البرلمان السويدي يستدعي وزيرة الخارجية بشأن تصريحاتها عن السعودية

وجه الدعوة حزب الأغلبية.. ووالستروم تصف الرياض بـ«المهمة والمحورية»

البرلمان السويدي
البرلمان السويدي
TT

البرلمان السويدي يستدعي وزيرة الخارجية بشأن تصريحاتها عن السعودية

البرلمان السويدي
البرلمان السويدي

مثلت وزيرة الخارجية السويدية مارغو والستروم أمام البرلمان السويدي بعد استدعاء دستوري وجهته أحزاب الأغلبية للتحقيق في الأزمة التي تسببت بها تصريحاتها المسيئة تجاه السعودية. وفي الوقت الذي يبدو فيه المشهد الاقتصادي السويدي والعلاقات التجارية بين الرياض واستوكهولم في مصير مجهول، وتحديدا بعد قرار المملكة العربية السعودية إيقاف تأشيرات رجال الأعمال السويديين وعدم تجديد الحالية منها، حاولت الوزيرة التراجع عن تصريحها، حيث أكدت أن السعودية دولة مهمة ومحورية في منطقة الشرق الأوسط وذات أهمية كبرى للسويد والاتحاد الأوروبي. وقالت والستروم في حديثها عن السعودية أمام البرلمان: «السعودية هي عضو في مجموعة العشرين G20، وتملك دورا رئيسيا في كثير من القضايا الدولية، كما أنها من أهم الدول المانحة في العالم، فضلا عن أهميتها الكبيرة جدا في مجال مكافحة الإرهاب».
وبعد قرار الرياض وقف تأشيرات رجال الأعمال، قالت الوزيرة السويدية إنه من المهم جدا أن تكون العلاقات جيدة مع السعودية، التي تملك استثمارات مهمة في السويد، كما أن الشركات السويدية تعتبر المملكة بلدا اقتصاديا مهما جدا.
ونوهت إلى أن الاتفاقات والتعاون بين البلدين في المجالات الأخرى، لن تتأثر بقرار عدم تجديد اتفاقية التعاون العسكري المشترك مع السعودية.
وشددت والستروم على تقدير واحترام السويد للإسلام بصفته دينا عالميا، أسهم في الحضارة الإنسانية المشتركة، مشيرة إلى أن العاهل السعودي هو الخادم والحامي لاثنين من أقدس المساجد في العالم الإسلامي، وأن مئات الآلاف من الحجاج يزورون السعودية كل عام، بينهم كثير من السويديين.
من جهته كتب المحلل الاستراتيجي المعروف «يوران إيركسون» في جريدة «سفينسكا داغبلاديت» في زاوية مقالات الرأي اليوم قال: «بعض وسائل الإعلام الخارجية صنعت (قصة بطل) من خلال التحفيز باتجاه مضاد لتجديد الاتفاق مع السعودية في شطريه المدني والعسكري، وقد تصور رئيس الحكومة والوزيرة من معسكرهما الاشتراكي اليساري ذي الأقلية البرلمانية أنهما سيجمعان نقاطا لرصيدهما السياسي باتخاذ موقف متشدد مرة بحجة تأثيرات الرأي العام ومرة بحجة التعبير عن وحدة تحالفهما مع الخضر، بينما تجلس مملكة السويد تفرك يديها بفارغ الصبر وهي تنتظر خطر فقدان مواردها المالية من التصدير والاستثمار مع السعودية والتي تتجاوز 15 مليار دولار سنويا».
وفي غضون ذلك يستبد القلق بالمؤسسات الرسمية ذات العلاقة والشركات الصناعية والمصرفية السويدية حول مستقبل العلاقات الثنائية في الميادين الدولية والإقليمية والشراكة الاقتصادية والعوائد المخططة والمتوقعة في ميزان الواردات والتجارة الخارجية من توقف التعامل مع السعودية التي تتصدر قائمة الـ18 بلدا الأهم المستوردة للصناعات والخبرات والاستثمارات السويدية منذ أكثر من 3 عقود، حيث بلغ حجم التعامل المالي في الوقت الحاضر ما يزيد على 13 مليار دولار سنويا بين السويد والسعودية.
وكان خبراء المال قد كشفوا أمس عن احتمال تعرض شركات الأسهم التي تمثل حركة مدخرات (الشعب السويدي) بحسب تعبيرهم، إلى مفاجآت لم يكن حملة الأسهم يعرفون بها، حيث كشف دليل التمويل المالي السويدي في بيان له أمس قدمه (ياكوب شونغ) مدير المعلومات في «سويدبانك» إلى أن المعروض في صندوق الشركات القابضة السويدية والمعروف لدى هيئة الرقابة المالية من الأسهم المملوكة في شركات الاستثمار المشترك ومدخرات التقاعد لدى الشركات العاملة في السعودية، بلغ 1.4 مليار كرون سويدي من المدخرين من حملة الأسهم في شركات معروفة بتعاملاتها الواسعة مع المملكة في مختلف ميادين الاستثمار والتصنيع والصحة والطيران والبناء، من الشركات المعروفة مثل: شركة «فير»، و«بي إي إيه»، و«رايثيون»، وشركة «أوشكوش»، و«إيرباص سيستمز»، و«فينميكانيكا»، و«يونايتد تكنولوجيز» وغيرها.
