تفاهم بين «سدايا» و«شؤون الحرمين» لتعظيم الاستفادة من الذكاء الاصطناعي

من خلال توفير الحلول والخدمات والمنتجات الرقمية

جانب من توقيع مذكرة التفاهم افتراضياً (الشرق الأوسط)
جانب من توقيع مذكرة التفاهم افتراضياً (الشرق الأوسط)
TT

تفاهم بين «سدايا» و«شؤون الحرمين» لتعظيم الاستفادة من الذكاء الاصطناعي

جانب من توقيع مذكرة التفاهم افتراضياً (الشرق الأوسط)
جانب من توقيع مذكرة التفاهم افتراضياً (الشرق الأوسط)

وقعت الهيئة السعودية للبيانات والذكاء الاصطناعي «سدايا» و«رئاسة شؤون الحرمين»، اليوم (الثلاثاء)، مذكرة تفاهم بشأن توفير الحلول وتطوير الخدمات والمنتجات الرقمية الذكية والآمنة، لإبراز جهود المملكة في خدمة الحرمين الشريفين.
وتضع المذكرة إطاراً عاماً لأنشطة التعاون بين الجهتين في المجالات المشتركة، وتعملان بموجبها في عدة مشاريع تشمل المساهمة في رفع مستوى الخدمات الرقمية المقدمة في الحرمين الشريفين، وتقديم الدعم الفني والتقني في الشبكة الحكومية الآمنة، وتقديم التدريب والتطوير والاستشارات في مجال البيانات وتقنية المعلومات، وتطوير أبحاث الذكاء الاصطناعي في الحرمين الشريفين.
من جانبه، قال رئيس «سدايا»، الدكتور عبد الله بن شرف الغامدي، إن هذا التعاون سيسهم في تحقيق الاستفادة القصوى من البيانات والذكاء الاصطناعي لدعم الجهود التي تبذلها القيادة لخدمة الحرمين الشريفين وقاصديهما، مبيناً أن المذكرة تأتي في إطار السعي إلى تحقيق التعاون والتكامل بين الجهات الحكومية للاستفادة من البيانات والذكاء الاصطناعي لدعمها نحو التحول الرقمي وتطوير الأبحاث والابتكارات وتطوير الكوادر الوطنية في هذا المجال لخدمة ضيوف الرحمن، حيث يحظى هذا التوجه بدعم ولي العهد الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز رئيس مجلس إدارة الهيئة؛ لتحقيق الريادة العالمية في هذا المجال بما يدعم مخرجات «رؤية 2030».
وأشاد الغامدي بالتعاون القائم بين الطرفين والذي أسهم في دعم الجهود الحكومية لتحقيق العودة الآمنة لأداء الشعائر والصلوات في الحرمين الشريفين وفق الإجراءات الاحترازية لمنع تفشي فيروس «كورونا».
من جهته، أكد الرئيس العام لـ«شؤون الحرمين الشريفين»، الدكتور عبد الرحمن السديس، أن النقلة التطويرية والنوعية للرئاسة تجاه تسخير التقنية والذكاء الاصطناعي ستسهم في تسريع عجلة الخدمات المقدمة لقاصدي الحرمين الشريفين، وتطوير كافة الاستراتيجيات في شتى المجالات، لا سيما عند تعزيز التعاون مع الجهات ذات العلاقة كـ«سدايا»، والمؤسسات الحكومية الأخرى، وتقديم الدراسات المتخصصة، والاستشارات المتفحصة من أجل تقديم أرقى الخدمات لضيوف الرحمن على مدار العام.
واستعرض عدداً من التقنيات المستحدثة منها الروبوت الذكي لتوزيع عبوات ماء زمزم دون تلامس أو إعاقة لحركة القاصدين، و12 روبوتاً للتعقيم داخل المسجد الحرام، وشاشات تفاعلية لعرض خرائط الإرشاد المكاني للحرم المكي وساحاته ومرافقه المندرجة ضمن خطة تطوير ورفع جودة النظام الإرشادي له، والتي تتيح عرض البيانات بأكثر من ست لغات رئيسية بما يتماشى مع التنوع الثقافي والمعرفي لدى زواره.
وأشار الدكتور السديس إلى أن الرئاسة تقدم 87 خدمة إلكترونية في دليل الخدمات الرقمية، موضحاً أن المشاريع الرقمية تركز على محورين هما: بناء الإنسان، ويشمل الجانب العلمي والتوجيهي الرقمي والعالم الرقمي والترجمة الفورية، والآخر تنمية المكان، ويضم الحرم الذكي والبنى التحتية الرقمية، مشيراً إلى تنفيذ مشاريع أخرى منها المكتبة الرقمية، والواقع الافتراضي للمسجد الحرام، ومنصة التدريب المتكامل، والشاشات الإلكترونية، والتعليم الإلكتروني بمعهد الحرم المكي والمواد الصوتية لمقرراته، والروبوت التوجيهي، والبنية التحتية، ورقمنة المواد الصوتية، والمطوف الذكي، ومقرأة الحرمين للقرآن الكريم والتي تقدم الخدمات للحفظة والقراء في جميع أنحاء العالم.



