إطلاق الرصاص على أحد كبار قادة الشرطة الإسرائيلية

وثائق في أرشيف الخمسينات تطالب بإبقاء العرب «في تخلف»

اللواء جمال حكروش في مؤتمر حول العنف في المجتمع العربي عام 2019
اللواء جمال حكروش في مؤتمر حول العنف في المجتمع العربي عام 2019
TT

إطلاق الرصاص على أحد كبار قادة الشرطة الإسرائيلية

اللواء جمال حكروش في مؤتمر حول العنف في المجتمع العربي عام 2019
اللواء جمال حكروش في مؤتمر حول العنف في المجتمع العربي عام 2019

في تصعيد جديد للعنف في المجتمع العربي بإسرائيل (فلسطينيي 48)، ومظهر استخفاف غير مسبوق بخطط حكومة نفتالي بنيت لمكافحته، أقدم عدد من المسلحين على إطلاق عدة باغات من الرصاص على بيت اللواء جمال حكروش في كفر كنا، وهو الذي يعد أول عربي يصل إلى مرتبة رفيعة كهذه في الشرطة وأصبح أحد أعضاء هيئة رئاسة أركان الشرطة وقد كلف بقيادة الحملة لتصفية ظاهرة العنف.
وقد صرح وزير الأمن الداخلي، عومر بارليف، بأن حادث إطلاق النار على منزل حكروش، عندما كان يجلس مع أفراد عائلته، الليلة الماضية، في كفر كنا، هو بمثابة «إعلان حرب على شرطة إسرائيل». واتهم الوزير بارليف عصابات الإجرام داخل المجتمع العربي، بالضلوع في هذا الحادث. وقال: «لقد ارتكبوا خطأً فادحاً. فهذا الحادث سيزيد من إصرار الشرطة على محاربة عصابات الإجرام ضمن الخطة المعدة لذلك».
وقد أثار هذا الحادث ردود فعل متباينة في صفوف المواطنين العرب وقياداتهم، فمن جهة توجه كثير منهم إلى حكروش متضامنين ورافضين هذا الاعتداء، ومن جهة ثانية عدّه آخرون «رصاصة الرحمة على خطة الحكومة مكافحة العنف». وقال أحد رؤساء البلديات العربية: «رؤساء الإجرام المنظم وجهوا بذلك رسالة ليس فقط إلى حكروش، بل بالأساس إلى الجمهور الواسع بأن الشرطة صفر ولن تنفعكم».
وكان النائب أيمن عودة رئيس القائمة المشتركة قد هاجم الحكومة على عجزها، وقال، من إحدى ساحات العنف في بلدة دير الأسد: «أنا الآن في قرية منكوبة بالعنف. فقط قبل خمسة شهور قتل اثنان هنا بالضبط، على مدخل القرية. حتى الآن لا يزال القتلة أحراراً فارين ولا يوجد لدى الشرطة طرف خيط حول المجرمين وأسباب جريمتهم. فأين قوات الشرطة الإسرائيلية؟ عندما فر ستة أسرى من أهلنا الفلسطينيين محطمين غطرسة السجان، شاهدناهم ينزلون إلى الشارع بألوف العناصر وينصبون الحواجز ويطوقون البلدات ويغلقون الحدود ويطلقون الطائرات إلى الجو. وقد تمكنوا من إلقاء القبض على أربعة من الأسرى الأبطال في غضون خمسة أيام. فلماذا تظهر الشرطة عجزاً عن إلقاء القبض على المجرمين؟ ألا يدل هذا على ازدواجية في المعايير وجزء من المخطط الذي يهدف إلى إغراقنا بالعنف؟».
يذكر أن بروتوكولات في الأرشيف الإسرائيلي، تم كشفها أمس، تتضمن وثائق رسمية عن مخطط إلهاء العرب، بعضهم ببعض، وإبقائهم في حال تخلف للتسهيل في عملية السيطرة عليهم. والبروتوكولات تعود إلى سنوات الخمسين من القرن الماضي، بعد النكبة وقيام إسرائيل في 1948. ففي حينه، تعالت أصوات بين قادة أجهزة الأمن الإسرائيلية دعت إلى استغلال الحرب المقبلة من أجل طرد مواطنين عرب، فقال المفتش العام للشرطة، يوسف نحمياس، إنه «يجب إبقاء الوسط العربي في أدنى مستوى ممكن من أجل ألا يفعل شيئاً. واعتبر رئيس الشاباك في حينه، عاموس مانور، مجتمع الحمولة التقليدي العربي مفضل، لأنه يساعد كأداة سلطوية». وأضاف: «المثقفون العرب سيشكلون (مشكلة)»، وشدد على أنه «لسنا قلقين ما دام أنهم أشباه مثقفين». ودعا إلى أن تحافظ إسرائيل على «النظام الاجتماعي التقليدي»، لأنه «يُبطئ وتيرة التقدم والتطوير»، معتبراً أنه كلما كانت عملية تقدم العرب أسرع «ستكون لدينا مصائب. وبعد 40 عاماً ستكون لدينا مشاكل يستحيل حلها».



الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
TT

الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)

يتضاعف خطر انعدام الأمن الغذائي في اليمن بعد تفاقم الأزمة الاقتصادية، وانهيار سعر العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، بفعل الحرب الحوثية على الموارد الرئيسية للبلاد، وتوسيع دائرة الصراع إلى خارج الحدود، في حين تتزايد الدعوات إلى اللجوء للتنمية المستدامة، والبحث عن حلول من الداخل.

وبينما تتوالي التحذيرات من تعاظم احتياجات السكان إلى المساعدات الإنسانية خلال الأشهر المقبلة، تواجه الحكومة اليمنية تحديات صعبة في إدارة الأمن الغذائي، وتوفير الخدمات للسكان في مناطق سيطرتها، خصوصاً بعد تراجع المساعدات الإغاثية الدولية والأممية خلال الأشهر الماضية، ما زاد من التعقيدات التي تعاني منها بفعل توقف عدد من الموارد التي كانت تعتمد عليها في سد الكثير من الفجوات الغذائية والخدمية.

ورجحت شبكة الإنذار المبكر بالمجاعة حدوث ارتفاع في عدد المحتاجين إلى المساعدات الإنسانية في اليمن في ظل استمرار التدهور الاقتصادي في البلاد، حيث لا تزال العائلات تعاني من التأثيرات طويلة الأجل للصراع المطول، بما في ذلك الظروف الاقتصادية الكلية السيئة للغاية، بينما تستمر بيئة الأعمال في التآكل بسبب نقص العملة في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية، وانخفاض قيمة العملة والتضخم في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة.

وبحسب توقعات الأمن الغذائي خلال الستة أشهر المقبلة، فإنه وبفعل الظروف الاقتصادية السيئة، وانخفاض فرص كسب الدخل المحدودة، ستواجه ملايين العائلات، فجوات مستمرة في استهلاك الغذاء وحالة انعدام الأمن الغذائي الحاد واسعة النطاق على مستوى الأزمة (المرحلة الثالثة من التصنيف المرحلي) أو حالة الطوارئ (المرحلة الرابعة) في مناطق نفوذ الحكومة الشرعية.

انهيار العملة المحلية أسهم مع تراجع المساعدات الإغاثية في تراجع الأمن الغذائي باليمن (البنك الدولي)

يشدد الأكاديمي محمد قحطان، أستاذ الاقتصاد في جامعة تعز، على ضرورة وجود إرادة سياسية حازمة لمواجهة أسباب الانهيار الاقتصادي وتهاوي العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، منوهاً إلى أن عائدات صادرات النفط والغاز كانت تغطي 70 في المائة من الإنفاق العام في الموازنة العامة، وهو ما يؤكد أهميتها في تشغيل مؤسسات الدولة.

ويضيف قحطان في حديث خص به «الشرق الأوسط» أن وقف هذه الصادرات يضع الحكومة في حالة عجز عن الوفاء بالتزاماتها، بالتضافر مع أسباب أخرى منها الفساد والتسيب الوظيفي في أهم المؤسسات الحكومية، وعدم وصول إيرادات مؤسسات الدولة إلى البنك المركزي، والمضاربة بالعملات الأجنبية وتسريبها إلى الخارج، واستيراد مشتقات الوقود بدلاً من تكرير النفط داخلياً.

أدوات الإصلاح

طبقاً لخبراء اقتصاديين، تنذر الإخفاقات في إدارة الموارد السيادية ورفد خزينة الدولة بها، والفشل في إدارة أسعار صرف العملات الأجنبية، بآثار كارثية على سعر العملة المحلية، والتوجه إلى تمويل النفقات الحكومية من مصادر تضخمية مثل الإصدار النقدي.

توقف تصدير النفط يتسبب في عجز الحكومة اليمنية عن تلبية احتياجات السكان (البنك الدولي)

ويلفت الأكاديمي قحطان إلى أن استيراد مشتقات الوقود من الخارج لتغطية حاجة السوق اليمنية من دون مادة الأسفلت يكلف الدولة أكثر من 3.5 مليار دولار في السنة، بينما في حالة تكرير النفط المنتج محلياً سيتم توفير هذا المبلغ لدعم ميزان المدفوعات، وتوفير احتياجات البلاد من الأسفلت لتعبيد الطرقات عوض استيرادها، وأيضاً تحصيل إيرادات مقابل بيع الوقود داخلياً.