وقد عبرت الدكتورة كارلا ليمن رئيسة إحدى الشركات السويدية الكبرى في بيان مقتضب بعد اجتماع الأزمة مساء أول من أمس الخميس الذي حضره وزيرا الخارجية والصناعة وممثلو مجتمع رجال الأعمال قائلة: «نحن قلقون للغاية لأننا أمام مشكلة شائكة ولم يسبق لها مثيل في سرعة تداعياتها، وقد قدمنا للوزيرين أمثلة كثيرة عن إشكالات التبادل التجاري وتقاطعات السياسة واقترحنا نماذج من الحلول أيضا، وتابعت في بيانها: «إن الحكومة أيضا متفاجئة من سرعة التطورات المترتبة على سوء الفهم الذي سببته تصريحات وزيرة الخارجية إزاء السعودية وإن الحكومة ونحن ممثلو الشركات وهيئات العمل والاستثمار نأخذ الأمر على محمل الجد إزاء القلق المتصاعد عند المستثمرين وعند الحكومة بغية الوصول إلى حل للأزمة».
من جهة ثانية يتعرض تحالف «الحمر والخضر» الحاكم إلى توترات داخلية وتجاذبات سياسية بعد أن تبنت رئيسة حزب البيئة (أوسة رومسون) منذ 3 أشهر الضغط لمراجعة الموقف من الاتفاق السويدي السعودي الذي وقع في شهر مايو (أيار) - من عام 2005 من قبل حكومة الاشتراكيين بقيادة يوران بيرشون رئيس الوزراء الأسبق، وهو الاتفاق الذي أرسى قواعد التبادل التجاري بين البلدين في شقيه العسكري والمدني. وقد اعتبرت رومسون قرار الحكومة بعدم تجديد الاتفاق الذي أعلن يوم 11 من مارس (آذار) - الحالي قرارا صائبا، يمثل ثوابت الحزبين الحليفين، الحزب الديمقراطي الاشتراكي وحزب البيئة، ولكنها أثر التداعيات الخطيرة والمفاجئة بعد أن بلغ مستوى النقد والاعتراض على تصريحات داخل السويد مدى واسعا، انكفأت عن الحضور والمشاركة في الحوارات العامة التي تحمل التحالف الحاكم وقراراته المسؤولية الأساسية فيما حصل ويحصل والتي وضعت سمعة السويد الدبلوماسية والتجارية على المحك.
المحللون السياسيون بمختلف انتماءاتهم السياسية، عبروا عن استغرابهم من تعجل الحكومة في اتخاذ القرار وربطه مباشرة بدعوة وزيرة الخارجية السويدية للجامعة العربية وعدم تمكنها من إلقاء خطابها كضيفة شرف، فيما كان رئيس الحكومة ستيفان لوفين قد وعد من قبل أن يعيد قراءة الاتفاق بهدوء وروية دون أن أي تأثير لضغوط الرأي العام والاجتهادات والتجاذبات لأن هذا الاتفاق يشكل جانبا من السياسات الاستراتيجية للسويد.
المحلل «ماتس كنوتسون» من تحالف يمين الوسط ذي الأغلبية البرلمانية معروف في كتاباته اليومية في الصحافة والتحليل من خلال التلفزيون السويدي، حيث لا يكاد يمر يوم إلا ويتحدث عن هذه الأزمة منذ أسبوعين، قال في اتصال هاتفي: «إن الأزمة تضرب الآن مباشرة في قلب الصناعة السويدية، وتتحول الأزمة الدبلوماسية مع المملكة العربية السعودية إلى منجم من المشكلات المعقدة للشركات السويدية والمستثمرين والفنيين والسياسيين في نفس الوقت».
وتابع يقول: «يبدو أن الأزمة السياسية ليست في انحسار. وأن العالم الإسلامي كله الآن يقف على مسافة واحدة في الرأي والموقف إزاء انتقادات وزيرة الخارجية السويدية للمملكة العربية السعودية، وبلغ عدد الدول التي تصدت للتصريحات نحو 60 دولة، أي أكثر من ثلث مجموع الدول المنضوية تحت منظمة الأمم المتحدة. وأن كل من هذه الأحداث المستجدة تمثل تصعيدا للصراع الدبلوماسي الذي تم تصنيفه لدى رجال الأعمال والصناعة والدبلوماسيين السويديين العريقين بأنه يشكل أزمة خطيرة، كما أكدت الأحداث هذه بأن المملكة العربية السعودية ليست قوة اقتصادية فحسب، بل إنها قوة سياسية ومعنوية لها وقعها وأهميتها بين دول العالم».
وكان السيد مارون عون المدير التنفيذي لجمعية أصحاب الشركات الأجانب في السويد قد أكد لـ«الشرق الأوسط» أن أصحاب الشركات الكبرى التنفيذية ستتضرر بشكل كبير أمام التطورات الدراماتيكية للأزمة وتتجاوز استثمارات تلك الشركلت أكثر من 5 مليارات دولار في مختلف ميادين العمل والبناء والتصدير.



