هجمات الانقلابيين تدفع بنصف النازحين للفرار إلى مدينة مأرب

أطفال بمخيم للنازحين خارج مدينة مأرب (رويترز)
أطفال بمخيم للنازحين خارج مدينة مأرب (رويترز)
TT

هجمات الانقلابيين تدفع بنصف النازحين للفرار إلى مدينة مأرب

أطفال بمخيم للنازحين خارج مدينة مأرب (رويترز)
أطفال بمخيم للنازحين خارج مدينة مأرب (رويترز)

يواجه النازحون من الحرب في محافظة مأرب اليمنية مخاطر كبيرة تهدد حياتهم مع استمرار هجمات ميليشيات الحوثي واقتراب المعارك من مواقع مخيمات النزوح في مديرية صرواح غرب المحافظة؛ ما جعل نصف النازحين في تلك المخيمات يفرون منها إلى مركز المحافظة (مدينة مأرب).
إلى ذلك، بات اكتظاظ المخيمات بالنازحين يشكل خطراً إضافياً على السلامة، حيث سجل 17 حادثة حريق في مديرية المدينة والوادي بسبب عدم كفاية المعدات واستخدام الخشب في الطهي.
ووفق بيانات مكتب الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية والمنظمة الدولية للهجرة، فإن الاكتظاظ في مواقع النازحين يشكل خطراً على السلامة، حيث تم الإبلاغ عن أكثر من 17 حريقاً في مواقع النزوح، لا سيما في مدينتَي مأرب ومأرب الوادي. ويعزى ذلك إلى الازدحام في مواقع النزوح، وعدم كفاية المعدات، والطرق المختلفة التي يتكيف بها الناس مع الوضع، مثل استخدام الأخشاب في الطهي في الأماكن المكتظة بالسكان أو البطاريات لتوليد الكهرباء.
وتظهر تلك البيانات، أنه ما بين يناير (كانون الثاني) ويوليو (تموز) 2021، انتقل أكثر من 52 في المائة من النازحين في محافظة مأرب داخل المديرية مع تصاعد الهجمات والقصف على المدينة؛ مما أدى إلى سقوط المزيد من الضحايا المدنيين. حيث أصيب وقُتل أكثر من 110 أشخاص بين أبريل (نيسان) ويونيو (حزيران)، وهو أعلى رقم مسجل في المحافظة منذ عام 2018، بحسب المنظمة الدولية للهجرة.
بيانات المنظمات الأممية أوضحت، أن اقتراب بعض المخيمات من الخطوط الأمامية، يعرّضها لعمليات نزوح متعددة ويزيد من مستويات ضعف النازحين، في حين أن عدد المرات التي انتقلت فيها الأسر أثناء النزاع غير محدد، كما أن عملية إعادة التوطين تستنفد موارد الأسر، حيث ينتقل الناس في مأرب الآن إلى أماكن أكثر أماناً، بصورة لم تتم ملاحظتها في وقت سابق من الصراع، مما يثير مخاوف بشأن الموارد المحدودة المتاحة للأسر، وتكلفة النزوح، وزيادة الضعف حيث ينتهي الأمر بالناس إلى البقاء بالقرب من الصراع النشط.
وتؤكد المنظمات، أنه رغم وجود قدر ضئيل من المعلومات حول هذا الأمر، فقد يكون من الأدق وصف عدد متزايد من الأشخاص في مأرب بأنهم «متنقلون» أكثر من وصفهم كنازحين داخلياً.
وتشير التقارير إلى تزايد التوترات بين النازحين والمجتمعات المضيفة لهم، حيث فر نحو 774 نازحاً من منطقة الركزة في مأرب الوادي إلى منطقة الجوبة بسبب رسائل التهديد من المجموعات القبلية، بحسب ما قاله مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية.
كما وردت تقارير عن قيام أفراد المجتمع بعرقلة إنشاء شبكات المياه التي توفر المياه للنازحين والمهاجرين، وهذا يعكس المخاطر المتزايدة والتجربة من التوتر الاجتماعي ويسلط الضوء على الضغط على موارد الفرد والأسرة والمجتمع.
ونبهت التقارير الإنسانية إلى أن الالتزام بالترابط المجتمعي كان يشكل آلية تكييف حاسمة لليمنيين قبل النزاع، في ظل ضعف مؤسسات الدولة وخدماتها المتدهورة؛ وذلك ساعد الأفراد من خلال الروابط الأسرية أو القرابة أو القبلية أو الجغرافية أو غيرها، وأدى هذا الترابط إلى تقاسم الدعم المالي والمأوى والوقود والغذاء والماء والرفقة، إلا أن الصراع شهد زيادة في الآثار المرتبطة بالاحتياجات وضيق الموارد.
وتقول تقارير المنظمات الأممية، إن ضيق الموارد وزيادة الاحتياجات أدت إلى تغيير قدرة اليمنيين على مشاركة الموارد؛ وهو ما أثر على الشبكات الاجتماعية، التي بدت أضيق بكثير وأكثر انتقائية.
وبينما كان يُنظر إلى النازحين داخلياً في يوم من الأيام على أنهم ضيوف يستحقون الدعم، أصبح ينظر إليهم اليوم على أنهم تهديد للموارد المتاحة. ومن المحتمل أن يكون هذا هو الوضع في جميع أنحاء اليمن، لكن مأرب تتأثر بشكل خاص لأنها كانت وجهة العديد من النازحين وأصبحت الآن نقطة ساخنة للصراع.
وفي السياق نفسه، تذكر التقارير، أن حصول النساء على الرعاية الصحية آخذ في التدهور؛ إذ إن وصولهن إلى الرعاية الصحية بشكل عام يظل محدوداً أكثر مما هو عليه الأمر بالنسبة للرجال، حيث تشير التقارير الأخيرة إلى أن الوضع يزداد سوءاً.
وغالباً ما تصل النساء إلى المرافق الصحية مع وجود مضاعفات تهدد الحياة، بما في ذلك الولادة المتعسرة أو المطولة، بعد فوات الأوان لتحقيق أي نتيجة إيجابية. وفق ما ذكرته التقارير.
وأعادت التقارير ذلك إلى النقص العام في الموارد المالية، والتكلفة الباهظة للرعاية والعمليات الطبية، ونقص الوقود الذي يؤدي إلى زيادة تكاليف النقل، والحواجز المادية مثل الطرق المغلقة أو المدمرة، وإعطاء الأولوية للضروريات الأخرى على صحة المرأة لمكانتها في الأسرة والمجتمع. وقالت، إن التأخير في طلب الرعاية الصحية يؤدي إلى تعريض النساء لخطر حدوث مضاعفات وعواقب صحية ضارة أخرى. إذ إنه في حالة حدوث مضاعفات في الحمل والولادة، فإن المخاطر لا تقتصر على النساء؛ بل تمتد لتشمل أطفالهم، الذين قد يولدون بجهاز مناعي ضعيف أو حالات أخرى تؤثر على صحتهم ورفاههم.


مقالات ذات صلة

قيود حوثية جديدة تستهدف طالبات كُبرى الجامعات اليمنية

المشرق العربي طالبات جامعة صنعاء في مواجهة قيود حوثية جديدة (غيتي)

قيود حوثية جديدة تستهدف طالبات كُبرى الجامعات اليمنية

بدأت الجماعة الحوثية إجراءات جديدة لتقييد الحريات الشخصية للطالبات الجامعيات والتضييق عليهن، بالتزامن مع دعوات حقوقية لحماية اليمنيات من العنف.

«الشرق الأوسط» (صنعاء)
المشرق العربي رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني ونائبه خلال استقبال المبعوث الأميركي والسفير فاجن... الاثنين (سبأ)

جهود إقليمية ودولية لإطلاق عملية سياسية شاملة في اليمن برعاية أممية

شهدت العاصمة السعودية، الرياض، في اليومين الماضيين، حراكاً دبلوماسياً نشطاً بشأن الملف اليمني، ركَّز على الجهود الإقليمية والدولية لخفض التصعيد.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي جانب من سور أكبر المستشفيات في العاصمة صنعاء وقد حولته الجماعة الحوثية معرضاً لصور قتلاها (الشرق الأوسط)

نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

تتزايد أعداد القتلى من قيادات الجماعة الحوثية الذين يجري تشييعهم دون الإشارة إلى أماكن سقوطهم، بالتوازي مع مقتل مشرفين حوثيين على أيدي السكان.

وضاح الجليل (عدن)
أوروبا مدنيون يرتدون زياً عسكرياً يشاركون في تدريب عسكري من قبل جنود أوكرانيين في كييف (أ.ف.ب)

تقرير: بمساعدة الحوثيين... روسيا تجند يمنيين للقتال في أوكرانيا

أفاد تقرير صحافي أن روسيا تقوم بتجنيد رجال من اليمن لإرسالهم إلى الجبهة في أوكرانيا بمساعدة من الحوثيين في اليمن.