«الجمل عبر العصور»... يجيب بلوحاته عن كل التساؤلات

جانب من المعرض (الشرق الأوسط)
جانب من المعرض (الشرق الأوسط)
TT

«الجمل عبر العصور»... يجيب بلوحاته عن كل التساؤلات

جانب من المعرض (الشرق الأوسط)
جانب من المعرض (الشرق الأوسط)

يجيب معرض «الجمل عبر العصور»، الذي تستضيفه مدينة جدة غرب السعودية، عن كل التساؤلات لفهم هذا المخلوق وعلاقته الوطيدة بقاطني الجزيرة العربية في كل مفاصل الحياة منذ القدم، وكيف شكّل ثقافتهم في الإقامة والتّرحال، بل تجاوز ذلك في القيمة، فتساوى مع الماء في الوجود والحياة.

الأمير فيصل بن عبد الله والأمير سعود بن جلوي خلال افتتاح المعرض (الشرق الأوسط)

ويخبر المعرض، الذي يُنظَّم في «مركز الملك عبد العزيز الثقافي»، عبر مائة لوحة وصورة، ونقوش اكتُشفت في جبال السعودية وعلى الصخور، عن مراحل الجمل وتآلفه مع سكان الجزيرة الذين اعتمدوا عليه في جميع أعمالهم. كما يُخبر عن قيمته الاقتصادية والسياسية والاجتماعية لدى أولئك الذين يمتلكون أعداداً كبيرة منه سابقاً وحاضراً. وهذا الامتلاك لا يقف عند حدود المفاخرة؛ بل يُلامس حدود العشق والعلاقة الوطيدة بين المالك وإبله.

الجمل كان حاضراً في كل تفاصيل حياة سكان الجزيرة (الشرق الأوسط)

وتكشف جولة داخل المعرض، الذي انطلق الثلاثاء تحت رعاية الأمير خالد الفيصل مستشار خادم الحرمين الشريفين أمير منطقة مكة المكرمة؛ وافتتحه نيابة عنه الأمير سعود بن عبد الله بن جلوي، محافظ جدة؛ بحضور الأمير فيصل بن عبد الله بن محمد بن عبد العزيز، رئيس مجلس أمناء شركة «ليان الثقافية»؛ وأمين محافظة جدة صالح التركي، عن تناغم المعروض من اللوحات والمجسّمات، وتقاطع الفنون الثلاثة: الرسم بمساراته، والتصوير الفوتوغرافي والأفلام، والمجسمات، لتصبح النُّسخة الثالثة من معرض «الجمل عبر العصور» مصدراً يُعتمد عليه لفهم تاريخ الجمل وارتباطه بالإنسان في الجزيرة العربية.

لوحة فنية متكاملة تحكي في جزئياتها عن الجمل وأهميته (الشرق الأوسط)

وفي لحظة، وأنت تتجوّل في ممرات المعرض، تعود بك عجلة الزمن إلى ما قبل ميلاد النبي عيسى عليه السلام، لتُشاهد صورة لعملة معدنية للملك الحارث الرابع؛ تاسع ملوك مملكة الأنباط في جنوب بلاد الشام، راكعاً أمام الجمل، مما يرمز إلى ارتباطه بالتجارة، وهي شهادة على الرّخاء الاقتصادي في تلك الحقبة. تُكمل جولتك فتقع عيناك على ختمِ العقيق المصنوع في العهد الساساني مع الجمل خلال القرنين الثالث والسابع.

