الحوثيون يتجاهلون الموجة الثالثة من «كورونا»... والوفيات بالمئات

تجمع حوثي في صنعاء قبل أيام وسط تجاهل كامل لموجة «كورونا» الجديدة (إ.ب.أ)
تجمع حوثي في صنعاء قبل أيام وسط تجاهل كامل لموجة «كورونا» الجديدة (إ.ب.أ)
TT
20

الحوثيون يتجاهلون الموجة الثالثة من «كورونا»... والوفيات بالمئات

تجمع حوثي في صنعاء قبل أيام وسط تجاهل كامل لموجة «كورونا» الجديدة (إ.ب.أ)
تجمع حوثي في صنعاء قبل أيام وسط تجاهل كامل لموجة «كورونا» الجديدة (إ.ب.أ)

أفادت مصادر طبية يمنية بأن الموجة الثالثة من فيروس «كورونا» المستجد واصلت التفشي بشكل واسع في المناطق الخاضعة لسيطرة الميليشيات الحوثية، وأن الوفيات بالمئات في ظل تجاهل الميليشيات للوباء وعدم سماحها بتوزيع اللقاح وتخليها عن وسائل الحماية بما فيها تفكيك مراكز العزل.
وتتهم المصادر الطبية الجماعة المدعومة من إيران بالتكتم على حجم الكارثة التي اجتاحت ولا تزال مدناً عدة خاضعة لها، وسط تحذيرات أممية متتالية من تفشي الموجة الجديدة في بلد بات نصف مرافقه الضحية خارج الخدمة نتيجة الانقلاب والحرب التي افتعلتها الجماعة.
وأشارت المصادر الطبية، في حديثها مع «الشرق الأوسط»، إلى تصدر كل من صنعاء العاصمة ومحافظة إب على مدى الأسابيع القليلة الماضية قائمة مدن سيطرة الجماعة فيما يتعلق بحالات الوفيات والإصابات جراء الجائحة.
وذكرت أن إهمال سلطات الانقلاب في العاصمة المختطفة صنعاء، وتعمد مواصلة حجبها المعلومات كافة المتعلقة بحصيلة الضحايا جراء الجائحة، وغياب أي دور للتوعية واتخاذ التدابير الاحترازية من قبلها ومنعها دخول اللقاحات إلى مناطقها، كانت من أبرز الأسباب الرئيسية التي تقف وراء التفشي المتسارع للفيروس.
وفي وقت لا تزال فيه عشرات المنظمات الدولية تطلق تحذيراتها من كارثة تفشي الموجة الجديدة من «كورونا» في بلد يعاني انهياراً شبه كلي في منظومته الصحية، كشفت مصادر صحية في صنعاء عن ظهور مئات الإصابات الجديدة في أحياء ومناطق متفرقة من العاصمة.
وذكرت المصادر التي اشترطت عدم الكشف عن هويتها، لـ«الشرق الأوسط»، أن مشافي ومراكز صحية عدة في صنعاء استقبلت، خلال الأسبوعين الماضيين، المئات من الإصابات بأعراض الموجة الجديدة من «كورونا»، بالتزامن مع تسجيلها لعشرات الوفيات جراء الجائحة.
ويأتي تصاعد تفشي الوباء في ظل اللامبالاة من قِبل سلطات الجماعة الانقلابية التي ترفض حتى الآن كل الجهود الدولية لتوفير اللقاحات بمناطقها، وتمنع أي إجراءات احترازية لمواجهة الفيروس. وحمّلت المصادر الصحية الجماعة الحوثية مسؤولية التفشي المتسارع للفيروس، كما اتهمتها بمواصلة تقويض الجهود المحلية والدولية الرامية لتلافي حجم الكارثة وتزويد مدن سيطرتها باللقاحات ضد الجائحة.
وبحسب ما أفادت به المصادر، فإن الميليشيات عملت منذ أشهر على إغلاق المراكز كافة الخاصة بعلاج الحالات المصابة بفيروس «كورونا» والمراكز الأخرى المخصصة للعزل الصحي في صنعاء وإب وذمار وحجة والمحويت ومدن أخرى تحت سيطرتها، كما نهبت حقوق العاملين في تلك المراكز.
وفي محافظة إب (170 كيلومتراً جنوب صنعاء) ذكر أطباء وعاملون صحيون أن الفيروس ما زال يفتك بالعشرات من سكان المحافظة، وسط تعتيم حوثي مستمر ومتعمد ونظام صحي شبه منهار. وقال عاملون صحيون، لـ«الشرق الأوسط»، إن مئات المصابين بموجة «كورونا» الجديدة باتت تكتظ بهم المستوصفات والمراكز الصحية في مديريات عدة تابعة للمحافظة، بينما تم نقل عشرات الحالات الحرجة إلى مستشفيات حكومية وخاصة في مركز المحافظة، وفارق بعضهم الحياة بعد نقلهم بساعات نتيجة الإصابة.
وأكدت المصادر في محافظة إب تسجيل ما يزيد على 24 حالة وفاة جراء الإصابة بالموجة الثالثة من «كورونا» خلال أقل من أسبوع في مديريات القاعدة وذي السفال والمخادر والعدين وفرع العدين، وسط تعتيم وإنكار حوثي. وتوقعت أن يكون عدد الإصابات الفعلي في جميع مديريات ومراكز محافظة إب أعلى من ذلك بكثير.
وقادت الممارسات الحوثية المتكررة إلى انهيار القطاع الصحي في اليمن، وتدهور كبير للخدمات الصحية بالمستشفيات الحكومية، وتسببت بانتشار واسع لعدد من الأمراض والأوبئة الفتاكة.
ويأتي إمعان الميليشيات ومخاطرتها بصحة وحياة المدنيين في مناطق سيطرتها من جراء «كورونا» في وقت كانت اتهمت فيه منظمات دولية الجماعة بمواصلة حجب المعلومات المتعلقة بمخاطر الفيروس وتأثيره وتقويض الجهود الدولية لتوفير اللقاحات في المناطق الخاضعة لسيطرتها.
وقالت منظمة «هيومن رايتس ووتش»، في تقرير سابق، إن مسؤولين حوثيين سعوا إلى نشر معلومات مضللة حول الفيروس واللقاحات منذ بداية انتشار «كورونا» في اليمن. وقال التقرير: «بعد بدء الموجة الثانية من كورونا في اليمن في مارس (آذار) 2021، تضاعف عدد الحالات المؤكدة، إلا أن سلطات الحوثيين في صنعاء تتبع سياسة حجب البيانات عن الحالات والوفيات».
وأضاف: «لم تصل لقاحات إلى المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، ويجب اتخاذ خطوات فورية لتسهيل الجهود وتوفير اللقاحات في شمالي اليمن، ووقف نشر المعلومات المضللة حول الفيروس».
وأشار إلى أن «القرار المتعمد من سلطات الحوثيين بإخفاء العدد الحقيقي لحالات كورونا ومعارضتها للقاحات يهددان حياة اليمنيين». وقال إن «التظاهر بعدم وجود فيروس كورونا ليس استراتيجية لتخفيف المخاطر ولن يؤدي إلا إلى معاناة جماعية».
ولفت إلى أنه «نظراً لضعف نظام الرعاية الصحي في اليمن، على سلطات الحوثيين على الأقل ضمان الشفافية حتى يتمكن المدنيون الذين يعيشون في مناطقها من فهم حجم الوباء وتسهيل خطة تلقيح دولية تلبي الاحتياجات على الأرض».


