قوات الجيش تسيطر على معسكر قرب طرابلس.. واجتماع بين حفتر والثني لمكافحة الإرهاب

ميليشيات «فجر ليبيا» تزعم تصديها لتقدم القوات

مقاتلان من «فجر ليبيا» يطلقان نيران أسلحتهما صوب جيش القبائل الموالي للجيش الليبي على مشارف طرابلس أمس (أ. ف. ب)
مقاتلان من «فجر ليبيا» يطلقان نيران أسلحتهما صوب جيش القبائل الموالي للجيش الليبي على مشارف طرابلس أمس (أ. ف. ب)
TT

قوات الجيش تسيطر على معسكر قرب طرابلس.. واجتماع بين حفتر والثني لمكافحة الإرهاب

مقاتلان من «فجر ليبيا» يطلقان نيران أسلحتهما صوب جيش القبائل الموالي للجيش الليبي على مشارف طرابلس أمس (أ. ف. ب)
مقاتلان من «فجر ليبيا» يطلقان نيران أسلحتهما صوب جيش القبائل الموالي للجيش الليبي على مشارف طرابلس أمس (أ. ف. ب)

رغم إعلان الجيش الموالى للسلطات الشرعية في ليبيا أن قواته اقتربت من تخوم العاصمة طرابلس للمرة الأولى، فيما اعتبرته الحكومة الانتقالية برئاسة عبد الله الثني انطلاقة لتحريرها من قبضة ميليشيات فجر ليبيا، فقد أكد مصدر أمني رفيع المستوى في العاصمة الليبية لـ«الشرق الأوسط» أن الوضع طبيعي ومستتب جدا، نافيا وجود أي مظاهر لوجود عسكري على تخوم طرابلس إطلاقا.
وقال المسؤول الذي اشترط عدم تعريفه في تصريحات خاصة لـ«الشرق الأوسط»: «الحياة عادية.. صحيح الناس قلقه من تحليق الطيران وقصف مطار معيتيقة بين الحين والآخر، لكن الأمور في الغالب طيبة».
وأضاف: «عناصر ميليشيات فجر ليبيا منتشرة بكامل الاستعدادات في طول العاصمة وعرضها، ومن جميع مداخلها، واليوم المسلحون، في العاصمة، أشد تماسكا من أي وقت مضى»، مشيرا إلى أنه عندما اقتربت مجموعات مما يُسمى جيش القبائل الموالي للجيش الليبي إلى العاصمة، تم إعلان النفير العام واستنفار الجميع لنجدة العاصمة، وما هي إلا ساعتان حتى تم طرد المهاجمين وإبعادهم تماما».
وقال سكان في المدينة لـ«الشرق الأوسط»: «الوضع مستقر ولكن الميليشيات مرتبكة جدا»، ولفتوا إلى وجود انتشار عسكري في عدة مناطق بالعاصمة، أبرزها العزيزية والسواني وقصر بن غشير».
وأضاف السكان وصحافيون محليون: «أما باقي الأحياء السكنية، فهناك بوابات تفتيش، البارحة كانوا يفتشون السيارات، وهناك حملات اعتقال على نطاق واسع في المناطق التي حاولت الانتفاضة مثل ضاحية فشلوم».
ونشرت غرفة عمليات ثوار ليبيا عبر صفحتها الرسمية على موقع التواصل الاجتماعي «فيس بوك»، مقطع فيديو أظهر انسحابا مفاجئا لجيش القبائل من أمام ميليشيات فجر ليبيا في منطقة العزيزية. كما قال المكتب الإعلامي لعملية فجر ليبيا في بيان، أمس، إن قواتها تتقدم عكس ما يشاع على حساب الجيش الذي يقوده الفريق خليفة حفتر، مشيرا إلى أنها تحقق أيضا تقدما باتجاه تحرير كامل الطريق الرابط بين بئر الغنم والعزيزية بالتزامن مع قصف قاعدة الوطية.
