمر لمعاناة وأوجاع السكان وما يلاقونه من صعوبات أثناء رحلة البحث على أسطوانة غاز، في حين توزع الجماعة المادة مجاناً وباستمرار على أتباعها.

تبرير غير مقنع

تُبرر الجماعة الحوثية اختفاء الغاز في إب وما جاورها بأنه نتيجة تأخر وصول السفينة المحملة بكميات من المادة المستوردة التابعة لأحد التجار الموالين لها إلى ميناء الحديدة، حيث تعتمد أغلب المحافظات تحت سيطرة الجماعة بما فيها إب كلياً على الغاز المستورد، في ظل استمرار المنع الحوثي لدخول الشحنات المحلية القادمة من مأرب الخاضعة للحكومة الشرعية.

وسبق للجماعة الانقلابية أن منعت في منتصف العام الماضي دخول غاز الطهي من محافظة مأرب إلى المناطق تحت قبضتها، مستعيضة بالغاز المستورد القادم مُعظمه من إيران عبر ميناء الحديدة، ضمن سلسلة إجراءات تأتي في إطار حربها الاقتصادية على الحكومة والمواطنين.

يمنيون في صنعاء خلال طوابير شراء أسطوانات الغاز (غيتي)

وكانت شركة الغاز الحكومية في مأرب حذّرت من منع جماعة الحوثي وصول الغاز المحلي، وأفادت بتلقيها معلومات بحصول الجماعة على كميات من الغاز المجاني من إيران والعراق.

ورأت الشركة أن ذلك «تأكيد على سعي الجماعة ومضيها في مسيرة التجويع والتضييق لإخضاع كل فئات الشعب اليمني لمشروعها الطائفي». وذكرت أن الهدف من تلك الخطوات هو إثراء قيادات ومشرفي الجماعة على حساب مضاعفة الأعباء على اليمنيين الذين عبثت بكل مقدراتهم وتفننت في كل الأساليب من أجل تجويعهم.

وحمل البيان جماعة الحوثي كامل المسؤولية القانونية والإنسانية المترتبة على منع دخول مقطورات الغاز المنزلي إلى المواطنين في المحافظات التي تسيطر عليها ودعت إلى «وقف المتاجرة بمعاناة الشعب وخدماته الضرورية والأساسية».