السودان يسترد آلاف العقارات والشركات من أتباع البشير

فصل أكثر من 800 موظف حكومي موالٍ للرئيس المعزول

وجدي صالح عضو لجنة تصفية نظام البشير في السودان (سونا)
وجدي صالح عضو لجنة تصفية نظام البشير في السودان (سونا)
TT

السودان يسترد آلاف العقارات والشركات من أتباع البشير

وجدي صالح عضو لجنة تصفية نظام البشير في السودان (سونا)
وجدي صالح عضو لجنة تصفية نظام البشير في السودان (سونا)

استردت «لجنة تفكيك نظام الثلاثين من يونيو (حزيران)» المكلفة تصفية آثار حكم الرئيس السوداني السابق عمر البشير، آلاف قطع الأراضي والعقارات والمزارع والشركات التي كان يملكها قادة وأتباع حزب «المؤتمر الوطني» (الإخواني)، موضحة أنهم استولوا عليها عن طريق الفساد والمحسوبية واستغلال النفوذ إبان وجودهم في السلطة لمدة 30 عاماً تحت رئاسة البشير.
كما أنهت اللجنة خدمات نحو 800 موظف في الخدمة المدنية، حصلوا أيضاً على وظائفهم إبان نفس الفترة عن طريق الولاء الحزبي للنظام أو عن طريق المحسوبية أو تحت اسم «المجاهدين». وشمل هذا العدد دوائر حكومية مختلفة، منها: 146 موظفاً في ديوان الضرائب، و68 في «الصندوق الوطني للمعاشات والتأمينات الاجتماعية»، و10 من مديري إدارات في «الصندوق القومي لرعاية الطلاب» الذي اشتهر بالثراء الفاحش والفساد، و79 من وكالة السودان للأنباء، و208 من العاملين في الخطوط الجوية السودانية، و23 في هيئة الطيران المدني، و122 من شركة مطارات السودان القابضة، و27 في شركة السكر السودانية، و17 من وحدة تنفيذ السدود التابعة لوزارة الري، و21 من هيئة نفايات ولاية الخرطوم، و43 من وزارة الزراعة والري بولاية الخرطوم.
واستردت اللجنة قطع أراض وعقارات سكنية وزراعية في ولاية النيل الأبيض، وعقود مشاريع زراعية استولى عليها محاسيب ورموز النظام المعزول، على رأسهم الأمين العام للحركة الإسلامية، علي كرتي، تقدر بآلاف الأفدنة. وأيضاً مشاريع الإعاشة، وعلى رأسها «مشروع الحديب»، وأراض أخرى بمساحة 500 فدان مدونة باسم الوزير السابق عبد الحميد موسى كاشا وأحمد سليمان الصافي، واسترداد 575 قطعة أرض من أحد رموز النظام، 88 قطعة أرض سكنية كبيرة مملوكة للقيادي الإخواني أحمد محمد علي الفشاشوية، وأراضٍ أخرى في مدينتي كوستى وربك.
وتملك الأراضي في ولاية النيل الأبيض أبرز رجال الإسلاميين، من بينهم رئيس البرلمان السابق إبراهيم أحمد عمر، والنائب الأول السابق للرئيس علي عثمان محمد طه، ومدير مكتبه إبراهيم الخواض، وكذلك والي جنوب كردفان السابق أحمد خميس، ونائب البشير في الحزب أحمد محمد هارون. وقال مقرر اللجنة المحامي وجدي صالح، إن لجنته قررت استرداد كل عقارات وأصول رجل الأعمال محمد المأمون عبد المطلب، المقرب من والي الخرطوم الأسبق عبد الرحمن الخضر، وتبلغ 54 شركة من بينها مصنع سيراميك رأس الخيمة، واسترداد 737 قطعة أرض من إحدى شركاته «شركة تانا»، ومن شركته الأخرى «شركة ساس» 510 قطع أرض، و785 قطعة أرض في مخطط «نوبلز سيتي بالخرطوم بحري».
وأوضح صالح أن شركة «نوبلز» لصناعة القطارات وشركة «نوبلز العقارية» المملوكتين لمحمد المأمون استولتا على مبلغ 480 مليون دولار لشراء قطارات للنقل الداخلي في العاصمة الخرطوم وتنفيذ الأعمال المدنية الملازمة، ولم تنفذ منها سوى ما قيمته 32 مليون دولار، بعقد مخالف لقانون الشراء والتعاقد مع شركة لا تملك الخبرة الكافية في المجال المحدد. وأضاف أن العقد تم تعديله أكثر من أربع مرات، لتزداد قيمته تباعاً منذ أول عقد في 2012 حين كان بمبلغ 127 مليون حتى وصل العقد الأخير إلى 480 مليون دولار.
كما أعلن صالح استرداد كل أموال وعقارات وأصول الموظف في هيئة السدود والكهرباء، عبد العاطي هاشم الطيب، والذراع القيادية الإسلاموية أسامة عبد الله الذي أسس شركة خاصة ليتعاقد عبرها مع الحكومة لشراء حاجة البلاد من الكهرباء، واستورد عبرها معدات ومحولات رديئة الجودة، تسببت في تدهور وضع الكهرباء الحالي.
من جانبه، قال عضو مجلس السيادة رئيس لجنة «التفكيك» محمد الفكي سليمان، في مؤتمر صحافي، إن اللجنة واجهت خلال الفترة الماضية، حملة إعلامية شرسة شنتها «أقلام النظام البائد»، لأنها تعري نظامهم الذي «كثيراً ما دافعوا عنه، وتُذكر الناس بأكاذيبهم»، ملخصها «يا عزيزي كلنا لصوص». وقال الفكي متهكماً: «من حق الصحافي أن يُحاكم السلطان ويسأله من أين لك هذا؟ ولكن قبل ذلك أتمنى أن يكشف أصحاب تلك الأقلام عن ثرواتهم وأملاكهم وعقاراتهم، وكيف حصلوا عليها من مرتبات الصحافة الضئيلة، فهذا مطلوب حتى يكون لكلامهم قيمة ومصداقية».
وسخر الفكي من مطالبات بعض الصحافيين بحل اللجنة، ووصفه بأنه «كعب عال من الجهالة»، ومحاولة ربطها بعمليات فساد بقوله: «لا أعرف كيف يجوز هذا الربط، فاللجنة لا تعمل في التجارة». وأضاف أن «اللجنة تعمل في فحص فساد منسوبي النظام البائد، وتحت يديها عددٌ من ملفات الحقبة الحالية، فإنها أحرص الناس على متابعة منسوبيها، وقد أحالت بعض العاملين بها للتحقيق لمجرد الشك في مصدر أموالهم».
وشكل مجلس السيادة الانتقالي في 10 ديسمبر (كانون الأول) 2019، لجنة لتفكيك نظام الإخوان المسلمين وإزالة تمكينه السياسي والاقتصادي ومحاربة الفساد، برئاسة أعضاء في مجلس السيادة، وممثلين عن عدد من الوزارات والبنك المركزي والقوات العسكرية، وأسندت إليها صلاحيات واسعة وفقاً لقانونها، تتضمن تفكيك النظام البشير وجماعة «الإخوان» وملاحقته وقادته ومنسوبيه قانونياً، ومصادرة ممتلكاته لصالح الدولة، وتفكيك واجهاته السياسية والمجتمعية وملاحقة فساد رموزه ومنسوبيه.



