محافظ السعودية لدى «أوبك»: توقع زيادة الاستثمار بـ40 ترليون دولار خلال العقدين القادمين

تزايد عدد السكان يزيد من نمو مصادر الطاقة بنسبة الثلث على المستوى العالمي

محافظ السعودية لدى «أوبك»: توقع زيادة الاستثمار بـ40 ترليون دولار خلال العقدين القادمين
TT

محافظ السعودية لدى «أوبك»: توقع زيادة الاستثمار بـ40 ترليون دولار خلال العقدين القادمين

محافظ السعودية لدى «أوبك»: توقع زيادة الاستثمار بـ40 ترليون دولار خلال العقدين القادمين

شدد محافظ السعودية لدى منظمة "أوبك"، على أن الفترة القادمة ستشهد زيادة في الطلب على الطاقة، مبينا أن هناك 3 مليارات نسمة ستزيد دخولهم خلال العقدين القادمين، مرجعاً السبب في زيادة الطلب على البترول إلى زيادة عدد السكان، وهو ما يتطلب زيادة في مصادر الطاقة بنسبة الثلث على المستوى العالمي، متوقعا زيادة من استثمار رؤوس الأموال في العقدين القادمين بـ40 تريليون دولار مما يتطلب توفير تقنية عالية الجودة لذلك.
وأوضح الدكتور محمد الماضي، محافظ السعودية لدى منظمة "أوبك" خلال استعراض ورقة العمل الأولى للورشة التي عقدت بعنوان "السوق البترولية والمنظمات الدولية والإقليمية المتخصصة في البترول والطاقة" ، أن القطاع المالي بدأ بالدخول في جميع مفاصل القطاع النفطي، وهو ما يفرض نجاح المشروع أو فشله، مفيداً بأن الاستثمار النفطي يتطلب استثمارات مالية عالية لضمان الاستقرار في الأسواق، وأن هناك 19 مناسبة تم فيها التعاون بين منظمة أوبك والدول الخارجية نتج عنها 6 محاولات لتخفيض نسبي في الإنتاج و8 محاولات نتج عنها ارتفاع في الأسعار.
وأكد أن "أوبك" لا تتحكم بالأسعار بل تحافظ على التوازن في الأسواق، لأنها تعتمد على العوامل السوقية، مبيناً أنه خلال الفترة من 2005 إلى 2012م شهدت الأسواق ارتفاعاً في الأسعار مما أسهم في دخول النفط الصخري للأسواق واستقرار المنتجين ذوي التكلفة العالية في السوق، مبينا أن منظمة "أوبك" أيدت دخول النفط الصخري لأنه يسهم في توازن السوق على المدى البعيد.
جاء ذلك خلال افتتاح الدكتور إبراهيم بن عبد العزيز المهنا مستشار وزير البترول والثروة المعدنية، اليوم، ورشة العمل المخصصة للعاملين في المجال الإعلامي بملتقى الإعلام البترولي الثاني لدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، الذي يعقد تحت رعاية خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، بعنوان "الإعلام البترولي الخليجي .. قضايا وتحديات".
وتناولت ورقة العمل الثانية بعنوان "المتغيرات والتحديات في الصناعة البترولية الدولية" للدكتور ناصر الدوسري المستشار الاقتصادي لوزير البترول والثروة المعدنية السعودي، ثلاثة محاور؛ الأول العوامل الأساسية المؤثرة على السوق البترولية، والثاني العوامل الغير أساسيه ودورها في التأثير على الأسواق، والثالث دور السعودية في السوق البترولية الدولية.
وأوضح الدكتور الدوسري أن العالم مستمر بالتغيير، حيث ينمو العالم كل عام في حجمه الاقتصادي وعدد سكانه، مشيرا إلى ارتفاع مستوى نمو الاقتصاد العالمي منذ بداية القرن الحالي من 49 إلى 74 ترليون دولار، كما زاد عدد سكان العالم لنحو مليار نسمة، إضافة لذلك تمكن ما يزيد على 200 مليون نسمة من تجاوز خط الفقر وزادت الطبقة الوسطى من 1.5 مليار إلى 2.3 مليار نسمة.
