توتر بين البنوك والرقابة التركية بسبب التوسع في الائتمان الاستهلاكي

انخفاض جديد لليرة رغم توقعات «المركزي» بمسار تراجعي للتضخم

وقعت خلافات بين رؤساء البنوك التركية و«هيئة الرقابة على المصارف» حول الحد من ارتفاع الائتمان الاستهلاكي (رويترز)
وقعت خلافات بين رؤساء البنوك التركية و«هيئة الرقابة على المصارف» حول الحد من ارتفاع الائتمان الاستهلاكي (رويترز)
TT

توتر بين البنوك والرقابة التركية بسبب التوسع في الائتمان الاستهلاكي

وقعت خلافات بين رؤساء البنوك التركية و«هيئة الرقابة على المصارف» حول الحد من ارتفاع الائتمان الاستهلاكي (رويترز)
وقعت خلافات بين رؤساء البنوك التركية و«هيئة الرقابة على المصارف» حول الحد من ارتفاع الائتمان الاستهلاكي (رويترز)

وقعت خلافات بين رؤساء البنوك التركية وهيئة الرقابة على المصارف حول الحد من ارتفاع الائتمان الاستهلاكي، الذي يعدّ المسؤولون أنه سبب إذكاء التضخم وعجز الحساب الجاري. بينما أفادت تقارير باستغلال تركيا الدعم المقدم من صندوق النقد الدولي في زيادة الاحتياطي الأجنبي للتخفيف من الضغوط على الليرة التي واصلت تذبذبها في الأسابيع الأخيرة.
وظهر التباين بين المسؤولين التنفيذيين في البنوك ورئيس «هيئة الرقابة المصرفية» محمد علي أكبن حول الزيادة الكبيرة في القروض الممنوحة للمستهلكين وانخفاض تكلفتها مقارنة بقروض الشركات.
وبحسب ما نشرت وسائل إعلام تركية، أمس (الأربعاء)، حول الاجتماع الأخير الذي عقد بين رؤساء البنوك وأكبن، قال مسؤولو البنوك إن النمو في الائتمان الاستهلاكي لا يزال أقل من التضخم وإن المخاطر لا تزال عند مستويات معقولة، بينما قال أكبن إن الفرق بينها وبين التضخم تلاشى، وإن الطلب على قروض التجزئة زاد بسبب انخفاض تكلفتها.
وانعكست السياسات النقدية التي تتبعها الحكومة التركية على مؤشر التضخم، الذي شهد ارتفاعاً تاريخياً، مما يؤكد فشل الإجراءات التي تحاول الحكومة من خلالها تحسين المؤشرات.
وبلغ معدل التضخم السنوي في أغسطس (آب) الماضي 19.25 في المائة، صعوداً من 18.9 في المائة خلال يوليو (تموز) السابق عليه، وذلك بالتزامن مع التوقعات التي تفيد بأن نهاية العام ستشهد زيادة الأسعار في البرنامج الاقتصادي للحكومة الذي أعلن عنه الأحد الماضي.
ويرى محللون أن الصدام مع المقرضين قد يؤدي إلى خلافات بين صانعي القرار في تركيا، خصوصاً بعد أن طلب الرئيس رجب طيب إردوغان من البنك المركزي خفض أسعار الفائدة في وقت سابق.
وقال وزير الخزانة والمالية لطفي إلوان إن الحكومة تدرس طرقاً لوقف ارتفاع ائتمان التجزئة. وفي حين أن نمو الائتمان لا يقترب في أي مكان من مستويات الارتفاع التي شوهدت خلال فترة وباء «كورونا» العام الماضي، إلا إنه يظهر بوادر انتعاش خلال فترة توقف تلوح في الأفق بشكل كبير أثناء دورة التيسير النقدي وقرار في نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل بإزالة القاعدة التي سمحت للبنوك بالحصول على الائتمان، بحسب ما ذكرت وكالة «بلومبرغ» الأميركية في تقرير أمس.
