تحت مظلة وسائل التواصل الاجتماعي تعددت في العالم عموماً، وفي المملكة العربية السعودية بصفة خاصةً، الحملات التسويقية والتوعوية. وتفردت بأساليبها الإبداعية المتجددة، حتى باتت الشركات والجهات الحكومية والمراكز الخيرية تنظر للتسويق الاجتماعي كأساس للترويج والتوعية، ما يضمن سهولة إيصال الرسائل المباشرة للجمهور المستهدف. وخلال السنتين الماضيتين أصبح العنوان واحدا، حيث تصدر فيروس كوفيد - 19 قائمة العناوين التي تربط نفسها بشكل تلقائي بالترويج والإعلان الرقمي، وذلك لأن السبل أخذت تضيق والمخرج الوحيد صار رقمياً.
وحقاً، عززت الجهات الحكومية السعودية تفاعلها لإيصال مستجداتها عبر قنوات التواصل الاجتماعي خلال الفترة السابقة، واعتمدت كلياً على تقديم خدماتها للمستفيدين من خلال منصاتها الإلكترونية، بما يشمل الإجابة على الاستفسارات وتوضيح الخدامات وأنواعها وشرح كل الخطوات الأزمة لذلك. وراهناً يعتبر القطاع الصحي من أبرز مجالات نجاح التسويق الاجتماعي، ذلك أن برامج الوقاية التي تهدف إلى تغيير بعض الظواهر والسلوكيات غير الصحية، باتت تجمع ما بين المعلومة الطبية والوسيلة المناسبة لتوصيلها، وهنا تأتي أهمية التسويق الاجتماعي في إعادة صياغة المعلومة الطبية بحيث تلائم الفئة المستهدفة. وفي الآونة الأخيرة أعطت وزارة الصحة السعودية مثالاً عالمياً يحتذى به حيث طبقت استراتيجية تسويق اجتماعي ملامسة لأرض الواقع وتحاكي المستفيد بكل صدق وواقعية.
شعارات بسيطة ومؤثرة
وبالفعل، اعتمدت الوزارة في شعاراتها اللهجة المحلية البسيطة والمباشرة التي تترك أثرها العميق على متكلميها، فحملة «بدون يمناك لا عدمناك» تهدف إلى الاستغناء عن المصافحة، ولكن بأسلوب شعبي لافت. كذلك حملة «عيونك تكفي» الهادفة إلى التشجيع على لبس الكمامة، وجاءت بأسلوب «غزلي» مبتكر ولماح يحفز على متابعة مستجدات الحملة والتعاطي معها. وفي سياق متصل، تثبت جائزة «كرييتيف فلور» THE CREATIVE FLOOR اللندنية مجهودات الصحة السعودية في تأثيرها على الجمهور بكلمات قريبة من الواقع ومستلهمة من لب المجتمع السعودي. وهنا تجدر الإشارة إلى فوز حملة «عيونك تكفي» بتقدير أفضل حملة توعوية لمسار الرعاية الصحية.
من جهة ثانية، مع بداية تفاقم جائحة كوفيد - 19 استحدثت وزارة الصحة السعودية في يوليو (حزيران) 2020 إدارة عامة تحت مسمى «الإدارة العامة للتسويق والتوعية» وتندرج تحتها مسؤولية جميع الحملات التوعوية والتسويقية لخدمات الوزارة وترتبط بشكل مباشر بالوزير ونائبه. ولقد تركت هذه الإدارة بصماتها الإيجابية على مخرجات المحتوى الإبداعي الصحي، إذ توسعت حملات التسويق الاجتماعي في دائرة استهدافها حتى باتت تنشر حملات متخصصة منها لكبار السن والنساء الحوامل، وحالياً تتعامل مع الفئة العمرية من 12 إلى 18 سنة.
ورغم أن الأحداث متغيرة وسريعة في المجال الصحي - ولا سيما في ضوء المتحورات الفيروسية الجديدة - فإن وزارة الصحة السعودية اكتسبت ثقة عالية من متابعيها ومستفيديها، وبالأخص أن تفاعلها خلال أزمة كوفيد - 19 وإبان فترة الحجر الصحي كان متوائم مع أهمية الفترة، ما جعلها محط أنظار المجتمع.
حملة «لا يخدعونك»
هذا، ومع العد التنازلي لفتح التعليم السعودي أبواب الصروح والمعاهد التعليمية بحضور الطلبة، وتزامناً مع عودتهم أطلقت وزارة الصحة حملة إعلامية توجيهية جديدة تحمل شعار «لا يخدعونك» الهدف منها التحذير من الشائعات السلبية المشككة بضرورة لقاحات كوفيد - 19، مع التأكيد على أهمية استقاء المعلومات من مصادرها الرسمية، وذلك من أجل دعم رفع نسبة المحصنين في المملكة.
ومما لا شك فيه، أن كل الحملات التوعوية الصحية تحتاج إلى دعم مشترك لضمان نجاحها. وفي هذا الصدد أسهم التعاون المشترك مع الهيئات والجهات الحكومية، في تأكيد تصنيف المملكة العربية السعودية أخيراً ضمن أفضل 26 دولة في مكافحة التدخين لعام 2021، وفقاً لتصنيف الصحة العالمية. ويأتي هذا الإنجاز بعد حملة إعلامية توجيهية وتسويقية استلزمت وضع رسائل صحية على علب السجائر، إضافة لمنع شركات التبغ من الإعلانات والدعم التجاري والإعلاني.
واليوم، يتعدى التسويق الاجتماعي عامة مجرد نشر التوعية أو المعلومة، إذ من الممكن أن يتحقق ذلك من خلال حملة علاقات عامة ونشر إعلانات توعوية، غير أن التسويق الاجتماعي يحقق هدفا يتعلق بتحسين السلوكيات وإحداث تغيير ملموس في الجمهور المستهدف.