وحول جوانب الطاقة، أبان الدوسري أن عدد البشر الحاصلين على أحد أنواع الطاقة الحديثة زاد من 3 إلى 5 مليارات، فيما لايزال هناك مليارا شخص لا يحصلون على أي نوع من الطاقة الحديثة، مشيراً إلى أن الطلب العالمي على البترول زاد خلال الـــ 15 سنة الماضية من 75 إلى 93 مليون برميل يومياً، وأن معظم هذا النمو يأتي من الدول النامية وعلى رأسها الصين والهند ودول الشرق الأوسط، وأنه في ظل هذا التوسع الاقتصادي والنمو السكاني، فان العالم يُتوقع أن يستمر بطلب المزيد من الطاقة.
وقال الدوسري إن التقديرات تشير ان الطلب على البترول سينمو سنوياً بحدود 1.1 مليون برميل يومياً خلال الـــ 15 سنة القادمة، وسيؤدي إلى وصول الطلب العالمي على البترول لنحو 110 ملايين برميل يومياً، بحوالى 40 مليار برميل كل عام، وزاد أن العالم سيحتاج المزيد من الطاقة. وأثبتت الصناعة البترولية في السابق أنها قادرة على تلبية هذا الطلب المتزايد من خلال الاستكشاف الجديد والبحث والتطوير والتقنية". وأشار أن العالم اليوم ينتج جزءا ليس بقليل من مكامن ومناطق بترولية كان في السابق من الصعب الإنتاج منها كالبترول الصخري في الولايات المتحدة والحقول البحرية العميقة في البرازيل والرمال البترولية في كندا، فيما أسهمت في السنوات الأخيرة في ظل بقاء أسعار البترول مرتفعة نسبياً على دعم زيادة المعروض العالمي من البترول إلى مستويات عالية، وأدت إلى تشجيع الاستثمارات البترولية في مكامن لم تكن ذات جدوى اقتصادية.
وحول العوامل الغير أساسية المؤثرة على الأسواق البترولية نوه الدكتور الدوسري انه بالنظر إلى السنوات الأخيرة يلاحظ أن العوامل الجيوسياسية كان لها تأثير كبير على مستويات الأسعار، فأحداث الربيع العربي والحظر الاقتصادي على بعض الدول المنتجة أدى بدوره إلى دعم ارتفاع الأسعار رغم وفرة الإمدادات البترولية، إلى جانب المضاربة من قبل المستثمرين على نزول أو ارتفاع الأسعار، هو بدوره كان ذا تأثير لا يمكن تجاهله.
وبين الدوسري أن السعودية تعد أهم دولة منتجة للبترول منذ عام 1970م ومن المتوقع أن تستمر أهميتها إلى عقود قادمة، حيث تمتلك السعودية أكبر احتياطي بترولي في العالم يمثل 22 في المائة من الاحتياطي العالمي، وأن السعودية واحدة من أكبر الدول المنتجة للبترول، وفي دول منظمة الأوبك تنتج السعودية نحو 30 في المائة من مجموع إنتاج المنظمة و 50 في المائة من إنتاج دول الخليج العربي، مشيراً إلى أن أهمية السعودية للأسواق البترولية لا تكمن في حجم الإنتاج فقط، ولكن من خلال سياستها البترولية الهادفة إلى المحافظة على توازن الأسواق البترولية في ظل المتغيرات.



وسط تحديات مناخية… كيف أصبحت السعودية أكبر منتج للمياه المحلاة عالمياً؟ 

وسط تحديات مناخية… كيف أصبحت السعودية أكبر منتج للمياه المحلاة عالمياً؟ 
TT

وسط تحديات مناخية… كيف أصبحت السعودية أكبر منتج للمياه المحلاة عالمياً؟ 

وسط تحديات مناخية… كيف أصبحت السعودية أكبر منتج للمياه المحلاة عالمياً؟ 

قبل أكثر من مائة عام، بدأت رحلة السعودية ذات المناخ الصحراوي والجاف مع تحلية المياه بآلة «الكنداسة» على شواطئ جدة (غرب المملكة)، قبل أن تصبح اليوم أكبر منتج للمياه المحلاة في العالم، وحاصلة على 9 شهادات قياسية من «غينيس».