مقالات ذات صلة

اتهامات للحوثيين بارتكاب 13 ألف انتهاك حقوقي في البيضاء خلال عشر سنوات

العالم العربي جانب من المؤتمر الصحافي الذي عقد بمحافظة مأرب عن انتهاكات جماعة الحوثي في البيضاء (سبأ)

اتهامات للحوثيين بارتكاب 13 ألف انتهاك حقوقي في البيضاء خلال عشر سنوات

كشف تقرير حقوقي يمني عن توثيق نحو 13 ألف انتهاك لحقوق الإنسان في محافظة البيضاء (وسط اليمن) ارتكبتها ميليشيا الحوثي خلال السنوات العشر الأخيرة

«الشرق الأوسط» (الرياض)
العالم العربي المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ خلال أحدث إحاطاته أمام مجلس الأمن (أ.ف.ب)

الأمم المتحدة لـ«الشرق الأوسط»: غروندبرغ ملتزم بالوساطة... والتسوية اليمنية

في أعقاب فرض عقوبات على قيادات حوثية، أكد مكتب المبعوث الأممي التزامه بمواصلة جهوده في الوساطة، والدفع نحو تسوية سلمية وشاملة للنزاع في اليمن.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
المشرق العربي الحوثيون يحكمون قبضتهم على مناطق شمال اليمن ويسخرون الموارد للتعبئة العسكرية (أ.ب)

عقوبات أميركية على قيادات حوثية

فرضت الولايات المتحدة عقوبات جديدة أمس على سبعة من كبار القادة الحوثيين المتحالفين مع إيران في اليمن.

