اليمن يرهن السلام مع الحوثيين بـ«المرجعيات الثلاث»

تنديد حكومي بانتهاكات الميليشيات في مأرب وتشديد على التصدي للهجمات

وزير الخارجية اليمني ونظيرته الهولندية قبل محادثاتهما في لاهاي أمس (سبأ)
وزير الخارجية اليمني ونظيرته الهولندية قبل محادثاتهما في لاهاي أمس (سبأ)
TT

اليمن يرهن السلام مع الحوثيين بـ«المرجعيات الثلاث»

وزير الخارجية اليمني ونظيرته الهولندية قبل محادثاتهما في لاهاي أمس (سبأ)
وزير الخارجية اليمني ونظيرته الهولندية قبل محادثاتهما في لاهاي أمس (سبأ)

على وقع تصاعد الهجمات الحوثية على محافظة مأرب (شرق صنعاء) وتسبب القصف بنزوح مئات الأسر، جددت الحكومة اليمنية، أمس (الاثنين)، تمكسها بالمرجعيات الثلاث لإحلال السلام مع الانقلابيين المدعومين من إيران، مبدية استعدادها للتعاون البناء مع المبعوث الأممي الجديد هانس غروندبرغ.
التصريحات الحكومية جاءت على لسان وزير الخارجية وشؤون المغتربين أحمد عوض بن مبارك خلال لقائه في لاهاي وزيرة الخارجية الهولندية سيغريد كاخ، غداة تصريحات للرئيس عبد ربه منصور هادي شدد فيها على استمرار العمليات العسكرية والتصدي للهجمات المستمرة في محافظة مأرب.
وبحسب ما أفادت به المصادر الرسمية، استعرض بن مبارك مع الوزيرة الهولندية جهود الأمم المتحدة لإحلال السلام وإنهاء انقلاب ميليشيات الحوثي بناءً على المرجعيات الثلاث المتفق عليها، مؤكداً رغبة الحكومة اليمنية في التعاون البناء مع المبعوث الأممي الجديد.
وتعني الحكومة اليمنية بالمرجعيات الثلاث: المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية، ومخرجات مؤتمر الحوار الوطني الشامل، وقرارات مجلس الأمن الدولي ذات الصلة وفي صدارتها القرار 2216. ونقلت وكالة «سبأ» أن الوزير بن مبارك «جدد التأكيد على ضرورة قيام المجتمع الدولي بإجراءات صارمة لوضع حد لتعنت الميليشيات الحوثية ورفضها للجهود كافة الهادفة إلى تحقيق السلام، واستمرار عدوانها على الشعب اليمني وزعزعتها لاستقرار المنطقة وأمنها».
وأشار وزير الخارجية اليمني إلى «استمرار الهجمات الإرهابية الحوثية على محافظة مأرب والمناطق المحيطة بها والتي تسببت بسقوط العديد من الضحايا المدنيين، خصوصاً من النساء والأطفال، فضلاً عن القيود التي تفرضها الميليشيات على إيصال المواد الغذائية والطبية والوقود للمواطنين الساكنين في المناطق الواقعة تحت سيطرتها، الأمر الذي يفاقم من الحالة الإنسانية المتدهورة أصلاً». ونسبت المصادر الرسمية إلى الوزيرة الهولندية أنها «أكدت على أهمية استئناف عملية المفاوضات في سبيل إيجاد حلول سلمية للصراع في اليمن» وأنها عبرت عن «قلق بلادها البالغ إزاء قضية خزان صافر العائم والذي يتطلب معالجة فورية تجنباً لكارثة بيئية ستؤثر على اليمن والمنطقة».
وكان وزير الخارجية اليمني بدأ قبل أيام جولة تشمل عدداً من الدول الأوروبية مستهلاً إياها بالنرويج، في سياق سعي الحكومة للبحث عن ضغوط على الحوثيين تدفعهم لوقف التصعيد والاستجابة لدعوات السلام.
وفي وقت تواصل فيه الميليشيات الحوثية هجماتها على مناطق متفرقة في جنوب مأرب وغربها وشمالها الغربي، كان الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي استقبل في مقر إقامته في الرياض وزيري الدفاع والداخلية بحضور نائبه علي محسن الأحمر لـ«الوقوف على مستجدات الأوضاع الميدانية والعسكرية»، وفق ما أفادت به المصادر الرسمية.
وقالت وكالة «سبأ» إن هادي «حض الجميع على تشديد الضبط والربط العسكري وإيلاء الجيش جل الرعاية والاهتمام»، وأكد على «دعم الدولة بمختلف مقدراتها وإمكاناتها لتحقيق أمن واستقرار البلاد ودحر قوى التمرد والانقلاب». كما وعد بأن حشود الميليشيات الحوثية سيكون مصيرها الفشل، مشدداً على «أهمية مواصلة العمليات العسكرية لتخليص البلاد من شرور العصابة الانقلابية».
في السياق نفسه، ذكرت المصادر أن رئيس الحكومة معين عبد الملك رأس اجتماعاً لمجلس الوزراء، وندد بالهجوم الحوثي على قاعدة العند العسكرية، وبالتصعيد الممنهج ضد المدنيين والنازحين في مأرب وباستهداف الأعيان المدنية في المملكة العربية السعودية.
ووصف عبد الملك هجمات الحوثيين بـ«الخطر الوجودي... الذي لا يستهدف اليمن فحسب، وإنما المنطقة العربية وأمن واستقرار الملاحة الدولية». وقال إن «التصعيد المتعمد من قبل ميليشيا الحوثي بما في ذلك استهداف الأعيان المدنية في المملكة، والتهديدات بتوسيع جرائمها وحربها في كل اليمن، وبالتزامن مع تولي المبعوث الأممي الجديد مهام عمله، رسالة واضحة على أن السلام لم يكن يوماً ضمن خياراتها، وأنها متماهية مع المشروع الإيراني التصعيدي في المنطقة».
وشدد اجتماع الحكومة اليمنية على أن إرهاب الميليشيات الحوثية وتصعيدها يستدعي «توحيد ورسم أولويات الحكومة وكل القوى السياسية والمجتمعية المنضوية في إطار الشرعية، والتحالف الداعم لها، باتجاه هزيمة هذه الميليشيا الإرهابية الدموية واستكمال استعادة الدولة وإنهاء الانقلاب».
وأشارت الحكومة اليمنية في اجتماعها إلى أن «الجميع ممن هم تحت مظلة الشرعية الدستورية أمام مفترق طرق وتحدٍ حقيقي للوقوف جدياً لإنقاذ الوطن والشعب ودول الجوار والمنطقة من الخطر الوجودي للمشروع الحوثي الإيراني». وتعهدت الحكومة أن تكرس «كل الجهود والإمكانيات، في سبيل هزيمة الجماعة الحوثية والقضاء على مشروعها الظلامي العنصري واستكمال استعادة الدولة».
يشار إلى أن الميليشيات الحوثية كانت صعدت من هجماتها منذ أكثر من أسبوع في عموم جبهات مأرب، وأدى القصف الصاروخي والمدفعي إلى نزوح مئات الأسر من مديرية رحبة إلى مناطق آمنة.
وفي معرض تعليقه على هذه الهجمات الحوثية، اتهم وزير الإعلام اليمني معمر الإرياني الميليشيات بارتكاب «أعمال انتقامية وجرائم مروعة بحق المدنيين» في مديرية رحبة. وقال الإرياني في تصريح رسمي إن «ميليشيا الحوثي تقصف عشوائياً القرى والمنازل ومخيمات النزوح في مديرية رحبة بالأسلحة الثقيلة والصواريخ الباليستية والطائرات المسيرة، بهدف الإيقاع بأكبر قدر من الضحايا».
وطالب المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمبعوثين الأممي والأميركي «بإدانة هذه الجرائم والانتهاكات، والضغط على ميليشيا الحوثي لوقف استهدافها المتعمد للمدنيين».