فيصل بن فرحان يرأس وفد السعودية في «قمة العشرين»

وزير الخارجية السعودي في حديث جانبي مع مسؤولي عدد من الدول خلال أعمال قمة دول مجموعة العشرين (واس)
وزير الخارجية السعودي في حديث جانبي مع مسؤولي عدد من الدول خلال أعمال قمة دول مجموعة العشرين (واس)
TT

فيصل بن فرحان يرأس وفد السعودية في «قمة العشرين»

وزير الخارجية السعودي في حديث جانبي مع مسؤولي عدد من الدول خلال أعمال قمة دول مجموعة العشرين (واس)
وزير الخارجية السعودي في حديث جانبي مع مسؤولي عدد من الدول خلال أعمال قمة دول مجموعة العشرين (واس)

ترأس الأمير فيصل بن فرحان وزير الخارجية السعودي وفد بلاده المشارك في قمة دول مجموعة العشرين برئاسة البرازيل، التي انطلقت الاثنين وتستمر يومين وسط مشاركة دولية واسعة.

ونيابةً عن الأمير محمد بن سلمان ولي العهد رئيس مجلس الوزراء السعودي، وصل الأمير فيصل بن فرحان، إلى مدينة ريو دي جانيرو البرازيلية، الأحد، لترؤس وفد السعودية المشارك في القمة، الذي يضم محمد الجدعان وزير المالية وعبد المحسن الخلف نائب وزير المالية (الشربا السعودي لدول مجموعة العشرين).

الأمير فيصل بن فرحان لدى ترؤسه وفد السعودية المشارك في قمة دول مجموعة العشرين (واس)

ويشارك وفد السعودية برئاسة وزير الخارجية في عدد من اجتماعات القمة، التي ستبحث المستجدات السياسية والاقتصادية على الساحة الدولية، وستتناول تعزيز العمل متعدد الأطراف لتحقيق الرخاء والازدهار العالميين.

وتمثل مجموعة العشرين الاقتصادية (الدول الصناعية وغيرها من الدول المؤثرة والفاعلة في الاقتصاديات العالمية) 90 في المائة من إجمالي الناتج القومي لدول العالم، و80 في المائة من حجم التجارة العالمية، إضافة إلى أنها تمثل ثلثي سكان العالم.

