عقار تجريبي ينقذ مرضى «كوفيد ـ 19» بنسب مشجعة

اختُبر علاج «باريسيتينيب» على 1500 شخص في 12 دولة

مستشفى مخصص لمرضى «كورونا» في نوفي ساد بصربيا (رويترز)
مستشفى مخصص لمرضى «كورونا» في نوفي ساد بصربيا (رويترز)
TT

عقار تجريبي ينقذ مرضى «كوفيد ـ 19» بنسب مشجعة

مستشفى مخصص لمرضى «كورونا» في نوفي ساد بصربيا (رويترز)
مستشفى مخصص لمرضى «كورونا» في نوفي ساد بصربيا (رويترز)

بعد عامين تقريباً على ظهور جائحة «كوفيد - 19» التي أوقعت حتى الآن ما يزيد على 4.5 مليون ضحية موثقة، وتسببت بأكثر من 223 مليون إصابة في جميع أنحاء العالم، وبعد الإنجاز العلمي غير المسبوق بتطوير لقاحات ضد الفيروس خلال فترة قياسية، ما زال الحل العلاجي بالدواء مستعصياً على الأوساط الطبية والباحثين في علوم الأدوية.
لذلك، فإن أي تطور، مهما كان متواضعاً، في هذا المجال يحظى باهتمام كبير وتعقد عليه آمال لتطوير علاج يشفي من هذا الفيروس الذي تزداد الاحتمالات يوماً بعد يوم في أن يتوطّن لسنوات وتقتصر مواجهته على التخفيف من إصاباته وقدرته على الفتك بضحاياه وتعطيل دورة الحياة الاجتماعية والاقتصادية.
آخر هذه التطورات هي النتائج التي أسفرت عنها دراسة شملت 1500 مريض بـ«كوفيد - 19» في 12 دولة، وأشرف عليها المركز الأوروبي لمكافحة الأمراض السارية والوقاية منها، بالتنسيق مع منظمة الصحة العالمية، أظهرت أن دواء «باريسيتينيب» هو من العقاقير القليلة جداً التي تساعد في إنقاذ المصابين بالفيروس من الوفاة.
وقد أجريت هذه الدراسة، التي استخدم فيها الباحثون برنامجاً متطوراً للذكاء الصناعي، خلال الموجتين الثانية والثالثة من الوباء، وبيّنت أن استخدام هذا الدواء، المخصص أساساً لعلاج داء التهاب المفاصل، إلى جانب أدوية أخرى تستخدم حالياً لعلاج كورونا مثل «دكساميتازون» أو المضاد الفيروسي «ريمديسيفير»، من شأنه أن يخفّض الوفيات الناجمة عن الوباء بنسبة 5 في المائة.
ويقول أحد الأطباء الذين شاركوا في هذه الدراسة التي موّلتها شركة «ليلي» الأميركية التي تنتج هذا الدواء وتسوّقه تحت الاسم التجاري «أولوميانت»: «أجرينا هذا الدراسة في بدايات حملات التلقيح عندما كانت نسبة الوفيات الناجمة عن الفيروس أضعاف ما هي عليه حالياً، ومعظم الذين يلقون حتفهم اليوم بسبب كورونا هم من الذين يرفضون تناول اللقاح أو من المسنّين الذين ما زالت مناعتهم ضعيفة رغم تناوله. لكن رغم تحسّن الوضع ما زالت هناك وفيات، أحياناً بنسب مرتفعة، وهذا الدواء يمكن أن يساعد في الحد منها».
وتفيد الدراسة بأن نظام الذكاء الصناعي هو الذي اختار هذا الدواء لأنه يخفّف من كميّة المواد البروتينية التي ينتجها جهاز المناعة، والتي تسبّب «عاصفة الالتهابات» التي تؤدي إلى وفاة المريض. كما بيّنت الدراسة أن هذا الدواء يخفّف الوفيات بنسبة تصل إلى 10 في المائة بين المصابين الذين لم يتجاوزوا المرحلة الوسيطة من خطورة المرض، لكن ما زالت تظهر عليهم أعراض الالتهاب في الجهاز التنفسي، أي أنهم يحتاجون لجرعات معزّزة من الأكسجين تمنع انتقالهم إلى مرحلة العلاج في وحدات العناية الفائقة. ويقول الباحث ويسلي إيلي، من جامعة «فاندربيلت» الأميركية الذي أشرف على هذا الدراسة: «عند هذه النقطة بالذات يساعد دواء «بارتينيسيب» على كبح المسار الالتهابي الذي يؤدي عادة إلى الوفاة عندما يخرج عن السيطرة».
وتشير الدراسة المنشورة في العدد الأخير من مجلة «لانسيت»، إلى أن نسبة انخفاض الوفيات الناجمة عن «كوفيد - 19» بعد تناول بارتينيسيب هي الأعلى حتى الآن بين الأدوية المستخدمة، ويذكر أن دراسة بيّنت في العام الماضي أن دواء «دكساميتازون» يخفّض الوفيات بنسبة 3 في المائة، وأن إضافة «توسيليزوماب» إليه تخفضّها بنسبة 4 في المائة، فيما لا توجد أي أدلة بعد على أن المضاد الفيروسي «ريمديسيفير» يؤدي إلى خفض الوفيات.
ويقول خبراء منظمة الصحة العالمية إن أهمية هذه الدراسة تكمن أيضاً في أنها بيّنت تكامل «دكساميتازون» مع هذا الدواء، بحيث يمكن اللجوء إليه في علاج المصابين بـ«كوفيد - 19» الذين لا يستطيعون تناول أدوية كورتيزونية مثل «دكساميتازون». وينصح الباحثون الذين أجروا الدراسة بوصف هذا الدواء لجميع المصابين في المرحلة الوسيطة من الالتهابات التنفسيّة، أي قبل الاضطرار إلى معالجتهم بالتنفس الصناعي المكثف.
وتجدر الإشارة إلى أن الهيئة الأميركية الناظمة للدواء سمحت مؤخراً باستخدام «بارتينيسيب» لمعالجة المرضى الذين لم يبلغوا بعد مرحلة الخطورة القصوى، أي قبل دخولهم وحدات العناية الفائقة. وتفيد الدراسة بأن نسبة الوفيات بين المرضى من غير تناول الأدوية يمكن أن تصل إلى 16 في المائة، وأنها تنخفض إلى 13 في المائة باستخدام «دكساميتازون»، وإلى 8 في المائة بإضافة «بارتينيسيب».
ويقول ويسلي إيلي: «ندرك جيداً أن هذا التطور الإيجابي ليس سوى خطوة في مسيرة صعبة وطويلة للقضاء على الالتهاب في الحالات الأكثر خطورة، لكننا متفائلون بالدراسات السريرية الجارية حالياً التي يمكن أن تحمل أنباء سارة في الأشهر المقبل». وكشف أن فريقه يجري حالياً دراسة معمّقة على دواء المضاد الفيروسي «بليتيدبسين» الذي أظهر فاعلية تضاعف مائة مرة فاعلية «ريمديسيفير».


