«متحف فيليني» فخم مثل أفلامه

يشغل المتحف مبنيين تاريخيين مع ساحة كبيرة بينهما ما يعيد تشكيل جزء كبير من وسط مدينة ريميني (نيويورك تايمز)
يشغل المتحف مبنيين تاريخيين مع ساحة كبيرة بينهما ما يعيد تشكيل جزء كبير من وسط مدينة ريميني (نيويورك تايمز)
TT

«متحف فيليني» فخم مثل أفلامه

يشغل المتحف مبنيين تاريخيين مع ساحة كبيرة بينهما ما يعيد تشكيل جزء كبير من وسط مدينة ريميني (نيويورك تايمز)
يشغل المتحف مبنيين تاريخيين مع ساحة كبيرة بينهما ما يعيد تشكيل جزء كبير من وسط مدينة ريميني (نيويورك تايمز)

فيديريكو فيليني هو واحد من بين مجموعة مختارة من مخرجي الأفلام الذين دخلت أسماؤهم قاموس أوكسفورد الإنجليزي، لتستخدم كلمة «Felliniesque» بعد ذلك لتعني «رائع» أو «فخم» أو «باهظ».
يمكن أن ينطبق هذا الوصف بسهولة على متحف فيليني الذي تم افتتاحه في مدينة ريميني الساحلية الإيطالية - مسقط رأس المخرج - في وقت سابق من الشهر الحالي، وهو مشروع وسائط متعددة نجح في اجتذاب الزوار إلى عالم فيليني السينمائي المميز.
تعرض جدران المتحف صورة رائعة وردت في كتاب فيليني «كتاب الأحلام». يتميز المعرض بفخامة تجلت بوضوح في الملابس والأزياء التي ظهرت في فيلمه «روما» عام 1972، وفي التمثال الفخم العملاق للممثلة أنيتا إيكبرج، بطلة فيلم «La Dolce Vita».
بحسب ماركو بيرتوزي، أستاذ السينما في جامعة إيواف في فينيسيا، الذي نظم المتحف بالتعاون مع مؤرخة الفن آنا فيلاري، فقد «أردنا متحفاً يتجاوز الموارد الأساسية المعروضة في واجهات العرض، ويسمح للزائر بأن يصبح متفرجاً متفاعلاً».
يشغل المتحف مبنيين تاريخيين مع ساحة كبيرة بينهما، مما يعيد تشكيل جزء كبير من وسط مدينة ريميني بشكل فعال.
ووفق ماركو ليونيتي، أحد مسؤولي المدينة الذين أشرفوا على المشروع «إنها عملية غيّرت وجه المدينة». فإلى جانب مواقع المتحف، تضم الساحة نفسها مسرحاً تعرّض للقصف والتدمير أثناء الحرب العالمية الثانية وأعيد بناؤه مؤخراً بدقة وأعيد افتتاحه في عام 2018، بالإضافة إلى مبنى من العصور الوسطى تم تجديده وتحول إلى متحف للفن المعاصر افتتح قبل عام.
وفي السياق ذاته، قالت فرانشيسكا ميناك، عالمة الآثار ومسؤولة السياحة بالمدينة «إننا نعيد بناء ذاكرة مدينتنا ببطء». ويأمل مديرو بلدية ريميني، أن يجتذب المتحف هواة فيليني منذ زمن طويل وأولئك الذين كانوا أصغر من أن يشاهدوا أفلامه في دور السينما، ويأملون أن تستمتع المجموعة الأخيرة بالتركيبات والشاشات التفاعلية (معلقة حالياً بسبب الوباء) التي تقدم رؤى ثاقبة لمخيلة فيليني الغنية.
وقال ليوناردو سانجيورجي، أحد مؤسسي مجموعة «ستوديو أزورو» الفنية التي تتخذ من ميلانو مقراً لها والتي ابتكرت عروض الوسائط المتعددة بالمتحف؛ مما سمح للمشاهدين بتذوق التفاصيل والفروق الدقيقة لأفلام فيليني، إن «المتحف أشبه بآلة الزمن».
في «سيزوموندو»، وهي قلعة من عصر النهضة وهي واحدة من مباني المتحف، فإن المنشآت التي تصور الأشخاص الذين عمل معهم المخرج والأماكن التي استوحى منها مشاهد أفلامه تبدو وكأنها تغرق بالزائرين.
إحدى الغرف الأولى خصصت لزوجة فيليني، جوليتا ماسينا، التي لعبت دور البطولة في فيلمي «لا سترادا» إنتاج عام 1956 و«ليالي كابيريا» 1957، اللذان حازا جوائز الأوسكار لأفضل فيلم بلغة أجنبية وجلب فيليني إلى الأضواء الدولية.