وسيتبع ذلك إمكانية إدارة البنك المركزي لتلك المبالغ لدعم العرض النقدي من العملات الأجنبية، ومواجهة الطلب بأريحية تامة دون ضغوط للطلب عليها، ولن يكون بحاجة إلى بيع دولارات لتغطية الرواتب، كما يحدث حالياً، وسيتمكن من سحب فائض السيولة النقدية، ما سيعيد للاقتصاد توازنه، وتتعافى العملة الوطنية مقابل العملات الأجنبية، وهو ما سيسهم في استعادة جزء من القدرة الشرائية المفقودة للسكان.

ودعا الحكومة إلى خفض نفقاتها الداخلية والخارجية ومواجهة الفساد في الأوعية الإيرادية لإحداث تحول سريع من حالة الركود التضخمي إلى حالة الانتعاش الاقتصادي، ومواجهة البيئة الطاردة للاستثمارات ورجال الأعمال اليمنيين، مع الأهمية القصوى لعودة كل منتسبي الدولة للاستقرار داخل البلاد، وأداء مهاهم من مواقعهم.

الحكومة اليمنية تطالب المجتمع الدولي بالضغط على الحوثيين لوقف حصار تصدير النفط (سبأ)

ويؤكد مصدر حكومي يمني لـ«الشرق الأوسط» أن الحكومة باتت تدرك الأخطاء التي تراكمت خلال السنوات الماضية، مثل تسرب الكثير من أموال المساعدات الدولية والودائع السعودية في البنك المركزي إلى قنوات لإنتاج حلول مؤقتة، بدلاً من استثمارها في مشاريع للتنمية المستدامة، إلا أن معالجة تلك الأخطاء لم تعد سهلة حالياً.

الحل بالتنمية المستدامة

وفقاً للمصدر الذي فضل التحفظ على بياناته، لعدم امتلاكه صلاحية الحديث لوسائل الإعلام، فإن النقاشات الحكومية الحالية تبحث في كيفية الحصول على مساعدات خارجية جديدة لتحقيق تنمية مستدامة، بالشراكة وتحت إشراف الجهات الممولة، لضمان نجاح تلك المشروعات.

إلا أنه اعترف بصعوبة حدوث ذلك، وهو ما يدفع الحكومة إلى المطالبة بإلحاح للضغط من أجل تمكينها من الموارد الرئيسية، ومنها تصدير النفط.

واعترف المصدر أيضاً بصعوبة موافقة المجتمع الدولي على الضغط على الجماعة الحوثية لوقف حصارها المفروض على تصدير النفط، نظراً لتعنتها وشروطها صعبة التنفيذ من جهة، وإمكانية تصعيدها العسكري لفرض تلك الشروط في وقت يتوقع فيه حدوث تقدم في مشاورات السلام، من جهة ثانية.

تحذيرات من مآلات قاتمة لتداعيات الصراع الذي افتعلته الجماعة الحوثية في المياه المحيطة باليمن على الاقتصاد (أ.ف.ب)

وقدمت الحكومة اليمنية، أواخر الشهر الماضي، رؤية شاملة إلى البنك الدولي لإعادة هيكلة المشروعات القائمة لتتوافق مع الاحتياجات الراهنة، مطالبةً في الوقت ذاته بزيادة المخصصات المالية المخصصة للبلاد في الدورة الجديدة.

وكان البنك الدولي توقع في تقرير له هذا الشهر، انكماش إجمالي الناتج المحلي بنسبة واحد في المائة هذا العام، بعد انخفاضه بنسبة 2 في المائة العام الماضي، بما يؤدي إلى المزيد من التدهور في نصيب الفرد من إجمالي الناتج الحقيقي.

ويعاني أكثر من 60 في المائة من السكان من ضعف قدرتهم على الحصول على الغذاء الكافي، وفقاً للبنك الدولي، بسبب استمرار الحصار الذي فرضته الجماعة الحوثية على صادرات النفط، ما أدى إلى انخفاض الإيرادات المالية للحكومة بنسبة 42 في المائة خلال النصف الأول من العام الحالي، وترتب على ذلك عجزها عن تقديم الخدمات الأساسية للسكان.

وأبدى البنك قلقه من مآلات قاتمة لتداعيات الصراع الذي افتعلته الجماعة الحوثية في المياه المحيطة باليمن على الاقتصاد، وتفاقم الأزمات الاجتماعية والإنسانية.