- {عودة مواطن}
- (1986)
- البحث عن عائلة شكري
في نهاية «عودة مواطن» نرى المواطن شكري (يحيى الفخراني) جالساً في مقهى المطار ينظر أمامه وأمامه كوب فارغ. لا هو يريد السفر فعلاً ولا يدري إذا ما كان يرغب في البقاء٠
هذا هو ثاني تعاون يتم بين المخرج محمد خان والسيناريست عاصم توفيق من بعد «خرج ولم يعد» ومثله يدور «عودة مواطن» (وكلاهما من بطولة يحيى الفخراني) حول إنسان المدينة في مواجهتها. لكن إلى هذه النقطة ينتهي اللقاء الأساسي بين الفكرتين، ففي «خرج ولم يعد» يجد بطل القصة خلاصه في هجرة المدينة إلى الريف، لكنه في «عودة مواطن» إذ يهم بالهجرة من وطنه كله، يعجز في النهاية عن فعل ذلك ويبقى، مثل فاروق الفيشاوي في فيلم خان الآخر «مشوار عمر»، معلقاً بين الوهم والحقيقة.
أفلام محمد خان ذات مزايا خاصة لم تعهدها السينما المصرية من قبل. أسلوبه ورؤيته للعالم الذي يصوره لا علاقة له بالنمط التقليدي الذي اعتاد عليه معظم المخرجين المصريين. سرده للقصة مفهوم دوماً، لكنه متخلص من الكليشهات التقليدية ومنحصر في إيقاع ووحدة عمل تجعله أكثر تطوراً وديناميكية وأكثر معايشة لثنايا الشخصيات من معظم ما مارسته السينما المصرية في تلك الفترة وحتى اليوم.
يضاف إلى خصائصه حقيقة أنه منذ «مشوار عمر»، الذي كتبه رؤوف توفيق (لا قربى بينه وبين عاصم توفيق) والمخرج تابع إضافة جديد إلى تلك المعالجة. ذلك الجديد هو البحث في الهم الاجتماعي العام. صحيح أن بذوره كانت في «الحريف» و«خرج ولم يعد»، لكن نموها السياسي بدأ في «مشوار عمر» (فساد الطبقة الجديدة) ووصل مع «عودة مواطن» إلى نضج واضح وأكيد (فساد العائلة).
«عودة مواطن» هو أحد النماذج الجيدة في هذا الإطار. حكاية الرجل الذي عاد من غربته بآمال كبيرة ليجد أن أفراد عائلته (شقيقان وشقيقتان) ما زالوا بحاجة إلى عطائه المادي. كان اعتقد أنه أدّى دوره حيالهم وسيعود إلى بيت العائلة الذي يجمع الشمل والسعادة. عوض ذلك وجد عائلة منقسمة على حالها ومنفردة في قراراتها ومتباعدة عاطفياً وكأسرة.
مع عودته يجد نفسه مطالباً بأن يستمر في البذل لصالح إخوته الأربعة. كل منهم (شقيقان وشقيقتان) لديه نصيبه من المشاكل ونصيبه من الآمال غير المحققة.
هذا أحد أفضل ما مثله يحيى الفخراني على الشاشة. في ذلك الحين، وبعد عدد متزايد ومتنوع من الأفلام، برهن على أنه ممثل تلقائي. قابل للتصديق سواء ألعب دور الأستاذ المحكوم عليه بالموت في «للحب قصة أخيرة» (رأفت الميهي) أو دور المخرج الإعلاني الذي يجد فرحته في مساعدة الأقزام على تحقيق مطالبهم كما في «الأقزام قادمون» (شريف عرفة) أو في دوريه تحت إدارة محمد خان في «خرج ولم يعد» و«عودة مواطن».
إنه ممثل لم تتلفه الكاميرا ولا الشهرة المتأتية وراءها. كذلك نرى أن ميرفت أمين قد عادت إلى قواعد واعية بعد تجارب متعددة في أدوار أقل مما تتمتع به من موهبة. وإذا كان اعتماد المخرج على الفخراني وميرفت أمين كبيراً، فهو كبير أيضاً مع الوجوه الجديدة أو شبه الجديدة التي لعبت أدوار الأشقاء.
سنوات السينما
سنوات السينما
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة