روسيا توقف مناوراتها.. وتحث ألمانيا وفرنسا على حماية السلام الأوكراني

موسكو تتهم كييف بمحاولة إثارة العنف لتبرير تسلم أسلحة من الولايات المتحدة

مدني أمام مبنى دمره القصف في مدينة دونيتسك بشرق أوكرانيا أمس (ا.ب.ا)
مدني أمام مبنى دمره القصف في مدينة دونيتسك بشرق أوكرانيا أمس (ا.ب.ا)
TT

روسيا توقف مناوراتها.. وتحث ألمانيا وفرنسا على حماية السلام الأوكراني

مدني أمام مبنى دمره القصف في مدينة دونيتسك بشرق أوكرانيا أمس (ا.ب.ا)
مدني أمام مبنى دمره القصف في مدينة دونيتسك بشرق أوكرانيا أمس (ا.ب.ا)

أوقفت روسيا أمس مناوراتها العسكرية الاستثنائية التي حشدت لها أكثر من 80 ألف جندي وشكلت عرضا للقوة في أوج التوتر مع الغربيين في إطار الأزمة الأوكرانية، وطلبت من ناحية أخرى من ألمانيا وفرنسا التدخل لحماية السلام في أوكرانيا.
ونقلت وكالات الأنباء الروسية عن اللفتنانت جنرال اندري كارتابولوف قوله إن القوات المشاركة في المناورات «تلقت أمرا بالعودة إلى قواعدها الدائمة». وكان الرئيس فلاديمير بوتين أصدر يوم الاثنين الماضي أمرا بإجراء هذه التدريبات من البحر الأسود إلى المحيط الأطلسي مرورا بالقطب الشمالي، على أن تشمل نشر قاذفات نووية في القرم وصواريخ بالستية في كالينينغراد، الجيب الروسي في قلب أوروبا. وتهدف هذه المناورات الروسية، التي انتقدتها الدول الغربية المجاورة لروسيا بقوة، إلى أن تظهر للغربيين، وخصوصا لحلف شمال الأطلسي، أن روسيا مستعدة لكل السيناريوهات على خلفية الأزمة الأوكرانية، حسبما رأى خبراء.
واعتبر قائد القوات البرية للحلف الأطلسي الجنرال بين هودجز أن المناورات الروسية واسعة النطاق. وعزز الحلف الأطلسي في الآونة الأخيرة قدراته في أوروبا الشرقية لطمأنة جيران روسيا التي تتهمها كييف وحلفاؤها بإرسال قوات لدعم الانفصاليين الموالين لروسيا في شرق أوكرانيا. ونشر الحلف الأطلسي لمدة 3 أشهر 3 آلاف جندي أميركي في دول البلطيق وعزز الدفاع على جبهته الشرقية مع تشكيل قوة تضم نحو 5 آلاف رجل وقرر إقامة مركز قيادة في بلغاريا.
وإضافة لقرار وقف المناورات، ناشدت روسيا أيضا أمس ألمانيا وفرنسا، بالتدخل لدى كييف وحثها على عدم إثارة العنف في شرق أوكرانيا من أجل تشجيع الولايات المتحدة على إرسال أسلحة فتاكة إلى القوات الأوكرانية. وقال وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف في حديث للتلفزيون الروسي إنه قلق من أن أوكرانيا ربما تقوم «باستفزازات» لمحاولة إقناع الولايات المتحدة بمساعدتها عبر إرسال أسلحة فتاكة إليها. وأضاف قائلا «قد يحاول المحرضون في كييف إثارة شيء ما على أمل أن يؤثر ذلك في الرأي العام العالمي ومن ثم تتدفق الأسلحة على أوكرانيا. أنا مقتنع أنه يجب على برلين وباريس باعتبارهما أكثر الأطراف المؤثرة، الحيلولة دون حدوث أي تحول في مسار الأحداث». ووجه لافروف طلبه إلى باريس وبرلين على اعتبار أنهما لعبتا دورا مهما في رعاية اتفاق السلام الذي أبرمته أوكرانيا والانفصاليون في 12 فبراير (شباط) الماضي في العاصمة البيلاروسية مينسك. وجدد لافروف من ناحية أخرى معارضة بلاده لإرسال قوات حفظ سلام أممية إلى شرق أوكرانيا. وتبحث الولايات المتحدة ما إذا كانت ستقدم أسلحة فتاكة لأوكرانيا لكنها لم تتخذ أي قرار حتى الآن. وتتهم كييف موسكو بعدم تنفيذ بنود اتفاقات مينسك. وتقول كييف والغرب إن روسيا تدعم الانفصاليين في شرق أوكرانيا بأسلحة وقوات لكن موسكو تنفي ذلك.
ورغم تراجع المعارك في الشرق الأوكراني إلى حد كبير، أعلن الجيش الأوكراني أن جنديين حكوميين قتلا في هجمات شنها الانفصاليون خلال اليومين الماضيين. وتراجعت الاشتباكات بين القوات الحكومية الأوكرانية والانفصاليين بدرجة كبيرة خلال الأسابيع الثلاثة الأخيرة مما أنعش الآمال بنجاح اتفاق السلام، إلا أن الجيش الأوكراني قال إن هجمات الانفصاليين لا تزال مستمرة لاختبار وقف إطلاق النار الذي شمل مناطق واسعة من شرق البلاد منها منطقة قرب ماريوبول، المطلة على بحر ازوف، وهي إحدى البلدات الكبيرة الأخيرة التي ما زالت تخضع لسيطرة الحكومة.



ماسك يسحب دعمه لفاراج ويعزّز انتقاده للحكومة البريطانية

صورة تجمع نايجل فاراج وإيلون ماسك وتبدو خلفهما لوحة للرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (من حساب فاراج على إكس)
صورة تجمع نايجل فاراج وإيلون ماسك وتبدو خلفهما لوحة للرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (من حساب فاراج على إكس)
TT

ماسك يسحب دعمه لفاراج ويعزّز انتقاده للحكومة البريطانية

صورة تجمع نايجل فاراج وإيلون ماسك وتبدو خلفهما لوحة للرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (من حساب فاراج على إكس)
صورة تجمع نايجل فاراج وإيلون ماسك وتبدو خلفهما لوحة للرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (من حساب فاراج على إكس)

في تطور مفاجئ يعكس تدخلاً زائداً في السياسة البريطانية، دعا الملياردير الأميركي إيلون ماسك السياسي البريطاني نايجل فاراج إلى التنحي عن قيادة حزب الإصلاح اليميني.

وقال ماسك، الذي سيقود إدارة الكفاءة الحكومية بعد تنصيب الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، عبر منصته الاجتماعية «إكس» إن «حزب (الإصلاح) يحتاج إلى قائد جديد. فاراج لا يملك المقومات اللازمة». ويمثّل هذا التصريح انقلاباً في موقف ماسك، الذي صرّح مراراً بأن فاراج وحده قادر على «إنقاذ بريطانيا»، ونشر صورة معه الشهر الماضي. كما لمّح ماسك إلى احتمال تقديمه دعماً مالياً كبيراً لحزب «الإصلاح» لمساعدته في منافسة حزبي «العمال»، و«المحافظين» المهيمنيْن في بريطانيا، قد يصل إلى 100 مليون جنيه إسترليني (124 مليون دولار).

فاراج ينأى بنفسه

يشنّ ماسك منذ أسابيع حملة مكثفة ضد الحكومة البريطانية التي يقودها رئيس الوزراء العمالي كير ستارمر، الذي يتّهمه بتقييد حرية التعبير. كما يطالب ماسك بإطلاق سراح ستيفن ياكسلي - لينون، مؤسس رابطة الدفاع الإنجليزية اليمينية المتطرفة، المعروف باسم تومي روبنسون، والمناهض للهجرة وللإسلام. ويقضي روبنسون حالياً حكماً بالسجن لمدة 18 شهراً بتهمة ازدراء المحكمة.

ونأى فاراج بنفسه عن تصريحات أدلى بها ماسك دعماً لروبنسون. وقال زعيم حزب «الإصلاح» تعليقاً على أحد منشورات ماسك: «حسناً، هذا مفاجئ! إيلون شخصية استثنائية، لكنني للأسف أختلف معه في هذا. موقفي لا يزال أن تومي روبنسون غير مناسب لحزب (الإصلاح)، ولن أتخلى أبداً عن مبادئي».

ماسك «مخطئ في تقديره»

يستند ماسك في حملته ضد الحكومة البريطانية والإعلام التقليدي، والدعوات للإفراج عن روبنسون، إلى تعامل الحكومة مع فضيحة تاريخية تتعلق باستغلال الأطفال. وفي الأيام الأخيرة، شارك ماسك وتفاعل مع منشورات على منصته «إكس» تنتقد الحكومة البريطانية بعد رفضها الدعوة لإجراء تحقيق عام في فضيحة الاستغلال، بمدينة أولدهام شمال إنجلترا. كما اتّهم ماسك ستارمر بالفشل في تحقيق العدالة فيما يسميه البعض «عصابات الاغتصاب»، عندما كان مدير النيابة العامة بين عامي 2008 و2013. ووصف ماسك الفضائح بأنها تمثل «جريمة هائلة ضد الإنسانية».

وبينما وصف وزير الصحة، ويس ستريتنغ، آراء ماسك بأنها «مخطئة في تقديرها ومُضلّلة بالتأكيد»، إلا أنه دعا أغنى رجل في العالم والمقرب من الرئيس الأميركي المنتخب للعمل مع الحكومة في معالجة قضية الاستغلال الجنسي للأطفال. وقد جادلت الحكومة بأنه يجب على أولدهام أن تحذو حذو المدن الأخرى، وتُكلّف لجنة خاصة بها للتحقيق في الاعتداءات التاريخية التي طالت الفتيات بشكل رئيس.

وخلص تقرير صدر عام 2022، حول إجراءات حماية الأطفال في أولدهام بين عامي 2011 و2014، إلى أن الوكالات المحلية خذلت الأطفال، لكنه لم يجد أدلة على تستر رغم وجود «مخاوف مشروعة» من أن اليمين المتطرف سيستغل «الإدانات عالية المستوى لمجرمين من أصول باكستانية في جميع أنحاء البلاد».

وقال ستريتنغ، في مقابلة مع شبكة «آي تي في» الإخبارية إن الحكومة تأخذ قضية الاستغلال الجنسي للأطفال «على محمل الجد للغاية»، وإنها تدعم إجراء تحقيق في فضيحة أولدهام، لكن يجب أن يُدار محلياً. وأضاف: «بعض الانتقادات التي وجهها إيلون ماسك، أعتقد أنها خاطئة في تقديرها ومضللة بالتأكيد، لكننا مستعدون للعمل مع إيلون ماسك، الذي أعتقد أن له دوراً كبيراً يلعبه مع منصته الاجتماعية لمساعدتنا، والدول الأخرى، في معالجة هذه القضية الخطيرة. لذا، إذا أراد العمل معنا (...) فسوف نرحب بذلك».

مظاهرات اليمين المتطرّف

يبدي ماسك اهتماماً كبيراً بالمشهد السياسي البريطاني منذ فوز حزب «العمال» اليساري بأغلبية ساحقة في انتخابات يوليو (تموز) 2024، التي أنهت 14 عاماً من حكم المحافظين.

وقد أعاد ماسك نشر انتقادات لستارمر، ووسم TwoTierKeir - وهو اختصار لادعاء بأن بريطانيا لديها «نظام شرطة من مستويين»، حيث يتم التعامل مع المتظاهرين اليمينيين المتطرفين بشكل أكثر صرامة من المتظاهرين في قضايا دعم حقوق للفلسطينيين، أو حركة «حياة السود مهمة»، أو حتى قضايا حماية النساء من العنف.

كما قارن ماسك المحاولات البريطانية لمواجهة المعلومات المضللة عبر الإنترنت بممارسات الاتحاد السوفياتي، ووصل به الأمر إلى ترجيح اندلاع «حرب أهلية» في المملكة المتحدة خلال أعمال العنف المناهضة للمهاجرين، الصيف الماضي.

ودعا ماسك، يوم الجمعة، أيضاً إلى إجراء انتخابات عامة في المملكة المتحدة، بعد ستة أشهر فقط من الانتخابات الأخيرة. وكتب: «الشعب البريطاني لا يريد هذه الحكومة على الإطلاق. انتخابات جديدة»، ملتمساً الملك تشارلز الثالث لحلّ البرلمان.

غضب ألماني من تدخلات ماسك

تثير تدخلات ماسك الخارجية، ولا سيّما في أوروبا، غضباً متصاعداً. وقبل أيام، ندّد المستشار الألماني أولاف شولتس بـ«التصريحات المتنافرة» التي صدرت عن ماسك، وبدعم الأخير لحزب اليمين المتطرّف «البديل من أجل ألمانيا».

وفي مقابلة مع مجلّة «شتيرن»، صدرت السبت، عدّ شولتس أنه «لا بدّ من التسلّح بالهدوء» في وجه تصريحات ماسك، الذي نعت المسؤول الأميركي بـ«المجنون» في مطلع نوفمبر (تشرين الثاني)، و«المخبول غير الكفؤ» في 20 ديسمبر (كانون الأول) قبل أن يهاجم الرئيس الألماني فرنك - فالتر شتاينماير، واصفاً إيّاه بـ«الطاغية».

وقبل شهر ونصف الشهر من انتخابات تشريعية مبكرة في 23 فبراير (شباط)، قال المستشار الألماني: «في ألمانيا، تجري الأمور وفق إرادة المواطنين، لا وفق تصريحات متنافرة لملياردير أميركي». وشدّد شولتس في المقابلة على أن «الرئيس الألماني ليس طاغية مناهضاً للديمقراطية، وألمانيا ديمقراطية متينة ومستقرّة، مهما قال ماسك». وبالنسبة إلى المستشار الاشتراكي الديمقراطي، يُعدّ الدعم الذي يقدّمه ماسك لحزب «البديل من أجل ألمانيا»، الذي «يدعو إلى التقارب مع روسيا بوتين، ويريد إضعاف العلاقات الأوروبية - الأميركية، أكثر جدلية بكثير من إهاناته».

وأقرّ «البديل من أجل ألمانيا»، الذي يحتّل المرتبة الثانية في استطلاعات الآراء مع 19 في المائة من نيات التصويت، خلف المحافظين (33 في المائة)، في تصريحات لـ«دير شبيغل» بأنه على تواصل منتظم مع طاقم الملياردير الأميركي. وسيعقد ماسك (53 عاماً) دردشة مع الرئيسة المشاركة للحزب، أليس فايدل، عبر «إكس» الخميس المقبل. وقال شولتس، ردّاً على سؤال من مجلّة «شتيرن» حول نيّته دعوة ماسك إلى محادثة: «لا أظنّ أنه ينبغي خطب ودّ السيد ماسك. وأترك الأمر لعناية آخرين». وذكّر المستشار الألماني بأنه التقى إيلون ماسك في مارس (آذار) 2022، في مناسبة افتتاح مصنع «تسلا» في براندنبورغ قرب برلين، «في فترة كان الفرع المحلي لحزب (البديل من أجل ألمانيا) يحتجّ على إقامة المصنع».