«أزمة صامتة» تواجه ملايين الأميركيين مع توقف معونات «كورونا»

سيدة تسير إلى جوار لافتة تطلب التوظيف لأحد المتاجر في ولاية فيرجينيا الأميركية (أ.ف.ب)
سيدة تسير إلى جوار لافتة تطلب التوظيف لأحد المتاجر في ولاية فيرجينيا الأميركية (أ.ف.ب)
TT

«أزمة صامتة» تواجه ملايين الأميركيين مع توقف معونات «كورونا»

سيدة تسير إلى جوار لافتة تطلب التوظيف لأحد المتاجر في ولاية فيرجينيا الأميركية (أ.ف.ب)
سيدة تسير إلى جوار لافتة تطلب التوظيف لأحد المتاجر في ولاية فيرجينيا الأميركية (أ.ف.ب)

تنقضي قريباً مهلة معونات البطالة التي وسّعت الولايات المتحدة نطاقها بدرجة كبيرة مع تفشي كوفيد العام الماضي، ما يعني أنه يتعيّن على ملايين الأميركيين العاطلين عن العمل اتّخاذ قرارات صعبة بشأن كيفية تدبّر أمورهم في ظل اقتصاد مهدَّد بتداعيات المتحورة «دلتا». ويجد كثيرون أنفسهم أمام خيار إما خفض إنفاقهم على الطعام وإما اللجوء إلى مدخرات التقاعد أو الانقطاع عن العمل تماماً.
وقالت موظفة في مختبر فحص دم في أريزونا، عاطلة عن العمل حالياً تدعى ديبورا لي والتي أُصيبت ابنتها وحفيدتاها بكوفيد: «لا أعرف كيف سنتمكن من تدبر معيشتنا من دخل ابنتي فقط»، حسبما أفادت وكالة الصحافة الفرنسية.

ونُسب الفضل في منع انهيار اقتصادي أسوأ في الولايات المتحدة العام الماضي إلى برامج موّلتها الحكومة زادت الدفعات الأسبوعية ومنحت مساعدات للعاطلين عن العمل لفترات طويلة والأشخاص الذين يعملون بشكل حر، لكنها باتت تثير الجدل في الأشهر الأخيرة إذ أنهتها بعض الولايات قبل أوانها مشيرة إلى أنها شجّعت الناس على عدم العودة إلى الوظائف التي جعلتها لقاحات «كوفيد» أكثر أماناً، وهو أمر ناقضته الدراسات التي جرت في هذا الصدد.
واعتباراً من السادس من سبتمبر (أيلول)، سيتوقف دفع هذه المبالغ على مستوى البلاد. وبينما لا يتوقع خبراء الاقتصاد أن يؤثر ذلك بشكل كبير على تعافي الاقتصاد الأميركي من محنة عام 2020، إلا أنها ستكثّف بلا شك الضغط على العاطلين عن العمل.
وقال إندرو ستيتنر من مركز أبحاث «ذي سينشري فاونديشن» (مؤسسة القرن): «أعتقد أنه سيكون حدثاً غير محبّذ في الاقتصاد»، إذ يُتوقع أن يكون 7.5 ملايين شخص يعتمدون على هذه البرامج عند انقضاء مهلتها. وأضاف: «ستكون أزمة صامتة نوعاً ما».
وتم توسيع شبكة الأمان للعاطلين عن العمل في مارس (آذار) 2020، عندما سارع الكونغرس للحد من تداعيات الوباء من خلال إنفاق 2.2 تريليون دولار عبر حزمة إنقاذ ضمن قانون «كيرز».
وبينما لم يكن الهدف قط أن تكون المساعدات دائمة، إلا أنه صدر تصريح بمنحها مرّتين، كان آخرهما عبر «خطة الإنقاذ الأميركية» بقيمة 1.9 تريليون دولار التي أقرها الرئيس جو بايدن وأعضاء حزبه الديمقراطي في الكونغرس في مارس الماضي.
وبينما دعم الكثير من الجمهوريين البرامج في البداية، إلا أن نواب الحزب عارضوها بحلول العام الجاري فيما تحرّكت 26 ولاية، يحكم جمهوريون العدد الأكبر منها، لإلغائها مبكراً إما بالكامل وإما جزئياً.

