بعشرات السيارات «العتيقة»... فلسطينيون يتظاهرون تأكيداً لـ«حق العودة»

موجة اعتقالات وإصابات

60 مركبة «كلاسيكية» رفعت الأعلام الفلسطينية وهي تجوب شوارع مدينة جنين تأكيداً لحق العودة (أ.ف.ب)
60 مركبة «كلاسيكية» رفعت الأعلام الفلسطينية وهي تجوب شوارع مدينة جنين تأكيداً لحق العودة (أ.ف.ب)
TT

بعشرات السيارات «العتيقة»... فلسطينيون يتظاهرون تأكيداً لـ«حق العودة»

60 مركبة «كلاسيكية» رفعت الأعلام الفلسطينية وهي تجوب شوارع مدينة جنين تأكيداً لحق العودة (أ.ف.ب)
60 مركبة «كلاسيكية» رفعت الأعلام الفلسطينية وهي تجوب شوارع مدينة جنين تأكيداً لحق العودة (أ.ف.ب)

في الوقت الذي انطلقت فيه المسيرات الشعبية السلمية في شتى أنحاء الضفة الغربية، أمس الجمعة، والتي قمعت قوات الاحتلال عدداً منها بالقوة وأسفرت عن عشرات الإصابات، تميزت مدينة جنين باستضافة مظاهرة من نوع غير مألوف، بعنوان «مسيرة العودة» وضمت مركبات قديمة طافت شوارع مدينة جنين وقراها.
وشارك في المسيرة 60 مركبة قديمة «تراثية»، يحتفظ بها أصحابها منذ عشرات السنين، وانطلقت من دوار بلدة عرابة، رافعة الأعلام الفلسطينية وأعلاما تحمل أسماء المدن والقرى التي هجروا منها في زمن نكبة 1948، تأكيدا على حق العودة. ثم جابت شوارع جنين وقراها وبلداتها، واستقرت في وقفة تضامن مع أهالي مخيم جنين الذين شردوا من قراهم.
وقال منسق الفعالية محمد سلامة من جنين، إن «هذه المركبات كانت شاهدة على الجريمة التي ارتكبت بحق شعبنا، وتأكيد للجيل المقبل أننا وإياهم متمسكون بحق العودة وسنبقى نناضل حتى إقامة دولتنا وعودة اللاجئين». وقال عاصم الصابر، منسق الحملة من نابلس: «جئنا من كافة محافظات الوطن ومن داخل أراضي العام 48، لنؤكد وحدة الدم والمصير وتمسكنا بالعودة مهما طال الزمن، فنحن أصحاب الحق والأرض، والحافلة القديمة التي أقودها ربما هي شاهدة على نكبتنا لكنها في ذات الوقت توصل رسالة للعالم أننا باقون ولن نرحل».
وشهدت المسيرات الأسبوعية عمليات قمع شرسة، كما في كل أسبوع، من قبل قوات الاحتلال. وأصيب شاب بالرصاص المعدني المغلف بالمطاط في رأسه، والعشرات بالاختناق خلال قمع جيش الاحتلال مسيرة كفر قدوم الأسبوعية المناهضة للاستيطان، والتي انطلقت منذ (17 عاما)، تنديدا باستمرار الانتهاكات الإسرائيلية بحق الشعب الفلسطيني. وأفاد منسق المقاومة الشعبية مراد شتيوي، بأن جنود الاحتلال أطلقوا الرصاص المعدني وقنابل الغاز المسيل للدموع صوب المشاركين في المسيرة. فيما أكد المشاركون في المسيرة استمرار مقاومتهم الشعبية، وأهمية تعميمها في جميع المحافظات، «حتى تحقيق مطالب شعبنا بالحرية والاستقلال».
وأصيب 70 مواطنا بينهم 12 بالرصاص المعدني المغلف بالمطاط، و51 بالاختناق بالغاز المسيل للدموع، خلال مواجهات اندلعت مع قوات الاحتلال الإسرائيلي في بلدة بيتا جنوب نابلس. وأفاد مدير الإسعاف والطوارئ في الهلال الأحمر في نابلس، أحمد جبريل، بأن 12 مواطنا بينهم متطوع في الهلال الأحمر أصيبوا بالرصاص المعدني المغلف بالمطاط، وآخر بقنبلة غاز مباشرة، إضافة إلى 6 برضوض نتيجة سقوطهم، إلى جانب العشرات بالاختناق بالغاز المسيل للدموع. وأفاد شهود عيان بأن قوات الاحتلال الإسرائيلي استهدفت مركبة إسعاف تابعة للهلال الأحمر بقنابل الغاز المسيل للدموع، ما أدى إلى تحطم زجاجها الأمامي.
وتشهد بلدة بيتا مواجهات في شكل يومي منذ عدة أشهر، ضمن فعاليات رافضة لإقامة بؤرة «جفعات افيتار» الاستيطانية على قمة جبل صبيح.
ونفذت قوات الاحتلال عدة حملات اعتقال في كل من بيت لحم وطوباس ورام الله والبيرة والقدس، بينهم ثلاثة أشقاء في رام الله.
وفي القدس الشرقية المحتلة، أدان وزير شؤون القدس فادي الهدمي، ما اعتبره «الحملة الإسرائيلية الشرسة على الثقافة والهوية العربية الفلسطينية في المدينة المقدسة». وقال الهدمي، في بيان له أمس الجمعة، إن الاحتلال الإسرائيلي يستهدف البشر والحجر والشجر في مدينة القدس عبر سلسلة لا تتوقف من الانتهاكات والاعتداءات. وأشار في هذا السياق إلى إقدام الاحتلال على تغيير أسماء شوارع ببلدة القدس القديمة بعد هجمة على مديرية التربية والتعليم بالمدينة. وقال: «ما يقوم به الاحتلال من تغيير أسماء الشوارع وتزييف الحقائق لن يغير وجه المدينة العربي الفلسطيني. وستفشل أيضاً كل محاولات فرض المنهاج التعليمي الإسرائيلي على المقدسيين. فمهما فعلوا سيبقى شارع الواد وستبقى شوارع صلاح الدين والسلطان سليمان ونابلس والزهراء فهي الأصل والعنوان».
وأشار الهدمي إلى أنه لا يمكن فصل استهداف الثقافة الفلسطينية ومحاولات تغيير معالم المدينة عن عمليات الهدم والإخلاء القسري والاستيطان. وقال: «كلها تأتي في سياق مخطط واحد متكامل يستهدف القدس العربية بهويتها وسكانها ومبانيها وشوارعها ومساجدها وكنائسها. لكن القدس ستبقى هي القدس بصمود سكانها الأسطوري بمدينتهم المقدسة».



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.