وكشفت الإحصاءات الرسمية الصادرة عن «هيئة الرقابة المصرفية» عن أن القروض المقومة بالليرة للمستهلكين ارتفعت بنسبة 10 في المائة منذ بداية العام، بينما ارتفعت القروض التجارية بنسبة 6.3 في المائة. ويرجع ذلك أساساً إلى زيادة بنسبة 23 في المائة في ديون بطاقات الائتمان.
ويأتي التناقض في دور القطاع المصرفي من خلال دفع مستوى النمو بعد فترة من العامين الماضيين عندما اعتمدت الحكومة على البنوك، خصوصاً تلك المملوكة للدولة، من أجل تكثيف الإقراض لدعم الاقتصاد بعد ظهور وباء «كورونا». ولكن في مواجهة ارتفاع حصيلة القروض الرخيصة في ميزانياتها العمومية بدأت البنوك الحكومية تُبطئ وتيرة نمو الائتمان. وساعد إحجام البنك المركزي عن رفع أسعار الفائدة على استمرار الطلب على الائتمان من المستهلكين في اقتصاد نما بمعدل سنوي قياسي بلغ 21.7 في المائة في الربع الثاني من العام الحالي.
ودفع التضخم في أغسطس، في قفزة مفاجئة بنسبة 19.25 في المائة عن العام السابق، سعر الفائدة، البالغ 19 في المائة، إلى المنطقة السلبية بعد تعديله وفقاً لارتفاع الأسعار للمرة الأولى منذ أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.
ووفقاً للبيانات التي جمعتها وكالة «بلومبرغ» يبلغ المتوسط المرجح لمعدلات القروض الاستهلاكية والتجارية 22 في المائة و20.7 في المائة على التوالي.
وأبلغت «هيئة الرقابة المصرفية» البنوك بأن إجراءات التسامح التي قُدمت خلال الوباء لن تمدد إلى ما بعد سبتمبر (أيلول) الحالي، لكن إزالتها سيكون لها تأثير محدود على القروض المعدومة. ورغم أن رئيس جهاز الرقابة المصرية رأى أن هناك خيارات أخرى؛ من ضمنها أن يفرض البنك المركزي متطلبات احتياطي إضافية لتمديد ائتمان التجزئة فوق مستوى معين، فإن المديرين التنفيذيين لا يرون في البنوك أي حاجة إلى مثل هذه الخطوات.
على صعيد آخر، قدم صندوق النقد الدولي لتركيا دعماً من العملات الأجنبية بقيمة 6.4 مليار دولار في إطار مساعدات للدول الأعضاء المتضررة من وباء فيروس «كورونا»، علماً بأن أنقرة تمتلك حصة واحد في المائة في أصوله؛ الأمر الذي سيؤثر إيجاباً على إجمالي احتياطات العملة الصعبة في ظل تراجع الليرة.
وأفاد صندوق النقد الدولي في وثيقة إرشادية بأنه يمكن للبلدان استخدام مخصصات حقوق السحب الخاصة، لدعم اقتصاداتها ودعم معركتها ضد أزمة فيروس «كورونا»، وأنه ينبغي ألا تستخدم لتأخير الإصلاحات الاقتصادية المطلوبة أو إعادة هيكلة الديون.
وسجل الدولار في تركيا، أمس، ارتفاعاً جديداً بعد تراجع على مدى أسبوعين، وذلك رغم إعلان محافظ البنك المركزي التركي، شهاب كاوجي أوغلو، توقعاته بانخفاض معدلات التضخم والفائدة في الفترة المقبلة. وافتتح الدولار تعاملات أمس عند 8.37 ليرة، ليرتفع بعدها إلى 8.46 ليرة، بسبب زيادة الطلب على الدولار في الأسواق العالمية.
وقال كاوجي أوغلو، خلال اجتماع لغرفة التجارة والصناعة الألمانية - التركية أمس، إنه يعتقد أن العوامل المؤقتة التي تؤثر على توقعات التضخم ستفقد تأثيرها على المدى القصير، وإن التضخم سيدخل في اتجاه هبوطي في الربع الأخير، وإنهم يتوقعون أن يظل التضخم غير الغذائي أقل من التضخم الرئيسي بقية العام.



 «موديز» ترفع التصنيف الائتماني للسعودية بفضل جهود تنويع الاقتصاد

مشهد من العاصمة السعودية وتظهر فيه ناطحات السحاب في مركز الملك عبد الله المالي (كافد) (رويترز)
مشهد من العاصمة السعودية وتظهر فيه ناطحات السحاب في مركز الملك عبد الله المالي (كافد) (رويترز)
TT

 «موديز» ترفع التصنيف الائتماني للسعودية بفضل جهود تنويع الاقتصاد

مشهد من العاصمة السعودية وتظهر فيه ناطحات السحاب في مركز الملك عبد الله المالي (كافد) (رويترز)
مشهد من العاصمة السعودية وتظهر فيه ناطحات السحاب في مركز الملك عبد الله المالي (كافد) (رويترز)

رفعت وكالة التصنيفات الائتمانية «موديز» تصنيفها للسعودية بالعملتين المحلية والأجنبية عند «إيه إيه 3» (Aa3) من «إيه 1» مع نظرة مستقبلية «مستقرة»، وذلك نظراً لتقدم المملكة المستمر في التنويع الاقتصادي والنمو المتصاعد لقطاعها غير النفطي.

هذا التصنيف الذي يعني أن الدولة ذات جودة عالية ومخاطر ائتمانية منخفضة للغاية، هو رابع أعلى تصنيف لـ«موديز»، ويتجاوز تصنيفات وكالتي «فيتش» و«ستاندرد آند بورز».

وقالت «موديز» في تقريرها إن رفعها لتصنيف المملكة الائتماني، مع نظرة مستقبلية «مستقرة»، يأتي نتيجة لتقدمها المستمر في التنوع الاقتصادي، والنمو المتصاعد للقطاع غير النفطي في المملكة، والذي، مع مرور الوقت، سيقلل ارتباط تطورات سوق النفط باقتصادها وماليتها العامة.

ترتيب أولويات الإنفاق ورفع كفاءته

وأشادت «موديز» بالتخطيط المالي الذي اتخذته الحكومة السعودية في إطار الحيّز المالي، والتزامها بترتيب أولويات الإنفاق ورفع كفاءته، بالإضافة إلى الجهود المستمرة التي تبذلها ومواصلتها استثمار المـوارد الماليـة المتاحـة لتنويـع القاعـدة الاقتصاديـة عـن طريـق الإنفـاق التحولي؛ مما يدعم التنمية المستدامة للاقتصاد غير النفطي في المملكة، والحفاظ على مركز مالي قوي.

وقالت «موديز» إن عملية «إعادة معايرة وإعادة ترتيب أولويات مشاريع التنويع -التي ستتم مراجعتها بشكل دوري- ستوفر بيئة أكثر ملاءمة للتنمية المستدامة للاقتصاد غير الهيدروكربوني في المملكة، وتساعد في الحفاظ على القوة النسبية لموازنة الدولة»، مشيرة إلى أن الاستثمارات والاستهلاك الخاص يدعمان النمو في القطاع الخاص غير النفطي، ومتوقعةً أن تبقى النفقات الاستثمارية والاستثمارات المحلية لـ«صندوق الاستثمارات العامة» مرتفعة نسبياً خلال السنوات المقبلة.

شعار «موديز» خارج المقر الرئيسي للشركة في مانهاتن الولايات المتحدة (رويترز)

وقد وضّحت الوكالة في تقريرها استنادها على هذا التخطيط والالتزام في توقعها لعجز مالي مستقر نسبياً والذي من الممكن أن يصل إلى ما يقرب من 2 - 3 في المائة من الناتج الإجمالي المحلي.

وسجل الناتج المحلي الإجمالي للمملكة نمواً بمعدل 2.8 في المائة على أساس سنوي في الربع الثالث من العام الحالي، مدعوماً بنمو القطاع غير النفطي الذي نما بواقع 4.2 في المائة، وفقاً لبيانات الهيئة العامة للإحصاء السعودية الصادرة الشهر الماضي.

زخم نمو الاقتصاد غير النفطي

وتوقعت «موديز» أن ينمو الناتج المحلي الإجمالي غير النفطي للقطاع الخاص بالسعودية بنسبة تتراوح بين 4 - 5 في المائة في السنوات المقبلة، والتي تعتبر من بين أعلى المعدلات في منطقة دول مجلس التعاون الخليجي، معتبرةً أنه دلالة على استمرار التقدم في التنوع الاقتصادي الذي سيقلل ارتباط اقتصاد المملكة بتطورات أسواق النفط.

وكان وزير المالية، محمد الجدعان، قال في منتدى «مبادرة مستقبل الاستثمار» الشهر الماضي إن القطاع غير النفطي بات يشكل 52 في المائة من الاقتصاد بفضل «رؤية 2030».

وقال وزير الاقتصاد فيصل الإبراهيم إنه «منذ إطلاق رؤية المملكة 2030 نما اقتصادنا غير النفطي بنسبة 20 في المائة، وشهدنا زيادة بنسبة 70 في المائة في الاستثمار الخاص في القطاعات غير النفطية، ومهد ذلك للانفتاح والمشاركات الكثيرة مع الأعمال والشركات والمستثمرين».

وأشارت «موديز» إلى أن التقدم في التنويع الاقتصادي إلى جانب الإصلاحات المالية السابقة كل ذلك أدى إلى وصول «الاقتصاد والمالية الحكومية في السعودية إلى وضع أقوى يسمح لهما بتحمل صدمة كبيرة في أسعار النفط مقارنة بعام 2015».

وتوقعت «موديز» أن يكون نمو الاستهلاك الخاص «قوياً»، حيث يتضمن تصميم العديد من المشاريع الجارية، بما في ذلك تلك الضخمة «مراحل تسويق من شأنها تعزيز القدرة على جانب العرض في قطاع الخدمات، وخاصة في مجالات الضيافة والترفيه والتسلية وتجارة التجزئة والمطاعم».

وبحسب تقرير «موديز»، تشير النظرة المستقبلية «المستقرة» إلى توازن المخاطر المتعلقة بالتصنيف على المستوى العالي، مشيرة إلى أن «المزيد من التقدم في مشاريع التنويع الكبيرة قد يستقطب القطاع الخاص ويُحفّز تطوير القطاعات غير الهيدروكربونية بوتيرة أسرع مما نفترضه حالياً».

النفط

تفترض «موديز» بلوغ متوسط ​​سعر النفط 75 دولاراً للبرميل في 2025، و70 دولاراً في الفترة 2026 - 2027، بانخفاض عن متوسط ​​يبلغ نحو 82 - 83 دولاراً للبرميل في 2023 - 2024.

وترجح وكالة التصنيف تمكّن السعودية من العودة لزيادة إنتاج النفط تدريجياً بدءاً من 2025، بما يتماشى مع الإعلان الأخير لمنظمة البلدان المصدرة للنفط وحلفائها «أوبك بلس».

وترى «موديز» أن «التوترات الجيوسياسية المتصاعدة في المنطقة، والتي لها تأثير محدود على السعودية حتى الآن، لن تتصاعد إلى صراع عسكري واسع النطاق بين إسرائيل وإيران مع آثار جانبية قد تؤثر على قدرة المملكة على تصدير النفط أو إعاقة استثمارات القطاع الخاص التي تدعم زخم التنويع». وأشارت في الوقت نفسه إلى أن الصراع الجيوسياسي المستمر في المنطقة يمثل «خطراً على التطورات الاقتصادية على المدى القريب».

تصنيفات سابقة

تجدر الإشارة إلى أن المملكة حصلت خلال العامين الحالي والماضي على عدد من الترقيات في تصنيفها الائتماني من الوكالات العالمية، والتي تأتي انعكاساً لاستمرار جهـود المملكـة نحـو التحـول الاقتصـادي فـي ظـل الإصلاحـات الهيكليـة المتبعـة، وتبنـّي سياسـات ماليـة تسـاهم فـي المحافظـة علـى الاستدامة الماليـة وتعزز كفـاءة التخطيـط المالي وقوة ومتانة المركز المالي للمملكة. ​

ففي سبتمبر (أيلول)، عدلت «ستاندرد آند بورز» توقعاتها للمملكة العربية السعودية من «مستقرة» إلى «إيجابية» على خلفية توقعات النمو القوي غير النفطي والمرونة الاقتصادية. وقالت إن هذه الخطوة تعكس التوقعات بأن تؤدي الإصلاحات والاستثمارات واسعة النطاق التي تنفذها الحكومة السعودية إلى تعزيز تنمية الاقتصاد غير النفطي مع الحفاظ على استدامة المالية العامة.

وفي فبراير (شباط) الماضي، أكدت وكالة «فيتش» تصنيفها الائتماني للمملكة عند «إيه +» مع نظرة مستقبلية «مستقرة».