ومن المفارقات الجميلة أن المعرض يقام بمنطقة «أبرق الرغامة» شرق مدينة جدة، التي كانت ممراً تاريخياً لطريق القوافل المتّجهة من جدة إلى مكة المكرمة. وزادت شهرة الموقع ومخزونه التاريخي بعد أن عسكر على أرضه الملك عبد العزيز - رحمه الله - مع رجاله للدخول إلى جدة في شهر جمادى الآخرة - ديسمبر (كانون الأول) من عام 1952، مما يُضيف للمعرض بُعداً تاريخياً آخر.

عملة معدنية تعود إلى عهد الملك الحارث الرابع راكعاً أمام الجمل (الشرق الأوسط)

وفي حديث لـ«الشرق الأوسط»، قال الأمير فيصل بن عبد الله، رئيس مجلس أمناء شركة «ليان الثقافية»: «للشركة رسالة تتمثّل في توصيل الثقافة والأصالة والتاريخ، التي يجهلها كثيرون، ويشكّل الجمل جزءاً من هذا التاريخ، و(ليان) لديها مشروعات أخرى تنبع جميعها من الأصالة وربط الأصل بالعصر»، لافتاً إلى أن هناك فيلماً وثائقياً يتحدّث عن أهداف الشركة.

ولم يستبعد الأمير فيصل أن يسافر المعرض إلى مدن عالمية عدّة لتوصيل الرسالة، كما لم يستبعد مشاركة مزيد من الفنانين، موضحاً أن المعرض مفتوح للمشاركات من جميع الفنانين المحليين والدوليين، مشدّداً على أن «ليان» تبني لمفهوم واسع وشامل.

نقوش تدلّ على أهمية الجمل منذ القدم (الشرق الأوسط)

وفي السياق، تحدّث محمد آل صبيح، مدير «جمعية الثقافة والفنون» في جدة، لـ«الشرق الأوسط» عن أهمية المعرض قائلاً: «له وقعٌ خاصٌ لدى السعوديين؛ لأهميته التاريخية في الرمز والتّراث»، موضحاً أن المعرض تنظّمه شركة «ليان الثقافية» بالشراكة مع «جمعية الثقافة والفنون» و«أمانة جدة»، ويحتوي أكثر من مائة عملٍ فنيّ بمقاييس عالمية، ويتنوع بمشاركة فنانين من داخل المملكة وخارجها.

وأضاف آل صبيح: «يُعلَن خلال المعرض عن نتائج (جائزة ضياء عزيز ضياء)، وهذا مما يميّزه» وتابع أن «هذه الجائزة أقيمت بمناسبة (عام الإبل)، وشارك فيها نحو 400 عمل فني، ورُشّح خلالها 38 عملاً للفوز بالجوائز، وتبلغ قيمتها مائة ألف ريالٍ؛ منها 50 ألفاً لصاحب المركز الأول».

الختم الساساني مع الجمل من القرنين الثالث والسابع (الشرق الأوسط)

وبالعودة إلى تاريخ الجمل، فهو محفور في ثقافة العرب وإرثهم، ولطالما تغنّوا به شعراً ونثراً، بل تجاوز الجمل ذلك ليكون مصدراً للحكمة والأمثال لديهم؛ ومنها: «لا ناقة لي في الأمر ولا جمل»، وهو دلالة على أن قائله لا يرغب في الدخول بموضوع لا يهمّه. كما قالت العرب: «جاءوا على بكرة أبيهم» وهو مثل يضربه العرب للدلالة على مجيء القوم مجتمعين؛ لأن البِكرة، كما يُقال، معناها الفتيّة من إناث الإبل. كذلك: «ما هكذا تُورَد الإبل» ويُضرب هذا المثل لمن يُقوم بمهمة دون حذق أو إتقان.

زائرة تتأمل لوحات تحكي تاريخ الجمل (الشرق الأوسط)

وذُكرت الإبل والجمال في «القرآن الكريم» أكثر من مرة لتوضيح أهميتها وقيمتها، كما في قوله: «أَفَلا يَنْظُرُونَ إِلَى الإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ» (سورة الغاشية - 17). وكذلك: «وَلَكُمْ فِيهَا جَمَالٌ حِينَ تُرِيحُونَ وَحِينَ تَسْرَحُونَ» (سورة النحل - 6)... وجميع الآيات تُدلّل على عظمة الخالق، وكيف لهذا المخلوق القدرة على توفير جميع احتياجات الإنسان من طعام وماء، والتنقل لمسافات طويلة، وتحت أصعب الظروف.