فاز فيليني بجائزتي أوسكار أخريين عام 1963 و1974، ويعدّ ماسينا هو الشخص الوحيد الذي شكره فيليني بالاسم في كلمته خلال حفل توزيع جوائز الأوسكار عام 1993 وتسلمه لجائزة فخرية «تقديرا لمكانته كأحد رواة القصص على الشاشة الفضية، وتوفي فيليني بعد سبعة أشهر، تحديداً في 31 أكتوبر (تشرين الأول).
يضم المتحف كذلك لوحات تفاعلية وبعض التذكارات، بما في ذلك صفحات من المقطوعات الموسيقية لمساعد فيليني، نينو روتا ومجسم لمكتبة المخرج بعد إعادة إنشائها ضمت كتباً لجورج سيمينون وكافكا و«بينوكيو» لكولودي. هناك عدد كبير من الصور لمقاطع من أفلامه جرى الحصول عليها بعد مفاوضات طويلة مع أصحاب حقوق النشر. وتعليقاً على ضخامة المعروض، قال بيرتوزي إنه إذا كان لديك الصبر والوقت فسوف يستغرق الأمر نحو ست ساعات لرؤيتهم جميعاً.
وذكر ليونيتي، أن المكان الثاني للعرض يقع في قصر من القرن الثامن عشر تشغله سينما «فولغور» في الطابق الأرضي، حيث استكشف فيليني السينما في شبابه، وجاء بعد ذلك فيلمه «Amarcord» الذي يعد مونتاج فيليني لحقبة مدينة ريميني الفاشية. وفي مقابلة في الفيلم الوثائقي بعنوان «أنا مولود كاذب»، قال فيليني، إن مدينة ريميني التي أعاد إنشاءها بالكامل» في فيلم «Amarcord» تعبر عن حياته وليس حياة شخص آخر.
كان فيليني شخصية مثيرة للجدل. فعندما عُرض فيلم «لا دولتشي فيتا» على الشاشات في عام 1960 تسبب في فضيحة على المستوى الوطني، بما في ذلك مناقشة برلمانية وفي رد فعل قاسٍ لصحيفة الفاتيكان الرسمية «أوسرفاتوري رومانو» التي وصفته بـ«المثير للاشمئزاز». لكن الزمن تغير، حيث نشرت الصحيفة نفسها الشهر الحالي تغطية متوهجة عن المتحف.
أثار إعادة تصميم ساحة «مالاتيستا» بمناسبة افتتاح المتحف حالة من الازدراء المماثل من قبل مجموعات حماية التراث، حيث قال جيدو بارتولوتشي، رئيس الفرع المحلي لمجموعة «إيطاليا نوسترا» للحماية «لقد حولوا الساحة إلى شيء يهدف إلى جذب السياح، ولم يعيروا سكان المدينة أي اهتمام».
تشتمل الساحة الآن على مقعد دائري كبير يهدف إلى استحضار حلقة الممثلين في المشهد الأخير من فيلم «8 1/2»، مع وجود مقاعد دوارة في المنتصف للأطفال. يوجد أيضاً تمثال بالحجم الطبيعي لوحيد القرن من فيلم «And the Ship Sail» إنتاج عام 1983، حيث كان على مسؤولي المدينة وضع لافتة «ممنوع الركوب» بجانبها، لمنع الناس من التسلق فوقه.
ولكن العنصر الذي أثار حفيظة بعض السكان المحليين أكثر من غيره هو نافورة ضخمة ترش رذاذاً كل نصف ساعة ليثير ضباب ريميني الذي ظهر في بعض أفلام فيليني.
قال بارتولوتشي، إن النافورة تنتهك قوانين التراث الإيطالية الصارمة؛ لأنها تتعدى على البقايا التاريخية في باطن التربة في مدينة ريميني، مضيفاً، أنه كان بإمكان المسؤولين إعادة تطوير جزء آخر من المدينة، وأن قرار تغيير الساحة قد تم اتخاذه مع القليل من النقاش العام أو المدخلات.
وقال بارتولوتشي، إن «Italia Nostra» اقترحت تحويل قلعة «سيسموندو» إلى متحف لعرض تاريخ ريميني غير المعلوم، من ماضيها الروماني إلى ذروة عصر النهضة، بطريقة من شأنها أن تغذي «الإحساس بالانتماء للمجتمع»، وقال «لكن ما حدث هو أن متحف فيليني ألغى اسم القلعة».
في صباح يوم حار من الأسبوع الماضي، كان العديد من الأطفال ينتشرون بسعادة حول النافورة بينما ينظر آباؤهم إليها، وعلق ليونيتي «إذا أحب الأطفال ذلك، فعندئذ سنكون على صواب».
- خدمة «نيويورك تايمز»