علي ربيع (عدن)
المشرق العربي الأمم المتحدة تخطط للوصول إلى 12 مليون يمني بحاجة إلى المساعدة هذا العام (إ.ب.أ)

انعدام الأمن الغذائي يتفاقم في 7 محافظات يمنية

كشفت بيانات أممية عن تفاقم انعدام الأمن الغذائي في 7 من المحافظات اليمنية، أغلبها تحت سيطرة الجماعة الحوثية، وسط مخاوف من تبعات توقف المساعدات الأميركية.

محمد ناصر (تعز)
المشرق العربي الشراكات غير العادلة في أعمال الإغاثة تسبب استدامة الأزمة الإنسانية في اليمن (أ.ف.ب)

انتقادات يمنية لأداء المنظمات الإغاثية الأجنبية واتهامات بهدر الأموال

تهيمن المنظمات الدولية على صنع القرار وأعمال الإغاثة، وتحرم الشركاء المحليين من الاستقلالية والتطور، بينما تمارس منظمات أجنبية غير حكومية الاحتيال في المساعدات.

وضاح الجليل (عدن)

تجدد القتال في «سول»... هل يفاقم الصراع بين «أرض الصومال» و«بونتلاند»؟

رئيس أرض الصومال المُنتخب عبد الرحمن محمد عبد الله عرو (وكالة الأنباء الصومالية)
رئيس أرض الصومال المُنتخب عبد الرحمن محمد عبد الله عرو (وكالة الأنباء الصومالية)
TT
20

تجدد القتال في «سول»... هل يفاقم الصراع بين «أرض الصومال» و«بونتلاند»؟

رئيس أرض الصومال المُنتخب عبد الرحمن محمد عبد الله عرو (وكالة الأنباء الصومالية)
رئيس أرض الصومال المُنتخب عبد الرحمن محمد عبد الله عرو (وكالة الأنباء الصومالية)

تجدد القتال في «إقليم سول» يُحيي نزاعاً يعود عمره لأكثر من عقدين بين إقليمي «أرض الصومال» الانفصالي و«بونتلاند»، وسط مخاوف من تفاقم الصراع بين الجانبين؛ ما يزيد من تعقيدات منطقة القرن الأفريقي.

وبادر رئيس أرض الصومال، عبد الرحمن عرو، بالتعهد بـ«الدفاع عن الإقليم بيد ويد أخرى تحمل السلام»، وهو ما يراه خبراء في الشأن الأفريقي، لن يحمل فرصاً قريبة لإنهاء الأزمة، وسط توقعات بتفاقم النزاع، خصوصاً مع عدم وجود «نية حسنة»، وتشكك الأطراف في بعضها، وإصرار كل طرف على أحقيته بالسيطرة على الإقليم.

وأدان «عرو» القتال الذي اندلع، يوم الجمعة الماضي، بين قوات إدارتي أرض الصومال وإدارة خاتمة في منطقة بوقداركاين بإقليم سول، قائلاً: «نأسف للهجوم العدواني على منطقة سلمية، وسنعمل على الدفاع عن أرض الصومال بيد، بينما نسعى لتحقيق السلام بيد أخرى»، حسبما أورده موقع الصومال الجديد الإخباري، الأحد.

وجاءت تصريحات «عرو» بعد «معارك عنيفة تجددت بين الجانبين اللذين لهما تاريخ طويل من الصراع في المنطقة، حيث تبادلا الاتهامات حول الجهة التي بدأت القتال»، وفق المصدر نفسه.

ويعيد القتال الحالي سنوات طويلة من النزاع، آخرها في فبراير (شباط) 2023، عقب اندلاع قتال عنيف بين قوات إدارتي أرض الصومال وخاتمة في منطقة «بسيق»، وفي سبتمبر (أيلول) من العام نفسه، نشرت إدارة أرض الصومال مزيداً من قواتها على خط المواجهة الشرقي لإقليم سول، بعد توتر بين قوات ولايتي بونتلاند وأرض الصومال في «سول» في أغسطس (آب) 2022.