«الشرق الأوسط» (لندن )
العالم العربي مالكو الكسارات في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية يشتكون من الابتزاز والإتاوات (فيسبوك)

حملة ابتزاز حوثية تستهدف كسارات وناقلات الحجارة

فرضت الجماعة الحوثية إتاوات جديدة على الكسارات وناقلات حصى الخرسانة المسلحة، وأقدمت على ابتزاز ملاكها، واتخاذ إجراءات تعسفية؛ ما تَسَبَّب بالإضرار بقطاع البناء.

«الشرق الأوسط» (صنعاء)

نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
TT

نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)

شيّعت الجماعة الحوثية خلال الأسبوع الماضي أكثر من 15 قتيلاً من قيادييها العسكريين والأمنيين من دون إعلان ملابسات سقوطهم. ورغم توقف المعارك العسكرية مع القوات الحكومية اليمنية في مختلف الجبهات؛ فإن النزيف البشري المستمر لقياداتها وعناصرها يثير التساؤلات عن أسبابه، بالتزامن مع مقتل العديد من القادة في خلافات شخصية واعتداءات على السكان.

ولقي قيادي بارز في صفوف الجماعة مصرعه، الأحد، في محافظة الجوف شمال شرقي العاصمة صنعاء في كمين نصبه مسلحون محليون انتقاماً لمقتل أحد أقاربهم، وذلك بعد أيام من مقتل قيادي آخر في صنعاء الخاضعة لسيطرة الجماعة، في خلاف قضائي.

وذكرت مصادر قبلية في محافظة الجوف أن القيادي الحوثي البارز المُكنى أبو كمال الجبلي لقي مصرعه على يد أحد المسلحين القبليين، ثأراً لمقتل أحد أقاربه الذي قُتل في عملية مداهمة على أحد أحياء قبيلة آل نوف، التي ينتمي إليها المسلح، نفذها القيادي الحوثي منذ أشهر، بغرض إجبار الأهالي على دفع إتاوات.

من فعالية تشييع أحد قتلى الجماعة الحوثية في محافظة حجة دون الإعلان عن سبب مقتله (إعلام حوثي)

ويتهم سكان الجوف القيادي القتيل بممارسات خطيرة نتج عنها مقتل عدد من أهالي المحافظة والمسافرين وسائقي الشاحنات في طرقاتها الصحراوية واختطاف وتعذيب العديد منهم، حيث يتهمونه بأنه كان «يقود مسلحين تابعين للجماعة لمزاولة أعمال فرض الجبايات على المركبات المقبلة من المحافظات التي تسيطر عليها الحكومة، وتضمنت ممارساته الاختطاف والتعذيب والابتزاز وطلب الفدية من أقارب المختطفين أو جهات أعمالهم».

وتقول المصادر إن الجبلي كان يعدّ مطلوباً من القوات الحكومية اليمنية نتيجة ممارساته، في حين كانت عدة قبائل تتوعد بالانتقام منه لما تسبب فيه من تضييق عليها.

وشهدت محافظة الجوف مطلع هذا الشهر اغتيال قيادي في الجماعة، يُكنى أبو علي، مع أحد مرافقيه، في سوق شعبي بعد هجوم مسلحين قبليين عليه، انتقاماً لأحد أقاربهم الذي قُتِل قبل ذلك في حادثة يُتهم أبو علي بالوقوف خلفها.

في الآونة الأخيرة تتجنب الجماعة الحوثية نشر صور فعاليات تشييع قتلاها في العاصمة صنعاء (إعلام حوثي)

وتلفت مصادر محلية في المحافظة إلى أن المسلحين الذين اغتالوا أبو علي يوالون الجماعة الحوثية التي لم تتخذ إجراءات بحقهم، مرجحة أن تكون عملية الاغتيال جزءاً من أعمال تصفية الحسابات داخلياً.

قتل داخل السجن

وفي العاصمة صنعاء التي تسيطر عليها الجماعة الحوثية منذ أكثر من 10 سنوات، كشفت مصادر محلية مطلعة عن مقتل القيادي الحوثي البارز عبد الله الحسني، داخل أحد السجون التابعة للجماعة على يد أحد السكان المسلحين الذي اقتحم السجن الذي يديره الحسني بعد خلاف معه.

