إيران تعزز موقفها في المفاوضات النووية بمساندة روسيا والصين

ترقب محادثات على هامش مؤتمر الوكالة الذرية في 21 سبتمبر

منشأة بوشهر النووية في جنوب إيران (أ.ب)
منشأة بوشهر النووية في جنوب إيران (أ.ب)
TT

إيران تعزز موقفها في المفاوضات النووية بمساندة روسيا والصين

منشأة بوشهر النووية في جنوب إيران (أ.ب)
منشأة بوشهر النووية في جنوب إيران (أ.ب)

تراجعت الجهود التي تبذلها الولايات المتحدة وأوروبا لإقناع إيران بالعودة إلى المفاوضات النووية في أقرب وقت هذا الشهر بسبب الدعم الذي يتلقاه زعماء إيران من قبل الصين وروسيا، وفق شبكة «بلومبيرغ» للأنباء.
وبعد ثلاث سنوات من فرض الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب سياسة «الضغط الأقصى»، توسعت إيران في تخصيب اليورانيوم لدرجة اقتربت من مستوى تصنيع الأسلحة النووية، فيما يظهر اقتصادها بعض علامات الاستقرار، أيضاً بمساعدة بكين وموسكو، رغم مواصلة فرض العقوبات القاسية على صادرات النفط الحيوية.
ويرى دبلوماسيون ومحللون أن هذه التطورات تفسح المجال أمام الحكومة الإيرانية الجديدة لتوسيع قائمة التنازلات التي تطلبها من واشنطن للعودة إلى الامتثال لاتفاق 2015 مع القوى العالمية. وهذا من شأنه أن يؤجل المحادثات للعام القادم، أو يطيح بالعملية برمتها، أو يسفر عن اضطرابات جديدة في الشرق الأوسط.
ويرى مفاوضو إيران أن العقوبات الأميركية تحقق «عائدات متناقصة»، ومن المرجح أن يطالبوا بتخفيف العقوبات التي تتجاوز العقوبات النووية التي فرضها ترمب، وفق ما قاله علي فايز من «مجموعة الأزمات الدولية»، وهي مؤسسة بحثية مقرها بروكسل، التي كان يترأسها سابقا روب مالي المبعوث الأميركي الحالي لإيران. ومن أجل تعقيد أي عودة إلى الاتفاق، الذي كان قد كبح جماح البرنامج النووي الإيراني مقابل تخفيف العقوبات، فرضت إدارة ترمب حزمة العقوبات التي وصفت بأنها ردا على انتهاكات حقوق الإنسان وتمويل الجماعات المصنفة بالإرهابية.
وفي حين لم يحدد موعد رسمي لجولة سابعة من المفاوضات الرامية لإحياء الاتفاق، فمن المتوقع أن تجري محادثات على هامش المؤتمر العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية الذي يعقد في 21 سبتمبر (أيلول) في فيينا، وفقاً لمسؤولين تحدثا إلى شبكة «بلومبيرغ» وطلبا عدم الكشف عن هويتهما بما يتماشى والقواعد الدبلوماسية. وتقول واشنطن إنه في الوقت الذي أعربت فيه عن استعدادها لتقديم تنازلات بشأن بعض القضايا، فإن مفاوضيها لن ينتظروا للأبد، وأن البرنامج النووي الإيراني لا بد أن يتراجع إلى حدود معينة.
من جهة أخرى، يسعى مدير عام الوكالة الدولية للطاقة الذرية، رافائيل ماريانو غروسى، لعقد اجتماع مع رئيس منظمة الطاقة الذرية الإيرانية الجديد المسؤول عن البرنامج النووي الإيراني، محمد إسلامي، قبل مؤتمر فيينا. وقال غروسي إنه يرغب في قياس مدى استعداد طهران لاستعادة مقدرة الوصول الموسع لمراقبي الوكالة، التي تم إنهاؤها احتجاجاً على العقوبات الأميركية، والتعاون مع المحققين الدوليين.
وفي الشهر الماضي، تحدث كل من الرئيس الصيني شي جين بينغ والرئيس الروسي فلاديمير بوتين مع الرئيس الإيراني المتشدد المنتخب حديثا إبراهيم رئيسي بشأن الاتفاق النووي. وكانت الصين وروسيا من البلدان الموقعة على اتفاق عام 2015، وأعلنتا عن رغبتهما في عودة الجانبين إلى شروطه. ولكن الرئيس الصيني قال إن بلاده تدعم مخاوف إيران المشروعة بشأن الاتفاق وتعهد بمواصلة الدعم المالي من ثاني أكبر اقتصاد في العالم.
والنتائج واضحة على أرض الواقع في إيران. فلقد ارتفع إنتاجها من الصلب بمعدل أعلى من نظيره الصيني حتى يوليو (تموز)، وجعل إيران عاشر أكبر منتج للصلب في العالم، طبقا لآخر الأرقام الصادرة عن رابطة الصلب العالمية. كما تواصل إيران بناء الموانئ والسكك الحديدية الجديدة التي تمت هندستها بمعاونة صينية. وفي أغسطس (آب)، أعلنت إيران عن خطط لإنشاء مركز جديد للغاز الطبيعي في بحر قزوين. كما وصل مؤخراً ممثل كبير من شركة البترول الوطنية الصينية إلى طهران لبحث المشروعات المشتركة وتوسيع العلاقات.
وعلى الصعيد الدبلوماسي، زار وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف فيينا الأسبوع الماضي للاجتماع مع المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية. وفي حين أوضحت موسكو أنها تتوقع من إيران استئناف السماح بعمليات التفتيش الموسعة، إلا أنها لم تبد أي رغبة في ممارسة ضغوط جديدة على الحكومة الإيرانية. كما حذرت الصين مراقبي الوكالة الدولية من تجاوز مهامهم الرقابية لدعم أهداف الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي.
وبحسب المسؤولين الذين تحدثوا مع وشبكة «بلومبيرغ» للأنباء في فيينا فإن الدبلوماسيين الأوروبيين ينتظرون نتائج المشاورات بين الوكالة الدولية وإيران قبل اتخاذ القرار ما إذا كانوا سيصوغون مشروع قرار بإدانة إيران لعدم تعاونها.
وفي حين أن مثل هذه الوثيقة قد تسفر في نهاية المطاف عن إحالة الملف الإيراني مرة أخرى إلى الأمم المتحدة، إلا أنهم قالوا إنه من غير المرجح أن تواجه طهران إجراءات إضافية من مجلس الأمن لأن الصين وروسيا ستمنعان بالتأكيد محاولة فرض عقوبات جديدة.
وقال تاريا كرونبرغ، الباحث في معهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام الذي عمل على الملف النووي الإيراني سابقا أثناء عضويته في الاتحاد الأوروبي: «واجهت أوروبا معضلة شبه مستحيلة بعد فرض سياسة الضغط الأقصى الأميركية. لقد فقدت أوروبا مصداقيتها بالنسبة لإيران وصارت تتجه شرقاً صوب الصين».



إسرائيل توافق على خطة لزيادة عدد سكانها في هضبة الجولان المحتلة إلى المثلين

آليات إسرائيلية عند هضبة الجولان قرب بلدة مجدل شمس (أ.ب)
آليات إسرائيلية عند هضبة الجولان قرب بلدة مجدل شمس (أ.ب)
TT

إسرائيل توافق على خطة لزيادة عدد سكانها في هضبة الجولان المحتلة إلى المثلين

آليات إسرائيلية عند هضبة الجولان قرب بلدة مجدل شمس (أ.ب)
آليات إسرائيلية عند هضبة الجولان قرب بلدة مجدل شمس (أ.ب)

وافقت إسرائيل ، اليوم (الأحد)، على زيادة عدد سكانها في هضبة الجولان المحتلة إلى المثلين، قائلة إن التهديدات التي تواجهها من سوريا لا تزال قائمة رغم النبرة المعتدلة لقادة قوات المعارضة الذين أطاحوا بالرئيس بشار الأسد قبل أسبوع، وفق ما نقلت وكالة «رويترز» للأنباء.

وذكر رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، في البيان، أن «تقوية الجولان هي تقوية لدولة إسرائيل، وهي مهمة على نحو خاص في هذا التوقيت. سنواصل التمسك بها وسنجعلها تزدهر ونستقر فيها».

وانتزعت إسرائيل السيطرة على معظم هضبة الجولان من سوريا خلال حرب عام 1967، قبل أن تضمها إليها عام 1981.

وفي 2019، أعلن الرئيس الأميركي آنذاك دونالد ترمب دعم الولايات المتحدة للسيادة الإسرائيلية على الجولان، لكن عملية الضم لم تحظَ باعتراف معظم الدول. وتطالب سوريا إسرائيل بالانسحاب منها، لكن الأخيرة ترفض ذلك متعللة مخاوف أمنية. وباءت جهود سلام كثيرة بالفشل.

وقال وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس، في بيان اليوم (الأحد)، لمسؤولين يدققون في ميزانية إسرائيل الدفاعية: «المخاطر المباشرة التي تواجه البلاد لم تختفِ والتطورات الحديثة في سوريا تزيد من قوة التهديد، على الرغم من الصورة المعتدلة التي يدعيها زعماء المعارضة».

وقال مكتب نتنياهو إن الحكومة وافقت بالإجماع على خطة تزيد قيمتها على 40 مليون شيقل (11 مليون دولار) لتشجيع النمو السكاني في هضبة الجولان.

وأضاف أن نتنياهو قدم الخطة للحكومة «في ضوء الحرب والجبهة الجديدة مع سوريا ورغبة في زيادة عدد سكان الجولان إلى المثلين».

وقال المحلل في مركز الأبحاث الإسرائيلي (ألما) أبراهام ليفين، المتخصص في التحديات الأمنية التي تواجهها إسرائيل على حدودها الشمالية، إن نحو 31 ألفاً من الإسرائيليين استقروا في هضبة الجولان، وإن كثيراً منهم يعملون في قطاعي الزراعة، الذي يشمل مزارع الكروم، والسياحة.

وأضاف أن هضبة الجولان موطن أيضاً لما يصل إلى 24 ألفاً من الدروز السوريين.

بعيداً عن أي مغامرات غير محسوبة

وكان قائد «هيئة تحرير الشام» أحمد الشرع، قال إن إسرائيل تستخدم ذرائع كاذبة لتبرير هجماتها على سوريا، لكنه ليس مهتماً بالانخراط في صراعات جديدة، في الوقت الذي تركز فيه البلاد على إعادة الإعمار.

ويقود الشرع، المعروف باسم «أبو محمد الجولاني»، «هيئة تحرير الشام» التي قادت فصائل مسلحة أطاحت بالأسد من السلطة، يوم الأحد الماضي، منهية حكم العائلة الذي استمر 5 عقود من الزمن.

ومنذ ذلك الحين، توغلت إسرائيل داخل منطقة منزوعة السلاح في سوريا أقيمت بعد حرب عام 1973، بما في ذلك الجانب السوري من جبل الشيخ الاستراتيجي المطل على دمشق، حيث سيطرت قواتها على موقع عسكري سوري مهجور.

كما نفذت إسرائيل مئات الضربات على مخزونات الأسلحة الاستراتيجية في سوريا، غير أنها تقول إنها لا تنوي البقاء هناك، وتصف التوغل في الأراضي السورية بأنه إجراء محدود ومؤقت لضمان أمن الحدود.

وقالت إنها تدمر الأسلحة الاستراتيجية والبنية التحتية العسكرية لمنع استخدامها من قبل جماعات المعارضة المسلحة التي أطاحت بالأسد من السلطة، وبعضها نشأ من رحم جماعات متشددة مرتبطة بتنظيمي «القاعدة» و«داعش».

ونددت دول عربية عدة، بينها السعودية ومصر والإمارات والأردن، بما وصفته باستيلاء إسرائيل على المنطقة العازلة في هضبة الجولان.

وقال الشرع، في مقابلة نشرت على موقع تلفزيون سوريا، وهي قناة مؤيدة للمعارضة، إن الوضع السوري المنهك بعد سنوات من الحرب والصراعات لا يسمح بالدخول في أي صراعات جديدة. وأضاف أن الأولوية في هذه المرحلة هي إعادة البناء والاستقرار، وليس الانجرار إلى صراعات قد تؤدي إلى مزيد من الدمار.

وذكر أن الحلول الدبلوماسية هي السبيل الوحيد لضمان الأمن والاستقرار «بعيداً عن أي مغامرات عسكرية غير محسوبة».