إقبال موالين للنظام السوري على جوازات سفر للهجرة

TT

إقبال موالين للنظام السوري على جوازات سفر للهجرة

باتت مشاهد الازدحام المتزايد على أبواب دوائر الهجرة والجوازات في مناطق سيطرة الحكومة السورية، مؤشراً إلى رغبة كثيرين بالهجرة إلى خارج البلاد.
وتضاعفت خلال الشهر الماضي، أجور وتكاليف النقل العام بسبب أزمة الوقود الحادة التي تعيشها البلاد، كما ارتفعت معدلات البطالة بسبب عدم توفر الكهرباء والطاقة والمواد الأولية اللازمة للعمل والإنتاج.
وقال معقب المعاملات إن عمله ازدهر مع ازدياد الإقبال على استخراج جوازات السفر وإنجاز المعاملات، لكنه مع ذلك يتمنى الهجرة ويحسد كل من خرج من «جهنم اسمها سوريا»، مؤكداً وحسب ملاحظته فقد بدأت موجة هجرة ثالثة لكن هذه المرة النسبة الأكبر في «مناطق الساحل، الناس رح تطلع من تيابها من الفقر وقلة الشغل».
ويشار إلى أن سوريا شهدت أول موجة هجرة واسعة عام 2012 مع بدء اندلاع الحرب بعد الاحتجاجات المناهضة للنظام التي عمت البلاد، تبعتها موجة أكبر عام 2015 في ذروة تأجج الحرب. ويمثل اللاجئون السوريون منذ عام 2014 الأغلبية العظمى من لاجئي العالم، حيث تتصدر سوريا قائمة الدول المصدرة للاجئين حول العالم، بحسب المفوضية العليا لشؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة. فقد وصل عدد اللاجئين السوريين حول العالم إلى ستة ملايين و600 ألف لاجئ عام 2019.
ويواجه السوريون أزمة في استخراج جوازات السفر نتيجة الإقبال المتزايد وعدم توفر ورق الطباعة الخاص بالجوازات، وأعلن وزير الداخلية بدمشق، محمد الرحمون، أن إصدار جوازات السفر المتراكمة سينتهي قبل نهاية سبتمبر (أيلول) الحالي. وقال إن التأخير في منح وتجديد جوازات السفر يعود إلى أسباب «فنية خارجة عن إرادة الوزارة».
وشكا صاحب بسطة لبيع الدخان المهرب في طرطوس، من ظروف العيش في الساحل خلال الأشهر الثلاثة الأخيرة بسبب الانقطاع الطويل للكهرباء. وأوضح: «احترت ماذا أعمل بعت أرضي الضيعة وتركت الزراعة لغلاء التكاليف وقلة المياه، وجئت إلى المدينة وفتحت محلاً لبيع لحم الدجاج فزادت ساعات قطع الكهرباء، وفسدت البضاعة ولاحقني التموين، فأغلقت المحل وفتحت بسطة فلاحقتني البلدية والجمارك. «ويتابع: «ما الحل كيف نعيش؟» ويضيف الأوضاع المعيشية في الساحل لا تطاق: «كنا نأمل بعد انتهاء الحرب أن تتحسن أوضاعنا فإذا بها تسوء... طرطوس كلها صارت بسطات الناس عم تبيع تيابها... الجوع أصعب من الحرب والقتال على الجبهات».
وتشهد مدن وبلدات الساحل السوري فوضى كبيرة في إشغال الأرصفة وانتشار بسطات بيع المواد المهربة والسلع الرخيصة وحصص الإعانات التي يضطر أصحابها لبيعها، في ظاهرة تتسع كواحد من مظاهر التدهور الاقتصادي في البلاد ولا سيما منطقة الساحل السوري التي زجت مئات الآلاف من رجالها في أتون الحرب دفاعاً عن النظام على أمل الفوز بامتيازات «النصر الساحق»، حسب قول خبير اقتصادي معارض. وقال: «فحصدت ما حصدته كل مناطق سيطرة النظام من بطالة وفقر وعوز وانعدام الأمان، مع تجاوز معدلات الفقر نسبة 83 في المائة، ولعل ما عزز حالة الفقر والبؤس في مناطق الساحل فقدانها خلال الحرب لأكثر من 150 ألفاً من رجالها في صفوف قوات النظام والميليشيات الرديفة حسب التقديرات المحلية وذلك ناهيك عن آلاف من معوقي الحرب».
وقالت مصادر في مدينة طرطوس: «الساحل دفع ثمن دعمه للنظام مرتين؛ الأولى في الحرب إذ كانت النسبة الأكبر من القتلى وأصحاب الإعاقات الدائمة من الساحل والثانية مع «شراسة أمراء الحرب وتجار المخدرات من الشبيحة الذين يتصرفون في الساحل وكأنه مزرعتهم الخاصة» وتابعت المصادر: «اليوم أهم امتياز يحصل عليها جريح حرب فتح بسطة تحت حماية أحد الشبيحة».
ورأت المصادر: «أن انتشار البسطات على هذا النحو يشير إلى ارتفاع معدلات البطالة والفقر، كما يشير وأيضاً إلى استفحال قوة الفاسدين المستثمرين في الفقر».
وكانت صحيفة «البعث» الناطقة بلسان الحزب الحاكم اتهمت في تقرير لها مؤخراً البلديات في محافظة طرطوس بـ«التعامي عن ملاحقة المخالفات». ولفتت إلى أن «ظاهرة إشغال الأرصفة وحجز الشوارع ليست جديدة في محافظة طرطوس، لكنها تزداد انتشاراً في ظل التراخي في ضبطها وقمعها ومعالجتها».