وتتولى البرازيل رئاسة المجموعة هذا العام خلفاً للهند، وتركّز على شعار «محاربة الجوع والفقر وانعدام المساواة»، وفق الموقع الرسمي للمجموعة.

الأمير فيصل بن فرحان لدى وصوله إلى مقر الاجتماع في ريو دي جانيرو البرازيلية (وزارة الخارجية السعودية)

ويتضمن جدول أعمال اليوم الأول من القمة، إطلاق التحالف العالمي ضد الجوع والفقر، وجلسة بعنوان «إصلاح الحوكمة العالمية». وفي اليوم الثاني من الحدث العالمي تعقد جلسة بعنوان «التنمية المستدامة وتحولات الطاقة»، إضافة إلى غداء رسمي ولقاءات ثنائية بين القادة، وستختتم الجلسة الختامية للقمة بحفل تسليم رئاسة مجموعة العشرين من البرازيل إلى جنوب أفريقيا.

وأكّد وزير المالية السعودي حرص بلاده من خلال عضويتها في مجموعة العشرين على دعم العمل المشترك متعدد الأطراف، لتحقيق أهداف التنمية المستدامة، وتعزيز استقرار الاقتصاد العالمي، والمساهمة بشكل فعّال في وضع حلول وسياسات للتحديات المشتركة، خصوصاً تلك التي تواجه البلدان النامية ومنخفضة الدخل.

وأوضح الوزير محمد الجدعان أن مشاركة السعودية في أعمال القمة تأتي ترسيخاً لمكانتها الإقليمية والدولية وقوة اقتصادها الذي يُعد أحد أسرع الاقتصادات نمواً، مبيناً في تصريح نقلته وكالة الأنباء السعودية (واس) أن مشاركة المملكة في هذه القمة وغيرها من المحافل العالمية تأتي تعزيزاً لدورها المحوري في الساحة العالمية الاقتصادية والمالية، مثمناً الجهود المبذولة من الرئاسة البرازيلية لتنفيذ جدول أعمال القمة هذا العام تحت شعار «بناء عالم عادل وكوكب مستدام».

وزير المالية السعودي أكد حرص بلاده من خلال عضويتها في مجموعة العشرين على دعم العمل المشترك متعدد الأطراف (واس)

وأوضح وزير المالية السعودي أن أولويات الرئاسة البرازيلية الثلاث هذا العام تتمثل في «مكافحة الجوع والفقر، وإصلاح مؤسسات الحوكمة العالمية، والتنمية المستدامة في أبعادها الاقتصادية والاجتماعية والبيئية»، وتمثّل التوجه العام للمجموعة في تعزيز تعددية الأطراف، والأمن الغذائي، والتنمية المستدامة بشكل عام.

وكانت لـ«قمة العشرين» قرارات حاسمة خلال الدورات السابقة، ومن أهمها الدورة التي عُقدت في العاصمة السعودية في وقت جائحة كورونا؛ حيث كان لتلك القرارات تأثير كبير في استقرار الاقتصاد العالمي، ودعم الدول المتضررة.

يشار إلى أن مجموعة العشرين أُنشئت عام 1999 على هامش اجتماعات وزراء مالية ومحافظي البنوك المركزية لمجموعة السبع الكبرى عقب الأزمة المالية الآسيوية في 1997-1998، بهدف تعزيز الحوار البنّاء بين هذه الدول والتصدي للتحديات التي تواجه الاقتصاد العالمي.

وتضم مجموعة العشرين في عضويتها 19 دولة والاتحاد الأوروبي والاتحاد الأفريقي، وتشمل الدول الأعضاء: السعودية والولايات المتحدة، والصين، والهند، وروسيا، والبرازيل، وكندا، والمكسيك، وألمانيا، وإيطاليا، والمملكة المتحدة، واليابان، وكوريا الجنوبية، وإندونيسيا، والأرجنتين، وتركيا، وفرنسا، وأستراليا، وجنوب أفريقيا.

وبعد البرازيل، ستتولى جنوب أفريقيا رئاسة المجموعة في 2025، تليها الولايات المتحدة في 2026.