وخلصت دراسة نشرها الشهر الماضي باحثون من جامعات أميركية وكندية إلى حدوث تحسّن متواضع فقط في التوظيف والإيرادات في بعض هذه الولايات التي ألغت المساعدات قبل أوانها، فيما تراجع الإنفاق بنسبة 20%.
في الأثناء، ما زال الاقتصاد بعيداً عن التعافي الكامل، إذ لم تعوّض بعد 5.3 مليون وظيفة تمّت خسارتها خلال الوباء مع فتح جهات التوظيف 235 ألف وظيفة فقط في أغسطس (آب)، حسب بيانات حكومية نُشرت الجمعة.
في ديلاوير بأوهايو، تقول كارين كولدويل إنها ترسل نحو 10 طلبات للحصول على وظيفة أسبوعياً لكن من دون جدوى. وتشير إلى أن الجزء الأكبر من الوظائف التي تجدها مخصصة للعاملين ذوي الأجور المنخفضة، وهي وظائف كان من الممكن أن تتقدم لها عندما كانت أصغر سناً.
وفي سن الـ64 عاماً، ليست مستعدة بعد للتقاعد، لكنها تخشى من أنها قد تضطّر للجوء إلى مدخرّات التقاعد التي تملكها فور انقضاء مدة برنامج البطالة طويل الأمد. وقالت: «لا يوجد شيء. هناك وظائف لكن لم يعد هناك مال».
وهناك آخرون لا يمكنهم العودة إلى صفوف القوة العاملة، رغم إدراكهم بقرب انتهاء المعونات التي تمثّل مصدر دخلهم الوحيد. من بين هؤلاء، بروك غانياني، من ذي داليس في أوريغون التي تشير إلى أنه لا يوجد من يمكنه الاعتناء بطفلها في حال توظّفت.
وقالت الأم البالغة 21 عاماً: «أشعر بأنه تم إيذائي. أشعر بأنهم يقومون بذلك بهدف دفعنا لوضع خطة والعودة إلى الواقع، وهو ليس تماماً الشعار الذي عليهم استخدامه».

وسيواصل الأشخاص المستحقون للمعونات تلقيها بموجب برامج البطالة العادية المطبّقة في الولايات، لكن انتهاء المبلغ الإضافي الأسبوعي البالغ 300 دولار يعني تقلّص مداخيلهم.
وقالت مصممة الغرافيك العاطلة عن العمل في بنسلفانيا، كارين ويليامز (58 عاماً): «سيؤثر ذلك كثيراً. سيتعيّن عليّ خفض استهلاكي للطعام».
ويتوقع غريغوري داكو من «أكسفورد إكونوميكس»، أن يؤدي خفض المعونات إلى تقلّص مداخيل العائلات بـ4.2 مليار دولار أسبوعياً في سبتمبر، أو نحو 210 مليارات دولار على أساس سنوي للشهر.
وقال في مقابلة: «لن يكون نوع الصدمة الذي سيعيد الاقتصاد الأميركي إلى الوراء»، لكنه توقع أن «العائلات من أصحاب الدخل الأكثر انخفاضاً والأقليات ستتأثر سلباً أكثر من غيرها».
ووسط مخاوف من ظهور مزيد من المتحورات لفيروس «كورونا» وفي وقت تعاني ابنتها من نقص شديد في الدفعات نظراً لمعاناة العائلة مع كوفيد، قالت لي إنها تنتظر معرفة إن كانت الحكومة ستمنحها مساعدات بدل إعاقة جراء إصابة في يدها، مسلّمة بأن أيامها كموظفة انتهت، على الأقل في الوقت الحالي.
وقالت: «لا أعرف حتى ما هو الجواب».


مقالات ذات صلة

«كوفيد طويل الأمد»: حوار طبي حول أحدث التطورات

صحتك «كوفيد طويل الأمد»: حوار طبي حول أحدث التطورات

«كوفيد طويل الأمد»: حوار طبي حول أحدث التطورات

يؤثر على 6 : 11 % من المرضى

ماثيو سولان (كمبردج (ولاية ماساشوستس الأميركية))
صحتك أطباء يحاولون إسعاف مريضة بـ«كورونا» (رويترز)

«كورونا» قد يساعد الجسم في مكافحة السرطان

كشفت دراسة جديدة، عن أن الإصابة بفيروس كورونا قد تساعد في مكافحة السرطان وتقليص حجم الأورام.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
أوروبا الطبيب البريطاني توماس كوان (رويترز)

سجن طبيب بريطاني 31 عاماً لمحاولته قتل صديق والدته بلقاح كوفيد مزيف

حكم على طبيب بريطاني بالسجن لأكثر من 31 عاماً بتهمة التخطيط لقتل صديق والدته بلقاح مزيف لكوفيد - 19.

«الشرق الأوسط» (لندن )
الاقتصاد السعودية تصدرت قائمة دول «العشرين» في أعداد الزوار الدوليين بـ 73 % (واس)

السعودية الـ12 عالمياً في إنفاق السياح الدوليين

واصلت السعودية ريادتها العالمية بقطاع السياحة؛ إذ صعدت 15 مركزاً ضمن ترتيب الدول في إنفاق السيّاح الدوليين.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
صحتك تم تسجيل إصابات طويلة بـ«كوفيد- 19» لدى أشخاص مناعتهم كانت غير قادرة على محاربة الفيروس بشكل كافٍ (رويترز)

قرار يمنع وزارة الصحة في ولاية إيداهو الأميركية من تقديم لقاح «كوفيد»

قرر قسم الصحة العامة الإقليمي في ولاية إيداهو الأميركية، بأغلبية ضئيلة، التوقف عن تقديم لقاحات فيروس «كوفيد-19» للسكان في ست مقاطعات.

«الشرق الأوسط» (أيداهو)

غانا على مفترق طرق اقتصادي... انتخابات حاسمة تحدد مصير الديون والنمو

المرشح الرئاسي عن الحزب الوطني الجديد الحاكم محامودو باوميا يلقي كلمة خلال حفل إطلاق حملته في أكرا (رويترز)
المرشح الرئاسي عن الحزب الوطني الجديد الحاكم محامودو باوميا يلقي كلمة خلال حفل إطلاق حملته في أكرا (رويترز)
TT

غانا على مفترق طرق اقتصادي... انتخابات حاسمة تحدد مصير الديون والنمو

المرشح الرئاسي عن الحزب الوطني الجديد الحاكم محامودو باوميا يلقي كلمة خلال حفل إطلاق حملته في أكرا (رويترز)
المرشح الرئاسي عن الحزب الوطني الجديد الحاكم محامودو باوميا يلقي كلمة خلال حفل إطلاق حملته في أكرا (رويترز)

سيذهب الغانيون إلى صناديق الاقتراع في السابع من ديسمبر (كانون الأول) لاختيار رئيس جديد وبرلمان، في انتخابات تراقبها الأوساط الاستثمارية من كثب لتحديد كيفية توجيه الفائز للاقتصاد الذي يخرج من مرحلة تعثر في سداد الديون.

المتنافسون الرئيسيون لاستبدال الرئيس نانا أكوفو - أدو، البالغ من العمر 80 عاماً، الذي يتنحى بعد ولايتين على رأس دولة تنتج الذهب والكاكاو، هما الرئيس السابق جون دراماني ماهاما ونائب الرئيس الحالي محامودو باوميا. كما أن هناك 11 مرشحاً آخرين يتنافسون على المنصب، وفق «رويترز».

ما الذي يركز عليه المستثمرون؟

وصلت غانا إلى نهاية عملية إعادة هيكلة الديون الطويلة والمعقدة؛ حيث أعادت الحكومة هيكلة 13 مليار دولار من السندات الدولية بوصف ذلك جزءاً من خطة أوسع لخفض الديون بنحو 4.7 مليار دولار وتوفير نحو 4.4 مليار دولار من تخفيف السيولة خلال برنامج صندوق النقد الدولي الحالي الذي يستمر حتى عام 2026.

ومع بقاء الخطوة الأخيرة المتمثلة في التوصل إلى اتفاق مع الدائنين التجاريين غير الأوروبيين، فإن المستثمرين يقومون بالفعل بتقييم فترة ما بعد الانتخابات لمعرفة ما إذا كان الفائز سوف يستمر في الإصلاحات الاقتصادية اللازمة لضمان استدامة الديون. وتعهد ماهاما (65 عاماً)، الذي يتصدر العديد من استطلاعات الرأي، بمحاولة إعادة التفاوض على شروط اتفاق صندوق النقد الدولي لتأمين المزيد من التمويل. ووعد أيضاً بتعديل القانون لوضع سقف للدين العام يتراوح بين 60 و70 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي لمنع الاقتراض المفرط.

ومع ذلك، فإن فترة رئاسته السابقة (2012 - 2017) شهدت زيادة ملحوظة في الاقتراض للاستثمار في مشاريع البنية التحتية مثل الطرق، ما أوقعه في انتقادات بسبب نقص الكهرباء وارتفاع التضخم.

من جانبه، يتبنى بوميا (61 عاماً) شعاراً يتمثل في تحديث الاقتصاد من خلال الرقمنة، وخفض الضرائب، وتعزيز الانضباط المالي بهدف رفع النمو السنوي إلى متوسط ​​6 في المائة. وتعهد أيضاً بتحديد الإنفاق العام بنسبة 105 في المائة من عائدات الضرائب في العام السابق، وتقديم خطة ضريبية ثابتة، ونقل 3 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي من الإنفاق العام إلى القطاع الخاص لتوفير البنية الأساسية العامة.

هل يمكن للفائز إعادة التفاوض على برنامج صندوق النقد الدولي؟

من الشائع أن يلجأ القادة الجدد إلى صندوق النقد الدولي لمراجعة البرامج القائمة، كما حدث مؤخراً في سريلانكا. ويقول صندوق النقد الدولي، الذي يعد مقرض الملاذ الأخير لغانا في إعادة هيكلة ديونها بموجب الإطار المشترك لمجموعة العشرين، إن تركيزه الأساسي هو دعم الحكومة في استعادة الاستقرار الاقتصادي الكلي مع تمكين استدامة الدين والنمو الشامل. وقد وافق الصندوق حتى الآن على الأداء الاقتصادي لغانا في إطار برنامج قروضه الحالي البالغة قيمته 3 مليارات دولار.

ويؤكد الصندوق أنه يمكن تعديل برنامج غانا الحالي؛ حيث يتم تطوير برامج الإصلاح المدعومة من الصندوق بالتعاون مع الحكومات وتتم مراجعتها بشكل دوري. ومع ذلك، يجب أن تؤخذ أي مناقشات في الاعتبار مع ضرورة الحفاظ على قدرة البلاد على تحقيق الأهداف الاقتصادية المنشودة.

ما القضايا الاقتصادية الأخرى التي تؤثر في الانتخابات؟

سيتعين على الفائز في الانتخابات أن يعالج عدداً من القضايا الملحة، بما في ذلك أزمة تكاليف المعيشة، والبطالة المتفشية، وارتفاع الأسعار، وانقطاع التيار الكهربائي المتكرر. ويخطط حزب ماهاما (المؤتمر الوطني الديمقراطي) لزيادة الإنفاق الحكومي في القطاعات الاجتماعية مثل الصحة والتعليم، فضلاً عن تعزيز البنية الأساسية لدعم النمو وخلق فرص العمل، إذا فاز في الانتخابات.

أما حزب باوميا (الحزب الوطني الجديد) فيرغب في تحسين استقرار الاقتصاد من خلال خفض التضخم وجذب الاستثمارات الخاصة. وستواجه أي من الحكومات المقبلة خيارات محدودة في ظل العبء الثقيل للديون، وفقاً لتقرير «أكسفورد إيكونوميكس». وأظهرت تحليلات أن وعود ماهاما خلال الحملة الانتخابية بتحسين الظروف الاقتصادية للأفراد والأسر قد تجد نفسها في اختبار حقيقي نتيجة الحاجة إلى موازنة هذه الوعود مع مطالب صندوق النقد الدولي بالتحلي بضبط الإنفاق المالي.

السلع الأساسية على المحك

سيتعين على الحكومة الجديدة التعامل مع عملية الترخيص لمشاريع النفط والغاز الجديدة؛ حيث انخفض الإنتاج، الذي بدأ في عام 2010، في السنوات الخمس التي سبقت عام 2024. ويخطط ماهاما لمنح السكان المحليين المزيد من الملكية في مشاريع النفط والتعدين المستقبلية إذا فاز.

ويحتاج قطاع الكاكاو أيضاً إلى اهتمام عاجل. وانخفض الإنتاج في ثاني أكبر منتج للكاكاو في العالم إلى أدنى مستوى له منذ 20 عاماً، بسبب تدني أجور المزارعين، وأمراض النبات، وتهريب الحبوب، والتعدين غير القانوني الذي يدمر المزارع. وسوف تكون سوق الكاكاو العالمية مهتمة بشدة بمعرفة ما إذا كان الرئيس الجديد سينفذ مقترحات صندوق النقد الدولي لإجراء إصلاحات شاملة في القطاع، وما إذا كان نموذج التسويق الجديد الذي حل محل قروض الكاكاو المجمعة التي سادت لأكثر من ثلاثة عقود سوف يستمر.