غروندبرغ يباشر مهامه بـ«خيارات يمنية قليلة» و«مزاج تصعيدي»

المبعوث الأممي الجديد يبدأ رحلاته بإحاطة لمجلس الأمن في 10 سبتمبر

المبعوث الأممي الجديد لليمن هانس غروندبرغ (تويتر)
المبعوث الأممي الجديد لليمن هانس غروندبرغ (تويتر)
TT

غروندبرغ يباشر مهامه بـ«خيارات يمنية قليلة» و«مزاج تصعيدي»

المبعوث الأممي الجديد لليمن هانس غروندبرغ (تويتر)
المبعوث الأممي الجديد لليمن هانس غروندبرغ (تويتر)

يبدأ المبعوث الأممي الجديد إلى اليمن هانس غروندبرغ مهام عمله اليوم بخيارات قال باحثون يمنيون إنها قليلة ومزاج تصعيدي خصوصاً من قبل الحوثيين.
ومن المنتظر أن يحرك الدبلوماسي السويدي فترة من الركود التي طغت على المشهد اليمني منذ رحيل مارتن غريفيث إلى وكالة الشؤون الإنسانية في الأمم المتحدة بنيويورك.
سيجتمع المبعوث مع فريقه ويرتب أوراقه وحقيبته لأن مكوثه في العاصمة الأردنية لن يطول كثيراً، إذ سيتجه إلى نيويورك في أولى رحلاته ليحيط مجلس الأمن بمرئياته ويضعهم في صورة المستجدات.
وتؤكد إزميني بالا، وهي مديرة الاتصالات بمكتب المبعوث الأممي لليمن، لـ«الشرق الأوسط» أن المبعوث سيدلي بإحاطة لمجلس الأمن في العاشر من سبتمبر (أيلول) الحالي.
وقبلما تحلق طائرة المبعوث إلى مقر الأمم المتحدة، تجدر الإشارة إلى حالة المشهد اليمني، ففي الوقت الذي بادرت فيه السعودية بدعم الزخم الدولي بمبادرة تنهي الأزمة وتحمل البراغماتية اللازمة إذا ما أراد الحوثيون إنهاءها بالفعل، وفي المقابل كثفت الميليشيات من هجماتها ضد السعودية بالصواريخ الباليستية والمسيرات المفخخة وصعّدت داخلياً باستهداف مأرب من دون تحقيق نتيجة على الأرض طيلة الأشهر الثمانية الماضية.
المبادرة السعودية لحل الأزمة اليمنية تشمل «وقف إطلاق نار شاملاً تحت مراقبة الأمم المتحدة، وإيداع الضرائب والإيرادات الجمركية لسفن المشتقات النفطية من ميناء الحديدة في الحساب المشترك بالبنك المركزي اليمني بالحديدة، وفق اتفاق ستوكهولم بشأن الحديدة، وفتح مطار صنعاء الدولي لعدد من الرحلات المباشرة الإقليمية والدولية، وبدء المشاورات بين الأطراف اليمنية للتوصل إلى حل سياسي للأزمة اليمنية برعاية الأمم المتحدة بناء على مرجعيات قرار مجلس الأمن الدولي 2216، والمبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية، ومخرجات الحوار الوطني اليمني الشامل».
وفيما طالب نجيب غلاب، وكيل وزارة الإعلام اليمنية، بمزيد من الضغوطات على الحوثيين، يعتقد ماجد المذجحي، المدير التنفيذي لمركز صنعاء للدراسات، أن مسار التسوية منخفض بناء على المعطيات الحالية.
ويرى غلاب أن على المبعوث العمل على الجهود السابقة، لافتاً إلى أن البناء عليها مهم، مع دراسة الواقع وتحولاته ضمن إطار السياقات الجديدة وحالة الإجماع الدولي الموجودة. ويقول لـ«الشرق الأوسط»: هناك نقاط ضعف في مسار السلام في اليمن، وهي استغلال الحوثي للجهود وتحويلها بدلاً من أن تكون مسارات للسلام إلى مسارات لاستدامة الحرب، لذا تقتضي ضرورة ضغوط حقيقية وملموسة من الأمم المتحدة ضمن مسارات تتجاوز العيوب السابقة، والأهم قدرة المجتمع الدولي على دعم المبعوث الجديد بخطة متماسكة تكون ضاغطة وبشكل حقيقي على الحوثي، حتى لا تتحول الجهود الدبلوماسية إلى أداة من أدوات أو رسائل لجماعة الحوثي بأن تستمر بالحرب، معللاً: «لأن الأمر واضح، فكلما ارتفعت مطالب الحل السياسي يشعر الحوثيون بأنها مطمئنة أكثر».
ولا يرى غلاب في فرض العقوبات طريقة كافية للضغط، إذ يطالب بدعم وإسناد الحكومة الشرعية للقيام بمهامها، فضلاً عن التلويح بعودة الضغط العسكري «وليس الحل العسكري»، في ظل تعنت جماعة الحوثي وعدم استيعابها للاستراتيجية الدولية لإحلال السلام في اليمن.
ويقول: «بالنسبة لواشنطن وفي ظل انهيار سمعتها التي ضُربت في الصميم نتيجة حالة الارتباك في أفغانستان، أعتقد أن جهودها الدبلوماسية ستفشل إذا ظلت تتعامل في اليمن بالطريقة التي أسست لها الإدارة الجديدة، في ظل فهم الحوثيين رسائل واشنطن بطريقة خاطئة، وهذا سيجعل مصالح واشنطن في المنطقة كلها مهددة».
وفي معرض تعليقه لـ«الشرق الأوسط»، قال مدير مركز صنعاء للدراسات: «حقيقة لا توجد لدي توقعات كبيرة بالنسبة لهذا المبعوث، فمسار التسوية السياسية في اليمن منخفض، اعتماداً على حيثيات الأرض الحالية؛ التصعيد العسكري، والانغلاق الإقليمي، والطبيعة المغامرة للجماعة الحوثية اعتماداً على تصريحات قائدها عبد الملك (الحوثي)».
وزاد بالقول إن «المشهد آماله السياسية ضئيلة حالياً، وبالتالي سيأتي المبعوث بخيارات قليلة. وسينصرف إلى محاولة إعادة تصميم مسار رؤية له، تزامناً مع محاولة تنشيط حلول جزئية في الموضوع الإنساني. هذا ما أعتقد أنه سينهمك به بداية إلى حين وجود مفاجأة على الصعيد السياسي أو العسكري».
الأمر نفسه ينطبق على تحركات الإدارة الأميركية باعتقاد المذحجي، الذي قال إنها «بدت متحمسة للغاية مطلع العام، والآن انتهت إلى إدارة علاقات مع منظمات مجتمع أكثر من عملها بشكل أساسي على القضية، وهي الحوار بين الحكومة اليمنية والحوثيين ومحاولة إيجاد تسوية سياسية، وبالتالي الأفق مغلق، والخيارات قليلة، والمزاج تصعيدي، هذه هي الأرضية التي سيبدأ بها المبعوث الأممي وجميع الذين يشتغلون في الملف اليمني هذه الأيام».


مقالات ذات صلة

القوات المسلحة اليمنية: قادرون على تأمين الممرات المائية الاستراتيجية وعلى رأسها باب المندب

المشرق العربي رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني ومحافظ مأرب ورئيس هيئة الأركان خلال زيارة سابقة للجبهات في مأرب (سبأ)

القوات المسلحة اليمنية: قادرون على تأمين الممرات المائية الاستراتيجية وعلى رأسها باب المندب

أكدت القوات المسلحة اليمنية قدرة هذه القوات على مواجهة جماعة الحوثي وتأمين البحر الأحمر والممرات المائية الحيوية وفي مقدمتها مضيق باب المندب الاستراتيجي.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي العام الماضي كان قاسياً على اليمنيين وتضاعفت معاناتهم خلاله (أ.ف.ب)

اليمنيون يودّعون عاماً حافلاً بالانتهاكات والمعاناة الإنسانية

شهد اليمن خلال العام الماضي انتهاكات واسعة لحقوق الإنسان، وتسببت مواجهات البحر الأحمر والممارسات الحوثية في المزيد من المعاناة للسكان والإضرار بمعيشتهم وأمنهم.

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي أطفال جندتهم الجماعة الحوثية خلال 2024 في وقفة تحدٍ لتحالف الازدهار (غيتي)

تحالف حقوقي يكشف عن وسائل الحوثيين لاستقطاب القاصرين

يكشف تحالف حقوقي يمني من خلال قصة طفل تم تجنيده وقتل في المعارك، عن وسائل الجماعة الحوثية لاستدراج الأطفال للتجنيد، بالتزامن مع إنشائها معسكراً جديداً بالحديدة.

وضاح الجليل (عدن)
شؤون إقليمية أرشيفية لبقايا صاروخ بالستي قال الجيش الإسرائيلي إنه أطلق من اليمن وسقط بالقرب من مستوطنة تسور هداسا (إعلام إسرائيلي)

الجيش الإسرائيلي يعلن اعتراض صاروخ أطلق من اليمن

قال الجيش الإسرائيلي في ساعة مبكرة من صباح اليوم (السبت)، إن الدفاعات الجوية الإسرائيلية اعترضت صاروخاً أطلق من اليمن.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
الخليج جانب من مؤتمر صحافي عقده «فريق تقييم الحوادث المشترك» في الرياض الأربعاء (الشرق الأوسط)

«تقييم الحوادث» في اليمن يفنّد عدداً من الادعاءات ضد التحالف

استعرض الفريق المشترك لتقييم الحوادث في اليمن عدداً من الادعاءات الموجهة ضد التحالف، وفنّد الحالات، كلٌّ على حدة، مع مرفقات إحداثية وصور.

غازي الحارثي (الرياض)

«الرئاسي اليمني» يُطلق حرباً على الفساد في المؤسسات الحكومية

مجلس القيادة الرئاسي في اليمن يبدأ حملة واسعة لمكافحة الفساد وحماية المال العام (سبأ)
مجلس القيادة الرئاسي في اليمن يبدأ حملة واسعة لمكافحة الفساد وحماية المال العام (سبأ)
TT

«الرئاسي اليمني» يُطلق حرباً على الفساد في المؤسسات الحكومية

مجلس القيادة الرئاسي في اليمن يبدأ حملة واسعة لمكافحة الفساد وحماية المال العام (سبأ)
مجلس القيادة الرئاسي في اليمن يبدأ حملة واسعة لمكافحة الفساد وحماية المال العام (سبأ)

في خطوة غير مسبوقة تهدف إلى مواجهة الفساد المستشري في المؤسسات الحكومية وحماية المال العام، أعلن مجلس القيادة الرئاسي في اليمن حزمة من الإجراءات المنسقة لمكافحة الفساد وغسل الأموال وتمويل الإرهاب، وتعزيز المركز القانوني للدولة، وذلك بعد تلقي المجلس تقارير من الأجهزة الرقابية والقضائية حول قضايا فساد كبرى وقعت في الأعوام الأخيرة.

وأفاد الإعلام الرسمي بأنه، بناءً على توصيات من رئيس مجلس القيادة الرئاسي رشاد العليمي، صدرت توجيهات مستعجلة لاستكمال إجراءات التحقيق في القضايا قيد النظر، مع متابعة الجهات المتخلفة عن التعاون مع الأجهزة الرقابية.

وشدد مجلس الحكم اليمني على إحالة القضايا المتعلقة بالفساد إلى السلطة القضائية، مع توجيهات صريحة بملاحقة المتهمين داخل البلاد وخارجها عبر «الإنتربول» الدولي.

رئيس مجلس القيادة الرئاسي في اليمن رشاد العليمي (سبأ)

وأمر العليمي -حسب المصادر الرسمية- بتشكيل فريق لتقييم أداء هيئة أراضي الدولة وعقاراتها، التي تواجه اتهامات بتسهيل الاستيلاء على أراضيها من قِبل شخصيات نافذة. كما شدد على إلغاء جميع التصرفات المخالفة للقانون وملاحقة المتورطين.

وبينما تشير هذه الخطوات الجادة من مجلس القيادة الرئاسي إلى التزام الحكومة اليمنية بمكافحة الفساد، وتحسين الأداء المؤسسي، وتعزيز الشفافية، يتطلّع الشارع اليمني إلى رؤية تأثير ملموس لهذه الإجراءات في بناء دولة القانون، وحماية موارد البلاد من العبث والاستغلال.

النيابة تحرّك 20 قضية

ووفقاً لتقرير النائب العام اليمني، تم تحريك الدعوى الجزائية في أكثر من 20 قضية تشمل جرائم الفساد المالي، وغسل الأموال، وتمويل الإرهاب، والتهرب الضريبي. ومن بين القضايا التي أُحيلت إلى محاكم الأموال العامة، هناك قضايا تتعلّق بعدم التزام بنوك وشركات صرافة بالقوانين المالية؛ مما أدى إلى إدانات قضائية وغرامات بملايين الريالات.

كما تناولت النيابة العامة ملفات فساد في عقود تنفيذ مشروعات حيوية، وعقود إيجار لتوليد الطاقة، والتعدي على أراضي الدولة، وقضايا تتعلق بمحاولة الاستيلاء على مشتقات نفطية بطرق غير مشروعة.

مبنى المجمع القضائي في العاصمة اليمنية المؤقتة عدن (سبأ)

ومع ذلك، اشتكت النيابة من عدم تجاوب بعض الجهات الحكومية مع طلبات توفير الأدلة والوثائق، مما أدى إلى تعثر التصرف في قضايا مهمة.

وأوردت النيابة العامة مثالاً على ذلك بقضية الإضرار بمصلحة الدولة والتهرب الجمركي من قبل محافظ سابق قالت إنه لا يزال يرفض المثول أمام القضاء حتى اليوم، بعد أن تمّ تجميد نحو 27 مليار ريال يمني من أرصدته مع استمرار ملاحقته لتوريد عشرات المليارات المختلسة من الأموال العامة. (الدولار يساوي نحو 2000 ريال في مناطق سيطرة الحكومة اليمنية).

وعلى صعيد التعاون الدولي، أوضحت النيابة العامة أنها تلقت طلبات لتجميد أرصدة أشخاص وكيانات متورطين في غسل الأموال وتمويل الإرهاب. وبينما أصدرت النيابة قرارات تجميد لبعض الحسابات المرتبطة بميليشيات الحوثي، طلبت أدلة إضافية من وزارة الخزانة الأميركية لتعزيز قراراتها.

تجاوزات مالية وإدارية

وكشف الجهاز المركزي اليمني للرقابة والمحاسبة، في تقريره المقدم إلى مجلس القيادة الرئاسي، عن خروقات جسيمة في أداء البنك المركزي منذ نقله إلى عدن في 2016 وحتى نهاية 2021. وتضمنت التجاوزات التلاعب في الموارد المالية، والتحصيل غير القانوني للرسوم القنصلية، وتوريد إيرادات غير مكتملة في القنصلية العامة بجدة وسفارتي اليمن في مصر والأردن.

وأفاد الجهاز الرقابي بأن التجاوزات في القنصلية اليمنية في جدة بلغت 156 مليون ريال سعودي، تم توريد 12 مليون ريال فقط منها إيرادات عامة، في حين استولت جهات أخرى على الفارق. أما في مصر فتم الكشف عن استيلاء موظفين في السفارة على 268 ألف دولار من إيرادات الدخل القنصلي باستخدام وثائق مزورة.

وفي قطاع الكهرباء، كشف تقرير الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة عن مخالفات جسيمة في عقود توفير المشتقات النفطية، تضمّنت تضخيم تكلفة التعاقدات وإهدار المال العام بقيمة تزيد على 285 مليون دولار. كما أشار التقرير إلى اختلالات في عقود السفينة العائمة لتوليد الطاقة التي تضمنت بنوداً مجحفة وإعفاءات ضريبية وجمركية للشركة المتعاقد معها.

وتحدّث الجهاز الرقابي اليمني عن اعتداءات ممنهجة على أراضي الدولة، تشمل مساحة تزيد على 476 مليون متر مربع، وقال إن هذه الاعتداءات نُفّذت بواسطة مجاميع مسلحة وشخصيات نافذة استغلّت ظروف الحرب لنهب ممتلكات الدولة. كما تم تسليم أراضٍ لمستثمرين غير جادين تحت ذرائع قانونية؛ مما تسبّب في إهدار أصول حكومية ضخمة.

وحسب التقارير الرقابية، تواجه شركة «بترومسيلة» التي أُنشئت لتشغيل قطاع 14 النفطي في حضرموت (شرق اليمن)، اتهامات بتجاوز نطاق عملها الأساسي نحو مشروعات أخرى دون شفافية، إلى جانب اتهامها بتحويل أكثر من مليار دولار إلى حساباتها الخارجية، مع غياب الرقابة من وزارة النفط والجهاز المركزي.