«الصحة العالمية» تحذّر من «نقص حادّ» في المواد الأساسية بشمال قطاع غزة

منظمة الصحة العالمية تطالب إسرائيل بالسماح بإدخال مزيد من المساعدات إلى غزة (أ.ب)
منظمة الصحة العالمية تطالب إسرائيل بالسماح بإدخال مزيد من المساعدات إلى غزة (أ.ب)
TT

«الصحة العالمية» تحذّر من «نقص حادّ» في المواد الأساسية بشمال قطاع غزة

منظمة الصحة العالمية تطالب إسرائيل بالسماح بإدخال مزيد من المساعدات إلى غزة (أ.ب)
منظمة الصحة العالمية تطالب إسرائيل بالسماح بإدخال مزيد من المساعدات إلى غزة (أ.ب)

حذّرت منظمة الصحة العالمية، اليوم الخميس، من أنّ قطاع غزة، ولا سيّما شطره الشمالي، يعاني نقصاً حادّاً في الأدوية والأغذية والوقود والمأوى، مطالبة إسرائيل بالسماح بدخول مزيد من المساعدات إليه، وتسهيل العمليات الإنسانية فيه.

ووفقاً لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، وصفت المنظمة الأممية الوضع على الأرض بأنه «كارثي».

وقال المدير العام للمنظمة تيدروس أدهانوم غيبريسوس إنه عندما اندلعت الحرب في غزة، قبل أكثر من عام في أعقاب الهجوم غير المسبوق الذي شنّته حركة «حماس» على جنوب إسرائيل، في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023، لجأ تقريباً جميع الذين نزحوا بسبب النزاع إلى مبان عامة أو أقاموا لدى أقارب لهم.

وأضاف، في مؤتمر صحافي بمقرّ المنظمة في جنيف: «الآن، يعيش 90 في المائة منهم في خيم».

وأوضح أن «هذا الأمر يجعلهم عرضة لأمراض الجهاز التنفّسي وغيرها، في حين يتوقّع أن يؤدّي الطقس البارد والأمطار والفيضانات إلى تفاقم انعدام الأمن الغذائي وسوء التغذية».

وحذّر تيدروس من أن الوضع مروِّع بشكل خاص في شمال غزة، حيث بدأ الجيش الإسرائيلي عملية واسعة، مطلع أكتوبر الماضي.

وكان تقريرٌ أُعِدّ بدعم من الأمم المتّحدة قد حذّر، في وقت سابق من هذا الشهر، من أن شبح المجاعة يخيّم على شمال قطاع غزة؛ حيث اشتدّ القصف والمعارك، وتوقّف وصول المساعدات الغذائية بصورة تامة تقريباً.

وقام فريق من منظمة الصحة العالمية وشركائها، هذا الأسبوع، بزيارة إلى شمال قطاع غزة استمرّت ثلاثة أيام، وجالَ خلالها على أكثر من 12 مرفقاً صحياً.

وقال تيدروس إن الفريق رأى «عدداً كبيراً من مرضى الصدمات، وعدداً متزايداً من المصابين بأمراض مزمنة الذين يحتاجون إلى العلاج». وأضاف: «هناك نقص حادّ في الأدوية الأساسية».

ولفت المدير العام إلى أن منظمته «تفعل كلّ ما في وسعها - كلّ ما تسمح لنا إسرائيل بفعله - لتقديم الخدمات الصحية والإمدادات».

من جهته، قال ريك بيبركورن، ممثّل منظمة الصحة العالمية في الأراضي الفلسطينية، للصحافيين، إنّه من أصل 22 مهمّة إلى شمال قطاع غزة، قدّمت طلبات بشأنها، في نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي، جرى تسهيل تسع مهام فقط.

وأضاف أنّه من المقرّر أن تُجرى، السبت، مهمّة إلى المستشفيين الوحيدين، اللذين ما زالا يعملان «بالحد الأدنى» في شمال قطاع غزة؛ وهما مستشفى كمال عدوان ومستشفى العودة، معرباً عن أمله في ألا تحدث عرقلة لهذه المهمة.

وقال بيبركورن إنّ هذين المستشفيين «بحاجة إلى كل شيء»، ويعانيان بالخصوص نقصاً شديداً في الوقود، محذراً من أنّه «دون وقود لا توجد عمليات إنسانية على الإطلاق».

وفي الجانب الإيجابي، قال بيبركورن إنّ منظمة الصحة العالمية سهّلت، هذا الأسبوع، إخلاء 17 مريضاً من قطاع غزة إلى الأردن، يُفترض أن يتوجه 12 منهم إلى الولايات المتحدة لتلقّي العلاج.

وأوضح أن هؤلاء المرضى هم من بين نحو 300 مريض تمكنوا من مغادرة القطاع منذ أن أغلقت إسرائيل معبر رفح الحدودي الرئيسي في مطلع مايو (أيار) الماضي.

لكنّ نحو 12 ألف مريض ما زالوا ينتظرون، في القطاع، إجلاءهم لأسباب طبية، وفقاً لبيبركورن الذي طالب بتوفير ممرات آمنة لإخراج المرضى من القطاع.

وقال: «إذا استمررنا على هذا المنوال، فسوف نكون مشغولين، طوال السنوات العشر المقبلة».