انطلق في بروكسل مجدداً السباق على المناصب العليا في المؤسسات الأوروبية التي تصل إلى منتصف ولايتها بحلول نهاية العام الجاري، حيث من غير المطروح حتى الساعة أن يطرأ أي تغيير في رئاسة البنك المركزي والمفوضية ومنصب الممثل الأعلى للسياسة الخارجية، فيما يرجّح أن يجدد رئيس البرلمان الأوروبي ولايته خلافاً للعرف المتفق عليه بين المحافظين والاشتراكيين للتناوب بينهما على المنصب لنصف ولاية. وتقول مصادر مطلعة إن الذي يواجه خطر فقدان منصبه هو رئيس المجلس شارل ميشال الذي أثار زوبعة من الانتقادات والمطالبات بالاستقالة بعد «حادثة المقعد» خلال لقائه ورئيسة المفوضية أورسولا فون در لاين مع الرئيس التركي رجب طيّب إردوغان العام الماضي في إسطنبول.
والذي أعطى إشارة الانطلاق في هذا السباق، الذي تحكمه التوازنات بين الكتل السياسية الممثلة في البرلمان، كان إعلان الألماني المحافظ مانفريد ويبير تخلّيه عن تولّي رئاسة البرلمان الأوروبي خلال النصف الثاني من الولاية خلفاً للاشتراكي الإيطالي ديفيد ساسّولي وفقاً للاتفاق المبرم بين الطرفين بعد الانتخابات الأوروبية الأخيرة. لكن تخلّي ويبير عن رئاسة البرلمان الأوروبي، وهو الذي كان طامحاً لخلافة المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، لا يندرج في سياق مناورة أو مقايضة سياسية معيّنة، بل فرضته المعادلة التي استقرّ عليها توزيع رئاسات المؤسسات الأوروبية الكبرى مطالع عام 2019 عندما سقط خيار تولّي الاشتراكي الهولندي فرانز تيمرمانز لرئاسة المفوضية قبل نهاية الشوط الأخير من المفاوضات واستقرّ الرأي على انتخاب أورسولا فون در لاين مدعومة بقوة من ميركل. وبما أن فون در لاين تنتمي هي أيضاً إلى كتلة المحافظين، فضلاً عن كونها ألمانية، بات من غير الوارد أن يتولى ويبير رئاسة البرلمان الأوروبي، خاصة وأن منصب الأمين العام للبرلمان الذي يتمتّع بصلاحيات واسعة يتولاه أيضا ألماني آخر هو كلاوس فيلي. ومن المرجّح أن يؤدي انسحاب ويبير من السباق إلى بقاء الإيطالي ساسّولي في منصبه رئيساً للبرلمان الأوروبي خلال النصف الثاني من الولاية، سيّما وأنه الاشتراكي الوحيد على قمة هرم رئاسات المؤسسات الأوروبية، إذا استثنينا الإسباني جوزيب بورّيل الممثل الأعلى للسياسة الخارجية الذي تبقى صلاحياته خاضعة بنسبة عالية لرئيس المجلس الأوروبي. وقد أثار انسحاب ويبير من السباق لرئاسة البرلمان عاصفة داخل الحزب الشعبي الأوروبي المحافظ، بعد أن طالب بتثبيته رئيساً لكتلة المحافظين في البرلمان وانتخابه رئيساً للحزب الشعبي الأوروبي خلفاً للبولندي دونالد تاسك الذي كان يتولّى أيضاً رئاسة المجلس الأوروبي التي يرجّح المراقبون أن عين ويبير عليها. وقد زاد قرار الانسحاب من التوتر داخل كتلة المحافظين التي تعاني منذ فترة من انقسامات داخلية على أكثر من جبهة، في الوقت الذي بات من شبه المؤكد أن الدول الأربع الكبرى في الاتحاد، ألمانيا وفرنسا وإيطاليا وإسبانيا، ستكون قريباً تحت قيادة غير محافظة إذا صحّت التوقعات وخرج حزب ميركل من الحكم بعد الانتخابات في نهاية الشهر الجاري. لكن ثمة معركة أخرى كبرى تلوح في الأفق الأوروبي حول منصب رئاسة المجلس الأوروبي التي يتولاها الليبرالي البلجيكي شارل ميشال الذي تراجعت أسهمه بعد الحادثة الدبلوماسية في أنقرة خلال اللقاء مع الرئيس التركي، والتي أثارت عاصفة من الانتقادات ضده حتى إن علاقاته مع رئيسة المفوضية ما زالت متوترة إلى اليوم. وتسرّب أوساط المحافظين في البرلمان الأوروبي منذ أيام أخباراً عن استعداد الكتلة لتأييد الإيطالي ساسّولي لولاية ثانية مقابل التضحية بشارل ميشال لصالح مرشّح محافظ. لكن مثل هذا التوجّه سيصطدم حتماً بمعارضة شديدة من الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، عرّاب ميشال، خاصة أن ماكرون على أبواب انتخابات حاسمة لتجديد ولايته العام المقبل.
انطلاق السباق على المناصب العليا في الاتحاد الأوروبي
معركة تلوح في الأفق حول منصب رئاسة المجلس
انطلاق السباق على المناصب العليا في الاتحاد الأوروبي
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة