مرشحو الانتخابات العراقية يغرون الناخبين بـ«الولائم والأموال»

في ظل غياب البرامج الانتخابية والسياسية الحقيقية

TT

مرشحو الانتخابات العراقية يغرون الناخبين بـ«الولائم والأموال»

يتفق غالبية العراقيين وعلى المستويين الرسمي والشعبي، على مسألة غياب البرامج الانتخابية والسياسية الحقيقية من أجندات الكتل والأحزاب والشخصيات التي ستخوض السباق الانتخابي في أكتوبر (تشرين الأول) المقبل.
كذلك، يتفقون على أن البرامج الشكلية والعامة التي تتقدم بها تلك الأحزاب والشخصيات، لا تتجاوز حدود الشعارات والادعاءات غير القابلة للتحقيق، وتأتي من باب «رفع العتب».
كما أن تلك البرامج تكون غالباً متكررة ومتشابهة إلى حد بعيد، باستثناء بعض التفاصيل الهامشية التي تقتضيها طبيعة التوجهات التي يمثلها الحزب أو الشخصية المرشحة والمساحة الجغرافية التي تتحرك فيها؛ فغالبية برامج القوى السياسية السنية التي تتحرك في المناطق المحررة من تنظيم «داعش»، على سبيل المثال، تحرص على إدراج «ملف المغيبين» ضمن برامجها، فيما يغيب ذلك الملف بشكل كامل عن برامج القوى والشخصيات الشيعية والكردية.
سياق البرامج الانتخابية «غير القابلة» للتطبيق التي انتهجتها وطرحتها معظم الكتل السياسية منذ الدورة البرلمانية الأولى (2006 - 2010) ظل مهيمناً على البرامج التي طرحت في الدورات اللاحقة ومرشح للبقاء في الدورة المقبلة.
ويرى معظم المراقبين المحليين أن القوى السياسية المختلفة لم ولن تتمكن من طرح برامج محددة وقابلة للتحقيق، بالنظر لأن فرصة وصولها إلى السلطة ضبابية جداً وغير مؤكدة، ولعدم قدرة أي كتلة أو ائتلاف سياسي على حسم رئاسة الوزراء والبرلمان، ولأن تلك القوى والائتلافات عبارة عن تجمعات انتخابية مؤقتة سرعان ما ينفرط عقدها بمجرد الوصول إلى القبة النيابية.
ويعتقد كثيرون أن البرامج القوى السياسية ستبقى وفيّة لمسألة البرامج الانتخابية «الهلامية» وغير القابلة للتحقق، وتكرس ذلك من جديد في الدورة الانتخابية الجديدة.
ومع غياب البرامج الانتخابية الحقيقية القادرة على إقناع الناخبين، فإن معظم المرشحين والقوى السياسية يسعون عبر وسائل أخرى لاستدراجهم وضمان أصواتهم يوم الاقتراع، ومن بين أقوى تلك الوسائل الشائعة تقديم الطعام وإقامة ولائمه. وبات شعار «المعدة أقرب الطرق للحصول على الأصوات» شائعاً بين أوساط المرشحين، هذا إلى جانب تقديم المبالغ النقدية البسيطة لضمان أصوات بعض الناخبين.
وتتصدر مسألة «الولائم الانتخابية» أولوية المرشحين؛ إذ غالباً ما يقومون بدعوة الناخبين المحتملين من أبناء المنطقة أو الحي إلى تناول الطعام في المنازل أو المطاعم أو القاعات العامة المخصصة للاحتفالات، ويلجأ البعض إلى توزيع سلال غذائية متواضعة في المناطق والأحياء الشعبية الفقيرة.
وإلى جانب الولائم، يتحدث كثيرون عن مبالغ زهيدة لا تتجاوز حدود 100 إلى 200 دولار تُمنَح للناخب لشراء صوته.
وبرزت خلال الدورات السابقة طرق «تحايل» أخرى لكسب أصوات الناخبين، من خلال قيام المرشحين بإكساء بعض الطرق بمادتي الحصى والرمل، أو ما يعرف محلياً بـ«السبيس» في الأحياء والمناطق المتهالكة التي تفتقر للخدمات البلدية. وهناك أيضاً، قيام بعض المرشحين بشراء أسلاك التوصيل والمحولات الكهربائية وتقديمها للأحياء ولمناطق التي تعاني من هذه الناحية. وهناك من يعمد إلى توزيع «بطاقات شحن» الهواتف الجوالة للناخبين لضمان أصواتهم، وبعض الكتل والجماعات السياسية تعمد إلى منح المواطنين 25 ألف دينار (نحو 10 دولارات) لضمان حضورهم إلى مهرجاناتهم الانتخابية.
ورغم محاولات الأحزاب والقوى السياسية استدراج أو «استغفال» الناخبين بطرق مختلفة لغياب برامجها الانتخابية، فإن أعداداً غير قليلة من المواطنين يقومون وبطريقة عكسية باستغفال تلك القوى والشخصيات من خلال الحضور والحصول على المبالغ المالية، أو ما تيسر من الموائد والسلال الغذائية وبطاقات الشحن، ومن ثم يمتنعون عن التصويت لتك القوى والشخصيات، لأنهم يدركون أنها لن تقدم لهم أي شيء في حال وصولها إلى البرلمان والسلطة مثلما أثبتت تجارب السنوات الماضية.