مقالات ذات صلة

مصر: تطمينات رسمية بشأن انتشار متحور جديد لـ«كورونا»

شمال افريقيا الزحام من أسباب انتشار العدوى (تصوير: عبد الفتاح فرج)

مصر: تطمينات رسمية بشأن انتشار متحور جديد لـ«كورونا»

نفى الدكتور محمد عوض تاج الدين مستشار الرئيس المصري لشؤون الصحة والوقاية وجود أي دليل على انتشار متحور جديد من فيروس «كورونا» في مصر الآن.

أحمد حسن بلح (القاهرة)
العالم رجلان إندونيسيان كانا في السابق ضحايا لعصابات الاتجار بالبشر وأُجبرا على العمل محتالين في كمبوديا (أ.ف.ب)

الاتجار بالبشر يرتفع بشكل حاد عالمياً...وأكثر من ثُلث الضحايا أطفال

ذكر تقرير للأمم المتحدة -نُشر اليوم (الأربعاء)- أن الاتجار بالبشر ارتفع بشكل حاد، بسبب الصراعات والكوارث الناجمة عن المناخ والأزمات العالمية.

«الشرق الأوسط» (فيينا)
صحتك امرأة تعاني من «كورونا طويل الأمد» في فلوريدا (رويترز)

دراسة: العلاج النفسي هو الوسيلة الوحيدة للتصدي لـ«كورونا طويل الأمد»

أكدت دراسة كندية أن «كورونا طويل الأمد» لا يمكن علاجه بنجاح إلا بتلقي علاج نفسي.