وقالت مصادر إن زهير زين العابدين وكيل وزارة السياحة فيما يسمى بحكومة الإنقاذ الوطني التي تسيطر على العاصمة طرابلس، قد لقي أمس حتفه خلال اشتباكات معركة الوطية بالمنطقة الغربية. كما لقي صلاح البركي أحد قادة ميليشيات فجر ليبيا وعضو الجماعة الليبية المقاتلة سابقا، أيضا، مصرعه، خلال هذه المعارك، حيث نعاه رسميا المكتب الإعلامي لعملية فجر ليبيا.
ومع ذلك، فقد قال أحمد هدية الناطق باسم قوات درع ليبيا الوسطى إنه يطمئن «سكان مدينة طرابلس وضواحيها بأن الأوضاع تحت سيطرة قوات فجر ليبيا بالكامل»، مشيرا إلى أن ما حدث هو تقدم مباغت من قبل ما يعرف بجيش القبائل من محور الكسارات نحو منطقة العزيزية، حيث تصدى لهم الثوار المرابطون هناك.
وأوضح أن اشتباكات دارت بين قوات فجر ليبيا وفلول من جيش القبائل الذين تمت محاصرتهم في منطقة الطويشة، ويجري التعامل معهم، مؤكدا أن قوات إضافية توجهت من مصراتة وهي الآن على مشارف مدينة طرابلس لدعم الثوار هناك.
وقالت وكالة الأنباء الموالية لفجر ليبيا إن قوات هذه الميليشيات أحرزت تقدما سريعا صباح أمس في ملاحقتها لفلول جيش القبائل الهاربة من منطقة العزيزية التي تم دحرها منها.
ونقلت عن أمر منطقة جبل نفوسة العسكرية العقيد محمد شطيبة، أن قوات فجر ليبيا قد تمكنت من السيطرة الكاملة على محور الكسارات وتمشيطه، مشيرا إلى أن فلول جيش القبائل الهاربة قد لجأت إلى ما يسمى بـ«حوش الستين»، الواقع ما بين منطقة الكسارات وبئر الغنم، وهم محاصرون بين فكي الكماشة من محوري غريان والزاوية ويجري التعامل معهم.
في المقابل، أكد محمد الحجازي الناطق الرسمي باسم عملية الكرامة التابعة للجيش الليبي أن قوات الجيش دخلت مدينة العزيزية التي تبعد جنوب العاصمة طرابلس نحو 45 كيلومترا، ومنها إلى كوبري الزهراء، رافضا الإدلاء بأي تفاصيل أخرى، لافتا إلى أن كل يوم وكل ساعة هناك تغير في المعركة وأن هناك ما وصفه بـ«انسحابات تكتيكية تنظيمية».
وأبلغ الحجازي وكالة الأنباء الألمانية أن طائرات سلاح الجو أغارت على مجموعات فجر ليبيا في أطراف العاصمة، مشيرا إلى أن تلك التجمعات انسحبت من المدينة.
وتابع قائلا: «ميليشيات فجر ليبيا التي كانت تسيطر على العاصمة انسحبت إلى أطراف طرابلس وهي تريد ترتيب صفوفها ولملمت بقاياها، ولكن سلاح الجو كان لها بالمرصاد وتكفل بها وبالنقاط الدفاعية المتأخرة التي تتبعه». وأكد صقر الجروشي قائد سلاح الجو بشرق ليبيا أن طائراته قصفت مطار معيتيقة في طرابلس ومعسكرا يستخدمه فجر ليبيا قرب مطار آخر بالعاصمة، فيما ذكر مصدر أمني في طرابلس أن المعسكر قصف فيما يبدو لكن الطائرات أخطأت هدفها ولم تقصف المطار. وقالت قناة «النبأ» التلفزيونية، ومقرها طرابلس، إن طائرات حربية قصفت أيضا مطار زوارة بغرب البلاد.
وكانت غرفة عمليات طرابلس الكبرى التابعة للقيادة العامة للجيش قد أهابت في بيان أصدرته وحمل الرقم «واحد»، بكل الليبيين التحرك لنيل ما سمته بـ«شرف المساهمة في تحرير الوطن من الجماعات الإرهابية ومن يساندها»، معتبرة أن «ساعة الخلاص من هذه الجماعات قد اقتربت».
