السيسي يتعهد بـ«ميكنة المعاملات» لمواجهة «الفساد»

أكد فرض معايير جديدة لضبط جودة السلع المستوردة

TT

السيسي يتعهد بـ«ميكنة المعاملات» لمواجهة «الفساد»

تعهد الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، أمس، بالمضي في خطة موسعة لميكنة المعاملات في الأنشطة المختلفة بتكلفة تقدر بنحو مائة مليار جنيه (الدولار 15.7 جنيه تقريباً)، وذلك بهدف تحييد العامل البشري ومواجهة «الفساد». وأشار السيسي، خلال افتتاحه، أمس، لعملية تطوير ميناء الإسكندرية البحري ومرافقه، إلى أن بلاده «تتجه لميكنة جميع الإجراءات الضريبية والجمركية بشكل كامل بحلول مارس (آذار) 2022، بهدف تسهيل العمل والإجراءات، وتحقيق أكبر قدر من الشفافية والأداء، والحد من الفساد». وأكد السيسي على أن «الدولة ستوفر جميع التسهيلات اللازمة للمستوردين إلى جانب تطوير وتجهيز الموانئ وميكنة المنظومة المالية بشكل كامل»، معتبراً أن «معاناة المستثمرين ستنتهي حال إنجاز الميكنة الكاملة في مصر التي يعيش بها أكثر من 100 مليون نسمة». ومع إشارته للتسهيلات التي تمضي الحكومة في منحها وطرحها للمستثمرين والمستوردين، قال السيسي إن «لن يتم السماح بدخول أي بضائع إلى مصر إلا وفقاً للمعايير الأوروبية، وأنه لن يتم استيراد بضائع دون المستوى؛ ليشتري المواطن احتياجاته باطمئنان إزاء جودتها». وتابع: «الدولة الآن لها مسار مختلف عما قبل، حيث تهدف إلى امتلاك مقومات اقتصادية حقيقية، والاستفادة من موقعها الجغرافي، ونتدخل لحل جميع المشكلات المتعلقة بإقامة المشروعات الكبرى وتوسيعها وتطويرها مثل نزع الملكية وتعويض المواطنين، وهو الأمر الذي ينهي أي مشروع في مدى زمني محدد له مع تقليل التكلفة؛ وهو عكس ما كانت تقوم به الدولة في السابق، وعلى مدى سنوات طويلة، حيث كانت الدولة تطلب دخول المستثمرين لتطوير المشروعات». وخلال عرض وزير النقل، كامل الوزير، لمخطط توسعة وتطوير ميناء الإسكندرية الذي يتطلب إخلاء بعض المناطق السكنية، استوقفه السيسي، مطالباً بصرف «تعويضات جيدة» للمتضررين، وقال: «الميناء يجب أن يكون ظهيره الخلفي مؤمناً تماماً». وشرح السيسي أن الحكومة «تعتمد على الشركات المصرية في تطوير الموانئ»، معتبراً أن «الأموال التي تنفق تعود مجدداً إلى المصريين». وبشأن خطة تطوير ميناء الإسكندرية، قال إنه «يتكلف ما بين 25 ملياراً إلى 30 مليار جنيه، والدولة تنفذ مشاريعها راهناً بنفسها وتعتمد على التمويل الذاتي في تنفيذ المشاريع الجديدة». وسعى السيسي للطمأنة بشأن معدلات الدين العام للدولة، وقال إن «هناك قراراً اتخذته الحكومة في عام 2005 بالحفاظ على عدم زيادة الدين العام، لكن النتائج كانت سلبية في ظل زيادة النمو السكاني وزيادة حجم الطلب على التشغيل، والحاجة إلى المحافظة على مكانة مصر الإقليمية». وواصل: «الدولة أعادت تقييم هذا المسار، وقررت أن تتولى إنشاء المشاريع الجديدة وعمليات التطوير حتى تكون هذه المشاريع ملكاً للدولة»، واستدرك: «هذا لا يعني الاستغناء عن المستثمرين، ودورهم في عمليتي الإنشاء والتطوير، لكن هذه السياسة جعلت المشاريع الضخمة التي تقوم بها الدولة، ملكاً لها، ولها حق الإدارة الكاملة».



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».