مصر وسلطنة عمان تبحثان سلامة الملاحة في البحر الأحمر

نائب رئيس الوزراء لشؤون مجلس الوزراء بسلطنة عُمان يستقبل وزير الخارجية المصري (الخارجية المصرية)
نائب رئيس الوزراء لشؤون مجلس الوزراء بسلطنة عُمان يستقبل وزير الخارجية المصري (الخارجية المصرية)
TT

مصر وسلطنة عمان تبحثان سلامة الملاحة في البحر الأحمر

نائب رئيس الوزراء لشؤون مجلس الوزراء بسلطنة عُمان يستقبل وزير الخارجية المصري (الخارجية المصرية)
نائب رئيس الوزراء لشؤون مجلس الوزراء بسلطنة عُمان يستقبل وزير الخارجية المصري (الخارجية المصرية)

بحث وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي، في سلطنة عمان، الاثنين، ملفَ التوترات الأمنية في البحر الأحمر، مؤكداً أهمية سلامة الملاحة البحرية وحرية التجارة الدولية، وارتباط ذلك بشكل مباشر بأمن الدول المشاطئة للبحر الأحمر.

وحسب بيان صادر عن وزارة الخارجية المصرية، أشار عبد العاطي إلى «تأثير تصاعد حدة التوترات في البحر الأحمر على مصر، بشكل خاص، في ضوء تراجع إيرادات قناة السويس».

وأدى تصعيد جماعة «الحوثيين» في اليمن لهجماتها على السفن المارة في مضيق باب المندب والبحر الأحمر، منذ نهاية نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، بداعي التضامن مع الفلسطينيين في غزة، إلى تغيير شركات الشحن العالمية الكبرى مسارها من البحر الأحمر، واضطرت إلى تحويل مسار السفن إلى طرق بديلة منها مجرى رأس الرجاء الصالح.

وتراجعت إيرادات قناة السويس من 9.4 مليار دولار (الدولار الأميركي يساوي 50.7 جنيه في البنوك المصرية) خلال العام المالي (2022 - 2023)، إلى 7.2 مليار دولار خلال العام المالي (2023 - 2024)، حسب ما أعلنته هيئة قناة السويس في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.