«مقترح مصري» يحرّك «هدنة غزة»

رد فعل امرأة فلسطينية في موقع غارة إسرائيلية على مدرسة تؤوي النازحين بغزة (رويترز)
رد فعل امرأة فلسطينية في موقع غارة إسرائيلية على مدرسة تؤوي النازحين بغزة (رويترز)
TT

«مقترح مصري» يحرّك «هدنة غزة»

رد فعل امرأة فلسطينية في موقع غارة إسرائيلية على مدرسة تؤوي النازحين بغزة (رويترز)
رد فعل امرأة فلسطينية في موقع غارة إسرائيلية على مدرسة تؤوي النازحين بغزة (رويترز)

حديث إسرائيلي عن «مقترح مصري» تحت النقاش لإبرام اتفاق هدنة في قطاع غزة، يأتي بعد تأكيد القاهرة وجود «أفكار مصرية» في هذا الصدد، واشتراط إسرائيل «رداً إيجابياً من (حماس)» لدراسته، الخميس، في اجتماع يترأسه رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو.

تلك الأفكار، التي لم تكشف القاهرة عن تفاصيلها، تأتي في «ظل ظروف مناسبة لإبرام اتفاق وشيك»، وفق ما يراه خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، مع ضغوط من الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب لإطلاق سراح الرهائن قبل وصوله للبيت الأبيض، كاشفين عن أن «حماس» تطالب منذ طرح هذه الأفكار قبل أسابيع أن يكون هناك ضامن من واشنطن والأمم المتحدة حتى لا تتراجع حكومة نتنياهو بعد تسلم الأسرى وتواصل حربها مجدداً.

وكشفت هيئة البث الإسرائيلية، الأربعاء، عن أن «إسرائيل تنتظر رد حركة حماس على المقترح المصري لوقف الحرب على غزة»، لافتة إلى أن «(الكابينت) سيجتمع الخميس في حال كان رد (حماس) إيجابياً، وذلك لإقرار إرسال وفد المفاوضات الإسرائيلي إلى القاهرة».

فلسطيني نازح يحمل كيس طحين تسلمه من «الأونروا» في خان يونس بجنوب غزة الثلاثاء (رويترز)

ووفق الهيئة فإن «المقترح المصري يتضمن وقفاً تدريجياً للحرب في غزة وانسحاباً تدريجياً وفتح معبر رفح البري (المعطل منذ سيطرة إسرائيل على جانبه الفلسطيني في مايو/أيار الماضي) وأيضاً عودة النازحين إلى شمال قطاع غزة».

وقال وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس، الأربعاء، خلال حديث إلى جنود في قاعدة جوية بوسط إسرائيل إنه «بسبب الضغوط العسكرية المتزايدة على (حماس)، هناك فرصة حقيقية هذه المرة لأن نتمكن من التوصل إلى اتفاق بشأن الرهائن».

وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي أكد، الأربعاء، استمرار جهود بلاده من أجل التوصل إلى وقف لإطلاق النار في قطاع غزة. وقال عبد العاطي، في مقابلة مع قناة «القاهرة الإخبارية»: «نعمل بشكل جاد ومستمر لسرعة التوصل لوقف فوري لإطلاق النار في غزة»، مضيفاً: «نأمل تحكيم العقل ونؤكد أن غطرسة القوة لن تحقق الأمن لإسرائيل».

وأشار إلى أن بلاده تعمل مع قطر وأميركا للتوصل إلى اتفاق سريعاً.

يأتي الكلام الإسرائيلي غداة مشاورات في القاهرة جمعت حركتي «فتح» و«حماس» بشأن التوصل لاتفاق تشكيل لجنة لإدارة غزة دون نتائج رسمية بعد.

وكان عبد العاطي قد قال، الاثنين، إن «مصر ستستمر في العمل بلا هوادة من أجل تحقيق وقف دائم لإطلاق النار، وإطلاق سراح جميع الرهائن والمحتجزين»، مؤكداً أنه «بخلاف استضافة حركتي (فتح) و(حماس) لبحث التوصل لتفاهمات بشأن إدارة غزة، فالجهد المصري لم يتوقف للحظة في الاتصالات للتوصل إلى صفقة، وهناك رؤى مطروحة بشأن الرهائن والأسرى».