وسميت «الكنداسة» اشتقاقاً من اسمها اللاتيني (Condenser) والتي تعني المكثف، هذه الآلة كانت تعمل بالفحم الحجري لتكثيف وتقطير مياه البحر لتنتج المياه العذبة.

وفي عام 1926، وبسبب معاناة الحجاج والمعتمرين من قلة المياه العذبة عند وصولهم إلى جدة، إذ كانت بالكاد تكفي السكان، أمر الملك المؤسس عبد العزيز آل سعود باستيراد آلتين كبيرتين لتقطير مياه البحر لتأمين احتياجهم من الماء.

أما نقطة التحول فكانت في 1974، العام الذي أنشئت فيه المؤسسة العامة لتحلية المياه المالحة في السعودية (الهيئة السعودية للمياه حالياً). وتدير حالياً 33 محطة تحلية، من بينها 8 محطات على ساحل الخليج العربي و25 محطة على ساحل البحر الأحمر.

وتنتج هذه المحطات 5.6 مليون متر مكعب من المياه العذبة يومياً، ما يعادل نحو 70 في المائة من إنتاج المياه المحلاة في المملكة، ما يجعلها أكبر منتج للمياه المحلاة في العالم.

وقد سجّلت في فبراير (شباط) الماضي المؤسسة العامة لتحلية المياه المالحة تسعة أرقام قياسية سعودية جديدة في موسوعة «غينيس» العالمية، وذلك لإنتاجها ما يزيد على 11.5 مليون متر مكعب يومياً.

استثمارات ضخمة

أصبحت السعودية من كبرى الدول في العالم من حيث حجم الاستثمارات في تحلية المياه، إذ ضخت استثمارات كبيرة في بناء محطات التحلية، بحسب وكيل الرئيس للشراكات الاستراتيجية والمحتوى المحلي في الهيئة السعودية للمياه المهندس محمد آل الشيخ، خلال حديثه في مؤتمر الأطراف (كوب 16) المقام حالياً في الرياض.

وأوضح آل الشيخ أن العاصمة الرياض على سبيل المثال تحصل على المياه المحلاة من بحر الخليج العربي عبر خط أنابيب يمتد لمسافة 500 كيلومتر، وهو نظام نقل مياه متطور لنقل المياه المحلاة، مضيفاً أن هناك استثمارات في البنية التحتية قد تمت على مدار أكثر من أربعة عقود.

ووفقاً لآخر الأرقام المعلنة، فقد رصدت البلاد ميزانية تجاوزت 80 مليار دولار لتنفيذ مئات المشاريع المائية خلال السنوات المقبلة.

تعميم التجربة

ولم تدخر السعودية الخبرات التي جمعتها منذ أن تحولت تحلية المياه من «الكنداسة» إلى أكبر منتج للمياه المحلاة في العالم.

فقد وقّعت في يوليو (تموز) 2024 اتفاقية مع البنك الدولي تهدف في أحد بنودها إلى تعميم تجربة المملكة الناجحة في قطاع المياه إلى الدول الأقل نمواً.

وتشمل أيضاً نقل المعرفة وتبادل الخبرات في إدارة الموارد المائية وتقليل التكاليف التشغيلية للمرافق.

وتسعى البلاد إلى مساعدة الدول الأخرى في تحسين كفاءة قطاع المياه وتطوير حلول مستدامة، ما يحقق الهدف السادس لهيئة الأمم المتحدة: «المياه النظيفة والنظافة الصحية»، وفق البيان.