وخلال لقاء الوزير عبد العاطي مع فهد بن محمود آل سعيد نائب رئيس الوزراء لشؤون مجلس الوزراء، أشار إلى تقدير مصر الكبير للقيادة الحكيمة للسلطان هيثم بن طارق، وللدور الإيجابي الذي تضطلع به سلطنة عمان على المستويين الإقليمي والدولي.

وأكد عبد العاطي أهمية التعاون المشترك لتعزيز الأمن العربي، وحرص مصر على التنسيق والتشاور مع السلطنة لتثبيت دعائم الأمن والاستقرار في المنطقة، لا سيما في ظل الاضطرابات غير المسبوقة التي تشهدها منطقة الشرق الأوسط على عدة جبهات.

وطبقاً للبيان، تناول اللقاء مناقشة عدد من القضايا الإقليمية ذات الاهتمام المشترك، على رأسها القضية الفلسطينية واستمرار العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، والجهود المصرية لاحتواء التصعيد في المنطقة، والتوصل لاتفاق لوقف إطلاق النار وإطلاق سراح الرهائن، كما تم تبادل الرؤى حول الأوضاع في سوريا واليمن والسودان وليبيا.

وخلال لقائه مع بدر البوسعيدي، وزير خارجية سلطنة عُمان، في إطار زيارته الرسمية إلى مسقط، ناقش عبد العاطي مجمل العلاقات الثنائية والتنسيق المشترك حيال القضايا الإقليمية محل الاهتمام المشترك.

مباحثات سياسية بين وزير الخارجية المصري ونظيره العماني (الخارجية المصرية)

تناول الوزيران، حسب البيان المصري، أطر التعاون الثنائي القائمة، وسبل تعزيز مسار العلاقات بين مصر وسلطنة عُمان، والارتقاء بها إلى آفاق أوسع تنفيذاً لتوجيهات قيادتي البلدين.

وزار الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، مسقط، في يونيو (حزيران) 2022، بينما زار السلطان هيثم بن طارق القاهرة في مايو (أيار) 2023.

وأكد الوزيران على أهمية التحضير لعقد الدورة السادسة عشرة للجنة المشتركة بين البلدين خلال الربع الأول من عام 2025، لتعزيز التعاون الثنائي بين البلدين في مختلف المجالات.

وشدد عبد العاطي على الأهمية التي توليها مصر لتطوير وتعزيز علاقاتها مع سلطنة عُمان، مشيداً بالعلاقات الوطيدة والتاريخية التي تجمع بين البلدين. وأشار إلى الاهتمام الخاص الذي توليه مصر للتعاون مع أشقائها في الدول العربية في مجال جذب الاستثمارات والتعاون الاقتصادي والتبادل التجاري، مستعرضاً برنامج الإصلاح الاقتصادي والاجتماعي الجاري تطبيقه في مصر، والخطوات التي تم اتخاذها لتهيئة المناخ الاستثماري وتوفير الحوافز لجذب الاستثمارات الأجنبية.

كما أشار إلى أهمية العمل على تعزيز التعاون بين المنطقة الاقتصادية لقناة السويس وهيئة المنطقة الاقتصادية الخاصة بـالدقم، وكذلك الربط البحري بين ميناءي «الدقم» و«صلالة»، والموانئ المصرية مثل ميناء الإسكندرية وميناء العين السخنة وغيرهما، بما يعزز التبادل التجاري بين البلدين، ويساهم في تعميق التعاون بينهما في مجالات النقل الملاحي والتخزين اللوجستي، في ضوء ما تتمتع به مصر وعُمان من موقع جغرافي متميز يشرف على ممرات ملاحية ومضايق بحرية استراتيجية.

وفيما يتعلق بالأوضاع الإقليمية في ظل التحديات المتواترة التي تشهدها المنطقة، ناقش الوزيران، وفق البيان المصري، التطورات في سوريا، والحرب في غزة، وكذلك الأوضاع في ليبيا ولبنان، وتطورات الأزمة اليمنية وجهود التوصل لحل سياسي شامل، وحالة التوتر والتصعيد في البحر الأحمر التي تؤثر بشكل مباشر على أمن الدول المشاطئة له، كما تطرق النقاش إلى الأوضاع في منطقة القرن الأفريقي والتطورات في السودان والصومال.

وأكد البيان أن اللقاء عكس رؤيةً مشتركةً بين الوزيرين للعديد من التحديات التي تواجه المنطقة، وكيفية مواجهتها، وأكدا على أهمية تعزيز التعاون بين البلدين والحرص على تكثيف التشاور والتنسيق بشأن مختلف القضايا، كما اتفق الوزيران على تبادل تأييد الترشيحات في المحافل الإقليمية والدولية.