عبد العاطي أشار إلى أن «هناك أفكاراً مصرية تتحدث القاهرة بشأنها مع الأشقاء العرب حول وقف إطلاق النار، وما يُسمى (اليوم التالي)»، مشدداً على «العمل من أجل فتح معبر رفح من الجانب الفلسطيني» الذي احتلته إسرائيل في مايو الماضي، وكثيراً ما عبّر نتنياهو عن رفضه الانسحاب منه مع محور فيلادلفيا أيضاً طيلة الأشهر الماضية.

وكان ترمب قد حذر، الاثنين، وعبر منصته «تروث سوشيال»، بأنه «سيتم دفع ثمن باهظ في الشرق الأوسط» إذا لم يتم إطلاق سراح الرهائن المحتجزين في غزة قبل أن يقسم اليمين رئيساً في 20 يناير (كانون الثاني) 2025.

دخان يتصاعد بعد ضربة إسرائيلية على ضاحية صبرا في مدينة غزة الثلاثاء (أ.ف.ب)

وأفاد موقع «أكسيوس» الأميركي بأن مايك والتز، مستشار الأمن القومي الذي اختاره ترمب، سيقابل وزير الشؤون الاستراتيجية الإسرائيلي رون ديرمير، الأربعاء، لمناقشة صفقة بشأن قطاع غزة.

ويرى المحلل السياسي الفلسطيني الدكتور عبد المهدي مطاوع أن «المقترح المصري، حسبما نُشر في وسائل الإعلام، يبدأ بهدنة قصيرة تجمع خلالها (حماس) معلومات كاملة عن الأسرى الأحياء والموتى ثم تبدأ بعدها هدنة بين 42 و60 يوماً، لتبادل الأسرى الأحياء وكبار السن، ثم يليها حديث عن تفاصيل إنهاء الحرب وترتيبات اليوم التالي الذي لن تكون (حماس) جزءاً من الحكم فيه»، مضيفاً: «وهذا يفسر جهود مصر بالتوازي لإنهاء تشكيل لجنة إدارة القطاع».

وبرأي مطاوع، فإن ذلك المقترح المصري المستوحى من هدنة لبنان التي تمت الأسبوع الماضي مع إسرائيل أخذ «دفعة إيجابية بعد تصريح ترمب الذي يبدو أنه يريد الوصول للسلطة والهدنة موجودة على الأقل».

هذه التطورات يراها الخبير في الشؤون العسكرية والاستراتيجية اللواء سمير فرج تحفز على إبرام هدنة وشيكة، لكن ليس بالضرورة حدوثها قبل وصول ترمب، كاشفاً عن «وجود مقترح مصري عُرض من فترة قريبة، و(حماس) طلبت تعهداً من أميركا والأمم المتحدة بعدم عودة إسرائيل للحرب بعد تسلم الرهائن، والأخيرة رفضت»، معقباً: « لكن هذا لا ينفي أن مصر ستواصل تحركاتها بلا توقف حتى التوصل إلى صفقة لإطلاق سراح الرهائن في أقرب وقت ممكن».

ويؤكد الأكاديمي المصري المتخصص في الشؤون الإسرائيلية الدكتور أحمد فؤاد أنور أن «هناك مقترحاً مصرياً ويسير بإيجابية، لكن يحتاج إلى وقت لإنضاجه»، معتقداً أن «تصريح ترمب غرضه الضغط والتأكيد على أنه موجود بالمشهد مستغلاً التقدم الموجود في المفاوضات التي تدور في الكواليس لينسب له الفضل ويحقق مكاسب قبل دخوله البيت الأبيض».

ويرى أن إلحاح وسائل الإعلام الإسرائيلية على التسريبات باستمرار عن الهدنة «يعد محاولة لدغدغة مشاعر الإسرائيليين والإيحاء بأن حكومة نتنياهو متجاوبة لتخفيف الضغط عليه»، مرجحاً أن «حديث تلك الوسائل عن انتظار إسرائيل رد (حماس) محاولة لرمي الكرة في ملعبها استغلالاً لجهود القاهرة التي تبحث تشكيل لجنة لإدارة غزة».

ويرى أنور أن الهدنة وإن بدت تدار في الكواليس فلن تستطيع حسم صفقة في 48 ساعة، ولكن تحتاج إلى وقت، معتقداً أن نتنياهو ليس من مصلحته هذه المرة تعطيل المفاوضات، خاصة أن حليفه ترمب يريد إنجازها قبل وصوله للسلطة، مستدركاً: «لكن قد يماطل من أجل نيل مكاسب أكثر».