مصر والانتخابات الأميركية… لا مرشح مرجحاً ولا توقعات متفائلة

صورة أرشيفية من لقاء بين الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي عام 2017 (رويترز)
صورة أرشيفية من لقاء بين الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي عام 2017 (رويترز)
TT

مصر والانتخابات الأميركية… لا مرشح مرجحاً ولا توقعات متفائلة

صورة أرشيفية من لقاء بين الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي عام 2017 (رويترز)
صورة أرشيفية من لقاء بين الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي عام 2017 (رويترز)

هيمن كل من الحرب في غزة، وملف «سد النهضة» الإثيوبي على تقييمات سياسيين وبرلمانيين مصريين، بشأن انعكاس نتيجة انتخابات الرئاسة الأميركية على مصر، إذ شاعت نبرة غير متفائلة حيال مستقبل هذين الملفين سواء في عهدة الجمهوري دونالد ترمب، أو منافسته الديمقراطية كامالا هاريس اللذين يصعب توقع الفائز منهما.

وبدا تحفظ رسمي مصري بشأن شخص الرئيس الأميركي المفضل لدى الدولة المصرية، فيما قال مصدر لـ«الشرق الأوسط» إن «الرهان على رجل أو سيدة البيت الأبيض المقبل كان من بين أسئلة وجهها برلمانيون مصريون إلى مسؤول في وزارة الخارجية المصرية، داخل مجلس النواب قبل أيام، إلا أنه لم يرد بشكل حاسم».

ويختار الأميركيون رئيسهم الـ47 بين الديمقراطية كامالا هاريس والجمهوري دونالد ترمب، في نهاية حملة ترافقت مع توتر إقليمي بمنطقة الشرق الأوسط، يراه محللون عاملاً مهماً في الترتيبات المستقبلية لحسابات مصر.

ولا يرى دبلوماسيون مصريون، ومن بينهم محمد العرابي رئيس المجلس المصري للشؤون الخارجية ووزير خارجية مصر الأسبق «خياراً مفضلاً للمصالح المصرية» بين أي من هاريس أو ترمب.

ويرى العرابي في تصريح لـ«الشرق الأوسط»: «جوانب إيجابية وسلبية لدى كلا المرشحين، بشأن معادلة العلاقات مع مصر وحرب غزة».

فيما لا يكترث المفكر السياسي والدبلوماسي المصري السابق مصطفى الفقي، بالفروق الضئيلة بين حظوظ ترمب وهاريس، ويرى أنهما «وجهان لعملة واحدة في السياسة الأميركية، وهو الدعم المطلق لإسرائيل»، وفق وصفه لـ«الشرق الأوسط».

وإلى جانب الاقتناع بالدعم الأميركي المطلق لإسرائيل، فإن هناك تبايناً آخر في ترجيحات البعض، إذ يعتقد رئيس حزب «الوفد» (ليبرالي) عبد السند يمامة أن «نجاح هاريس بسياساتها المعتدلة يصب في صالح السياسة الخارجية المصرية في ملف غزة».