مقالات ذات صلة

مهرجان للفيلم الأوروبي في العاصمة طرابلس لكسر حاجز الانقسام

يوميات الشرق بوستر فيلم «عاصفة» الفرنسي المشارك في مهرجان الفيلم الأوروبي بطرابلس (السفارة الفرنسية)

مهرجان للفيلم الأوروبي في العاصمة طرابلس لكسر حاجز الانقسام

في خطوة عدّها الاتحاد الأوروبي «علامة فارقة في الشراكة الثقافية مع ليبيا»، يواصل مهرجان للأفلام الأوروبية عرض الأعمال المشاركة في العاصمة طرابلس حتى الخميس.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
يوميات الشرق انطلاق مهرجان بيروت للأفلام الفنية (المهرجان)

انطلاق «بيروت للأفلام الفنية» تحت عنوان «أوقفوا الحرب»

تقع أهمية النسخة الـ10 من المهرجان بتعزيزها لدور الصورة الفوتوغرافية ويحمل افتتاحه إشارة واضحة لها.

فيفيان حداد (بيروت)
يوميات الشرق د. سعد البازعي رئيس «جائزة القلم الذهبي للأدب الأكثر تأثيراً» (الشرق الأوسط)

البازعي: «جائزة القلم الذهبي» متفردة... وتربط بين الرواية والسينما

بدأت المرحلة الثانية لـ «جائزة القلم الذهبي للأدب الأكثر تأثيراً» لتحديد القائمة القصيرة بحلول 30 ديسمبر قبل إعلان الفائزين في فبراير.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
يوميات الشرق فيلم «فخر السويدي» تناول قضية التعليم بطريقة فنية (الشركة المنتجة)

فهد المطيري لـ«الشرق الأوسط»: «فخر السويدي» لا يشبه «مدرسة المشاغبين»

أكد الفنان السعودي فهد المطيري أن فيلمه الجديد «فخر السويدي» لا يشبه المسرحية المصرية الشهيرة «مدرسة المشاغبين» التي قدمت في سبعينات القرن الماضي.

أحمد عدلي (القاهرة )
يوميات الشرق تجسّد لبنى في «خريف القلب» شخصية السيدة الثرية فرح التي تقع في ورطة تغيّر حياتها

لبنى عبد العزيز: شخصية «فرح» تنحاز لسيدات كُثر في مجتمعنا السعودي

من النادر أن يتعاطف الجمهور مع أدوار المرأة الشريرة والمتسلطة، بيد أن الممثلة السعودية لبنى عبد العزيز استطاعت كسب هذه الجولة

إيمان الخطاف (الدمام)

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».