خطة لبيد في غزة: الاقتصاد مقابل الهدوء

إسرائيل تغير على أهداف لـ«حماس» وتغلق الحرم الإبراهيمي

البحث عن مقتنيات بيت تحت ركام بناء قصفته اسرائيل في غزة مايو الماضي (رويترز)
البحث عن مقتنيات بيت تحت ركام بناء قصفته اسرائيل في غزة مايو الماضي (رويترز)
TT

خطة لبيد في غزة: الاقتصاد مقابل الهدوء

البحث عن مقتنيات بيت تحت ركام بناء قصفته اسرائيل في غزة مايو الماضي (رويترز)
البحث عن مقتنيات بيت تحت ركام بناء قصفته اسرائيل في غزة مايو الماضي (رويترز)

قال وزير الخارجية الإسرائيلي، يائير لبيد، أمس (الأحد)، إنه يتعين على إسرائيل أن تعرض على غزة خطة اقتصادية متعددة السنوات، مقابل وقف الهجمات، مشيراً إلى أنه ناقش الفكرة مع قادة العالم، بمن فيهم وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، ووزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، بالإضافة إلى مسؤولين في مصر والاتحاد الأوروبي والخليج، وفقاً لوكالة «بلومبرغ» للأنباء.
وكشفت صحيفة «معاريف» العبرية تفاصيل الخطة التي أعلن عنها وزير الخارجية، يائير لبيد، في مؤتمر جامعة هرتسليا بقوله: «يجب أن نذهب في خطوة متعددة السنوات في غزة: الاقتصاد مقابل الهدوء»، وإن الهدف من هذه الخطوة هو خلق الاستقرار والهدوء على جانبي الحدود بين إسرائيل وغزة، أمنياً وسياسياً ومدنياً واقتصادياً.
وأوضح أن هذا المقترح لا يعد بمثابة مفاوضات مع حركة حماس «لأن إسرائيل لن تمنح جوائز لمنظمة إرهابية، وتضعف السلطة التي تعمل معنا بانتظام»، بحسب تعبيره. وبيّن أن المرحلة الأولى من الخطة هي إعادة الإعمار الإنساني لقطاع غزة، مقابل مكافحة تعاظم قوة «حماس».
وأوضح أن السلطة الفلسطينية ستتولى الإدارة الاقتصادية والمدنية لقطاع غزة، مؤكداً أن رئيس الوزراء نفتالي بينت، ووزير الجيش بيني غانتس، قد وافقا على مبدأ الخطة التي تقوم على «الاقتصاد مقابل الهدوء» في غزة.
وفي هذه الأثناء، أعلن الجيش الإسرائيلي، الأحد، أنه أغار على أهداف تابعة لحركة حماس في قطاع غزة. وكتب أفيخاي أدرعي، المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي للإعلام العربي، على حسابه على موقع «تويتر»: «رداً على إطلاق قذيفة صاروخية من غزة نحو إسرائيل، أمس (السبت)، أغارت طائرات ومروحيات حربية الليلة على أهداف إرهابية تابعة لمنظمة حماس، من بينها مجمع عسكري يحتوي على عدة ورشات عمل تحت أرضية لإنتاج صواريخ، بالإضافة إلى موقع تدريب عسكري، ومعسكر يحوي موقعاً لتخزين وسائل قتالية، ونفق إرهابي»، بحسب وكالة الأنباء الألمانية. وجدد الجيش تحميل حركة حماس المسؤولية عن كل ما ينطلق من قطاع غزة.
ويأتي التصعيد بعدما تمكنت إسرائيل من إلقاء القبض على 4 من المعتقلين الفلسطينيين الستة الذين كانوا قد فروا من سجن «جلبوع» الأسبوع الماضي.
وفي السياق، كشف مسؤولان فلسطينيان عن إغلاق السلطات الإسرائيلية، الأحد، جميع أروقة وساحات وباحات الحرم الإبراهيمي في مدينة الخليل أمام المصلين. ونقلت وكالة الأنباء والمعلومات الفلسطينية (وفا) عن مدير الحرم رئيس السدنة، الشيخ حفظي أبو سنينة، قوله إن «سلطات الاحتلال شددت من إجراءاتها العسكرية على مداخل البلدة القديمة، وسط مدينة الخليل، وأغلقت الحرم الإبراهيمي اليوم، بحجة الاحتفال بالعيد اليهودي، وسيستمر إغلاقه حتى الساعة الثالثة من فجر غد (الاثنين)».
وطالب عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير، أحمد التميمي، المجتمع الدولي والدول الإسلامية والعربية والمؤسسات الحقوقية ودعاة السلام في العالم بـ«وقف الاعتداءات المتكررة على الحرم»، مشدداً على ضرورة «زيارة الحرم الإبراهيمي والصلاة فيه من قبل أبناء المحافظة والمحافظات الفلسطينية كافة، لحمايته من المستوطنين، ومحاولات الاستيلاء عليه».
وقال التميمي إن «سلطات الاحتلال تخطط للاستيلاء بشكل تدريجي على الحرم الإبراهيمي عبر الإجراءات الداخلية فيه، وفي محيطه، التي تشكل بمجملها مساساً بحرمة مكان إسلامي مقدس يقيم فيه المسلمون شعائرهم الدينية، ومخالفة للناحية العقائدية، ولكل المواثيق والأعراف الدولية، والديانات السماوية».



الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
TT

الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)

يتضاعف خطر انعدام الأمن الغذائي في اليمن بعد تفاقم الأزمة الاقتصادية، وانهيار سعر العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، بفعل الحرب الحوثية على الموارد الرئيسية للبلاد، وتوسيع دائرة الصراع إلى خارج الحدود، في حين تتزايد الدعوات إلى اللجوء للتنمية المستدامة، والبحث عن حلول من الداخل.

وبينما تتوالي التحذيرات من تعاظم احتياجات السكان إلى المساعدات الإنسانية خلال الأشهر المقبلة، تواجه الحكومة اليمنية تحديات صعبة في إدارة الأمن الغذائي، وتوفير الخدمات للسكان في مناطق سيطرتها، خصوصاً بعد تراجع المساعدات الإغاثية الدولية والأممية خلال الأشهر الماضية، ما زاد من التعقيدات التي تعاني منها بفعل توقف عدد من الموارد التي كانت تعتمد عليها في سد الكثير من الفجوات الغذائية والخدمية.

ورجحت شبكة الإنذار المبكر بالمجاعة حدوث ارتفاع في عدد المحتاجين إلى المساعدات الإنسانية في اليمن في ظل استمرار التدهور الاقتصادي في البلاد، حيث لا تزال العائلات تعاني من التأثيرات طويلة الأجل للصراع المطول، بما في ذلك الظروف الاقتصادية الكلية السيئة للغاية، بينما تستمر بيئة الأعمال في التآكل بسبب نقص العملة في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية، وانخفاض قيمة العملة والتضخم في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة.

وبحسب توقعات الأمن الغذائي خلال الستة أشهر المقبلة، فإنه وبفعل الظروف الاقتصادية السيئة، وانخفاض فرص كسب الدخل المحدودة، ستواجه ملايين العائلات، فجوات مستمرة في استهلاك الغذاء وحالة انعدام الأمن الغذائي الحاد واسعة النطاق على مستوى الأزمة (المرحلة الثالثة من التصنيف المرحلي) أو حالة الطوارئ (المرحلة الرابعة) في مناطق نفوذ الحكومة الشرعية.

انهيار العملة المحلية أسهم مع تراجع المساعدات الإغاثية في تراجع الأمن الغذائي باليمن (البنك الدولي)

يشدد الأكاديمي محمد قحطان، أستاذ الاقتصاد في جامعة تعز، على ضرورة وجود إرادة سياسية حازمة لمواجهة أسباب الانهيار الاقتصادي وتهاوي العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، منوهاً إلى أن عائدات صادرات النفط والغاز كانت تغطي 70 في المائة من الإنفاق العام في الموازنة العامة، وهو ما يؤكد أهميتها في تشغيل مؤسسات الدولة.

ويضيف قحطان في حديث خص به «الشرق الأوسط» أن وقف هذه الصادرات يضع الحكومة في حالة عجز عن الوفاء بالتزاماتها، بالتضافر مع أسباب أخرى منها الفساد والتسيب الوظيفي في أهم المؤسسات الحكومية، وعدم وصول إيرادات مؤسسات الدولة إلى البنك المركزي، والمضاربة بالعملات الأجنبية وتسريبها إلى الخارج، واستيراد مشتقات الوقود بدلاً من تكرير النفط داخلياً.

أدوات الإصلاح

طبقاً لخبراء اقتصاديين، تنذر الإخفاقات في إدارة الموارد السيادية ورفد خزينة الدولة بها، والفشل في إدارة أسعار صرف العملات الأجنبية، بآثار كارثية على سعر العملة المحلية، والتوجه إلى تمويل النفقات الحكومية من مصادر تضخمية مثل الإصدار النقدي.

توقف تصدير النفط يتسبب في عجز الحكومة اليمنية عن تلبية احتياجات السكان (البنك الدولي)

ويلفت الأكاديمي قحطان إلى أن استيراد مشتقات الوقود من الخارج لتغطية حاجة السوق اليمنية من دون مادة الأسفلت يكلف الدولة أكثر من 3.5 مليار دولار في السنة، بينما في حالة تكرير النفط المنتج محلياً سيتم توفير هذا المبلغ لدعم ميزان المدفوعات، وتوفير احتياجات البلاد من الأسفلت لتعبيد الطرقات عوض استيرادها، وأيضاً تحصيل إيرادات مقابل بيع الوقود داخلياً.