وأكد العقيد إدريس مادي آمر غرفة عمليات الجيش الليبي في المنطقة الغربية أن الجيش استأنف عملياته العسكرية التي توقفت في منطقة العزيزية، لافتا إلى أن الجيش أعاد تنظيم قواته وتقدم سريعا باتجاه العزيزية ومن دون مقاومة تُذكر مع انسحاب ميليشيات «فجر ليبيا».
وقالت مصادر عسكرية إن قوات الجيش سيطرت أمس على معسكر أم شويشة جنوب العجيلات والمناطق المحيطة به، مشيرة إلى أن هذه القوات تواصل تقدمها بعد هروب ميليشيات فجر ليبيا من المنطقة إثر معارك شهدتها جميع محاور القتال جنوب العجيلات وصبراتة والجميل بالتزامن مع طلعات لسلاح الجو استهدف مقر النقلية بطريق المطار بطرابلس ومواقع لميليشيات فجر ليبيا» في الجميل والعجيلات ومطار زوارة.
وأسفرت المعارك المندلعة منذ يوم الخميس الماضي بين «فجر ليبيا» المسيطرة على طرابلس وقوات موالية للجيش الليبي، في بلدة بئر الغنم، على بعد 90 كيلومترا جنوب غربي طرابلس، عن سقوط 26 قتيلا و17 جريحا من الجانبين.
من جهة أخرى، بدا أمس أن ميليشيات فجر ليبيا والجيش الليبي اتفقا على مواصلة الهجمات على عناصر تنظيم داعش داخل مدينة سرت، الذي بات كما تقول مصادر عسكرية بين طرفي كماشة الطرفين من دون اتفاق فعلي بينهما. وشن سلاح الجو الموالي للجيش الليبي غارة جوية على مواقع تمركز مسلحي تنظيم داعش بمدينة سرت، حيث قالت مصادر عسكرية إنه تم قصف عناصر التنظيم بمنطقة السبعة كيلو، أو ما يُعرف بـ«منطقة الزعفران». من جهته، نفى الناطق باسم الكتيبة 166 التابعة لفجر ليبيا انسحاب الكتيبة من المدينة، مؤكدا أن الكتيبة موجودة بمواقعها وتمركزاتها المكلفة بها، وأن سرية تابعة للكتيبة متمركزة حاليا بمنطقة النوفلية بعد السيطرة عليها.
وأشار إلى أن عنصرين تابعين للكتيبة قُتلا أثناء تمشيط منطقة النوفلية، في حين أصيب آخر بجروح نتيجة انفجار لغم أرضي زرعته عناصر تنظيم داعش، موضحا أن قوات الكتيبة اشتبكت مع هذه المجموعة، واغتنمت عددا من الآليات أثناء فرارها جنوب منطقة النوفلية. وتتواصل الاشتباكات منذ الأسبوع الماضي بين هذه الكتيبة وقوات «داعش» في سرت التي تقع على بعد 450 كيلومترا شرق طرابلس، وخلفت أكثر من 50 قتيلا و100 جريح في صفوف الطرفين.
من جهة أخرى، التقى رئيس الحكومة المعترف بها دوليا عبد الله الثني والفريق خليفة حفتر القائد العام للجيش الوطني الليبي، بمقره في مدينة المرج، حيث تم بحث ما وصفته وكالة الأنباء الموالية للشرعية بـ«الدور الكبير الذي يقوم به الجيش في محاربة الإرهاب»، بالإضافة إلى مناقشة أوضاع الجيش الليبي والخطط التي وضعت لإعادة تنظيمه. كما أوضحت أن اللقاء الذي حضره رئيس الأركان العامة للجيش وقادة أركان الأسلحة تناول أيضا سير عملياته العسكرية على عدة جبهات وفي مواجهة العصابات الإرهابية.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.