وتشير المصادر إلى أن الحسني استغل نفوذه للإفراج عن سجين كان محتجزاً على ذمة خلاف ينظره قضاة حوثيون، مع المتهم بقتل الحسني بعد مشادة بينهما إثر الإفراج عن السجين.

وكان الحسني يشغل منصب مساعد قائد ما يسمى بـ«الأمن المركزي» التابع للجماعة الحوثية التي ألقت القبض على قاتله، ويرجح أن تجري معاقبته قريباً.

وأعلنت الجماعة، السبت الماضي، تشييع سبعة من قياداتها دفعة واحدة، إلى جانب ثمانية آخرين جرى تشييعهم في أيام متفرقة خلال أسبوع، وقالت إنهم جميعاً قتلوا خلال اشتباكات مسلحة مع القوات الحكومية، دون الإشارة إلى أماكن مقتلهم، وتجنبت نشر صور لفعاليات التشييع الجماعية.

جانب من سور أكبر المستشفيات في العاصمة صنعاء وقد حولته الجماعة الحوثية معرضاً لصور قتلاها (الشرق الأوسط)

ويزيد عدد القادة الذين أعلنت الجماعة الحوثية عن تشييعهم خلال الشهر الجاري عن 25 قيادياً، في الوقت الذي تشهد مختلف جبهات المواجهة بينها وبين القوات الحكومية هدوءاً مستمراً منذ أكثر من عامين ونصف.

ورعت الأمم المتحدة هدنة بين الطرفين في أبريل (نيسان) من العام قبل الماضي، ورغم أنها انتهت بعد ستة أشهر بسبب رفض الجماعة الحوثية تمديدها؛ فإن الهدوء استمر في مختلف مناطق التماس طوال الأشهر الماضية، سوى بعض الاشتباكات المحدودة على فترات متقطعة دون حدوث أي تقدم لطرف على حساب الآخر.

قتلى بلا حرب

وأقدمت الجماعة الحوثية، أخيراً، على تحويل جدران سور مستشفى الثورة العام بصنعاء، وهو أكبر مستشفيات البلاد، إلى معرض لصور قتلاها في الحرب، ومنعت المرور من جوار السور للحفاظ على الصور من الطمس، في إجراء أثار حفيظة وتذمر السكان.

وتسبب المعرض في التضييق على مرور المشاة والسيارات، وحدوث زحام غير معتاد بجوار المستشفى، ويشكو المرضى من صعوبة وصولهم إلى المستشفى منذ افتتاح المعرض.

ويتوقع مراقبون لأحوال الجماعة الحوثية أن يكون هذا العدد الكبير من القيادات التي يجري تشييعها راجعاً إلى عدة عوامل، منها مقتل عدد منهم في أعمال الجباية وفرض النفوذ داخل مناطق سيطرة الجماعة، حيث يضطر العديد من السكان إلى مواجهة تلك الأعمال بالسلاح، ولا يكاد يمرّ أسبوع دون حدوث مثل هذه المواجهات.

ترجيحات سقوط عدد كبير من القادة الحوثيين بغارات الطيران الأميركي والبريطاني (رويترز)

ويرجح أن يكون عدد من هؤلاء القادة سقطوا بقصف الطيران الحربي للولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا اللتين شكلتا منذ قرابة عام تحالفاً عسكرياً للرد على استهداف الجماعة الحوثية للسفن التجارية وطرق الملاحة في البحر الأحمر، وتنفذان منذ ذلك الحين غارات جوية متقطعة على مواقع الجماعة.

كما تذهب بعض الترجيحات إلى تصاعد أعمال تصفية الحسابات ضمن صراع وتنافس الأجنحة الحوثية على النفوذ والثروات المنهوبة والفساد، خصوصاً مع توقف المعارك العسكرية، ما يغري عدداً كبيراً من القيادات العسكرية الميدانية بالالتفات إلى ممارسات نظيرتها داخل مناطق السيطرة والمكاسب الشخصية التي تحققها من خلال سيطرتها على أجهزة ومؤسسات الدولة.

وبدأت الجماعة الحوثية خلال الأسابيع الماضية إجراءات دمج وتقليص عدد من مؤسسات وأجهزة الدولة الخاضعة لسيطرتها، في مساعِ لمزيد من النفوذ والسيطرة عليها، والتخفيف من التزاماتها تجاه السكان بحسب المراقبين.