وسيتبع ذلك إمكانية إدارة البنك المركزي لتلك المبالغ لدعم العرض النقدي من العملات الأجنبية، ومواجهة الطلب بأريحية تامة دون ضغوط للطلب عليها، ولن يكون بحاجة إلى بيع دولارات لتغطية الرواتب، كما يحدث حالياً، وسيتمكن من سحب فائض السيولة النقدية، ما سيعيد للاقتصاد توازنه، وتتعافى العملة الوطنية مقابل العملات الأجنبية، وهو ما سيسهم في استعادة جزء من القدرة الشرائية المفقودة للسكان.

ودعا الحكومة إلى خفض نفقاتها الداخلية والخارجية ومواجهة الفساد في الأوعية الإيرادية لإحداث تحول سريع من حالة الركود التضخمي إلى حالة الانتعاش الاقتصادي، ومواجهة البيئة الطاردة للاستثمارات ورجال الأعمال اليمنيين، مع الأهمية القصوى لعودة كل منتسبي الدولة للاستقرار داخل البلاد، وأداء مهاهم من مواقعهم.

الحكومة اليمنية تطالب المجتمع الدولي بالضغط على الحوثيين لوقف حصار تصدير النفط (سبأ)

ويؤكد مصدر حكومي يمني لـ«الشرق الأوسط» أن الحكومة باتت تدرك الأخطاء التي تراكمت خلال السنوات الماضية، مثل تسرب الكثير من أموال المساعدات الدولية والودائع السعودية في البنك المركزي إلى قنوات لإنتاج حلول مؤقتة، بدلاً من استثمارها في مشاريع للتنمية المستدامة، إلا أن معالجة تلك الأخطاء لم تعد سهلة حالياً.

الحل بالتنمية المستدامة

وفقاً للمصدر الذي فضل التحفظ على بياناته، لعدم امتلاكه صلاحية الحديث لوسائل الإعلام، فإن النقاشات الحكومية الحالية تبحث في كيفية الحصول على مساعدات خارجية جديدة لتحقيق تنمية مستدامة، بالشراكة وتحت إشراف الجهات الممولة، لضمان نجاح تلك المشروعات.

إلا أنه اعترف بصعوبة حدوث ذلك، وهو ما يدفع الحكومة إلى المطالبة بإلحاح للضغط من أجل تمكينها من الموارد الرئيسية، ومنها تصدير النفط.

واعترف المصدر أيضاً بصعوبة موافقة المجتمع الدولي على الضغط على الجماعة الحوثية لوقف حصارها المفروض على تصدير النفط، نظراً لتعنتها وشروطها صعبة التنفيذ من جهة، وإمكانية تصعيدها العسكري لفرض تلك الشروط في وقت يتوقع فيه حدوث تقدم في مشاورات السلام، من جهة ثانية.

تحذيرات من مآلات قاتمة لتداعيات الصراع الذي افتعلته الجماعة الحوثية في المياه المحيطة باليمن على الاقتصاد (أ.ف.ب)

وقدمت الحكومة اليمنية، أواخر الشهر الماضي، رؤية شاملة إلى البنك الدولي لإعادة هيكلة المشروعات القائمة لتتوافق مع الاحتياجات الراهنة، مطالبةً في الوقت ذاته بزيادة المخصصات المالية المخصصة للبلاد في الدورة الجديدة.

وكان البنك الدولي توقع في تقرير له هذا الشهر، انكماش إجمالي الناتج المحلي بنسبة واحد في المائة هذا العام، بعد انخفاضه بنسبة 2 في المائة العام الماضي، بما يؤدي إلى المزيد من التدهور في نصيب الفرد من إجمالي الناتج الحقيقي.

ويعاني أكثر من 60 في المائة من السكان من ضعف قدرتهم على الحصول على الغذاء الكافي، وفقاً للبنك الدولي، بسبب استمرار الحصار الذي فرضته الجماعة الحوثية على صادرات النفط، ما أدى إلى انخفاض الإيرادات المالية للحكومة بنسبة 42 في المائة خلال النصف الأول من العام الحالي، وترتب على ذلك عجزها عن تقديم الخدمات الأساسية للسكان.

وأبدى البنك قلقه من مآلات قاتمة لتداعيات الصراع الذي افتعلته الجماعة الحوثية في المياه المحيطة باليمن على الاقتصاد، وتفاقم الأزمات الاجتماعية والإنسانية.