كما أودت اشتباكات في عام 2018 في الإقليم نفسه، بحياة عشرات الضحايا والمصابين والمشردين، قبل أن يتوصل المتنازعان لاتفاق أواخر العام لوقف إطلاق النار، وسط تأكيد ولاية بونتلاند على عزمها استعادة أراضيها التي تحتلها أرض الصومال بالإقليم.

ويوضح المحلل السياسي الصومالي، عبد الولي جامع بري، أن «النزاع في إقليم سول بين أرض الصومال وبونتلاند يعود إلى عام 2002، مع تصاعد الاشتباكات في 2007 عندما سيطرت أرض الصومال على لاسعانود (عاصمة الإقليم)»، لافتاً إلى أنه «في فبراير (شباط) 2023، تفاقم القتال بعد رفض زعماء العشائر المحلية حكم أرض الصومال، وسعيهم للانضمام إلى الحكومة الفيدرالية الصومالية؛ ما أدى إلى مئات القتلى، ونزوح أكثر من 185 ألف شخص».

ويرى الأكاديمي المختص في منطقة القرن الأفريقي، الدكتور علي محمود كلني، أن «الحرب المتجددة في منطقة سول والمناطق المحيطة بها هي جزء من الصراعات الصومالية، خصوصاً الصراع بين شعب إدارة خاتمة الجديدة، وإدارة أرض الصومال، ولا يوجد حتى الآن حل لسبب الصراع في المقام الأول»، لافتاً إلى أن «الكثير من الدماء والعنف السيئ الذي مارسه أهل خاتمة ضد إدارة هرجيسا وجميع الأشخاص الذين ينحدرون منها لا يزال عائقاً أمام الحل».

ولم تكن دعوة «عرو» للسلام هي الأولى؛ إذ كانت خياراً له منذ ترشحه قبل شهور للرئاسة، وقال في تصريحات نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي إن «سكان أرض الصومال وإقليم سول إخوة، ويجب حل الخلافات القائمة على مائدة المفاوضات».

وسبق أن دعا شركاء الصومال الدوليون عقب تصعيد 2023، جميع الأطراف لاتفاق لوقف فوري وغير مشروط لإطلاق النار، ووقتها أكد رئيس أرض الصومال الأسبق، موسى بيحي عبدي، أن جيشه لن يغادر إقليم سول، مؤكداً أن إدارته مستعدة للتعامل مع أي موقف بطريقة أخوية لاستعادة السلام في المنطقة.

كما أطلقت إدارة خاتمة التي تشكلت في عام 2012، دعوة في 2016، إلى تسوية الخلافات القائمة في إقليم سول، وسط اتهامات متواصلة من بونتلاند لأرض الصومال بتأجيج الصراعات في إقليم سول.

ويرى بري أن «التصعيد الحالي يزيد من التوترات في المنطقة رغم جهود الوساطة من إثيوبيا وقطر وتركيا ودول غربية»، لافتاً إلى أن «زعماء العشائر يتعهدون عادة بالدفاع عن الإقليم مع التمسك بالسلام، لكن نجاح المفاوضات يعتمد على استعداد الأطراف للحوار، والتوصل إلى حلول توافقية».

وباعتقاد كلني، فإنه «إذا اشتدت هذه المواجهات ولم يتم التوصل إلى حل فوري، فمن الممكن أن يؤدي ذلك إلى حدوث اشتباك بين قوات إدارتي أرض الصومال وبونتلاند، الذين يشككون بالفعل في بعضهم البعض، ولديهم العديد من الاتهامات المتبادلة، وسيشتد الصراع بين الجانبين في منطقة سناغ التي تحكمها الإدارتان، حيث يوجد العديد من القبائل المنحدرين من كلا الجانبين».

ويستدرك: «لكن قد يكون من الممكن الذهاب إلى جانب السلام والمحادثات المفتوحة، مع تقديم رئيس أرض الصومال عدداً من المناشدات من أجل إنهاء الأزمة»، لافتاً إلى أن تلك الدعوة تواجَه بتشكيك حالياً من الجانب الآخر، ولكن لا بديل عنها.