تقنيات الطاقة

وفيما يخص التقنيات المتطورة في تحلية المياه، تحدث آل الشيخ عن التوجهات المستقبلية لتحسين تقنيات التحلية، إذ انتقلت المملكة من استخدام تقنيات التحلية الحرارية إلى تقنيات أكثر كفاءة وأقل استهلاكاً للطاقة بنسب تصل في توفير الطاقة لأكثر من 80 في المائة، وتهدف إلى أن تصبح 83 في المائة من مياه البحر المحلاة، وتعتمد على تقنية التناضح العكسي، وهو ما يمثل خطوة مهمة نحو تحقيق الاستدامة.

وتُستخدم تقنية التناضح العكسي بشكل واسع في تحلية مياه البحر للحصول على مياه صالحة للشرب، وفي معالجة مياه الصرف الصحي، وكذلك في العديد من التطبيقات الصناعية التي تحتاج إلى مياه نقية وخالية من الشوائب.

آل الشيخ متحدثاً للحضور خلال إحدى الجلسات على هامش مؤتمر (كوب 16) بالرياض (الشرق الأوسط)

وأشار آل الشيخ إلى أن المملكة قامت بتنفيذ تجارب مبتكرة، مثل المشروع التجريبي في مدينة حقل (شمال غربي السعودية)، من خلال إنشاء محطة هجينة تعتمد على الطاقة الشمسية والرياح والطاقة التقليدية.

و«قد أثبت المشروع أن هذه التكنولوجيا يمكن أن تساهم في تقليل استهلاك الطاقة في تشغيل محطات التحلية، حيث يمكن للطاقة المتجددة أن تساهم في تشغيل المحطات بنسبة تصل إلى 60 في المائة في بعض الفصول».

انخفاض تكلفة الإنتاج

وفيما يتعلق بتكاليف الإنتاج، أكد آل الشيخ أن تكلفة تحلية المياه قد انخفضت بشكل ملحوظ، إذ كانت تكاليف إنتاج متر مكعب واحد من الماء تتجاوز 4 ريالات (1.06 دولار) في الماضي، بينما الآن لا تتجاوز التكلفة 2.5 ريال (نحو 0.67 دولار)، مع توقعات بتحقيق انخفاض أكبر في المستقبل.

وخلال الجلسة الحوارية على هامش «كوب 16»، قال المدير العالمي لقطاع الممارسات العالمية للمياه بمجموعة البنك الدولي ساروج كومار جاه إن الدول التي تعاني من ندرة المياه يجب أن تسعى إلى إعادة استخدام كل قطرة مياه في البلاد عدة مرات.

وأشار إلى أن سنغافورة تعد نموذجاً في هذا المجال، حيث تعيد استخدام كل قطرة مياه 2.7 مرة. وفيما يتعلق بالسعودية، ذكر أن المملكة تستخدم المياه مرتين تقريباً، مع إمكانية تحسين هذه النسبة بشكل أكبر في المستقبل.

المدير العالمي لقطاع الممارسات العالمية للمياه بمجموعة البنك الدولي ساروج كومار خلال الجلسة الحوارية (الشرق الأوسط)

وفيما يخص تكلفة تحلية المياه، قال إنها انخفضت بنسبة 80 في المائة تقريباً عالمياً، بفضل استخدام الطاقة الشمسية وتطور التقنيات المستخدمة في التحلية، مما يجعل هذه الطريقة أكثر جدوى في البلدان مثل السعودية التي تقل فيها معدلات هطول الأمطار.

ولفت كومار جاه إلى زيارته الأخيرة منطقة أنتوفاغاستا في تشيلي، وهي الأشد جفافاً في العالم، إذ لا تسقط فيها الأمطار على الإطلاق.

ورغم ذلك، تُعد هذه المنطقة من أكثر المناطق الاقتصادية ازدهاراً في العالم، بفضل تبني تقنيات تحلية المياه وإعادة استخدامها، مما يعكس إمكانية بناء المرونة المائية في المناطق الجافة مثل السعودية، بحسب كومار جاه.