في المقابل، يرجح رئيس حزب «التجمع» المصري (يسار) سيد عبد العال «اهتمام ترمب الأكبر بسرعة إنهاء الحرب في غزة»، موضحاً أن «مصالح مصر هي ما يحدد العلاقة مع الرئيس الأميركي المقبل».

وبالنسبة لوكيل المخابرات المصرية الأسبق اللواء محمد رشاد، فإن هناك انعكاسات خطيرة لفوز ترمب على «مصالح مصر فيما يخص ملف تهجير الفلسطينيين إلى سيناء».

ويعيد رشاد في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، التذكير «بمشروع المرشح الجمهوري القديم لتوطين الفلسطينيين في سيناء، وهذا ضد مصر»، علماً بأن صهر ترمب وكبير مستشاريه السابق اقترح في مارس (آذار) إجلاء النازحين الفلسطينيين في غزة إلى صحراء النقب جنوب إسرائيل أو إلى مصر.

في المقابل، تبدو نبرة الثقة من برلمانيين مصريين في قدرة الدبلوماسية المصرية على التعامل مع أي مرشح فائز، خصوصاً في ملف حرب غزة.

ويقول وكيل لجنة الشؤون العربية في مجلس النواب المصري أيمن محسب، لـ«الشرق الأوسط» إن «القاهرة ستتعاطى بإيجابية مع أي فائز ينجح في وقف الحرب في غزة والتصعيد في المنطقة».

بينما يلفت عضو مجلس الشيوخ إيهاب الهرميل في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى «التواصل الدوري من مصر الرسمية مع أطراف في المعسكرين الحاكمين بأميركا، بشأن غزة وجهود الوساطة المصرية - القطرية».

وخلال الشهر الماضي، استقبل الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في اجتماعين منفصلين وفدين من مجلسي النواب والشيوخ الأميركيين، ضما أعضاء من المعسكرين الديمقراطي والجمهوري، حيث تمت مناقشة جهود تجنب توسيع دائرة الصراع في المنطقة.

وبشأن نزاع «سد النهضة» بين مصر وإثيوبيا، يراهن متابعون على مساندة ترمب لمصر حال فوزه، بعدما أبدى اهتماماً لافتاً بالقضية في ولايته الأولى، واستضاف مفاوضات بين مصر وإثيوبيا والسودان، كما سبق أن حذّر الإثيوبيين عام 2020 من «تفجير مصر للسد، بعد أن ضاقت بها السبل لإيجاد حل سياسي للمشكلة».

لكنّ رئيس المجلس المصري للشؤون الخارجية، يقول: «مصر لا تُعوّل على أحد، تتحرك من منطلق أنها دولة أفريقية مهمة في قارتها، وتحرص على مصالحها»، فيما يُذكّر وكيل الاستخبارات السابق بأن «ترمب لم يُحدث خرقاً في الملف» رغم اهتمامه به.

ومن بين رسائل دبلوماسية متعددة حملها آخر اتصال بين مصر وإدارة الرئيس المنتهية ولايته جو بايدن، أعاد وزير الخارجية بدر عبد العاطي، الأحد الماضي، التأكيد لنظيره الأميركي أنتوني بلينكن، على أن «مصر لن تسمح لأي طرف بتهديد أمنها المائي».

سؤال وجّهه مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار بمجلس الوزراء المصري للمتابعين على وسائل التواصل الاجتماعي

شعبياً، بدا أن المصريين لا يلقون اهتماماً كبيراً بالسباق الأميركي، وهو ما كشفته محدودية الردود على سؤال بشأن توقعات المرشح الأميركي الفائز، ضمن استطلاع أجراه مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار، التابع للحكومة المصرية.

وبدت تباينات الآراء في الاستطلاع الذي نشر عبر «السوشيال ميديا»، إذ رأى أحد المعلقين أن هاريس الأقرب، في مقابل آخر رجح فوز ترمب. لكن المثير للاهتمام هو توقع أحد المستطلعين «فوز نتنياهو»، أو على حد قول أحد المصريين باللهجة العامية المصرية: «شالوا بايدن وجابوا ترمب أو هاريس... كده كده اتفقوا على حماية إسرائيل».