جولة للصحافيين داخل درعا البلد بعد الاتفاق الروسي

مصدر عسكري: تسوية أوضاع مَن يرغب مِن المسلحين

سيارات قوات الأمن وأهالي على دراجات نارية في درعا البلد جنوب سوريا امس (إ ف ب)
سيارات قوات الأمن وأهالي على دراجات نارية في درعا البلد جنوب سوريا امس (إ ف ب)
TT

جولة للصحافيين داخل درعا البلد بعد الاتفاق الروسي

سيارات قوات الأمن وأهالي على دراجات نارية في درعا البلد جنوب سوريا امس (إ ف ب)
سيارات قوات الأمن وأهالي على دراجات نارية في درعا البلد جنوب سوريا امس (إ ف ب)

ساد يوم أمس (الأحد) هدوء حذر أحياء درعا البلد، في جنوب سوريا، التي انتشر فيها الجيش السوري قبل أيام، بموجب اتفاق رعته موسكو عقب تصعيد عسكري، وفق ما شاهده مراسلو وكالة الصحافة الفرنسية خلال جولة نظمتها وزارة الإعلام للصحافيين.
وجال المراسلون في منطقتي حي الأربعين ودوار المصري، حيث أنشئت نقطتان عسكريتان سوريتان من أصل 9 نقاط في المناطق التي دخلها الجيش مؤخراً. وشاهدوا جرافات تزيل الأنقاض من بين المنازل المدمرة، وتفتح الطرقات التي امتلأت بآثار المعارك والقذائف الفارغة وما خلفه القتال.
وقال مصدر عسكري رفض الكشف عن هويته في درعا للصحافيين: «تموضعت 9 نقاط عسكرية في أطراف درعا البلد وداخلها، ويجري العمل على تسوية أوضاع مَن يرغب مِن المسلحين بعد تسليم سلاحه». وأضاف المصدر: «هناك هدوء حذر، وننتظر استكمال خطوات التسوية، والدولة لا تفضل الحل العسكري».
ويأتي ذلك فيما تحدث «المرصد السوري لحقوق الإنسان» عن استمرار انسحاب التعزيزات العسكرية التي استقدمتها الفرقة الرابعة من محيط درعا البلد، استكمالاً لبنود الاتفاق المفروض من قبل الروس على قوات النظام، الذي وافق عليه لجان ووجهاء درعا الأسبوع الماضي، بعد منح مهلة للموافقة على الاتفاق مدتها نحو 12 ساعة.
ووفقاً للمصادر، فإن التعزيزات العسكرية تجمعت في درعا المحطة، في حين يواصل المواطنون العودة إلى منازلهم في درعا البلد عبر حاجز السرايا. وأفادت وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا)، الأربعاء، بدخول وحدات من الجيش إلى منطقة درعا البلد، و«رفع العلم الوطني، والبدء بتثبيت بعض النقاط، وتمشيط المنطقة إيذاناً بإعلانها خالية من الإرهاب».
وجاء ذلك بعد بدء تطبيق بنود الاتفاق النهائي منذ بداية سبتمبر (أيلول) الحالي، وبينها دخول الشرطة العسكرية الروسية إلى درعا البلد، وانتشار حواجز عسكرية للقوات الحكومية، وبدء مئات من الراغبين بالبقاء في درعا، من مقاتلين أو شبان متخلفين عن الخدمة العسكرية، بتقديم طلبات لتسوية أوضاعهم.
وعلى الرغم من غياب دوي القذائف والمدافع، فإن عدداً قليلاً من الأهالي عادوا إلى منازلهم في حي المنشية «بانتظار استكمال فتح الطرقات وإعادة تأهيلها»، وفق مصدر في محافظة درعا. وعلى مدخل حي درعا البلد، توقفت سيارتان تحملان العلم الروسي، وإلى جانبهما جنود من الشرطة العسكرية الروسية يراقبون حركة المدنيين الخفيفة.
وفي هذا الوقت، كان مدنيون آخرون يجولون على دراجات نارية، من دون التحدث إلى الصحافيين. وقال مصدر محلي في محافظة درعا للصحافيين إن «فرني خبز باشرا العمل خلال الساعات الماضية، ويجري العمل على إنشاء نقاط صحية».
وأدى التصعيد العسكري الأخير، وفق «المرصد السوري»، إلى مقتل 23 مدنياً، بينهم 6 أطفال، و26 عنصراً من القوات الحكومية، و20 مقاتلاً معارضاً. ودفع التصعيد أكثر من 38 ألف شخص إلى النزوح من درعا البلد خلال نحو شهر، وفق الأمم المتحدة.
وشهدت مدينة درعا منذ نهاية يوليو (تموز) الماضي تصعيداً عسكرياً بين قوات النظام السوري ومجموعات مسلحة محلية، بعد 3 سنوات من هدوء أرسته تسوية استثنائية رعتها روسيا، وأبقت بموجبها على وجود مقاتلين معارضين في مناطق عدة، بينها الأحياء الجنوبية لمدينة درعا التي تعرف بدرعا البلد.
وقادت روسيا طوال الشهر الماضي مفاوضات للتوصل إلى اتفاق بين الطرفين، تم خلالها إجلاء عشرات من مقاتلي المعارضة من المدينة إلى مناطق سيطرة فصائل معارضة في شمال البلاد.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.