«الشرق الأوسط» (أوتاوا)
صحتك «كوفيد طويل الأمد»: حوار طبي حول أحدث التطورات

«كوفيد طويل الأمد»: حوار طبي حول أحدث التطورات

يؤثر على 6 : 11 % من المرضى

ماثيو سولان (كمبردج (ولاية ماساشوستس الأميركية))

إردوغان يتحدث عن «اتفاق تاريخي» بين إثيوبيا والصومال لإنهاء التوترات

TT

إردوغان يتحدث عن «اتفاق تاريخي» بين إثيوبيا والصومال لإنهاء التوترات

الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطا الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)
الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطا الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)

أعلن الرئيس التركي رجب طيب إردوغان أنّ الصومال وإثيوبيا توصلتا، أمس الأربعاء، في ختام مفاوضات جرت بوساطته في أنقرة إلى اتفاق "تاريخي" ينهي التوترات بين البلدين الجارين في القرن الأفريقي.

وخلال مؤتمر صحافي مشترك مع الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد في أنقرة، قال إردوغان إنّه يأمل أن يكون هذا "الاتفاق التاريخي الخطوة الأولى نحو بداية جديدة مبنية على السلام والتعاون" بين مقديشو وأديس أبابا.

وبحسب نص الاتفاق الذي نشرته تركيا، فقد اتّفق الطرفان على "التخلّي عن الخلافات في الرأي والقضايا الخلافية، والتقدّم بحزم في التعاون نحو رخاء مشترك". واتّفق البلدان أيضا، وفقا للنص، على العمل باتجاه إقرار ابرام اتفاقيات تجارية وثنائية من شأنها أن تضمن لإثيوبيا وصولا إلى البحر "موثوقا به وآمنا ومستداما (...) تحت السلطة السيادية لجمهورية الصومال الفدرالية". وتحقيقا لهذه الغاية، سيبدأ البلدان قبل نهاية فبراير (شباط) محادثات فنية تستغرق على الأكثر أربعة أشهر، بهدف حلّ الخلافات بينهما "من خلال الحوار، وإذا لزم الأمر بدعم من تركيا".

وتوجّه الرئيس الصومالي ورئيس الوزراء الإثيوبي إلى أنقرة الأربعاء لعقد جولة جديدة من المفاوضات نظمتها تركيا، بعد محاولتين أوليين لم تسفرا عن تقدم ملحوظ. وخلال المناقشات السابقة التي جرت في يونيو (حزيران) وأغسطس (آب) في أنقرة، أجرى وزير الخارجية التركي هاكان فيدان زيارات مكوكية بين نظيريه، من دون أن يتحدثا بشكل مباشر. وتوسّطت تركيا في هذه القضية بهدف حل الخلاف القائم بين إثيوبيا والصومال بطريقة تضمن لأديس أبابا وصولا إلى المياه الدولية عبر الصومال، لكن من دون المساس بسيادة مقديشو.

وأعرب إردوغان عن قناعته بأنّ الاتفاق الذي تم التوصل إليه الأربعاء، بعد ثماني ساعات من المفاوضات، سيضمن وصول إثيوبيا إلى البحر. وقال "أعتقد أنّه من خلال الاجتماع الذي عقدناه اليوم (...) سيقدّم أخي شيخ محمود الدعم اللازم للوصول إلى البحر" لإثيوبيا.

من جهته، قال رئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد، وفقا لترجمة فورية إلى اللغة التركية لكلامه "لقد قمنا بتسوية سوء التفاهم الذي حدث في العام الماضي... إثيوبيا تريد وصولا آمنا وموثوقا به إلى البحر. هذا الأمر سيفيد جيراننا بنفس القدر". وأضاف أنّ المفاوضات التي أجراها مع الرئيس الصومالي يمكن أن تسمح للبلدين "بأن يدخلا العام الجديد بروح من التعاون والصداقة والرغبة في العمل معا".

بدوره، قال الرئيس الصومالي، وفقا لترجمة فورية إلى اللغة التركية لكلامه إنّ اتفاق أنقرة "وضع حدا للخلاف" بين مقديشو وأديس أبابا، مشدّدا على أنّ بلاده "مستعدّة للعمل مع السلطات الإثيوبية والشعب الإثيوبي". وإثيوبيا هي أكبر دولة في العالم من حيث عدد السكان لا منفذ بحريا له وذلك منذ انفصلت عنها إريتريا في 1991.